من الصعب أن نتحدث عن تفاصيل الأرشيف وثورة 25 يناير 2011 الاَن، وكل الناس شاهدوها بثاً مباشراً، ونقلاً حياً لكل صغيرة وكبيرة حدثت خلالها عبر أنحاء الدنيا. تابعوا تفاصيلها عبر الميادين التى شهدت أحداثها دقيقة بدقيقة على مدار النهار والليلة. بل إن الأمر اللافت للنظر أن مصطلح أرشيف ثورة 25 يناير ظهر خلال فترة الثورة نفسها، ولم يظهر، كما جرت العادة، بعدها. فبحكم التقدم التقنى تطوع كثير من الثوار والأفراد والجهات غير الرسمية والصحفية فى تحميل فعاليات كثيرة من أحداثها على شبكة المعلومات الدولية بمختلف صفحاتها ومواقعها. فظهرت العديد من الأرشيفات الاليكترونية والمواقع المختصة بأرشيف الثورة. مما دفع بعض الجهات الحكومية وغير الحكومية لتشكيل لجان خاصة بتوثيق أحداثها. ونظراً لتعدد التيارات الإسلامية عبر القطر المصرى وكثرتها، تعددت أرشيفات الإسلاميين بخصوص مشاركتهم فى ثورة 25 يناير 2011، بصورة يصعب حصرها فى موضوع وسياق واحد. فما بين البيانات الرسمية التى صدرت عنهم، وصفحات التواصل الاجتماعى، كاليوتيوب والفيس بوك وتويتر الخاصة بهم ، ومواقعهم الشخصية والتنظيمية على شبكة المعلومات الدولية، ولقاءاتهم التليفزيونية، وكتاباتهم وحواراتهم الصحفية، ورواياتهم للاحداث الجارية خلال الثورة، وشهادات الاَخرين بشأن مشاركتهم، ثم قراءة ما تقوله روايات الأطراف الأخرى عن حجم وقوة تلك المشاركة، يمكن القول بأن أرشيف الإسلاميين خلال فترة الثورة يعد أرشيفاً ثرياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ورغم أن أرشيف الإسلاميين يعد أرشيفا ثرياً، إلا أنه غير مجموع فى مكان واحد، وغير مرتب بطريقه يمكن قراءة ما فيه بسهولة، تقص حقيقة ما جرى، وتفصل الأمر بشأن مشاركة بعضهم من عدمها. ولما كان هناك كلام كثير واتهامات من قبل القوى السياسية الليبرالية والعلمانية والمسيحية وغيرها، بأن التيارات الإسلامية لم تشارك فى ثورة الخامس والعشرين من يناير من بدايتها، وأن بعضها شارك يوم 28 يناير، كتيار الإخوان المسلمين، فجذب اَخرين للمشاركة فى أحداثها، وأن بعضها قد اتخذ موقفاً مضاداً منها، وجب علينا أن نعود إلى الوثائق والبيانات الرسمية الصادرة عن تلك الحركات، لنقرأ ونتعرف على حقيقة هذه الاتهامات، وما إذا كانت صحيحة ؟ أم أنها مجرد اتهامات لا سند لها ولا دليل ؟ بالرجوع لارشيف الصحافة المصرية فى الفترة من 21-24 يناير 2011 ، وتصريحات كبار الكهنة والقساوسة الاقباط لتلك الصحف، نجد أنها تقطع بأن الاسلاميين هم المحرضون على الثورة ومظاهرات 25 يناير. وحينما نجحت تلك الثورة فى تحقيق أهدافها، بازاحة مبارك عن الحكم، وجدنا تغييرا فى تلك التصريحات التى كان يتردد صداها قبل قيام الثورة . لذا فان الرجوع لارشيف الاسلاميين وأرشيفات القوى المضادة لهم، سكيشف لنا الكثير عن الدور الرئيسى الذى قام به الاسلاميون فى التخطيط لتك الثورة وحشد الناس حولها. المدهش فى هذا الأرشيف، خلال فترة الثمانية عشر يوما، أن الثورة كادت تنفض فى أكثر من مرة، سواء بعد تغيير حكومة نظيف بحكومة شفيق، أو بعد خطاب مبارك فى الاول من فبراير 2011. ففى هذا الخطاب ، على سبيل المثال لا الحصر، أعلن مبارك، استجابة للمليونية الحاشدة فى التحرير والمليونيات الاخرى فى بقية المحافظات، عن عدم نيته الترشح مرة اخرى، فانسحب مئات المتظاهرين من التحرير. غير أن إصرار الاخوان على رحيله وتنحيه قبل يوم الجمعة التالى، قلب الأمور رأسا على عقب. فتمسك الاسلاميين بتنحية مبارك، وعدم قبولهم بفض المظاهرات والخروج من التحرير، هو الذى أجج شعلة الثورة من جديد ضد مبارك. وهو الذى حشد الناس لموجة جديدة من الثوة، أفلحت فى النهاية فى تركيعه وقبوله بالتنحى عن الحكم مرغماً. لذا فإن أرشيف الاسلامين هو جزء أصيل ومهم من تاريخ ثورة 25 يناير. علينا أن نتهتم به جيدا، ونجمعه بعناية ورعايه، لأنه سيكشف الكثير والكثير من الاسرار حول الثورة والثوار، ولأنه سيحفظ للاجيال القادمة جزءاً مهما من تاريخ مصر.