تأثرت لبكاء السيدة التى اتصلت بأحد البرامج التليفزيونية التى تستضيف عددًا من السيدات بينهن إحدى المسئولات فى المجلس القومى للمرأة – قالت السيدة عجزت عن حل مشكلتى ولا أعرف ماذا أفعل؟ وروت أنها تعيش فى إحدى قرى محافظة الشرقية، وأن زوجها توفى وترك لها طفلين لا تريد شيئًا فى الحياة سوى تربيتهما، وعائلة زوجها تصر على تزويجها شقيقه المتزوج والأب لخمسة أطفال، وهى محاصرة بالعادات والتقاليد الريفية التى تمنعها من البقاء دون زواج، والتى تفضل أن يتزوج شقيق الزوج أرملة أخيه حتى لا يربى الأطفال رجل غريب، هذا بالطبع سواء كان برغبته أم لا أو برغبة زوجته التى غالبا ما ترفض أم لا، أو برغبة الزوجة المتحكم فى مصيرها والتى تعاف هى أيضا أن تتزوج شقيق زوجها أم لا، لا شىء من كل هذا يهم.. المهم أن تطبق التقاليد والأعراف القاسية.. والمرأة ضحية فى كل الأحوال! أما الأعجب من عادات الريف وتقاليده كان رد السيدة الممثلة للمجلس القومى للمرأة التى راحت تعطى للسيدة محاضرات فى كيفية النضال من أجل حقها فى تقرير مصيرها، وأن عليها أن تقيم دعوى قضائية على من يحاول أن يفرض عليها هذا الأمر، وهنا يتدخل المجلس لمساعدتها! هذا هو بيت القصيد.. فمن الواضح أن المجلس القومى للمرأة ما يزال لا يعرف دوره، بل ربما لم يحدده بعد، أو لم يحدده له أحد! أو يعتقد أنه محصور فى المؤتمرات والندوات، أو حتى على أفضل الأمور محو أمية السيدات، لكن السادة والسيدات القائمين على المجلس سواء فى ثوبه الجديد أو القديم لا يدركون أن المرأة المصرية لديها مشاكل كثيرة وشديدة التعقيد، غالبها ما ترتبط بالتقاليد والأعراف والقيم، وكلها تعمل على قهر المرأة ومحو حريتها وإرادتها، وأنها فى كل الأحوال لا إرادة لها فى شىء! حتى العملية الانتخابية التى يمتطيها الجميع للوصول إلى أصوات تلك المرأة المغلوبة على أمرها، الذى يحرك تلك الأصوات هم رجال يوجهونها ويتحكمون فيها! كل هذا الحصار لن يحل بطريقة تفكير السيدة ممثلة المجلس القومى للمرأة أو غيرها من الأفكار التى تضع العربة أمام الحصان، ولكن الحل هو فى تغيير طريقة التفكير التى تبدأ من عقل الرجل وأفكاره، التى ترى أن المرأة ما هى إلا عورة يجب مواراتها أحيانا، والاستفادة منها أحيانا أخرى!