مثلما اعتبر سياسيون وإعلاميون أتراك زيارة د. مرسى كأول رئيس مصرى منتخب لبلادهم علامة فارقة ومنعطفاً سياسياً، ها هم أولا يعودون ليؤكدوا المعنى نفسه مع زيارة رجب طيب أردوغان إلى القاهرة مصطحباً معه وفداً يضم نصف وزرائه، وكأنه يترجم دعوة الرئيس مرسى للأتراك إلى مزيد من الانفتاح مع مصر. وفيما يتعلق بالمستوى السياسى للعلاقات وإزاء التطورات الإقليمية يرى معلقون أن مصر وتركيا تحتاج الواحدة منهما إلى الأخرى، فى تحالف يمكن أن يحدد شكل المنطقة لسنوات مقبلة وأن يساعدها على الخروج من ثورات الربيع العربى بطاقة متجددة. مصر تبدو الآن الشريك الأقرب لتركيا فى الشرق الأوسط. وترى تركيا أن مصر أهم حليف إقليمى، استناداً إلى عدد من الحقائق، أهمها أن مصر تشكل ثقلاً ديموجرافياً كبيراً، وتحظى بدور استراتيجى مهم، كما أن لديها أحد أهم الجيوش المحترفة فى المنطقة، وتمتلك دوراً تاريخياً يؤهلها لدور إقليمى مقبول ومعترف به من كل القوى الإقليمية والدولتين، فضلاً عن أن مصر تتوافق مع تركيا حيال العديد من القضايا الإقليمية مثل الأزمة السورية والصراع العربى - الإسرائيلى، وأمن الخليج والبرنامج النووى الإيرانى. ويتأسس تقارب مصر وتركيا على اعتبارات اقتصادية وسياسية وأيديولوجية. تركيا من جهتها ترى حزب «الحرية والعدالة» باعتباره حزباً مدنياً بمرجعية إسلامية، يمكن أن يستفيد من تجربة حزب «العدالة والتنمية» التركى فى التعامل مع الوضع الداخلى الصعب، والحياة السياسية الشائكة، من خلال التحلى بدرجة عالية من البرجماتية والانفتاح على كل القوى السياسية داخلياً وعلى سائر القوى الإقليمية والدولية خارجياً. وفى المقابل يعتقد حزب «الحرية والعدالة» فى مصر أن التجربة التركية الأهم تتمثل فى الجانب الاقتصادى، وأن الاستفادة المصرية الحقيقية يجب أن تتمثل فى هذا الجانب لذلك تجلت النتائج الاقتصادية للعلاقات المشتركة سريعاً، حيث توالت الزيارات المتبادلة، وعلى مستويات متعددة لتعميق العلاقات الاقتصادية. وتخطط الدولتان لأن يصل التبادل التجارى خلال السنوات المقبلة إلى 15 مليار دولار. وترى تركيا أن المدخل الاقتصادى لدعم العلاقات مع مصر قد يشكل خطوة محورية تمنح تركيا مصداقية مقارنة بالعديد من الدول العربية التى اتسم تحركها لمساندة مصر اقتصادياً بالتردد، كما ترى أن مصر يمكن أن تشكل بوابة العالم العربى وأفريقيا اقتصادياً، وفى المقابل تكون تركيا بوابة مصر إلى أوروبا. ومن المتوقع أن تشهد الأسابيع القادمة زخماً كبيراً وزيارات متبادلة، ستتوج بزيارة الرئيس التركى عبد الله جول للقاهرة الشهر القادم.