هل تعود الأحزاب إلى مقراتها وإلى الأماكن التى تمارس من خلالها السياسة، كما تعرفها العملية الديمقراطية؟! وهل يغادر الحزبيون والناشطون السياسيون الشارع ليحشدوا قواهم ليستقروا فى البرلمان والنقابات ومؤسسات المجتمع المدنى وينخرطوا فى منافسة حقيقية لصالح الوطن والشعب وليس للمكايدة السياسية مع الخصوم السياسيين ومحاولة القفز على السلطة بأى طريقة وأسلوب؟! رؤية الأحزاب والحزبيين للظرف الزمنى القريب ومستقبل العمل السياسى هى ما نحققه ونجيب عن الأسئلة المتعلقة بها فى السطور التالية. أحمد حسن الأمين العام للحزب الناصرى أجاب عن سؤالنا المتعلق بمصير الأحزاب فقال:مصير كل حزب يتوقف على مدى قدرته على التواجد فى الشارع، وأن تكون لديه رؤية بعيدة المدى للإصلاح الاقتصادى، والعمل على حل قضايا الجماهير. وأضاف حسن: شهدت ثورة يناير منذ بدايتها قضايا سياسية، ونحن الآن فى اتجاهنا للقضايا الاقتصادية والاجتماعية، خاصة أن نسبة الفقر فى مصر تجاوزت 50% وربما تصل إلى 70% لغياب الرؤية أو القدرة لدى المسئولين لإحداث التغيير فى البلاد، كما أن الحكومة الحالية لم تضع خطة تنموية تساعد على حل المشاكل، وتدفع بعجلة الإنتاج إلى الأمام، خاصة أن الاقتصاد المصرى مهدد بالانهيار وسيؤثر ذلك بالسلب على الأجيال القادمة، مطالبًا بأن تتاح حرية التعبير والاعتقاد والفكر، والبحث عن حلول فورية للقضايا الملحة كالصحة والتعليم والنقل وفرص العمل. وعن دور الأحزاب السياسية فى المرحلة القادمة يقول أحمد حسن إن الحزب ليس مقرا فقط بل هو تواجد بين قواعد الجماهير لمعرفة قضاياهم، كما يجب أن تكون لدى أى حزب رؤية واضحة.. وانتقد القيادى الناصرى بعض قرارات الرئيس منها ما وصفه بالعقبات مثل الدستور الجديد ومن قبله الجمعية التأسيسية والإعلان الدستورى، مشددًا على أن حزبه يرفض الدستور الجديد لأنه - حسب وصفه - لا يحقق مطالب السواد الأعظم من الشعب ويخدم فئة معينة، مؤكدًا أن مصر لكل المصريين، ولا يمكن أن تحكمها مجموعة. وحذر حسن من أن هذا الوضع سيؤدى إلى مزيد من التوتر، لأن النظام الحاكم لا يسمع لأحد وليس لديه قنوات للحوار مع القوى السياسية المعارضة له، مطالبًا مؤسسة الرئاسة بأن تضع خططا تنموية تعود بالخير على كل أفراد الشعب حتى تعود مصر إلى مكانتها الريادية فى المنطقة العربية والأفريقية. من جهته، يحذر عاطف لبيب النجمى رئيس جمعية الدفاع العربى من حدوث اشتباك بين الإخوان من ناحية والسلفيين والجهاديين من ناحية أخرى فى حالة حدوث توافق بين الإخوان والقوى السياسية الأخرى، مشيرًا إلى أن النخب السياسية الإسلامية والليبرالية والاشتراكية لا تمتلك القدرة على الإدارة ولا توجد لديها برامج محددة لإنقاذ الاقتصاد المصرى من عثراته،لافتًا إلى أن الاستقرار يعنى قوة الاقتصاد، وإذا كان الاقتصاد المصرى قويا متعافيا فيعنى ذلك الاستغناء عن المساعدات الخارجية، ولكن القوى الخارجية جميعها تسعى إلى ترويج منتجاتها وتفرض على مصر توثيق العلاقة مع إسرائيل وأمريكا. مطالبًا كافة القوى المصرية من حكام ومعارضة بعدم الخضوع للضغوط الخارجية خاصة الأمريكية والاتجاه إلى التكامل مع الدول العربية والأفريقية وتكوين سوق عربية مشتركة تمهيداً لإصدار عملة عربية موحدة، والاقتداء بخطوات الاتحاد الأوروبى نحو الوحدة الاقتصادية والسياسية. ويرى النجمى أن حل أزمة مصر يكمن فى إعادة التضامن العربى ويحذر من استمرار الخلافات بين القوى التى ستخوض انتخابات مجلس الشعب القادمة، داعيًا إلى التوافق الوطنى، مشيرًا إلى أنه لا يمكن أن تهمش الحكومة القوى الأخرى، لأنه ليس فى صالح الوطن وعلى الحكومة الجديدة حال تم تشكيلها أن ترفض سياسات الخصخصة التى تفرضها الجهات الدولية على مصر، محذرًا من خصخصة الشركات الخدمية بتحويلها إلى شركات خاصة تدر أرباحًا لجهات أجنبية وقوى طفيلية تمارس السمسرة وتمتص عرق ودم المواطن البسيط.. ويرى النجمى أن نتيجة الاستفتاء بنعم لن تقدم مصر بين عشية وضحاها لأن المطلوب تحقيق الاستقرار للاقتصاد. وينفى عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الاشتراكى غياب الأحزاب عن الشارع السياسى، مشيرًا إلى أنها تمارس نشاطها من خلال مقراتها وبعقد الندوات الجماهيرية، وإصدار الصحف المعبرة عن رأيها، وإقامة حوارات سياسية من خلال كافة وسائل الاعلام، وأكد أن اختلاف الرؤى لدى الأحزاب يؤدى إلى المزيد من الديمقراطية، ومصر بها 60 حزبا وخلال الأيام القادمة ستعود الأحزاب إلى مكانتها فى ممارسة الدور السياسى المتوافر بها، وستسعى إلى تعديل بعض مواد الدستور وحل مشاكل المواطنين سواء كانت اقتصادية أو صحية أو اجتماعية أو تعليمية، لافتًا إلى أن التحدى الأعظم الذى يواجه الأحزاب كافة هو الفقر الذى تعانى منه غالبية أطياف الشعب المصرى، وعلى الأحزاب جميعاً تقديم برامج فعالة لحل قضية الفقر والبطالة. ووجه شكر الدعوة إلى الأحزاب بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية القادمة، ثم التوجه من خلال التوافق القومى لإصدار دستور جديد للبلاد، والعمل على حل كافة مشاكل المواطنين. ويؤكد صبحى صالح القيادى بحزب الحرية والعدالة وعضو مجلس الشورى أن جميع الأحزاب مطالبة بتقديم برامج تبين قدرتها السياسية على حل مشاكل الجماهير. مشددًا على أنه توجد الآن ديمقراطية حقيقية، فلا يوجد أى قيد أو أى تهميش للأحزاب مثلما كان إبان النظام السابق، فلا توجد أحزاب ممنوعة أو خاضعة للرقابة، وأشار إلى أن المعارضة لابد أن تقدم الدلائل عندما تهاجم النظام الحاكم، وأن تبتعد عن الخصومات الشخصية، مؤكدًا أن كل حزب لابد أن يعتمد على برنامج خاص به يختلف عن منافسيه. الدور الحقيقى ويطالب مجدى حسين رئيس حزب العمل بعودة الأحزاب لممارسة دورها فى الحياة السياسية، وأن يكون لها أثر إيجابى فى تقدم الأمة، وأضاف لن يحدث استقرار إلا إذا عرفت الأحزاب دورها فى تنمية البلاد سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. وبالنسبة للانتخابات البرلمانية والتى ستكون بالقائمة فسيكون للاحزاب فرصة لعرض برامجها على الشعب، وستصبح الأمور أكثر وضوحًا. مطالبا أيضًا الأحزاب بالتوقف عن النضال فى الشارع بكثرة الاعتصامات والمظاهرات التى تعطل الاستقرار وتضر بمصالح المواطنين، مشددًا على أنه يجب على الأحزاب أن تستعيد دورها الأساسى بالاستعداد للانتخابات البرلمانية وتفتح مقراتها لاستقبال الجماهير وتذهب إليهم فى عقر دارهم للتواصل معهم واستقطابهم لتبنى برامجها.. وفى هذا الإطار يرى مجدى حسين ضرورة وجود الرأى والرأى الآخر، ونشر ثقافة الحوار السياسى البناء بين كافة القوى، والبحث عن حلول لتعديل بعض مواد الدستور المختلف عليها. ويختلف د. مصطفى النشرتى أستاذ الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا مع الطرح السابق محذرًا من كارثة كبرى حيث إن مصر تمر بوضع اقتصادى سيئ بسبب تراكم الدين العام وعجز الموازنة الذى وصل إلى 200 مليار جنيه، وعجز الحكومة الحالية عن سداد جزء من الدين وبعد الإعلان الدستورى رفض الاتحاد الأوروبى إقراض مصر، وطلب منها رفع الدعم عن بعض السلع، وألغى المساعدات التى وعد بها بعد ثورة يناير، كما أن الاحتياطى الأجنبى بالبنك المركزى لايكفى لاستيراد المواد الأساسية. لافتًا إلى أن الحل هو ترشيد الاستهلاك الحكومى، وأن تكون هناك قرارات سياسية تعمل على الدفع بعجلة الإنتاج. عودة الاستثمارات ويرى د. هانى الحسينى الخبير بوزارة المالية أن الأزمة التى تمر بها مصر الآن سببها الرئيسى عدم استقرار الحالة السياسية، لأن الاستقرار يجذب المستثمرين والعملة الصعبة وينعش السياحة، وبعد إصدار الدستور فإنه يتوجب على المستثمرين الشعور بالأمن والأمان للعودة إلى ضخ استثماراتهم مرة أخرى إلى مصر، وعلى الحكومة التفاوض مع الاتحاد الأوروبى لعودة التعاون الاقتصادى. مطالبًا الرئيس بإصدار قرارات سياسية تدعم الاستقرار خاصة فى مجال تمكين مؤسسة الأمن من فرض سيادة القانون على الجميع دون أى استثناء، وكذلك حماية المنشآت العامة والخاصة، وحل مشكلة المؤسسة القضائية. ويحذر د. سعيد اللاوندى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية من استمرار الخلاف بين التيارين الدينى والمدنى، وأن يتفقا على القضايا الوطنية والابتعاد عن المزايدة والمصالح الشخصية والحزبية التى اضرت كثيرًا بمصلحة مصر العليا. مطالبًا الرئيس محمد مرسى بأن يكون رئيسًا لجموع المصريين وأن يحقق الديمقراطية الحقيقية كالتى تعيشها شعوب العالم المتحضر، كما يحذر اللاوندى من استمرار مصر فى دوامة فقد الأمن والاستقرار ما لم تتفق القوى السياسية المتطاحنة على الصالح العام للوطن. ويطالب د. خميس رزق الأستاذ بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة الدولة بتطوير جهاز البحث العلمى ونظم المناهج فى الجامعات المصرية المختلفة وتشكيل مجلس تعليمى لتطوير التعليم فى كافة مراحله، وكذلك الاهتمام بالباحثين والخبراء من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه من غير العاملين بالجامعات والمراكز البحثية الحكومية. ويطالب صباحى الجوهرى رئيس الحزب الاتحادى جميع الأحزاب الليبرالية بالتوحد فى جهة وطنية واحدة وتتقدم بقائمة موحدة لخوض الانتخابات البرلمانية بقوه فاعلة حتى تتمكن من الحصول على الأغلبية المطلقة فى انتخابات مجلس النواب. مشيرًا إلى أنه إذا حصد التيار المدنى الأغلبية فإنه يتمكن من الحفاظ على الهوية المصرية ثم يقوم بإصلاح الاقتصاد وكافة المؤسسات. مشددًا على أن أول ملامح هذا الإصلاح هو دعم مؤسسة القضاء ومنحها الاستقلال التام، وكذلك دعم مؤسستى القوات المسلحة والشرطة وهذا الثالوث هو الدرع الواقى لوحدة وأمن البلاد. ويطالب الجوهرى بعدم تلقى أيه قروض من صندوق النقد الدولى، وفتح باب التبرع من المصريين بمبلغ 5 جنيهات لإصلاح عجز الميزانية ولنبدأ بالمقيدين فى الجداول الانتخابية وعددهم 51 مليون مواطن فهم مدعوون لدعم الاقتصاد المصرى بالتبرع بنقودهم القليلة. أحزاب كرتونية ويؤكد د. سيد بحيرى الناشط السياسى أن الكثير من الأحزاب المصرية غير فاعلة، وبلا دور فى الشارع السياسى أو على المستوى الاجتماعى. مشيرًا إلى أن ظاهرة زيادة الأحزاب غير صحية، وتسهيل إجراءات الترخيص بإنشائها نزع عنها المصداقية لأنها تتشابه فى البرامج. فى حين يرى د. جمال عبد الجواد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن الحياة الحزبية ستزدهر فى الفترة القادمة وستكون أكثر جدية من كل الفترات السابقة. وستظهر أحزاب.. وستختفى أخرى حتى نستقر على الوضع النهائى وستحدث تحالفات بين الأحزاب المتشابهة، والأحزاب الصغيرة لن يكون لها مكان وسيتضح ذلك فى الانتخابات البرلمانية المقبلة. مشيراً إلى أنه أصبح من الصعب أن يلعب الحزب الحاكم الآن نفس أساليب الحزب الحاكم السابق مع الأحزاب السياسية الأخرى.. لأن تكلفة الحصار الإعلامى والاقتصادى والاجتماعى أصبحت عالية لكن هناك اتجاهات مثيرة للقلق فيما يتعلق بالإعلام خاصة وأنه الأداة المهمة للأحزاب فى الوصول للمواطنين وإذا استمر ذلك سيكون مؤشرًا خطيرًا للتنكيل بالأحزاب.