محاكمة الرئيس السورى بشار الأسد أصبحت مطلباً شعبياً سورياً ودولياً بعد الجرائم البشعة التى ارتكبها فى حق شعبه الأعزل.. ومع ذلك يتعلل البعض ببعض مواد القانون الدولى فى محاولة للإيحاء بعدم استطاعة اخضاع الأسد للمحاكمة الدولية، كما يقف الفيتو الروسى والصينى كحجر عثرة فى طريق إحالة الأسد لمحكمة الجنايات الدولية فى حالة سقوط نظامه.. بداية يؤكد د. أيمن سلامة - أستاذ القانون الدولى بالمعهد الدولى لحقوق الإنسان بالولايات المتحدةالامريكية – على ضرورة تفعيل الاجراءات لإحالة بشار الاسد للمحكمة الجنائية الدولية ومحاسبته على الجرائم ضد الإنسانية التى ارتكبها ضد شعبه الأعزل، وتفعيل الآليات الممكنة فى مبادئ القانون الدولى والشرعية الدولية لإزالة العوائق التى يروجها بعض مؤيديه فى هذا السياق. خاصة بعد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التى يمارسها نظام بشار بحق المدنيين الأبرياء العزل منذ العام الماضى. وأشاد سلامة بدور العديد من الهيئات الدولية حكومية كانت أم غير حكومية التى وثقت العديد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التى ارتكابها بشار الأسد فى سوريا منذ بدء ثورتها الحرة ، وذلك انتظارا لليوم الذى تقع فيه محاكمة بشار ومعاونيه، جراء ارتكاب هذه الجرائم فى حق الشعب السورى . وفيما يتعلق بالموقف الروسى إزاء مايحدث فى سوريا والمطالبة بإحالة نظام الاسد للمحكمة الجنائية الدولية استبعد أستاذ القانون الدولى أن يصدر قرار من مجلس الأمن بإحالة بشار إلى الجنائية الدولية، حيث أبدت روسيا تأييدا منقطع النظير لإيقاف أى قرار يتخذ من مجلس الأمن ضد سوريا .. لكن هذا لايمنع أن مجرمي الحرب ليسوا فى مأمن من العقوبة وفقاً للقانون الدولى، برغم أن مرارة الأزمة تكمن فى عدم تحرك الموقف الدولى وضعف إرادة العرب. مضيفا أن العفو من العقاب على ارتكاب الجرائم الدولية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تعد خيانة للتضامن الإنسانى اللازم مع ضحايا النزاعات المسلحة سواء الدولية أو الوطنية. ودعا د. سلامة إلى تحقيق العدالة الدولية والتخلص من سياسة الكيل بمكيالين وتسييس العدالة الجنائية الدولية ومحاكمة الحكام العرب على جرائم دولية وجنائية عديدة فى دول الربيع العربى ضد شعوبهم العزل لعل أهم هذه الجرائم وأخطرها قتل المتظاهرين ، وقد حققت سوريا الرقم القياسى فى هذا المجال مما جعل مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان تطالب بإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب الجرائم المرتكبة من طرف نظام الأسد التى وصفت بجرائم ضد الإنسانية. ويرى أن الخروج من الأزمة السورية يتمثل فى سقوط النظام السورى وملاحقة بشار الأسد وزمرة معاونيه ,مشددا على ضرورة مقاضاته أمام القضاء الوطنى السورى لانه يمثل الولاية القضائية الجنائية والمختص بملاحقة الرئيس وكل المساهمين جنائيا وذلك لارتكابه جرائم دولية غير وطنية يستحيل عليه الدفع بصفته الرسمية لكونه رئيسا للدولة، ومن ثم تمتنع مسئوليته الجنائية وفقا لذلك الزعم. ومن جهته أكد د. محمد حسام الدين – أستاذ القانون الدولى وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية أن الحالة السورية أظهرت تقاعس المجتمع الدولى عن النهوض بمسئوليته لمكافحة الجرائم الدولية المرتكبة فى سوريا والتى تهدد السلم والأمن الدوليين، وذلك لمصالح سياسية فى معظم الحالات. وأشار إلى الدور الامريكى فى الأزمة السورية الذى تراجع خاصة بعد خروج جماعات جهادية ومن تنظيم القاعدة من العراق ودخولهم فى الجيش السورى الحر الأمر الذى سيدفع الدولة إلى الدخول فى حرب أهلية. ويرى أن النظام السورى استمد من الفيتو الروسى - الصينى فى مجلس الأمن، عزما للمضي فى قمع الثورة الشعبية. ولا شيء فى الأفق يدل على أن حلا تفاوضيا سلميا بين النظام والثائرين وارد أو ممكن فى الظروف الراهنة. كذلك أبواب الحل الدولى أو العربى هى شبه مغلقة مضيفا أن روسيا والصين لن تسمحا بإحالة بشار الاسد للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك نظرا لقناعتهما بأنه شأن داخلى يجب حله عبر حوار وطنى، رافضتين أى تدخل خارجى بالشأن الداخلى السوريا. وقال إن الأزمة السورية تحولت من مجرد انتفاضة شعبية تطالب بالحرية والكرامة والديمقراطية، إلى قضية إقليمية وقومية ودولية. وهذه الأبعاد الجديدة التى اتخذتها، تزيدها تعقيدا، ولا تساعد على إيجاد مخارج أو حلول. ولكن أيا كان الحل السياسى فإنه يبقى أفضل من الحرب الأهلية التى تهدد بنقل المعركة إلى الأقطار المجاورة لسوريا، وإلى إشعال أكثر من فتنة طائفية ومذهبية فى الشرق الأوسط. وعلى الرغم من الحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها الرئيس بموجب اتفاق فيينا الدولى، والحصانة الجزائية العادية التى تؤكد على حقه فى الانتفاع من هذه القرارات المتخذة من قبل المعهد الدولى لحقوق الانسان التابع للأمم المتحدة فى مؤتمره المنعقد فى هامبورج عام 1891، ومؤتمره المنعقد فى اكس أون بروفانس لعام 1954، ومؤتمره المنعقد فى بال عام 1991، لا يتمتع رئيس الدولة، وان كان يمارس مهماته الرئاسية، وقت حصول المحاكمة أو عند صدور الحكم الجزائى بحقه، بأية حصانة جزائية فى وجه المحاكم الجزائية الدولية . فهو، وفقا لقرار مؤتمر المعهد الدولى لحقوق الانسان، المنعقد فى العام 2001 يتمتع بحصانة جزائية عادية فيما خص الجرائم المنسوبة إاليه أو المحكوم عليه بها والتى لا توصف بالجرائم الدولية. فى هذه الحال، لا يمكن توقيفه أو إلقاء القبض عليه أو ملاحقته جزائيا أو تنفيذ حكم جزائى كان قد صدر بحقه من قبل، وهذا يعنى ان حصانة الرئيس الجزائية لا تحميه من المحاكمة أمام المحاكم الجزائية الدولية ولا يمكن الدفع بها فى وجه اختصاص هذه المحاكم على أنواعها. كما لا يمكن الدفع بها لمنع تطبيق القواعد والأصول المتعلقة بمحاكمة الجرائم الدولية أي الجرائم التى تحمل اعتداء على الأمن والسلم الدوليين (الجرائم ضد الإنسانية، الإبادة الجماعية، جرائم الحرب والجرائم الإرهابية التى قرر مجلس الأمن أنها تحمل اعتداء على الأمن والسلم الدوليين كجريمة اغتيال الرئيس الحريرى).