«لا أحد يستطيع تزوير انتخابات الرئاسة والمجلس العسكرى لن يغامر بتاريخه ويتدخل فى العملية الانتخابية»، هكذا بدأ سامح عاشور نقيب المحامين حديثه ل «أكتوبر»، مؤكداً أن النظام المختلط بين الرئاسى والبرلمانى هو الأنسب لمصر فى المرحلة الحالية حتى يتم توزيع السلطات بين مؤسسات الدولة، مشيراً إلى أن الإبقاء على مجلس الشورى فى الدستور الجديد يعد ازدواجاً لا مبرر له، معتبراً أن مجلس الشورى كان يقوم بدور «المحلل» للاتحاد الاشتراكى وهدفه هو تحكم السلطة فى الحياة الحزبية والصحف. وتطرق عاشور لمفهوم الدولة المدنية والمواطنة وكيفية معالجة منظومة التعليم والصحة وكيفية اختيار ومواصفات الرئيس القادم وقضايا أخرى كثيرة فى سياق الحوار التالى: n كيف تقرأ المشهد السياسى الآن فى ظل الصراع الدائر بين معظم القوى السياسية؟ qq من الصعب اليوم قراءة المشهد السياسى ولكن من الممكن استقراء أن هناك إعادة ترتيب أوراق من جميع الأطراف السياسية، حيث يعيدون تقدير مواقفهم وتأهيل أنفسهم والثورة ضخت دماء جديدة للعمل السياسى لم تختبر بعد وأيضا المشهد غير محدد المعالم بدقة فهى لا تحمل انتماء لأحد أو لأى قوى يعاد تصنيفها مع مرور الوقت وأرى أن الساحة سيكون بداخلها ثلاثة فصائل سياسية، الأول محور إسلامى منتم للتيار الإسلامى بكل تشكيلاته، والثانى محور ليبرالى وهناك محور يتجه نحو اليسار وهذه المحاور الثلاثة سوف تكون أساس توزيع القوى السياسية فى الشرق وأعتقد أن هناك قضية سوف تجمع فريقين تجعلهم فى حالة ائتلاف مرحلى وهو ما نسميه تحالف الدولة المدنية الذى يصر على فكرة الدولة المدنية بمعناه الحديث ومن هنا سوف تشكل الخريطة السياسية فى المستقبل بمصر. n هل يمكن توضيح فكرة الدولة المدنية بمعناها الحديث الآن؟ qq الدولة المدنية تعنى أنها دولة مؤسسات بمعنى ألا تكون هناك مؤسسات دينية حاكمة ولا تكون هناك مرجعية دينية تحكمنا بغير الرجوع إلى الأمة أو الشعب الذى هو مصدر السلطات. الدولة الدينية n هناك تخوف من صعود التيار الدينى بأشكاله المختلفة للوصول إلى كرسى الرئيس.. فما تعليقك؟ qq الإسلام لا يعترف بالدولة الدينية ومن حق الناس أن تتخوف ولكن ليس من حق أحد أن يصادر على حق أى تيار فى الصعود حتى لو كان دينيا ومن المفروض ألا يتخوف أحد ما دمنا قد وضعنا قواعد اللعبة الديمقراطية فلا يصح أن نرفض مسبقا نتائج اللعبة لكن فى النهائية لابد أن نضع قواعد تضمن تمثيلا سليما لقوى المجتمع وعندما نسأل كيف تضمن هذا أقول على الفور القائمة النسبية تضمن ذلك فهى التى تحدد تمثيل جميع التيارات بشكل نسبى. n هل لديك أى تخوف من احتمالية دعم السلفيين مرشحاً دينياً أو دعم الجيش مرشحاً له خلفية عسكرية؟ qq لا أتخوف من دعم السلفيين لأى مرشح سواء دينى أو غير ذلك لأن هذا حقهم كمواطنين لكن الخوف كل الخوف من دعم المجلس العسكرى لأى من المرشحين لأن ذلك يعنى أننا نعيد الحال إلى ما كان عليه قبل الثورة وأن ذلك يعنى أن هناك رئيسا مدعوما من السلطة التى تقوم حاليا على شئون البلاد وأعتقد أن المجلس العسكرى لا يميل إلى هذا الاتجاه ومن خلال لقائى بكبار القادة الآن أرى أنه ليس لديهم النية لا فى البقاء ولا فى الحكم ولا فى ممارسة العمل السياسى خلال هذا المرحلة التى يسعون إلى تسليم السلطة لأصحابها وهذه القضية لا تشغل بالنا الآن بينما القضية الأكثر إلحاحا هى قضية الأمن التى أصبحت قضية فى غاية الغرابة لأن الحديث عن أن الأمن الآن مختل هو كلام غير دقيق فالأمن مفقود منذ بداية الثورة فقد كانت هناك مؤامرة أمنية مفادها أن تلتحم الشرطة وتلتحم قوات الحماية من المواقع المختلفة ويخرج البلطجية والخطرين على الأمن والمساجين ويجبرون الجميع على العودة إلى منازلهم، فعودة الشرطة الآن عودة رمزية ما هو إلا إعادة انتشار للقوات بنفس المنطق وبذات الثقافة فلابد من بناء الشرطة من جديد مثلما تم بناء القوات المسلحة بعد هزيمة 1967 فلم يشعر أحد بغضاضة بعد الهزيمة وأن يتم البناء من القاعدة إلى القمة وهذا كان سبب انتصار 1973.. إذا نحن فى حاجة إلى أن نعيد البناء مرة أخرى للشرطة وقواعد البناء معروفة فى العالم فنحن اليوم فى حاجة إلى ضخ دماء جديدة وليس هناك مانع أن يتم استدعاء قيادة الشرطة التى خرجت على المعاش بغير أسباب تمس شرفهم ولا أداءهم وأن يتم إعادة توزيع ضباط الشرطة الموجودين فى الجوازات التى لا تحتاج إلى ضابط شرطة! ولماذا لا نستعين بضباط القوات المسلحة المسرحين بعد منحهم فترة تدريب بسيطة.. نحن فى حالة استثنائية يجب أن يصاحبها بعض الإجراءات الاستثنائية أيضا، بالإضافة إلى تغيير ثقافة جهاز الشرطة بالكامل و أن يكون المبدأ «لا أحد فوق القانون» وأن نكرس احترام المواطن لرجل الشرطة. n ما المطلوب من الإخوان و باقى الجماعات الدينية حاليا؟ qq فى رأيى يجب على الجميع أن يقدم ما لديه من رؤية، فشعار العدالة هو شعار يتفق عليه الجميع لكن حدود تفسير العدالة عندى وعند غيرى يحكمه التفصيل ووجهات النظر فى حلول المشكلات الاجتماعية وعلاقة رأس المال بالدولة وعلاقة الدولة برأس المال والأجور والأسعار، فكل ذلك يجب أن يتم وضع تصورات وحلول لها وإذا عجزنا عن ذلك فعلينا أن ننسحب. n هل تشكل الخلفية السياسية والفكرية للرئيس القادم داعما مهما فى الانتخابات القادمة؟ qq بالقطع أى مرشح للرئاسة يجب أن يكون لديه خلفية سياسية حتى ولو اختلفنا معها، ولكن فى النهاية لابد أن يكون رجل سياسة، فنحن لا نعين رئيس مدرسة نحن نعين رئيس جمهورية فهناك فرق كبير بين رئيس شركة أو مؤسسة أو شيخ عرب وما بين رئيس جمهورية هذا موضوع آخر رئيس الدولة يمثل مقام الدولة ومكانتها وقدرها ووزنها وأيضا يعبر عن سياستها. n ما هى الموصفات الجيدة التى يجب توافرها لرئيس الجمهورية القادم؟ qq لابد أن تتوافر المصداقية لأى مرشح رئاسى قادم، وأن تكون له خبرات سابقة وأن تكون لديه إمكانيات وحلول وأن يكون لديه قبول وألا يكون عليه تحفظات يمكن أن تنال من تاريخه السياسى. n لماذا قررت أن تخوض الانتخابات الرئاسية؟ qq أنا لم أفكر أبدا أن أكون فى موقع رئيس جمهورية قبل يناير 2011 لأننى كنت أرى أن هذا يعد نوعا من الخبل السياسى أو إضفاء نوعا من الشرعية على شىء مزيف لأنه فى النهاية العملية كانت ديكورية مضحكة لأن الناس تعلم جيدا أنه لم تكن هناك إرادة حرة ولا نزاهة فى العملية الانتخابية برمتها. n كيف ترى فرص فوزك فى انتخابات الرئاسة المقبلة وهل تعتبر نفسك مرشحا نخبويا؟ qq لا أنا لست مرشحا نخبويا و المرشح لرئاسة الجمهورية لابد أن يكن لديه قبول وتواصل مع الناس وإذا لم تكن له قواعد شعبية تنادى به وتثق فى قدرته وإمكانيته لن ينجح، لأن فى النهاية الناس لا تختار نجفة، فهم يختارون مسئولا عن شئونهم فلابد أن يشعر بأن لديه ثقة من خلال تواصله أو تواصل من حوله بهذا الشخص تجعله مقبولا لديهم فيسعون إلى تأييده وهذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير من أى مرشح أياً كان قدره فالذى يعتمد على شهرته وظهوره فى البرامج الفضائية وما يكتب عنه فقط أعتقد أنه لن يحقق أى نجاح. n هل تفضل أن يأتى نائب الرئيس بالتعيين أم بالانتخاب؟ qq أفضل أن يرشح الرئيس معه نائبا ويكون بالانتخاب. n أثير كثير من الجدل على بقاء نسبة 50% من الفلاحين والعمال فى الإعلان الدستورى. هل تعتقد أنها ستظل فى الدستور الجديد؟ qq نقبل الاحتكام فى هذه القضية لرأى الأغلبية لأنها ليست قضية تكتيكية مرحلية فعندما طرحها الرئيس جمال عبدالناصر طرحها لضمان تمثيل الطبقات الفقيرة غير القادرة على المواجهة بالبرلمان ونجحت الفكرة خلال فترات كثيرة جدا ولكن بعد ذلك تم الالتفاف حول الفكرة وأصبحت فى غير صالح العمال والفلاحين بل فى صالح اللواءات الذين خرجوا من الخدمة ورجال الأعمال الذين يملكون صنع بطاقة الحيازة الزراعية بخمسة أفدنة ويصبح فلاحا وهذا ليس هو المقصد الحقيقى من النسبة فالمقصد هو أن يمكن العمال والفلاحين ويصبح لهم صوت فى البرلمان فيجب أن نغير المنهج الآن حتى نحقق المقصد. n هل أنتم ممن تنادون بالإبقاء على مجلس الشورى أم إلغائه؟ qq أنا أرى أنه لا جدوى من الإبقاء على مجلس الشورى فهذا يعد ازدواجا ليس له معنى ولكن أى نظام يسأل هل ترغب فى نظام برلمانى بغرفة واحدة أم غرفتين غرفة للنواب وأخرى للشيوخ ولابد أن نضع لكل منهم دورا بينما مجلس الشورى المصرى يقوم بدور المحلل لأنه يعد خلفا للاتحاد الاشتراكى فى تبعية المجلس الأعلى للصحافة له وفى تبعية لجنة الأحزاب له وأيضاً المجالس المتخصصة، فوجوده كان ليبرر استيلاء الدولة على الصحافة القومية واستيلاء الدولة على الحياة الحزبية وهيمنتها على لجنة شئون الأحزاب.. وأنا أميل لاستبعاد مجلس الشورى. n المواطنة.. كيف تراها من وجهة نظرك..؟ qq المواطنة هى المساواة وأن تطبق القانون على الكل. n كيف السبيل لوقف تلك الدعاوى التى تثار باستمرار وتنادى بمطالب فئوية تعطل البناء الحقيقى للدولة التى نتمناها؟ qq من الطبيعى فى أى ثورة أن تحدث فوضى كما أن كل الأطراف لم تكن مهيأة أو مستعدة لهذه الثورة سواء الذين قادوها أو الذين تسلموا الأمر، فمن أدار البلاد وأقصد أعضاء المجلس العسكرى ما حدث ومن أجل ذلك نؤكد أن القلق ليس فى محله ويجب أن نتعامل بغير حساسية وخاصة أن ثورتنا بيضاء بمعنى أننا لم نستخدم المقاصل ولا المشانق ولا القتل بالرصاص واخترنا الطريق السلمى بأن يحاكم المخطئ بالقانون وطبقا لقواعد العدالة العالمية وهذا الطريق له ثمن أوله الفوضى وبعض الفتن والمشكلات، كما نلاحظ أيضا أن هناك من هو صاحب مصلحة فى أن نقارب بين ما يحدث اليوم وما يحدث بالأمس ويريد أن تحدث مقارنة لصالح النظام السابق وأيضا يخشون أن يأتى الدور عليهم وفكرة الفلول هى فكرة حقيقية وليست اختراعا لأنهم أصحاب مصلحة ويرغبون فى خراب مصر ولذلك يجب أن نتنبه إلى ذلك. n فى رأيك هل مصر مؤهلة الآن لنظام برلمانى، خاصة مع ضعف الأحزاب؟ qq أنا لست مع النظام البرلمانى ولا الرئاسى المطلق أنا مع فكرة توزيع السلطة على المؤسسات الثلاث البرلمان والحكومة والرئاسة، فعندما نعيد توزيع السلطات عليها سوف يخف العبء عن المؤسسات الحاكمة. n إذا أصبحت اليوم رئيسا للجمهورية ما هى الخطة العاجلة التى سوف تكون حريصاً على الإسراع بتنفيذها وما هى أهم ملامح البرنامج الذى سوف تطرحه؟ qq هناك مجموعة من القنابل أقصد المشكلات الموجودة فى المجتمع فلابد أولا من تحديد هذه المشكلات وتحويلها إلى طاقات عمل لصالح المجتمع ولن أتحدث هنا عن التفاصيل بينما على سبيل المثال مشاكل الفتنة الطائفية والمياه والعشوائيات وأزمة أطفال الشوارع كما أن التنمية فى مصر تحتاج إلى التوسع الأفقى فنحن نعمل فى شريط ضيق وباقى المساحات خاوية، لذلك هذا الملف فى حاجة إلى مزيد من الاهتمام فلن نصل إلى أى نتيجة دون أن نفتح هذه الملفات الخطرة و نبحث لها عن حل. مشكلات مزمنة n هل لديك حل لإصلاح منظومة التعليم والصحة؟ qq قضية التعليم تعد من المشكلات المزمنة فى مصر ومحاولة حلها على وضعها الحالى يعد نوعا من العبث، فالمنظومة التعليمية لابد من تدميرها ثم إعادة البناء ونحدد الأهداف بوضوح ونكشف عن الهدف من التعليم هل هو لتخريج شباب من حملة البكالوريوس والليسانس ولا يفهمون فى شىء أم الهدف من التعليم هو تخريج شباب يساعدون فى عملية الإنتاج وهذا يتطلب ربط التعليم بالتنمية والنجاح هو المحقق لا محالة.. ثانيا المنظومة الصحية التى تعد من الحدود الدنيا للعدالة الاجتماعية فلابد أن يكون لأى مواطن نصيب من الدولة فى حق العلاج بشكل كريم فلا يجوز أن يترك المواطن فى الشوارع دون علاج لابد من وجود نظام تأمينى شامل يضمن الحق فى العلاج وبشكل إنسانى قد يكلفنا هذا وقتا كثيرا لكن لا بديل عنه فأنا أعلم أن نظام العلاج فى فرنسا يسمح بعلاج كل الناس والطبيب الذى يعالج الأمير هو نفسه الذى يعالج الغفير بينما فى مصر الفقراء لهم المقابر. n هل ترى أن تقدم إحدى قيادات المؤسسة العسكرية السابقين للترشيح للرئاسة سيضعف من فرص باقى المرشحين؟ qq لا فلا أحد يخاف من أحد اليوم ولا أحد يستطيع التزوير الآن فالانتخابات ستكون على الهواء والتزوير سيكون مفضوحا والمجلس العسكرى فى الأصل لا يسعى للوصول إلى السلطة ولن يزور لأحد ويغامر بخسارة تاريخه فهو يسجل فى تاريخ مصر بل فى تاريخ العالم نموذجا كنا نتمنى واحدا على عشرة منه «سوار الذهب» الذى فى السودان شخص واحد أجرى انتخابات ديمقراطية وهو الخالد والباقى والآخرون فى مزبلة التاريخ. n يعتبرك البعض أحد رجال النظام السابق والمنفذ الخفى لبعض توجهاتهم فبماذا تعلق؟ qq من يراجع تاريخى يعلم أننى كنت على عداء دائم مع الحزب الوطنى والإخوان المسلمين بدليل تحالفهم ضدى عام2001 فى انتخابات نقابة المحامين وحجم ما أداه سامح عاشور سواء فى البرلمان أو نقابة المحامين لا أعتقد أن أحدا ممن يفتئت الآن عليه بهذا الشكل يكون أدى ما أديت، أنا كنت ضد حسنى مبارك وهو فى السلطة وانتقد نظام الخصخصة وقت أن كان النظام موجودا ورفضت امتداد حالة الطوارئ والتعديلات الدستورية فى عهد النظام السابق ورفضت بقاء مبارك فى السلطة وقت أن كان موجودا ورفضنا بقاءه وقت الثورة هذه هى مواقفى الثابتة ومن قوم مثلى يكشف لنا الآن عن مواقفه.