مازال التليفزيون المصرى ينتهج سياساته الغريبة والمثيرة للتساؤل طوال الوقت وخاصة قنواته المتخصصة، فبعد أن أصبح عاديا فى الفترة الأخيرة ذلك التواجد غير العادى للفنانات المحجبات على شاشات التليفزيون المصرى، وصل الأمر إلى حد احتفاء مبالغ فيه بنجمات الحجاب إلى الدرجة التى يتم فيها تخصيص حلقات كاملة لهن يتحدثن فيها عن ماضيهن الفنى وحاضرهن الدينى ، وغالبا ما ينصب كلامهن على الدين وكأنهن أصبحن المتحدثات باسمه، والدليل على ذلك الحلقة التى أجرتها منى الحسينى مع سهير رمزى بمناسبة عيد ميلادها والتي قالت فيها سهير بشكل مباشر إنها تحرص على تعليم الفتيات أصول الحجاب الشيك، وكذلك حلقة مفيد فوزى مع سهير البابلى التى كانت سببا فى المفاجأة الأكثر استفزازا. هذه المفاجأة - التى هى سبب هذا التحقيق - هى قيام التليفزيون إثر عرض هذه الحلقة بالاتفاق مع سهير البابلى على تقديم برنامج تليفزيونى ضخم مع مفيد فوزى تتحدث فيه عن القضايا الحياتية المختلفة.. هكذا وبين ليلة وضحاها تتحول سهير البابلى الممثلة المعتزلة والمحجبة فجأة إلى مذيعة على شاشة تليفزيون الدولة؟! إذن هذا يعنى أنه لم يعد لدى التليفزيون المصرى مانع من قبول مذيعة محجبة؟! كان من المنطقى أن نندهش من ذلك الموقف الغريب.. تصورنا لوهلة أنه ربما يتم ذلك دون علم قيادات التليفزيون، ولكننا توجهنا إلى تلك القيادات بأسئلتنا لنفاجأ بأنهم ليسوا فقط على علم بما يحدث، بل يباركونه أيضا، بل إن إجاباتهم فى السطور التالية حملت إلينا صدمات أكثر قوة من صدمة تحول سهير البابلى إلى مذيعة تطل على الجمهور المصرى من خلال شاشة التليفزيون الرسمى. «روزاليوسف» علمت أن المبادرة جاءت من خلال المخرج عمر زهران رئيس قناة نايل سينما الذى يبدو كما لو أنه عراب الفنانات المحجبات على الشاشة، ولكن مواقفه لا تبدو غريبة عندما نعلم أن معظم سنوات عمله كانت فى شبكة ال ART التى من الطبيعى أن تقبل ظهور مذيعات محجبات على شاشتها، ولكن عليه أن يعلم أن وضع التليفزيون المصرى مختلف تماما عن الوضع داخل ال ART! هالة حشيش رئيس القطاع أكدت لنا أنها بالفعل قامت بالاتصال ب«سهير البابلى» بعد أن فوجئت برد فعل الجمهور على هذه الحلقة التى لم تكن فقط مجرد حلقة ساخنة وحامية النقاش بين طرفيها، ولكنها كانت أيضا حلقة تؤكد روح الوحدة الوطنية التى يتميز بها الشعب المصرى الواحد متمثلة فى نموذج المسيحى «مفيد فوزى» ونموذج المسلم «سهير البابلى» بحجابها.
حجاب بلا مشاكل سألنا «هالة حشيش» عن فكرة استضافة فنانة محجبة لتقديم برنامج تليفزيونى مع أن التليفزيون من المفترض أنه لا يسمح بظهور مذيعات محجبات على شاشته، إلا أنها أجابتنا قائلة: سهير البابلى نجمة وليست مذيعة، وأضافت: نحن نستفيد من خبراتها ونجوميتها وحب الناس لها، فوجودها مفيد لنا فى كل الأحوال، وهذا ليس له علاقة بالحجاب من عدمه مثلها مثل كثير من النجوم الذين قدموا برامج من قبل مثل نور الشريف، وشريف منير وغادة عادل وعزت أبوعوف وهنا شيحا وديانا كرازون.. وغيرهم، فحجاب سهير البابلى فى برنامجها جزء من شكلها لا تستطيع التخلى عنه لأنها هى الضيفة علينا ونحن الذين نحتاج إليها، فلا يجوز لنا أن نتدخل - من الأصل - معها فى تفاصيل الحجاب! وعن شكل وتفاصيل البرنامج قالت «هالة»: البرنامج سيستعرض كل الأحداث الاجتماعية التى تدور حولنا من مشاكل البنات والعنوسة والكبت ومشاكل الشباب والبطالة ومشاكل لقمة العيش والأخلاقيات والسلوكيات وكل ما يرتبط بالحياة. نتوقف لنتأمل تصريحات هالة حشيش - رئيس قطاع القنوات المتخصصة - التى تتجاوز حقائق مهمة ومخيفة.. فهناك فارق كبير بين أن تستعين القنوات مثلا بعالمة فى شئون الدين وفى هذه الحالة يصبح حجابها جزءا من شكلها ومن المضمون الذى تعلم مفاتيحه جيدا بحكم علمها ودراستها وبين أن يقوم التليفزيون نفسه بتحويل سهير البابلى أو غيرها إلى محللة أخلاقية دينية واجتماعية، وفى تلك الحالة سيتحول حجابها إلى منظومة فكرية تروج لها بين جمهورها من الفتيات والنساء اللاتى حتما سيحرصن على الاقتداء بها والاستماع إلى دفاعها عن الحجاب ومشتملاته، فهل تعى قيادات التليفزيون ذلك جيدا؟! كلام فى الدين هالة واصلت قائلة : لا مانع إطلاقا من أن نخوض فى أمور دينية كما حدث فى حلقة «نجم اليوم»، وعن ميزانية البرنامج أكدت «هالة حشيش» أنها فى البداية كان يهمها الحصول على موافقة الطرفين «سهير البابلى» و«مفيد فوزى»، وقد حصلت على موافقتهما بالفعل، أما عن الميزانية فتقول: نحن نريد أن نقدم برنامجا ضخما، ثريا فى كل عناصره دون أن نبخل عليه ماديا، ولذلك فالميزانية التى يحتاجها البرنامج لن نقف أمامها أو نعرقلها.
موظفة لا.. نجمة نعم توقعنا أن يكون لرئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون موقف مختلف إلا أن المهندس أسامة الشيخ فاجأنا بقوله: إن شاشة التليفزيون المصرى بكل قنواته وقطاعاته هى بيت لكل النجوم دون ميل لأحد أو عزوف عن أحد، وأضاف: عندما وجدنا الفرصة مناسبة للاتفاق مع سهير البابلى بصرف النظر عن أنها محجبة أو غير محجبة، فنحن لا ننظر إلى حجاب سهير البابلى بقدر نظرنا إلى كونها نجمة محبوبة تستطيع جذب المشاهد إليها، بالإضافة إلى وجود محاور كبير بحجم مفيد فوزى بجانبها، وعن موافقة التليفزيون - ممثلا فى قناة «نايل سينما» - على ظهور ممثلة محجبة - كمذيعة - فى الوقت الذى يرفض فيه ظهور مذيعات محجبات رد الشيخ قائلا: قضية المذيعات المحجبات وظهورهن أو عدم ظهورهن على الشاشة قضية لم أكن طرفا فيها، بل جئت بعد ظهورها على السطح، وأنا أرى أن ظهور المذيعة يختلف عن ظهور النجمة المحجبة، لأن المذيعة المحجبة هى موظفة فى التليفزيون، والعقد الذى أبرم بين التليفزيون وبين مذيعاته لم يبرم على أنهن محجبات، بل أبرم على شكلهن الذى دخلن به ماسبيرو، وأى تغيير فى الشكل يعتبر تغييرا فى العقد، ومن هنا قضية المذيعات المحجبات قضية شائكة وطويلة، والبديل - وكثيرات منهن هن اللاتى يطلبن ذلك - أن يحولن اتجاههن إلى قراءة التعليقات فى البرامج أو الاكتفاء بالعمل الإدارى. تصريحات رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون تبدو غريبة بحق، ولا نعلم هل هى صادرة عنه بحكم موقعه أم بحكم السنوات التى أمضاها هو أيضا يعمل داخل شبكة ال ART، حيث يبدو كما لو أنه ليست لديه مشاكل فى ظهور مذيعة محجبة على شاشة التليفزيون المصرى بقنواته الأرضية أو الفضائية، والدليل على ذلك أنه يعتبر قضية ظهورهن على الشاشة موضوعا لم يكن طرفا فيه أثناء حدوثه، أى أنه لو كان موجودا وقتها ربما كان قد اتخذ موقفا آخر مختلفا. القضية بحق مهمة وأخطر ما فيها أن قيادات التليفزيون نفسها تبدو كما لو أنها راضية عما يحدث وموافقة عليه، وكأنهم لا يدرون خطورة دلالاته وأبعاده.. أو خطورة ما سيتم تصديره للمشاهدين عندما تصبح «سهير» وأخواتها مذيعات يتولين قيادة الدفة الإعلامية المصرية..ولكن لا عزاء للتليفزيون المصرى فرئيسته نفسها محجبة!!.