أعود من جديد للكتابة عن المكتبة الاكتشاف التى تحوى كنوزاً لا أحد يعلم عنها أو يراها سوى القائمين عليها، وهى المكتبة المركزية الجديدة لجامعة القاهرة والتى تم افتتاحها بمناسبة العيد المئوى للجامعة، قضيت أربعة أعوام ومعى غيرى من طلبة وطالبات جامعة القاهرة ولم يدلنا أحد على محتوياتها الثمينة ولم يستدل عليها أحد جاء بعدنا، على الرغم من أن ما بها يستحق أن يعرض ليس فقط على طلبة الجامعة ولكن على الزوار والسائحين والملوك ورؤساء الدول الذين يأتون إلى مصر، مقتنيات جامعة القاهرة والتى تجمعت لديها منذ ما يقرب ويزيد على مائة سنة من الوثائق والمخطوطات والقطع الأثرية واللوحات الفنية والتى وصلت إليها كمقتنيات أصلية أو كإهداءات لا يجب أن تحجب بعد اليوم عن الجمهور العام ومازال منها بالمخازن وعلى الأرفف القديمة وفى دهاليز الحجرات المغلقة، يجب أن تخضع جميعها للتوثيق والترميم حتى تنقذ من التلف ومن الضياع ويجب أن توثق رقمياً وبأحدث الطرق حتى يتسنى الاستفادة بها وبما تتضمنه من معلومات من جانب الباحثين والدراسين. ونستكمل على لسان د. محمود المناوى الجولة مع محتويات المكتبة وبقاعة كبار الزوار، بها الجزء الأول من المجموعة الكمالية نسبة للأمير يوسف كمال وتتضمن تاريخ وخرائط أفريقيا ووادى النيل من أقدم العصور يضمها خمسة عشر مجلداً ضخماً وهى مهداة إلى «جدى الحاج محمد على الكبير» كما جاء على لسان الأمير يوسف كمال، وإلى جوار المجموعة يعرض كتاب نادر ضخم هو الآخر وقديم عن آثار النوبة فى جنوب مصر، ثم لوحة من مجموعة نادرة للفنان الإيطالى الكبير برنيزى الذى أرخ لكل الآثار والعصور الإيطالية فى روما فى القرنين السابع والثامن عشر وقد أهداها ملك إيطاليا فيكتور إيمانويل الثالث إلى الجامعة المصرية حوالى سنة 1910 المجموعة التى تبلغ مائة واثنتين وعشرين لوحة، بالمكتبة أيضاً مجموعة من الآثار المصرية القديمة التى اكتشفها علماء جامعة القاهرة عندما كان هناك قسم للآثار فى كلية الآداب منها مجسم للطائر الذى يمثل شعار جامعة القاهرة وهو الطائر «أبيس» ومعه تابوت له، ثم تماثيل نصفية يونانية ورومانية، ويضيف د. المناوى: بالمكتبة أيضاً مجموعة من الخزف الصينى يعود تاريخها إلى القرنين السابع عشر والثامن عشر وكانت موجودة بالقاعة الملكية فى المبنى الرئيسى بالجامعة الذى يحوى قبتها الشهيرة، وبمكتب رئيس الجامعة كانت توجد ثمانى قطع خزفية أخرى ثمينة لا تقدر بمال وتم نقلها إلى المتحف الجديد، هناك أيضاً مجموعة ضخمة من الميداليات والنياشين المسجل عليها رحلات وزيارات الملك فؤاد والملك فاروق للدول الأجنبية وخاصة لإيطاليا وفرنسا وبلجيكا، وصورة زيتية نادرة للمناضل مصطفى كامل، وصورة زيتية أخرى للطبيب محمد علوى باشا وهو واحد من أشهر أطباء مصر والذى قام بإقناع الأميرة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل بالتبرع للجامعة ومعها نص الوثيقة التى تم وضعها فى حجر الأساس وتشهد بأن الأميرة تهدى فى سبيل العلم ستة فدادين ونصف فدان من أملاكها فى بولاق الدكرور إلى الجامعة الوليدة وهى الأرض التى عليها الآن وزارة الزراعة والمتحف الزراعى، ثم أهدى الملك فؤاد للجامعة مائة فدان من أملاكه عليها الآن مبانى الجامعة وسبعة وأربعين فدانا من الحكومة المصرية فى المنيل وعليها الآن مستشفى المنيل. بمبنى المكتبة كما يقول د.المناوى حوالى أربعين لوحة لكبار فنانى مصر فى العصر الحديث وبها مكتبات كاملة مهداة من أصحابها للجامعة ومعها الأوسمة والنياشين الخاصة بهم كمكتبة د.عزيز صدقى ود.مصطفى خليل رئيسى وزراء مصر الأسبقين، وبها أحدث قاعة للمكفوفين باسم قاعة د. طه حسين وتعتمد على اتصالهم بالعالم عن طريق الإنترنت، ثم العرض المجسم لتاريخ الجامعة عن طريق تسع شاشات تكون نصف دائرة والتى أشرف على تأسيسها د. فتحى صالح رئيس مركز التوثيق الحضارى الذى يتبع مكتبة الإسكندرية ويتم تمويله من وزارة المواصلات ود. أحمد بهجت صاحب قناة دريم وحصل مخترعوه على براءة اختراع بشأنه، ويعرض أيضاً لتاريخ مصر الفرعونى والإسلامى والقبطى ويعلق عليه د. المناوى بصوته. بعد كل ذلك يقول د. المناوى إن المكتبة المركزية القديمة بها هى الأخرى ثروة قومية، من مخطوطات ومنمنمات ووثائق تاريخية وكتب أثرية وخرائط نادرة ولوحات وقطع فنية مصرية وغير مصرية يبذل د. حسام كامل رئيس الجامعة جهداً مشكوراً الآن للحفاظ عليها وتوثيقها وعرضها ومعه نائبه الدكتور حسين خالد استكمالاً لما بدأه د. على عبدالرحمن الرئيس الأسبق للجامعة، ولهم جميعاً كل الشكر فى الحفاظ والكشف عن هذه الخبيئة الأثرية لجامعة القاهرة ولهذه المكتبة التى تستحق الزيارة والمشاهدة. [email protected]
