أوقاتى بتحلو، شعورى ناحيتك، مالى، اشترونى، حكايتى مع الزمان، وحشتونى.. وغيرها المئات من الأغانى التى أمتعتنا بها الفنانة وردة الجزائرية والتى رحلت عن عالمنا قبل أيام لكن صوتها سيبقى خالداً مع أروع الكلمات والألحان التى قدمتها عبر مشوارها الفنى الطويل. ولأنها كانت إحدى حبات اللؤلؤ فى عُقد عمالقة الغناء المصرى والعربى، فإن السطور التالية ليست كثيرة على فنانة بحجم وردة الجزائرية. يقول الملحن حلمى بكر هى أسطورة لن تتكرر وعندما علمت بخبر وفاتها كان بالنسبة لى كالصدمة الكبرى فصوتها وأغانيها جميعها كانت كالأساطير الخيالية التى لم تتكرر نهائيا فهى صاحبة صوت وطريقة مختلفة فى الغناء لم يشبهها أحد، رحمها الله، وفاتها صدمة كبيرة لنا جميعا فسنفقد أحد عمالقة الطرب الاصيل. اما الموسيقار هانى مهنى فيقول: مستحيل ان تولد وردة أخرى، فوردة الجزائرية واحدة على مدار التاريخ الغنائى، غناؤها وصوتها كانا مختلفين تماما عما هو موجود وعما قدم من قبل، كنا دائما نتطلع ان نسمع منها اى شىء، فهى عندما تغنى نقف جميعا لنسمع فهى اسطورة الغناء فى مصر والعالم العربى بأكمله، رحلت بجسدها فقط ولكن روحها ستظل بداخلنا حية لم تمت. المنتج والماكيير محمد عشوب قال: وردة كانت من الفنانين الذين أرادوا الكمال فى فنها كانت تأخذ رأى أصدقائها، وكانت تقلق جدا ولا ينتهى هذا القلق حتى لو سمعت آراء المدح من أصدقائها وكانت تقول إن أهم رأى عندى هو رأى الجمهور. وتقول الفنانة منة فضالى: من حسن حظى انى تعاملت مع هذه المطربة الضخمة من خلال آخر مسلسل قدمته وهو مسلسل «أوان الورد»، حتى اننى اذكر جيدا انها كانت تنادنى ب «القطة» طوال فترة التصوير، كانت رائعة وكانت تعلمنا جميعا وجميعنا كان يستفيد من خبرتها، انا حزينة جدا لفراقها، بالفعل فقدنا شيئا عظيم جدا. ويقول الفنان خالد سليم: حتى الآن انا لم اصدق اننى لن أراها مرة أخرى، فكان اشتراكى معها وغنائى معها دويتو فى مسلسل «أوان الورد» بمثابة حلم كبير وصلت إليه وهو ان وردة الجزائرية توافق ان تغنى معى وكانت تشجعنى فهى كانت تفعل مثل دورها فى المسلسل بالضبط كانت مؤمنة بموهبتى الغنائية جدا وكانت تصحح ليبعض الاخطاءوتعلمت منها الكثير، واذكر ان فى آخر مشهد للمسلسل بكت فى الحقيقة وسألتها لماذا فقالت شعرت ان دورى فى المسلسل هو كدورى فى الحياة بالضبط من شدة ارتباطى بالشخصية، وعندما انتهى المشهد التفينا حولها جميعا فهى سيدة رائعة على المستوى الانسانى والفنى. ويقول الملحن وليد سعد وهو يبكى بكاء شديدا: أنا لا استطيع ان اتحدث من حزنى الشديد لفراقها، كانت بالنسبة لى القدوة والمثل الاعلى ولن انسى اننى فى كل مرة التقى فيها معها كانت تشبهنى ببليغ حمدي، وكان هناك مشروع مسلسل كبير سوف تقوم به واتفقت معى اننى سألحن جميع أغانيها فى هذا المسلسل . ولدت وردة الجزائرية واسمها الحقيقى وردة محمد فتوكى فى فرنسا 22 يوليو 1932 لأب جزائرى وأم لبنانية من عائلة بيروتية، لها طفلان هما رياض ووداد. مارست الغناء فى فرنسا وكانت تقدم الأغانى للفنانين المعروفين فى ذلك الوقت مثل أم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ، وعادت مع والدتها إلى لبنان وهناك قدمت مجموعة من الأغانى الخاصة بها. كان يشرف على تعليمها المغنى الراحل التونسى الصادق ثريا فى نادى والدها فى فرنسا، ثم بعد فترة أصبح لها فقرة خاصة فى نادى والدها. كانت تؤدى خلال هذه الفترة أغانى أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ، ثم قدمت أغانى خاصة بها من ألحان الصادق ثريّا. انتقلت لمصر سنة 1960 بدعوة من المنتج والمخرج حلمى رفلة الذى قدمها فى أولى بطولاتها السينمائية «ألمظ وعبده الحامولى» ليصبح فاتحة إقامتها المؤقتة بالقاهرة، وطلب رئيس مصر الأسبق جمال عبد الناصر أن يضاف لها مقطع فى أوبريت «وطنى الأكبر». اعتزلت الغناء سنوات بعد زواجها، حتى طلبها الرئيس الجزائرى هوارى بومدين كى تغنى فى عيد الاستقلال العاشر لبلدها عام 1972، بعدها عادت للغناء فانفصل عنها زوجها جمال قصيرى وكيل وزارة الاقتصاد الجزائرى، فعادت إلى القاهرة، وانطلقت مسيرتها من جديد وتزوجت الموسيقار المصرى الراحل بليغ حمدى لتبدأ معه رحلة غنائية استمرت رغم طلاقها منه سنة 1979. كان ميلادها الفنى الحقيقى فى أغنية (أوقاتى بتحلو) التى أطلقتها فى عام 1979م فى حفل فنى مباشر من ألحان سيد مكاوى، كانت أم كلثوم تنوى تقديم هذه الأغنية فى عام 1975 لكنها ماتت، لتبقى الأغنية سنوات طويلة لدى سيد مكاوى حتى غنتها وردة. تعاونت وردة الجزائرية مع الملحن محمد عبد الوهاب و قدمت مع الملحن صلاح الشرنوبى العمل الشهير (بتونس بيك). خضعت مؤخراً لجراحة لزرع كبد جديد فى المستشفى الأمريكى بباريس. وتوفيت الأسبوع الماضى فى بيتها بالقاهرة إثر أزمة قلبية وتم دفنها فى موطنها الجزائر.