إذا كنا جادين فى تعمير سيناء «أو بالأحرى جادين فى الاحتفاظ بها وعدم التفريط فيها» فيجب أن نبدأ فورا فى التحرك على محورين رئيسيين فى وقت واحد بالتوازى ، وكلاهما يخدم الآخر ويدعمه . وقبل أن نتكلم عن هذين المحورين سأبدأ بالإجابة عن سؤال واحد فقط ( هذه المرة ) وهو : هل يؤثر تعمير سيناء سلبا على إسرائيل ؟! نعم وللأسباب الآتية : • بلغ عدد سكان إسرائيل ثمانية ملايين نسمة، ومساحتها تقدر بعشرين ألف كيلو متر مربع بدون الضفة الغربية وقطاع غزة . • يبلغ تعداد سكان شبه جزيرة سيناء نصف مليون نسمة أويزيد قليلا ومساحتها (61كم ) مربع. • طبقا للمخطط الإسرائيلى لإسرائيل حتى عام 2020 فإنها قد بدأت فى العمل على نقل مركز الثقل السكانى من شمال إسرائيل إلى منطقة بئر سبع المواجهة لشبه جزيرة سيناء وذلك بزيادة مساحة التطويرفيها إلى عشرة أضعافها لتصل إلى 1380 كم مربعًا وتضاعف عدد السكان فيها ليصل إلى 800 ألف نسمة معظمهم من المهاجرين الجدد والمتعصبين من المستوطنين. •إن إسرائيل تعانى فقرا مائيا يزيد على مليار متر مكعب سنويا . •كشف تقرير رسمى لوزارة الموارد المائية والرى أن إسرائيل تحصل سنويا على خمسة ملايين متر مكعب مياه من الخزان الجوفى المشترك مع مصر والعابر للحدود دون استفادة مصرية من هذه المياه الواقعة تحت أرض سيناء، وقال التقرير إن حركة المياه هذه دائمة من الغرب (مصر) إلى الشرق (اسرائيل) ولايمكن وقف سريانها من الناحية العلمية سوى فى حالة حفر آبار على مسافات صغيرة وتشغيلها بصفة مستمرة، وهو ما قد يؤدى إلى تدهور الخزان الجوفى الممتد إلى إسرائيل . •إن زراعة أرض سيناء وبناء المصانع بها هو السبيل إلى جذب السكان وتغيير الميزان الديموجرافى بها . •ارتباط السكان بالأرض يزيد من تمسكهم بها وبالتالى زيادة قدرتها على الممانعة لأى أعمال عدائية محتملة . •ملء الفراغ السكانى فى سيناء يحبط فكرة التوسع الإسرائيلى على حسابها أو تهجير فلسطينيين إليها كوطن بديل . •تكامل الاستثمارات الزراعية والصناعية والسياحية والبترولية والتعدينية فى سيناء سوف يغرى مستثمرين كباراً مثل ( الصين، اليابان، دول عربية... الخ) على إقامة مشاريع كبرى بها وقد يكون ذلك خصما من نصيب اسرائيل . وانتقالا إلى محورين التحرك لتعمير سيناء للتحرك بعد الإجابة المختصرة عن السؤال السابق نبادر بتحديد المحورين وهما: محور التعمير ومحور الأمن أولا محور التعمير : أ التعمير الزراعى : •ما سوف أذكره الآن ليس بدعة وليس من بنات أفكارى فقد سبق تطبيقه فى عهد الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ونفس الفكرة تطبقها إسرائيل فى مستعمراتها، وفتحت بها أبوابا أفريقية كثيرة بنقل وتعليم الخبرة الإسرائيلية فى إنشاء وإدارة المشروعات التعاونية. • حيث إن الهدف هو إعمار الأرض بالسكان فيجب انتقاء نوعية من البشر لديها حاجة ملحة للحياة الكريمة ولديها القدرة على الصبر فى مواجهة الصعاب وتحمل المشقة فى سبيل توفيرها هذا طبعا بالإضافة إلى الخبرة العملية فى فلاحة الارض وزراعتها. وهذه النوعية متوفرة بكثرة فى القرى الأكثر فقرا فى جنوب مصر وشمالها وتهفوا إلى الانتقال من حالة العدم (أى المعدمين الذين لا يملكون شيئا) إلى حالة التملك والتحول إلى صاحب طين (أى مالك أرض ومواشى...إلخ) ويمكن حصرهم بأعداد كبيرة فى هذه القرى بشروط مبسطة: أسرة صغيرة (من 2 إلى 4 أفراد) سن رب الاسرة لا يتعدى 40 عاما، الحرفة الرئيسية له الفلاحة (الزراعة). • أما عن المشروع فيجب أن يتوافر فيه الآتى: ارض مستصلحة وبها جميع المرافق من طرق ومواصلات ومياه رى ومياه شرب وكهرباء وسوق تجارى صغير ووحدة صحية ووحدة بيطرية ومدرسة وجمعية تعاونية زراعية بها خبرات فنية وإدارية من مهندسين وفنيين وإداريين. تقسم الأرض إلى مساحات صغيرة لا تزيد على 5 أفدنة موزعة على ثلاث قطع فى ثلاثة أماكن للإستفادة بنظام الدورة الزراعية ويتم توصيل المياه اليها ويفضل توصيل شبكة الرى وزراعة ولو قطعة واحدة قبل تسليمها إلى المزارعين الجدد. يخصص لكل أسرة منزل صغير وحظيرة للمواشى ويسلم لها جاموسة أو بقرة أو عدد من الأغنام. تقوم الجمعية الزراعية بتوفير مستلزمات الزراعة للمزارعين بالأجل كما تقوم بإستلام المحاصيل الزراعية منهم وتسويقها ودفع ثمنها لهم بعد خصم قسط سنوى من قيمة الأرض والنفقات ... الخ . يتم البدء بإنشاء القرى فى تجمعات صغيرة لا تزيد على 500 ألف فدان وتخصص قرى لبدو سيناء تجاورها قرى للفلاحين القادمين من الوادى وسوف يتم الاندماج الهادئ الطبيعى مع مرور الوقت فيتعلم البدو الزراعة من الفلاحين ويتعلم الفلاحون العرف البدوى . وسوف يتم التزاوج والمصاهرة اجتماعيا وتنشأ كيانات اقتصادية من مشاريع زراعية وتجارية وتربية ماشية ودواجن ورعى أغنام وإبل ويتحدون فى كيان واحد اكثر تماسكا وأشد صلابة. ونواصل فى العدد القادم بقية المحاور الخاصة بتعمير سيناء.