اللحظات الأولى لانطلاق التصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب بالغربية    دعمًا لقضايا المرأة.. محافظ قنا يقود دراجة مع الفتيات في ماراثون رياضي    إقبال الناخبين على مدرسة النهضة بالشرابية بأول أيام إعادة انتخابات النواب    مشاهد عائلية لافتة في لجان المطرية بجولة الإعادة لانتخابات النواب    السيدات وكبار السن يزينون صفوف الناخبين في جولة الإعادة بالبساتين    ممثل البابا تواضروس: المحبة حجر الأساس لمواجهة خطاب الكراهية وبناء مجتمع متماسك    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    تعرف على خدمات إجراءات النقل السياحي المتاحة إلكترونيًا    الرقابة المالية توافق على التأسيس والترخيص ل 6 شركات بأنشطة صندوق الاستثمار العقاري والتخصيم والتمويل العقاري وإدارة الصناديق    فنزويلا تندد بحصار ترامب على ناقلات النفط الداخلة والخارجة من موانئها    شوبير: بلعمري قريب من الأهلي.. وتوروب يضع حامد حمدان ضمن أولوياته    كأس العرب - مؤتمر كوزمين: لاعبو الإمارات قدموا تضحيات كبيرة.. واللعب أمام 60 ألف متفرج مختلف    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    المحمدي: تعرضت للظلم في الزمالك.. وهذا هدفنا الموسم الحالي    أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بقنا    ضبط قائد سيارة سار عكس الاتجاه بالشرقية بعد تداول فيديو على مواقع التواصل    درجة الحرارة 1.. غيوم وأمطار غزيرة على مدينة سانت كاترين    محافظ قنا يوجه بحملات على مجمعات المواقف للتأكد من السلامة الفنية للسيارات    خروج عربات قطار عن القضبان بالمنوفية | صور    أول تعليق من تامر حسني بعد حفله الأول عقب أزمته الصحية (صور)    عسل السنيورة رواية قماشة متميزة للدراما    حقيقة إصابة محيي إسماعيل بالغيبوبة    «الست» تتصدر شباك التذاكر.. أبرز إيرادات أفلام دور العرض المصرية    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    «الرعاية الصحية» تعلن تفعيل حزمة من الخدمات الطبية المستحدثة بالأقصر    محافظ أسوان يشيد بنجاح جراحة دقيقة للعمود الفقرى في مستشفى دراو المركزي    رويترز: ضغوط أمريكية على باكستان للمساهمة في قوة الاستقرار الدولية بغزة    عاجل- الاحتلال الإسرائيلي يرتكب 11 خرقًا جديدًا لوقف إطلاق النار في غزة    قاضى قضاة فلسطين: الدور المصرى تجاه القضية الفلسطينية ممتد وتاريخى    عرض مسرحي في الأوبرا يتتبع روايات «باكثير» احتفالا بمرور 115 عاما على ميلاده    متحدث وزارة الأوقاف يكشف حقيقة سحب أرض الزمالك في المهندسين    "متبقيات المبيدات" يستقبل وفدا صينيا رفيع المستوى لتعزيز جهود فتح الأسواق العالمية    توقيع مذكرة تفاهم بين صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ والمركز القومي للبحوث لدعم الابتكار وريادة الأعمال    بعد إدراج الكشري على قائمة اليونسكو.. رحلة في جذور الأكلات الشعبية المصرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17-12-2025 في محافظة الأقصر    الأربعاء.. 18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    59 تهمة بينها 15 قتل.. تفاصيل التهم الموجهة لمنفذ هجوم سيدنى الإرهابى    إصابة 4 أشخاص إثر حادث إنقلاب سيارة بصحراوى أسيوط    تزايد اقبال المواطنين بلجان انتخابات الإعادة لمجلس النواب بالغربية    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    مصر تواجه تغير المناخ بمشروع الإسكان الأخضر.. تنفيذ 68 ألف وحدة سكنية بتكلفة تتخطى ال 52 مليار جنيه..أكتوبر الجديدة وأسوان والعبور الجديدة والعاشر من رمضان أبرز المدن..المشروع يستهدف ترشيد استهلاك الطاقة.. صور    بعد إدراج الكشري في اليونسكو.. التراث غير المادي مهدد بالاندثار دون توثيق    إعلام الاحتلال: إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله نهاية العام    أبو الغيط: الاحتلال يُمعن في إفراغ وقف إطلاق النار بغزة من مضمونه    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    سعر الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 في مصر    رسل الموت تنزل فى سراييفو    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    من سندرلاند إلى ليفربول.. خريطة غيابات الدوري الإنجليزي في كان 2025    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاربعاء 17-12-2025 في محافظة قنا    السجن 5 سنوات لعامل بتهمة إشعال النيران بسيارة مياه معدنية فى قنا    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صغار ولكن ثوار !
نشر في أكتوبر يوم 26 - 08 - 2012

قبل ثورة 25 يناير لم يكن الشباب يمكنه المشاركة فى العمل السياسي إلا من خلال أحزاب ورقية وتنظيمات مطاردة أمنيا وكانت ممارسة السياسة ممنوعة داخل الجامعات والمدارس ومن يمارسها من الطلاب يتم إحالته لمجلس تأديب إذا كان جامعيا أو يتم فصله مؤقتا إذا كان بإحدى المدارس الثانوية بالاضافة إلى مطاردته هو وأسرته من قبل الأجهزة الأمنية وعلى رأسها أمن الدولة «المنحل».
أما فى يوم 25 يناير 2011 فاختلف الوضع وشارك الشباب بل والأطفال فى أول مظاهرة شعبية ضد نظام حكم الرئيس السابق محمد حسنى مبارك والتى شهدها ميدان التحرير وكانت الشرارة الأولى لثورة 25 يناير.
ثم توالت المشاركات من جميع الفئات والأعمار وبينهم الأطفال والشباب صغير السن فى فعاليات الثورة بل وسقط شهداء منهم فى جمعة الغضب (28 يناير) فى القاهرة وبعد ذلك فى المحافظات.
ولم تتوقف مشاركة «الثوار الصغار» عند أيام الثورة الثمانية عشر (25 يناير – 11 فبراير) بل تواصلت مشاركتهم فى فعاليات الثورة وتصحيح مسارها حتى كانت المشاركة الأخيرة فى مليونية «ختم القرآن» بميدان التحرير فى ليلة القدر.
وكما لم تتوقف مشاركة «الثوار الصغار» على أيام الثورة فقط، لم تتوقف المشاركة عند أعمار محددة بل إن إحدى الأمهات حرصت على أن يشارك جنينها وهو فى بطنها فى الثورة وأن يولد فى ميدان التحرير.
وفى هذا التحقيق ترصد «أكتوبر» مشاركات الثوار الصغار فى فعاليات الثورة التى لا تزال مستمرة ولن تتوقف حتى يحقق الشعب مطالبه المشروعة التى خرج بجميع طوائفه من أجل تحقيقها.
البداية مع حكاية الجنين الذى شارك فى مظاهرات ال 18 يوما والتى أعقبها تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك، وهى قصة ألهبت حماس المشاركين فى الثورة من الذين عاصروا تلك الواقعة، التى حدثت فى الاسبوع الثانى من الثورة وتحديدا يوم 5 فبراير عندما أخبر الطبيب إحدى الحوامل بأنها ستضع جنينها بعد اسبوع، وهو ما يستلزم عودتها للمنزل ومغادرة الميدان والاكتفاء بالايام التى قضتها قبل ذلك.
لم توافق الزوجة الشابة على مغادرة الميدان بعد موقعة الجمل التى ألهبت الحماس وزادت الثوار إصرارا على ضرورة رحيل مبارك وتعالى هتافها الشعب يريد إسقاط النظام وأصرت على وضع جنينها فى ميدان التحرير ليكون أول ما تلتقطه رئتاها نسيم الثورة والحرية.
ومع اصرارها على عدم مغادرة الميدان إلا بعد رحيل مبارك بدأ الأطباء الميدانيون ب «التحرير» الاستعداد لمواجهة تلك الحالة الطبية غير المتوقعة وتم الاتفاق على أن تتم عملية الولادة فى العيادة الملحقة بمسجد عباد الرحمن الملاصق لميدان التحرير وظلت الأم فى رعاية إحدى الطبيبات الميدانيات تمهيدا لاستقبال مولود الحرية.
ولكن لأسف الشديد لم تشأ الارادة الالهية أن يولد الطفل الصغير فى هذا الجو المتوتر وذلك الزحام الذى تجاوز الملايين الستة فى أواخر أيام الثورة (يوم التنحى)، حيث كان من المتوقع ولادة الطفل فى بدايات الأسبوع الثالث من الثورة (أى فى منتصف شهر فبراير)، وكان قرار تنحى مبارك عن الحكم اسرع من ميلاد هذا الطفل الذى غادرت أمه ميدان التحرير عقب جمعة التنحى، لتعود إلى منزلها ويولد طفلها مثل اى طفل آخر، ويكتفى بأنه شارك وهو جنين فى الثورة.
ولم يكن هذا الجنين هو الوحيد الذى شارك فى الثورة بل كان اشهرهم فقط حيث شاركت العديد من الثائرات الشابات وهن يحملن فى أرحامهن أطفالاً بالتأكيد سيرثون منهن ومن آبائهم جينات الثورة وعدم الاستسلام للطغيان، ولعل التالى لجنين الثورة فى الشهرة – وإن كان لم يشارك فعليا فى الثورة – هو هذا الجنين الذى شارك ابوه فى الثورة ورفع وحمل لافتة مكتوبا عليها «ارحل بقى الواد مش عايز ينزل من بطن أمه وانت لسه رئيس» فى رسالة ساخرة يوجهها لمبارك الذى ولد هذا الأب وتزوج ولم ير رئيسا سوى حسنى مبارك.
ومن الأجنة إلى الأطفال الرضع تنتقل رحلتنا بين «الثوار الصغار» حيث حرص عدد من الآباء والأمهات على اصطحاب اطفالهم لميدان التحرير والميادين الأخرى بالمحافظات ليشاهدوا لحظة انتفاض الشعب الثائر ضد رئيسه الذى انشغل بحياته الخاصة وأهمل حياة شعبه حتى اصبحت تتساوى مع الموت، فسارع بعضهم للهجرة غير المشروعة لأوروبا فى رحلات أقل ما توصف به انها «رحلات انتحار».
ومن بين هؤلاء الرضع ذلك الطفل الصغير الذى انتشرت صورته على المنتديات وصفحات الفيس بوك ويدعى يوسف وكان نائما غالبية الوقت لأنه لم يتجاوز عامه الأول، ومع ذلك شارك مع والديه فى الاعتصام بميدان التحرير.
ومن يوسف إلى ملك لم يختلف الأمر سوى فى العمر فقط، فملك تجاوزت عامها الأول إلى منتصف عامها الثانى واعتصمت بميدان التحرير مع والديها وظلت خلال الثورة ممسكة بعلم مصر الذى ظلت تلعب به بيديها الصغيرتين وهى تضحك لكاميرا هاتف والدها المحمول عند التقاط الصور لها، أو تمل وتتعب من صخب الميدان فتضع طرف سارى العلم الصغير بين شفتيها وتغلق عينيها لتنام على أمل ان تستيقظ لتجد مصر قد تغيرت وانفض الميدان من ثواره.
ولأن الحكايات كثيرة وصفحات المجلة محدودة نقفز سريعا من مرحلة الأجنة لنستعرض مواقف الثوار الصغار الذين تجاوزوا عامهم الثانى وفطمتهم أمهاتهم على الثورة والحرية فلبوا نداء الوطن فى 25 يناير.
ومع يوسف آخر غير ابن الشهور المعدودة، وهو يوسف نادي إسماعيل، (9 أعوام)، الذى عرفه ميدان التحرير قائدًا لمظاهرات كبيرة يهتف خلفه المعتصمون المعجبون بفصاحته وذكائه، الذى عبر عن نفسه ونظرته للثورة بأنه يحلم بتحرير مصر وأن يجعلها أحسن البلاد، بلا فساد أو رشاوى أو تعذيب للمسجونين.
ويضيف أنه تأثَّر كثيرًا بما رآه في التحرير فأصبح أكثر شجاعةً وإيجابيةً، حتى أنه بعد الثورة قاد مظاهرة في مدرسته لاسترداد حصة النشاط، والتي اعتادت المدرسة أن تجعلها حصة لتكريم الطلاب، وبالفعل استجابت إدارة المدرسة لطلباتهم وأعادت إليهم حصة النشاط.
ومما يذكره الناس ليوسف فى الميدان هو تأليفه لأغنية «جدو مبارك»، وقام الناس بترديدها خلفه هو وزملائه من الطلاب ومطلعها «جدو مبارك رايح فين.. خلاص هيرحل كمان يومين».
ولا ينسى الميدان وثواره جودي أحمد التي تبلغ من العمر ثلاثة أعوام فقط، والتى حرص ابواها على أن يشرحا لها بكل بساطة معنى الثورة ومطالب الشعب فاستوعبت ذلك وشاركت فيه بحماس يفوق شباباً فى العشرين أو أكثر من ذلك بكثير، حتى أنها تحمست ذات مرة فظلت تهتف وخلفها الشباب يرددون ما تقول وعندما تعبت وصمتت انهالوا على يديها تقبيلا ابتهاجاً بالطفلة الثائرة، وظلوا يدعون لها ولوالديها بحفظ الله لهم.
أما سهيلة الزعفراني الطالبة بالصف الأول الإعدادي، فهي شخصية فريدة من نوعها تعبر عن ذكاء وابتكار الشعب المصري، والتى بدأت المشاركة فى اعتصام التحرير والخوف يملأ قلبها، ولكن بعد أن نزلت للميدان أطمأنت وشعرت أن الناس كلها بتحميها.
وظهر ذكاء سهيلة الفطرى فى اصرارها على تدوين وتوثيق الثورة من خلال حملها دفتراً صغيراً تمر به على المعتصمين بميدان التحرير ليدون كل منهم كلمة عن الثورة حتى أنها اشتهرت فى الميدان ب «البنت بتاعة الدفتر»، وقد حصلت على أكثر من ألف توقيع وكلمة عن الثورة بهذا الدفتر.
ولعل أفضل قصة نختم بها الحديث عن ثوار ميدان التحرير الصغار هى حكاية الباحثة عن الشهادة آلاء أحمد – ذات ال15 عامًا – والتى غادرت الميدان عقب تنحى مبارك وهى حزينة جدا، ولم تنجح فرحتها بنجاح الثورة فى انهاء حالة الحزن التى انتابتها لأنها لم تحقق أمنيتها وتنال الشهادة فى سبيل وطنها، وكانت آلاء من أوائل من شاركوا فى اعتصام التحرير بكل حماس، حيث اعتصمت لأيام مجتهدة في توزيع الطعام والمياه، والوقوف في لجان التفتيش.
بالتأكيد لم تنته حكايات الثوار الصغار فى ميدان التحرير خلال ايام الثورة ولكن المساحة المخصصة لهذا الموضوع تجبرنا على الاكتفاء بتلك الحكايات التى أذهلت من شاهدوها حية وتدفعنا لتوثيقها حتى لا تنساها ذاكرتنا المحدودة.
وبالتأكيد أيضا لم تتوقف مشاركتهم عند ايام الثورة الأولى بل تعدت ذلك للمشاركة فى المليونيات التى تلت الثورة سواء كانت للضغط على القيادة السياسية للبلاد من اجل اتخاذ قرار ما تأخروا عن اتخاذه فى الوقت المناسب أو للمشاركة فى فعاليات الاحتفالات بما تحقق من انجازات الثورة وكان آخر تلك الفعاليات هى مليونية «ختم القرآن الكريم» والتى شهدها ميدان التحرير الخميس قبل الماضى وشارك فيها الآلاف وتضمنت صلاة العشاء والتراويح والتهجد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.