عقار الإسكندرية الذي انهار الأسبوع الماضي وأودى بحياة عشرين شخصا ليسوا من سكان العقار، وإنما هم مجاورين له ، هذا غير المصابين – هذه الكارثة لن تكون الأولي ولا الأخيرة في الإسكندرية! فمن المعروف أن مدينة الإسكندرية بمحلياتها وأحيائها تشهد أعلى نسبة من الفساد علي مدى عقود مضت ، تحولت فيها أجمل المدن المصرية إلى ساحة للقبح والمخالفات الرديئة سواء في البناء أو الشوارع أو الأحياء ، وبمرور الزمن أصبحت هناك أحياء كاملة من المخالفات والعشوائيات حولت عروس البحر إلى كابوس البحر ، لتصبح خليطا مشوها من المباني والعشوائيات! كل هذا يقع تحت سمع وبصر الدولة ، التىغضت الطرف عن العاصمة الثانية للدولة المصرية ، وتحت حكم محافظين كبار حاولوا أن يعيدوا بهاء المدينة ، لكنهم لم يتجاوزوا منطقة الكورنيش أو مداخل المدينة على أفضل تقدير ! الإسكندرية التي كانت واحدة من أجمل بلاد الدنيا ، تحولت إلى واقع قبيح، من المباني الشاهقة علي الكورنيش التي حجبت الهواء عن خلق الله ، والأحياء الجديدة التي لا تخطيط لها ولا صرف ولا أي لمسة جمالية ، ناهيك عما تشهده أحياؤها القديمة من فساد أدى لمخالفات صريحة في المباني لتعلو أدوار فوق أدوار ولا ضابط لها ولا رابط، فالسادة مهندسو موظفو الأحياء تحولوا إلي وحوش آدمية كل ما يهمهم كيف يمتصون دماء المواطنين ويبتزونهم ، ثم جاءت مرحلة ثورة يناير لتكون فرصة ذهبية لكل من أراد أن يخالف ، جهارا نهارا ، فلا يخلو شارع عرضه ثلاثة أو أربعة أمتار من عمارات شاهقة تصل إلي عشرين دورا ! حتى مداخل الطرق للمدينة تحولت إلي شيء عبثي ، فمنذ أسبوعين توجهت إلي الإسكندرية وتوقف الطريق في مدخلها لمدة ساعة ونصف دون حركة ، ثم تبين أن السبب هو انفجار ماسورة مياه في منطقة بها مطبات ، وتحول الأمر إلي فوضى عارمة! الغريب أنني حين توجهت منذ عدة أيام إلي نفس الطريق ظنا مني أن المشكلة لابد أنها قد حلت وجدت المأساة تضاعفت ، والطريق ازداد سوءا ! وهو ما يعني أن السادة المسئولين في الإسكندرية لديهم مهام أخرى أهم بكثير من راحة الناس ومصالحهم ! لهذا لن يكون العقار المنهار أول أو آخر المآسي التي تشهدها تلك المدينة الجميلة والمنكوبة بمسئوليها وبمواطنيها الذين لا يدركون قيمتها ، بل هو بداية لتتابع نتائج فساد سنوات وسنوات!!