من يتصور أن الإخوان حين يصلون لمقاعد الحكم لن يحاربوا الفن، هو بالتأكيد واهم أو يحاول أن يمنع نفسه من تصديق أمور ستتحول إلى واقع خلال شهور قليلة، ولو لم يفعل الإخوان ذلك لاتهمهم أنصارهم بمخالفة الشرع والشريعة..فالمشكلة ليست فى قيادات الإخوان أنفسهم، وبعضهم منفتحون، ولكن فى التعرض مع النصوص الدينية..فالشرع يمنع الاختلاط بين الرجل والمرأة، وليس معقولا أن يقبل حاكم سلفى كان أو إخوانى مشهدا فى السرير بين ممثل وممثلة،ولو كانا رشوان توفيق ورجاء حسين..مجرد الخلوة ممنوعة وليس الرقصات والقبلات والمشاهد الساخنة. ولذلك فمن يتحدثون عن الفارق بين الفن الأصيل والفن الهابط، أو السينما النظيفة والسينما «اللامؤاخذة» غير النظيفة، لن يجدوا ما يقولونه فى ظل حكم «الحرية والعدالة» والأحزاب السلفية، وإلا فهل يعتقدون أن هؤلاء يعتبرون مثلهم فن الباليه الذى يبرز عورات الرجال، ومفاتن الراقصات فنا راقيا، ويستحق المشاهدة فى صالات الأوبرا من قبل جمهور النخبة؟! وهل يقبل الاسلاميون أن تظهر امرأة غير محجبة فى عمل فني، لتحب رجلا أجنبيا وغريبا عنها، وتنظر برومانسية فى عينيه، وهل يقبلون من الأساس أن يركز المصور كاميرا التصوير على جسد الممثلة لينقل صورتها فى المشهد؟! فالمشكلة ليست فى التفاصيل، وليست فى الفن الراقى والهابط، وليست فى ظهور السافرات غير المحجبات على الشاشة أو عدم ظهورهن..المبدأ نفسه مرفوض، والصيغة التوافقية التى وصلت إليها إيران لا تنفع عندنا، لأنهم شيعة ونحن سُنة، وبعض السلفيين يكفرون الشيعة، أو على الأقل لديهم تحفظات كثيرة عليهم، وأبسط دليل على ذلك هو قضية الفيلم الإيرانى الذى يجسد الرسول محمدصلى الله عليه وسلم على الشاشة، وأجازته إيران ويرفضه الأزهر الوسطى المعتدل، فما بالك بمن هم غير ذلك. وأعتقد أن كلام بعض الفنانين عن استعدادهم للهجرة من مصر إلى بيروت أو دبى أو أى مكان آخر، إذا فاز أحد المرشحين الإسلاميين بمنصب الرئاسة، منطقى ومفهوم ومتوقع جدا، وأداء الإسلاميين فى البرلمان، والقضايا التى أثاروها تعزز هذه المخاوف..ليس فقط على الفن أو السياحة ولكن أيضا على الحرية والإبداع.