لأنى راجل غاوى أفلام قديمة من أيام الأبيض والأسود فإننى لا أجد أبلغ من العبارة التى قالها أنور وجدى فى فيلم «أمير الانتقام»: «أخطاء الآباء يتحملها الأبناء يا سيد بدران».. للتعبير عن ظاهرة فوضى الأسماء فى المجتمع المصرى..! فالأب قد يسمى ابنه فى لحظة طيش اسماً يظل يخجل منه طوال حياته.. أو يسبب له سخرية كل من هب ودب من المهد إلى اللحد..! أعرف طبيباً كان يسكن حَيّنا الشعبى القديم اسمه «الدكتور خيشة»، أى والله العظيم خيشة، وقد أسماه أبوه بهذا الاسم، لأنه لم يكن يعيش له أولاد فسمى ابنه خيشة علشان يعيش..! وكان ذلك الطبيب يتعامل مع المرضى وهو فى نص هدومه.. فمريض يسأله: وحياتك يا دكتور خيشة عايزك تشوف لى علاج لحالة الصداع والتنميلة اللى باحس بيها على طول.. وكانوا ينادون الرجل فى الرايحة والجاية يا خيشة يا خيشة والكل يضحك وهو فى نُص هدومه..! وأذكر أن شخصاً سمى ابنه «مترو» تيمناً بافتتاح الخط الأول لمترو الأنفاق فى مصر، وأردنى سمى ابنه «مناحم بيجين» لأنه ولد يوم توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل.. وأنا على يقين من أن هذا الرجل يعيش الآن مأساة حقيقية.. وأكيد بيدعى ساعة المغربية على اللى سماه على اسم «اللى مايتسماش»!! وأعتقد أن العبارة الشهيرة اللى تقول «إن لكل إنسان من اسمه نصيب» عبارة خادعة قالها واحد فايق ورايق فى ساعة من ساعات الحظ.. فهناك أشخاص تعتبر أسماؤهم تزويراً فى أوراق رسمية.. واحدة اسمها «جميلة»؛ وهى هربانة من التجنيد.. و«أشرف» قد يكون حرامى غسيل أرارى، و«نخلة» اسم قد يحمله رجل «قُصير قُزعة» مش باين من الأرض..! والغريب أن فوضى الأسماء سائدة رغم ما حثنا عليه ديننا الحنيف من حُسن تسمية الأبناء بل واعتبر ذلك حقاً أصيلاً من حقوق الأبناء على الآباء.. وفى الغرب والدول المتقدمة يمنعون تسمية أى طفل تسمية غير لائقة.. ففى الولاياتالمتحدة على ما أذكر رفضوا تسمية مولود باسم «لورد»، كما رفضوا فى اليابان تسمية مولود باسم الشيطان..! قد يقول لى البعض: والله حضرتك فايق ورايق بصحيح يعنى انت شايف الطفل عندنا واخد حقه تالت ومتلت ومش ناقص غير اسمه هو اللى بقى المشكلة..؟! أرد فأقول: نعم الاسم مشكلة، لأنه قد يسبب فضيحة لصاحبه.. واسألوا السيد الأستاذ الدكتور «خيشة» المصرى والسيد الأستاذ «مناحم بيجين» الأردنى!!