المستشار بنداري: أشكر وسائل الإعلام على صدق تغطية انتخابات نواب 2025    عماد الدين حسين: إقبال كبير في دوائر المرشحين البارزين    ارتفاع الطلب على السبائك..أسعار الذهب اليوم الخميس 13-11-2025 في بني سويف    وزير المالية السابق: 2026 سيكون عام شعور المواطن باستقرار الأسعار والانخفاض التدريجي    وزير الإسكان: بدء التسجيل عبر منصة "مصر العقارية" لطرح 25 ألف وحدة سكنية    وزير الخارجية الأمريكي: يجب وقف تسليح قوات الدعم السريع ومحاسبتها على الانتهاكات الممنهجة    لافروف: إحاطات سرية دفعت ترامب لإلغاء القمة مع بوتين في بودابست    الإنتاج الحربي يلتقي أسوان في الجولة ال 12 بدوري المحترفين    بتروجت: اتفاق ثلاثي مع الزمالك وحمدان لانتقاله في يناير ولكن.. وحقيقة عرض الأهلي    انطلاق معسكر فيفا لحكام الدوري الممتاز بمشروع الهدف 15 نوفمبر    أمطار تضرب الإسكندرية بالتزامن مع بدء نوة المكنسة (صور)    انفجار ضخم يهز منطقة كاجيتهانة في إسطنبول التركية    قرارات جديدة بشأن مصرع وإصابة 7 في حادث منشأة القناطر    مرور الإسكندرية يواصل حملاته لضبط المخالفات بجميع أنحاء المحافظة    بالصور.. علي العربي يتألق على السجادة الحمراء لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي    خالد النبوي.. فنان يروي الحكاية بصدق الإبداع ودفء الإنسان    الولايات المتحدة تنهي رسميا سك عملة السنت بعد أكثر من قرنين من التداول    طريقة عمل فتة الحمص بالزبادي والثوم، أكلة شامية سهلة وسريعة    أسباب الشعور المستمر بالتعب والإرهاق عند النساء    أسعار السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالأسواق اليوم الخميس 13 نوفمبر 3035    الغرفة التجارية: إيقاف 51 ألف محمول في أكتوبر بسبب تطبيق «الرسوم الجمركية»    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    الفراعنة يرفعون وتيرة التدريبات قبل اللقاء الودي أمام أوزبكستان    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    «مكنش يطلع يستلم الميدالية».. مجدي عبد الغني يهاجم زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر    دوامٌ مسائي لرؤساء القرى بالوادي الجديد لتسريع إنجاز معاملات المواطنين    محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيقضي على مشكلة «تشابه الأسماء»    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    القيادة المركزية الأمريكية تعلن تنفيذ 22 عملية ضد داعش في سوريا خلال شهر واحد    التصريح بدفن جثمان الزوجة المقتولة على يد زوجها فى المنوفية    حادث مرورى بنفق قناة السويس بالإسكندرية وعودة الحركة المرورية    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    ذروة الهجمة الشتوية.. إنذار جوى بشأن حالة الطقس اليوم: الأمطار الرعدية تضرب بقوة    فضائح الفساد في أوكرانيا تثير أزمة سياسية ورفضا للمناصب الوزارية    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    تعرف على ملاعب يورو 2028 بعد إعلان اللجنة المنظمة رسميا    ليلى علوي: مهرجان القاهرة السينمائي يحتل مكانة كبيرة في حياتي    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    أحمد تيمور خليل: ماما مها والدة مى عز الدين معانا بروحها    كيف تحققت كلمات ووصايا والد محمد رمضان بعد رحيله.. اعرف الحكاية    محامي أسرة أم كلثوم: إجراءات قانونية ضد الشركة المخالفة لحقوق كوكب الشرق    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. فنزويلا تعلن التعبئة فى مواجهة التحركات الأمريكية.. سك العملة الأمريكية تنتج آخر دفعة من السنت.. وفضيحة فساد تهز قطاع الطاقة فى أوكرانيا    ترامب يحمل «جين تاتشر» وكيندي استخدم مرتبة صلبة.. عادات نوم غريبة لرؤساء أمريكا    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    شريف عامر: قانون الإجراءات الجنائية الجديد أحد أهم القوانين على مستوى العالم    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما عاد السادات من القدس ليشهد على زواج ابنة صوفى أبو طالب
نشر في أكتوبر يوم 26 - 02 - 2012

فى الجزء الأول حكى لنا د. صوفى أبو طالب كيف أن الرئيس السادات رفض أن يكون مجلس الشورى على الطريقة الفرنسية، وأن إسرائيل أرادت أن يترك السادات السلطة لأنها شعرت بأنه ضحك عليها فى اتفاقية السلام، وأن أمريكا استخدمت عدداً من الإعلاميين والسياسيين لانتقاد السادات بعد اتفاقية السلام، كما أن أزمة سبتمبر 1981قد بدأت بصدور كتاب «تجربتى» للمهندس عثمان أحمد عثمان.
وفى هذا الجزء كشف لنا د. صوفى أبو طالب أسراراً أخرى كثيرة ومهمة، وكيف أنه أيام وجود السادات فى أمريكا وخلال مباحثات كامب ديفيد كانت الاتصالات التليفونية مستمرة بين السادات، ود. صوفى أبوطالب حول ما يجرى فى كامب ديفيد بشأن نصوص الاتفاقية، وكيف أن السادات بعدما عاد من أمريكا أراد تكوين حزب جديد، وتحويل النظام السياسى إلى اشتراكى ديمقراطى.. وأسرار وخبايا، بل وطرائف كثيرة تكشف عنها السطور التالية.عيَّن د. صوفى أبو طالب رئيساً لجامعة القاهرة عام 1975 وكان مسئولاً سياسياً لحزب مصر، عن محافظة الفيوم، وحدثت انتخابات اللجنة المركزية وتقدم للانتخابات ونجح وأصبح عضواً بها، وفجأة وعلى غير انتظار أو تفكير، ودون أن يكون أى شىء أو مقدمات أو شواهد أو ظواهر نهائيا.. فوجئ د. صوفى أبو طالب باتصال تليفونى بمكتبه: الرئيس السادات عايزك.. اليوم الفلانى الساعة الفلانية المكان الفلانى.
وذهب د. صوفى أبو طالب إلى استراحة الرئيس السادات بالقناطر الخيرية، وظل الرئيس السادات يتحدث معه، ويتحدث إليه د. صوفى أبو طالب أكثر من ثلاث ساعات أحاديث عامة وفى أمور السياسة الدولية، والوضع الداخلى ويناقشان كل وجهات النظر وكان السادات يستمع أكثر مما يتحدث.
وكان ذلك أول لقاء فى حياة د. أبو طالب مع الرئيس السادات، وكانت بداية معرفته به واقترابه منه، ثم مضى حوالى شهر، واتصل الرئيس السادات بالدكتور أبو طالب مرة ثانية، وذهب أبو طالب وتحدثا فى الأمور العامة وغير العامة.
وطلبه الرئيس السادات مرة ثالثة، وكان ذاهباً لافتتاح أحد المشروعات الجديدة، مشروع «الصالحية».. وجلسا وتحدثا، وطلب منه السادات تصوراً مكتوباً عن هذا المشروع كفكر جديد عن استصلاح الأراضى، وكيفية عمل الخريجين الجدد من الجامعات وكيف يعملون فى هذه المجالات، وكيفية تعمير الصحراء ونحو ذلك.
وبقى أبو طالب على هذا الحال فترة طويلة مرتين كل شهر يتصل به الرئيس السادات.. يذهب، يتحدثان. وهكذا، حوالى عام كامل، ثم بدأت ملامح تفكير الرئيس السادات بالنسبة له تظهر أو بدأ د. صوفى يشعر ماذا يريد منه الرئيس السادات، حتى فوجئ د. أبو طالب بالرئيس السادات يقول له ذات مرة: حكاية الاتحاد الاشتراكى والحزب الواحد لا تتفق مع الديمقراطية، وأنه يهمنى - الكلام للرئيس السادات - أن السلطة تنتقل من بعدى بطريقة هادئة، ويقارن بين النظام الأمريكى حيث تنتقل السلطة فى ثوان، وبين النظام السوفيتى، حيث تنتقل السلطة بتصفية دموية.
واكتشف د. أبو طالب فيما بعد أنه فى نفس الوقت الذى كلفه الرئيس السادات بذلك، كان قد فعل نفس الموقف والتكليف مع كل من د. بطرس غالى وزير الدولة للشئون الخارجية فى ذلك الوقت، والمجلس الأعلى للجامعات برئاسة د.مصطفى كمال حلمى آنذاك.
السادات كان يريد تفكيرا جديدا وأيديولوجية جديدة، تجمع بين العدالة الاجتماعية، والديمقراطية السياسية الموجودة فى الفكر الغربى، وذلك لتفادى عيوب الرأسمالية والنظام الغربى الحر، والذى يضيَّق الخناق على الطبقات الفقيرة والكادحة، ونتبع النظام الغربى الديمقراطى الذى يطلق العنان للإدارة الفردية فى المجال السياسى دون قيود، تحول بينه وبين العمل السياسى من جانب الدولة، وأن يتم تسجيل تلك الأفكار وتدوينها فى كتاب.
وعكف د. صوفى أبو طالب على الإعداد لهذا الكتاب والذى استغرق منه حوالى عامين، وأعطى الكتاب للرئيس السادات، ونسى هذا الموضوع، وظلت لقاءاته الدورية بالرئيس السادات مستمرة، ولكن تطورت أحاديث السادات معه عن ماذا يفكر د.أبوطالب وماذا يكتب وماذا يتصور لمصر، فقال له أبوطالب: أنا شخصياً من المؤمنين بأن مصر إذا انسلخت عن جلدها الإسلامى.. ضاعت، وإذا انسلخت عن جلدها العربى ضاعت، وإذا تقوقعت وأغلقت عن نفسها وعلى ذكريات الماضى، وتجتر أحداث الماضى تجمدت وتخلفت.
كان ذلك كله قبل زيارة الرئيس السادات للقدس، وأيضاً تواكب مع بدء ندوة أكتوبر الشهيرة، والتى اختير د. أبوطالب رئيسا لها وأدارها، واهتمت بها كل قيادات العالم العسكرية، وكل أكاديميات العالم العسكرية من الشرق والغرب، ووقتها كان المشير عبد الغنى الجمسى وزيرا للدفاع وكان حاضرا لكل جلسات هذه الندوة المتتالية والمتعاقبة.
ولم يتحدث الرئيس السادات نهائيا مع د.صوفى أبو طالب عن زيارته للقدس كل ما كان الرئيس السادات يقوله للدكتور أبوطالب: ما حصلنا عليه بالحرب استعدنا به ثقتنا فى أنفسنا وأثبتنا للعالم أنه أمكننا الحصول على حقنا بالقوة، ولو أتيحت لنا الظروف العسكرية أكثر مما أتيح سواء من حيث السلاح أو من حيث وقوف أمريكا بجانب إسرائيل، لكانت الصورة قد تغيرت تماما، ولكنه - الرئيس السادات - لم يتحدث مع د. صوفى أبوطالب إطلاقاً، ثم اتصل الرئيس السابق حسنى مبارك - الذى كان نائبا للرئيس السادات آنذاك بالدكتور صوفى أبوطالب، وأبلغه بأن الرئيس السادات قرر تعيين د. أبو طالب مستشارا له.
وظلت اللقاءات بين السادات ود.أبوطالب مستمرة وهو رئيس جامعة وهو عضو بمجلس الشعب، وهو رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب.
وقال لنا د. أبو طالب فى ذلك الوقت: جاءت زيارة الرئيس السادات للقدس، على عكس ما كان الجميع يتوقعون ويتصورون، كل ماكنا نعرفه قول الرئيس السادات الشهير فى مجلس الشعب، بأنه مستعد لأن يذهب إلى آخر الدنيا لأجل حق من حقوق شعبه، ولأجل ألا تراق نقطة دم من جنوده وضباطه.
فى ذلك الوقت أيضاً كان يجرى مراسم إتمام زواج كريمة د. صوفى أبوطالب من المستشار محمد زكى مرسى نائب رئيس مجلس الدولة، ووجه د. صوفى الدعوة للرئيس السادات وأسرته، وقبل السادات الدعوة، وفوجئ د. أبوطالب بأن الرئيس السادات سافر إلى القدس.
وأثناء ما كان حفل الزفاف مقامًا ليلاً، فوجئ د. صوفى أبو طالب بمكتب الرئيس السادات يتصل به ويبلغه بأن الرئيس السادات عاد من القدس، وأنه فى الطريق لحضور حفل الزفاف.. وحضر فعلاً.
بعد ذلك سافر الرئيس السادات لتوقيع اتفاقية كامب ديفيد ووقعت الاتفاقية وطرحت على البرلمان، وناقشناها - على حد قول د. صوفى أبو طالب وأنا كنت من المتحمسين لهذه الاتفاقية ومزاياها، وكان الشعب بأكمله مؤيدا للرئيس السادات.
وطوال أيام وجود الرئيس السادات فى أمريكا، وخلال مباحثات كامب ديفيد كانت هناك اتصالات مستمرة ودائمة ليلاً ونهارًا سواء من الرئيس السادات أو من معاونيه فى الوفد المصرى، كانت الاتصالات مستمرة مع د. صوفى حول ما يجرى فى كامب ديفيد عن نصوص الاتفاقية.. وهذه بها (أو).. ولا فيها (و).. ونقاش طويل، وكثيرا ما كان الخط التليفونى يظل مفتوحا بين د. أبو طالب والرئيس السادات 5 أو 6 ساعات!
وعاد الرئيس السادات من كامب ديفيد، ولم تكن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية قد وقعت، ذلك أن اتفاقية كامب ديفيد كانت مدخلا لتوقيع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية.
فى صيف عام 1978، وقبل توقيع اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية اتصل الرئيس السادات بالدكتور صوفى أبوطالب، وسأله: عندك شقة فى اسكندرية؟ فقال له د.صوفى أبوطالب: أيوه، عندى شقة صغيرة فى المعمورة، فقال له السادات: طيب أنا عاوزك بكره.. بكره هذا كان يوم خميس.
حضر د. صوفى أبوطالب إلى الإسكندرية، وكان معه زوج ابنته المستشار محمد زكى موسى، وذهب لمقابلة الرئيس السادات فى المعمورة.
وجلس مع الرئيس السادات.. يحدثه السادات ويتحدث إليه د. صوفى من الساعة العاشرة صباحاً، وحتى ما بعد الساعة الرابعة عصراً.. والسادات يحتسى عصير البرتقال، وعصير زهر البرتقال (المغلى).. ويقول د. صوفى: وأنا ذنبى إيه أبقى كل هذا الوقت أشرب قهوة وشاى، ولكنه ما حدث..
وقال السادات للدكتور صوفى أبوطالب: احنا دلوقت عملنا معاهدة السلام، وكامب ديفيد من قبلها والنهاردة ولا بكره سنوقع معاهدة السلام مع إسرائيل، وأنا عايز أقلب مصر طوبة على طوبة، وما أخليش طوبة على طوبة، وأعمل نظام اشتراكى ديمقراطى، وأغير كل اللى موجود ده من أول وجديد، وعايز أعمل حزب جديد.
فقال له د. صوفى أبوطالب: طيب يا ريس ما هو حزب مصر موجود، وده حزبك ورجالتك..
قال له السادات: لأ.. الصورة هاتختلف بعد السلام.. الشعب المصرى ثقته كبيرة فىَّ، وأنا الوحيد اللى ممكن يقبله الشعب لكى أقود مسيرة السلام سياسياً وحزبياً..
قال له د. صوفى: طيب.. نعمل حزب جديد، وأيديولوجية جديدة.. ماشى.. ولكن الرئيس السادات قال له إنه يريد أن يتولى هو رئاسته هذا الحزب..
فقال له د. صوفى: هناك تحفظ..
قال السادات: إيه؟
قال د. صوفى: تعمل حزب جديد ماشى.. أيديولوجية جديدة ماشى، وفكر جديد ماشى، رجال جدد مقبول، إنما تبقى سيادتك رئيس هذا الحزب، فأنا متحفظ على ذلك..
فقال له السادات: ما هو تحفظك؟
قال د. صوفى: بل تحفظان.. إذا كنت رئيساً للحزب، سوف يعاملك رؤساء الأحزاب الآخرون كرئيس حزب، وسيادتك لك صفتان، رئيس حزب ورئيس جمهورية، والتعامل بهاتين الصفتين يختلف. وإذا ما تعاملوا معك كرئيس حزب لن يكون ذلك بالصورة التى يعاملونك بها كرئيس جمهورية، ولو عاملوك كرئيس جمهورية فكيف ستكون الندية بين رؤساء الأحزاب؟.. الوضع الطبيعى أن يعاملوك معاملة الندية، ويحتد النقاش فى كل شىء، ولن تكون هناك حدود.
التحفظ الثانى أن رئيس الحزب لو أخطأ، ممكن الشعب يطالبك بتغييره ولما تبقى سيادتك أنت رئيس الحزب، الشعب يطالب من بتغييرك؟..
فقال الرئيس السادات للدكتور صوفى أبوطالب: لا.. لا.. انت مش واخد بالك، دلوقت الشعب المصرى بعد المرحلة الجديدة اللى هاتعقب السلام مع إسرائيل عايز شخص يثق فيه، ويستطيع هذا الشخص بتاريخه السياسى أن يقف فى مواجهة أى شخص من السياسيين الموجودين الذين يتطلعون لرئاسة الجمهورية أو لرئاسة الحزب.. وأنا هذا الشخص..
فقال له د. صوفى أبوطالب: طيب ما هناك فى حزب مصر رجالك، مؤمنين بفكرك، ويثق فيهم الشعب المصرى..
قال السادات: مين؟
ورد د. صوفى: كثيرون.
واستعرض الرئيس السادات كل الأسماء بدءاً من ممدوح سالم، رئيس حزب مصر فى ذلك الوقت، وانتهاء بأصغر سياسى فى مصر، واحداً.. واحداً، وعمل تقييماً لكل واحد منهم موضوعياً، ما له وما عليه، بما فى ذلك حياته الخاصة، وكان على دراية كاملة بحياة كل واحد من الزعماء السياسيين وصغار السياسيين، بما فى ذلك حياة كل واحد منهم الخاصة والشخصية، وانتهى من هذا التصور إلى أنه لا أحد من كل هؤلاء يصلح لقيادة مصر فى المرحلة الانتقالية القادمة إلا هو.. الوحيد الذى يصلح لقيادة الحزب الجديد.
وقال د. صوفى أبوطالب: انتهينا إلى أن الرئيس السادات متمسك بوجهة نظره، وأنا تحفظى قائم، وكانت علاقتى به تسمح بأن أتحدث إليه بمنتهى الصراحة. وخرجت من هذا اللقاء الساعة الرابعة عصراً، وصلت منزلى، وقلت أعدوا الحقائب سنعود إلى القاهرة، فقال لى زوج ابنتى: ما الذى حدث؟..
قلت له: حدث اليوم (طلاق) بينى وبين النظام.
وحكيت لمحمد موسى كل التفصيلات التى دارت بينى وبين الرئيس السادات.. وقلت له: أمر من اثنين.. السادات مثله مثل بقية زعماء العالم الثالث، يريد من أحد أن يبرر له تصرفاته، وأما يدبر له هذه التصرفات ويطرحها عليه وأنا لا أصلح (مبرراً).. وقلت للمستشار محمد، إنه يريد أن أبرر له هذا الذى يقوله، ولكننى لا أستطيع أن أكون هذا الشخص..
هيا إلى القاهرة.. فقال لى زوج ابنتى لنسافر فى الصباح حتى نكون استرحنا من عناء السفر.. فوافقت.
فى اليوم التالى، صباح الجمعة وكان تليفون منزل د. صوفى أبوطالب (معطلا).. وحوالى الساعة العاشرة صباحا، فوجئ د.صوفى أبو طالب بأحد يطرق باب منزله، وقال إنه من رجال أمن الرئاسة، وأن الرئيس السادات يريد أن يحضر إليه الدكتور صوفى أبو طالب الآن، وأن الرئيس السادات حاول الاتصال به تليفونيا، ولكن التليفون كان معطلا.. قال د. صوفى: طيب.. وذهب إلى الرئيس السادات.
وقال له الرئيس السادات: لن نتحدث فى كلام ومناقشات وموضوعات أمس، سوف نتحدث فى شىء آخر..
وقال: بما أننا مقبلون على مرحلة بها تغيير كامل للنظام، فإن وجود اللجنة المركزية بالاتحاد الاشتراكى العربى أصبح لا يتناسب مع الوضع الجديد.. فما الطريقة التى يمكن بها (حل) اللجنة المركزية؟..
ودار بينهما نقاش حول هذا الشأن حتى موعد صلاة الجمعة، فاصطحب الرئيس السادات الدكتور صوفى أبوطالب معه فى سيارته إلى مسجد (المرسى أبى العباس) بالإسكندرية، وأديا صلاة الجمعة، وصباح اليوم التالى ظهرت الصحف وعلى صفحاتها الأولى صورة د. صوفى أبوطالب وهو يؤدى صلاة الجمعة بجوار الرئيس، وكان هذا أول ظهور رسمى أو معلن للدكتور صوفى أبوطالب مع الرئيس السادات، وإن كانت الاتصالات والمقابلات والتشاور كثيرة ومستمرة قبل هذا الظهور بكثير..
وعاد الرئيس السادات ومعه د. صوفى أبوطالب إلى استراحة السادات بالمعمورة بعد صلاة الجمعة، واستأنفا حديثهما، وخلاصة ما انتهينا إليه، ضرورة حل اللجنة المركزية، وأن الأسلوب القانونى الصحيح كما اقترح د. صوفى أبوطالب على الرئيس السادات، أن اللجنة المركزية هى التى (تحل) نفسها.
فاتصل الرئيس السادات بممدوح سالم، وكان رئيساً للوزراء، وقال له أنا معايا الدكتور صوفى أبوطالب، واتفقنا على عقد اجتماع للجنة المركزية لكى (تحل) نفسها، لأنها من بقايا النظام الشمولى، ونظام الحزب الواحد، وتتنافى مع الوضع الجديد.. رأيك إيه يا ممدوح؟ وتناقش السادات وممدوح سالم فى ذلك تليفونيا، واقتنع ممدوح سالم، فقال له الرئيس السادات، طيب إعلن هذا الكلام فى نشرات أخبار الإذاعة والتليفزيون فى أول نشرة أخبار أو نشرة أنباء.. وانصرفت من عند الرئيس السادات..
اجتمعنا وطرحنا أنه لا يمكن للنظام أن يستقيم الآن فى وجود اللجنة المركزية، ذلك أنها من بقايا النظام الشمولى، وأن الأحزاب هى التى يجب أن تؤدى هذا الدور، وكان قانون الأحزاب قد صدر بالفعل، وصدر قرار حل اللجنة المركزية وكان لابد من مؤتمرات وندوات لحزب مصر من أقصى مصر إلى أقصاها، لمناقشة كتاب (الاشتراكية الديمقراطية) الذى أعده د. صوفى أبوطالب (هكذا قال أنور السادات لجميع معاونيه ومستشاريه).. على اعتبار أن هذا الكتاب هو أيديولوجية الحزب.
هذا الكلام (عجب) فريق من السياسيين، ولكنه لم يعجب الكثرة منهم، أو الكثرة الساحقة منهم، فكانت الندوات التى شكلت لهذا الغرض، بتوجيهات لأولئك الذين لم يعجبهم ما انتوى عليه الرئيس السادات، وقالوا للقائمين على هذه الندوات، وعلى حضورها (سيبكم) من هذا الكلام، وتناقشوا فى الأمور والقضايا العامة، ولا اشتراكية ديمقراطية ولا غيره. ولكن ندوات أخرى ناقشت فعلاً الاشتراكية الديمقراطية والأيديولوجية الجديدة للنظام، ووقتها راجع الرئيس السادات مع د. صوفى أبوطالب، البحث أو الكتاب الذى أعده د.صوفى أبوطالب، بناء على تكليف الرئيس السادات، وشارك د.صوفى أبوطالب فى مراجعته بعد ذلك وبعلم الرئيس السادات، كل من الكاتب الكبير أنيس منصور، والدكتور عاطف صدقى، والدكتور جلال أبو الدهب، والدكتور كامل ليلة، والدكتور عادل عز، وتم طبعه وصارت عليه بعد ذلك كل المناقشات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.