لو كان كل المحللين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين قد اجتمعوا لينبهوا إلى خطورة استخدام الدين فى السياسة، وإلى أهمية تنزيه الدين بعيدا عن السياسة ما كانوا أفلحوا كما أفلح السيد حازم أبو إسماعيل فى توصيل مثل هذا المعنى! الحقيقة أن السيد حازم صلاح أبوإسماعيل قدم نموذجا واضحا لما سيكون عليه حكم الإسلام السياسى، ولشكل الاستبداد حين يختفى وراء اللحية، ولقلب الحقائق والتجرؤ عليها باسم الدين، وهو ما يمكن أن نطلق عليه فتونة سياسية! من الواضح أن السادة أتباع الشيخ أبوإسماعيل لا يعملون عقولهم ولا يريدون لها أن تعمل فهم سائرون وراءه وأمامه أينما ذهب وكيفما أراد، بل يزايدون عليهم! ولقد رأينا منذ إعلانه لنية الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وحتى كتابة هذه السطور مدى التسلط الذى يصل إلى درجة التهور سواء فى شكل الدعاية الانتخابية، أو أثناء ما أثير عن حمل والدته للجنسية الأمريكية، أو استبعاده من سباق الانتخابات، أو رفض تظلمه الذى قدم للجنة العليا للانتخابات الرئاسية! خلال كل هذه المراحل لم نر - مع الأسف - سياسيا محنكا نندم عليه كثيرا أنه لم يتول أمورنا، ولم نر رجلا حكيما يستطيع أن يسوس أتباعه قبل أن يسوس معارضيه، بل حتى إننا لم نر رجلا يتعفف عن ألاعيب السياسة وأساليبها بل هو لا يلتزم بأى قانون أو قواعد تم الاتفاق عليها، ولم يلتزم المساواة مع غيره من المرشحين، وهو بذلك قد ظلمهم ظلما واضحا ولم يحب لأخيه ما يحب لنفسه! فالسيد حازم أبو إسماعيل لم يلتزم بموعد أو حجم الدعاية الانتخابية، حتى قبل أن يقدم أوراق ترشحه، وفى مسألة تجنس والدته بالجنسية الأمريكية وهو يعلم تماما تجنسها، لم يحترم القانون هو وأنصاره بل هددوا المجتمع والقضاء والأمن مستغلين تلك الظروف الصعبة التى نعيشها، وهددوا بكل شىء بدءا من الإشعال والتدمير مرورا بالتظاهر والاعتصام وحصار مجلس الدولة حينا واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية حينا آخر! فهل هذا سلوك يُشرِّف الإسلام والمسلمين؟ وهل تلك هى الصورة الناصعة التى أراد أصحاب اللحى أن يقدموها للإسلام السياسى؟ ألم أقل لكم لقد قدموا خدمة جليلة أزاحوا بها عنا هذا الكابوس الذى أراد أن يحكمنا باسم الإسلام!