بين أسوار أعرق الجامعات المصرية، وتحت سقف مكتبتها المركزية، يقف متحف جامعة القاهرة شاهداً على أهم الفترات فى تاريخ مصر.. ورغم أن مقتنيات هذا المتحف يعود جانب منها إلى العصرين اليونانى والقبطى، إلا أن تنوع مقتنياته الأخرى بين الفرعونى والإسلامى، وتعدد وثائقه بين عدة لغات منها المعروفة كالعربية والتركية وأخرى غير متداولة كالحبشية والجعزية والهيروغليفية.. كل هذا يجعل من زيارته رحلة متعددة المحاور بين جنبات التاريخ.. «أكتوبر» تجولت بين أروقة متحف جامعة القاهرة.. وتنقل الصورة كاملة فى هذا التحقيق... اختير موقع الجامعة على أرض بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة عام 1908برئاسة د. أحمد لطفى السيد حتى اصبحت جامعة حكومية عام 1952 وقد افتتح متحف الجامعة أول مرة د. محمود نجيب حسنى رئيس الجامعة الأسبق بمبنى الديوان الرئيسى للجامعة فى أغسطس عام 1989. الموقع الأول للمتحف كان أسفل قبة الجامعة مباشرة الا انه فى فترة تولى د. مفيد شهاب رئاسة الجامعة امر بنقل المتحف إلى اسفل برج ساعة الجامعة بحيث يعكس القيمة الحضارية لهذا المتحف الفريد و اشرف على نقله والتخطيط و التنظيم لذلك د. عبد الحليم نور الدين وكان آنذاك الأمين العام للمجلس الأعلى للأثار ود.عبدالمحسن برادة أستاذ العمارة بهندسة المنوفية. عقب ذلك.. انتقل المتحف إلى المكتبة المركزية الجديدة فى 29 يناير 2008 وكان افتتاح المتحف جزء من الاحتفال بمئوية جامعة القاهرة وقام بالاشراف والاعداد والتنظيم لهذا المتحف د. محمود فوزى المناوى وهو طبيب و مستشار لرئيس الجامعة للشئون الثقافية. يحتوى المتحف على عدد كبير وقيم من الوثائق والمخطوطات والحفريات والعملات وتنقسم المجموعات الأثرية به إلى عدة مجموعات ويعد الجزء الرئيسى هو الجزء الخاص بتاريخ إنشاء جامعة القاهرة بدأ من اعتبارها جامعة أهلية إلى جامعة فؤاد الاول وانتهاء باسمها الحالى ويحتوى على وثائق خاصة بالجامعة نفسها كبعض المحاضر الخاصة بمجلس الجامعة ووثائق إنشاء الجامعة التى تضم أول لائحة للجامعة فى 15 إبريل 1908 وكذلك ألبومات صور وسجلات الزيارات منذ انشاء الجامعة. ويضم المتحف مجموعة من أوراق البردى تضم إحصائية بأعداد العاملين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة من أساتذة وأساتذة مساعدين ومدرسين ومدرسين مساعدين ومعيدين ترجع إلى تواريخ مختلفة بالإضافة إلى خريطة توضح موقع جامعة القاهرة والحرم الجامعى إلى جانب الصور الفوتوغرافية لرؤساء الجامعة بداية من أحمد لطفى السيد عام 1925 وحتى آخر رئيس للجامعة. وهناك مجموعة من الشهادات القديمة اشتراها الدكتور محمود المناوى للمعهد وهى تخص الشهادات العليا قبل ان تصبح كليات داخل الجامعة ومنها شهادة من المدرسة الطبية لسنة 1894وشهادة من المدرسة العليا للتجاور والمحاسبة لسنة 1917 وشهادات تخرج من كلية طب وجراحة الفم والأسنان عام 1939م. إلى جانب سجل بأسماء طلبة كلية الآداب قسم الفلسفة دفعة الليسانس هذا بالاضافة الى المجموعة المهداة من جامعات و أفراد منها مجموعة الخزف الصينى ويرجع الى بداية القرن الثامن عشر وأواخر القرن السابع عشر بالاضافة الى سيف رائع مهدى من رئيس وزراء سوريا السابق د.محمود الزغبى وأيضا المجموعات الكمالية للأمير يوسف كمال. ويحتوى المتحف على مجموعة من الوثائق والمخطوطات الخاصة التى تروى تاريخ الحملة الفرنسية1798 أثناء وبعد خروجها من مصر تتضمن خطابات مكتوبة وموقعة من نابليون بونابرت ويتضمن وثائق الحملة الفرنسية مجموعة من المستندات الأصلية والقرارات السرية التى أصدرها نابليون وكتبها بخط يده أثناء وجوده فى مصر بالاضافة إلى لوحة بديعة لفنان إيطالى رسم فيها روما وشوارعها وقصورها معبراً فيها عن حبه لروما الجميلة. ويضم مجموعة من المخطوطات باللغة العربية تعود إلى القرن التاسع للهجرة ومجموعة مخطوطات باللغة الحبشية القديمة المكتوبة على رق الغزال وهوجلد رقيق يكتب فيه والكتابة بلغة قديمة هى اللغة الجعزية التى ترجع للقرن الرابع عشر الميلادى وهى لغة أثيوبية قديمة وتتناول هذه المخطوطات عدة موضوعات دينية كالصلوات والأدعية والترانيم وأجزاء من مزامير داوود وبعض سير لقديسين بالإضافة إلى ألحان جنائزية. و من التحف الفنية الموجودة فى مدخل المتحف مكتب خاص بالملك فاروق مكتوب علية باللغة الهيروغليفية اسم الملك فاروق وقد قامت بترجمتة د.علا العجيزى عميد كلية الآثار السابق ، وكرسى خاص بالملك فؤاد ،وصورة بديعة للأميرة فاطمة ، بالاضافة إلى مجموعة من الساعات المرصعة بالجواهر يعتقد انها تعود إلى أميرات الأسرة الحاكمة فى مصر. ولا يخلو المتحف من الميداليات إذ يضم مجموعة من الميداليات الفضية والبرونزية المهداة لرؤساء الجامعة أثناء لقاء شباب الجامعات وعملات نقدية، عثر عليها أثناء حفر أساس كلية الهندسة والمدينة الجامعية، وعملات من النحاس والبرونز مهداة من جامعات أوربية، كما يضم هذا القسم مجموعة من الأطباق والكئوس الفضية والذهبية كالسيف المهدى لكلية الزراعة من المهندس محمود الزغبى رئيس وزراء سوريا الأسبق كونه احد خريجى جامعة القاهرة ، بالإضافة إلى نموذج من الفضة للقلعة إهداء من دولة الامارات ودرع جامعة الامارات ، كما اهدى فايق باجيرو سفير اذربيجان خنجرا فضيا إلى على عبد الرحمن رئيس جامعة القاهرة فى ذلك الوقت،و أهدت جامعة الأردن ماكيت من الصدف لقبة الصخرة إلى جامعة القاهرة. اما المجموعة التالية فهى تضم آثار مصرية قديمة مستخرجة من حفريات كلية الاثار جامعة القاهرة ويضم المتحف مئات من القطع الاثرية القيمة و العديد من التماثيل الخشبية وأهم ما يميز مقتنيات المتحف نسخ من القرآن الكريم باللغتين العربية والتركية والإنجيل المقدس وصحيح البخارى وكتب نادرة عن البلاغة فى القرآن الكريم وكذلك مجموعة تحتوى على مجلدات ترجع الى القون السابع عشرة الثامن عشر الميلاديين و هى مجموعة نادرة تخص الجغرافيا الاقليمية القديمة لمعظم دول أفريقيا كمصر وبلاد البربرو ليبياوبلاد الزنج. يحتوى المتحف كذلك على مجموعة ضخمة من العملات من العصر اليونانى والرومانى من الذهب والفضة والبرونز وبعض العملات تم العثور عليها داخل حجر اساس المدينة الجامعية والتى يعود تاريخها الى عامى 1938-1945 و مجموعة اخرى تم العثور عليها فى حجر اساس كلية الهندسة. وعن هذه القطع الأثرية يقول محمد فريد المسئول عن متحف جامهة القاهرة ان تلك المجموعات الخاصة من العملات و المسكوكات من العصر اليونانى والرومانى نواتها ستة آلاف قطعة كان قد اهداهم عالم الآثار الايطالى المسيو داتارى للملك فؤاد سنة 1911م وهى تعد ثانى اكبر مجموعة فى العالم بعد المتحف البريطانى ومن خلال حفائر الجامعة زادت المجموعة حتى وصلت الى تسعة آلاف قطعة بالاضافة الى مجموعة من الحفريات نفذتها كلية الآثار اما عن مجموعة المخطوطات ووثائق الحملة الفرنسية فكانت قد حفظت فى الجامعة منذ فترة طويلة بالاضافة إلى المخطوطات التى حصل عليها المتحف كهدايا، فالامير إبراهيم حلمى شقيق الملك فؤاد الاول وعم الملك فاروق وشقيق الاميرة فاطمة اسماعيل اهدى المكتبة مايقرب من ستة عشر الف كتاب مخطوط وهى مجموعات نادرة من ضمنها نسخة لكتاب «وصف مصر» إلى جانب ثلاث مجموعات من كتاب «وصف مصر» بالاضافة إلى اهداءات من شخصيات و اماكن اخرى. ويقول فريد ان المكتبة هى التى تعرضت للسرقة وقت اندلاع ثورة يناير وليس المتحف وان ما يشاع عن تعرض المتحف للسرقة عار تماما عن الصحة وأن ما تعرض بالفعل لعملية سرقة هو متحف كلية الآثار حيث فقدت منه مجموعة أثرية نادرة يقال أنها حوالى مائتى قطعة وذلك لان المكتبة والمتحف مؤمنين الكترونيا ومزودين بجهاز انذارفعال يصعب اختراقة وكانت المكتبة قبل الثورة مؤمنة بمعرفة شركة امن خاصة بالمكتبة وبلغ عددهم ستة وعشرون فرد أمن إلى جانب الشرطة الا انه بعد الثورة وخروج الشرطة فرأت الجامعة الا تستعين بشركات خاصة وأن تتولى الجامعة تأمين المكتبة حيث يعد محمد فريد المسئول عن متحف جامعة القاهرة بالاضافة إلى مشرفين لمساعدته. ويزف فريد مفاجاة سارة لمحبى الآثار وعاشقى الكنوز المصرية وهو ان د.محمود المناوى فى طريقه لإعداد كتاب خاص عن متحف جامعة القاهرة. أما عن زيارة المتحف فهى برسوم رمزية ويزور المتحف سفراء ووزراء و دبلوماسين من الدول العربية والاجنبية واساتذة جامعات وعمداء لجامعات مصرية وعربية وكان متوقعا ان يزوره عدد كبير من الأفارقة فى مؤتمر خلال الشهر الحالى الا المؤتمر تم تأجيله نظرا للظروف التى تمر بها البلاد. ويقول د.شريف شاهين مدير المكتبة المركزية بجامعة القاهرة أن المتحف يحوى جزءا ضئيلا من كنوز جامعة القاهرة والسبب فى ذلك المساحة ونتمنى ان تتاح فى المستقبل فرصة لبناء متحف مستقل يضم جميع الكنوز التى تمتلكها جامعة القاهرة فهناك جزء من تلك الكنوز مازالت فى المكتبة القديمة منها مخطوطات نادرة وقال شاهين: نقوم الآن باستكمال الدور الرابع فى المكتبة والذى يتضمن متحفا خاصا بالمخطوطات وكذلك معمل لترميم المخطوطات والقطع الأثرية على أعلى مستوى وهى تعد بمثابة مرحلة ثانية لعرض كنوز جامعة القاهرة.