بعد رحلة طويلة من العطاء، شغل خلالها مناصب عديدة، رحل عن عالمنا الدكتور صوفى أبو طالب رئيس مجلس الشعب المصري الأسبق وأحد كبار فقهاء القانون عن عُمر يناهز 83 عاماً. ورغم تقدم العمر إلا أن الكتور أبو طالب لم يتوقف عن العطاء وإثراء المؤتمرات والندوات وآخرها الملتقى العالمى الثالث لرابطة خريجى الأزهر حول العالم فى كوالالمبور بماليزيا الذي توفي قبل أن تنتهي جلساته في 21 فبراير/ شباط 2008 . ولد الدكتور صوفى أبو طالب فى محافظة الفيوم ، فى 27 يناير/كانون الثاني 1925، وزوجته هى السيدة وفية العطيفى، شقيقة الدكتور جمال العطيفى الذى شغل لفترة منصب وزير الاعلام المصرى، وله أربعة أبناء هم الدكتور حسين "أستاذ دكتور جامعى بكلية طب الزقازيق "، والدكتورأحمد "أستاذ دكتور جامعى بكلية هندسة القاهرة "، وابتسام ونعمت. د.صوفى أستاذ بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وأحد فقهاء القانون المصرى، كان قد شغل منصب رئيس مجلس الشعب سابقاً، بالإضافة إلى رئيس لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية بالمجلس، ثم تولى رئاسة الجمهورية لفترة انتقالية قبيل اختيار الرئيس محمد حسنى مبارك. وكان الدكتور أبو طالب أستاذاً جامعياً مرموقاً، شغل عدة مواقع أكاديمية رفيعة، كما ساهم فى تأسيس جامعة الفيوم "مسقط رأسه"، فضلاً عن تقلده رئاسة جامعة القاهرة بفرعيها الفيوم وبنى سويف، وكان مُرشحاً لنيل جائزة مبارك فى العلوم الاجتماعية لعام 2007. وتخرج أبو طالب فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1946، وحصل منها أيضاً على دبلوم القانون العام عام 1947، وبعد هذه الفترة أوفد فى بعثات دراسية إلى كل من باريس وروما، حصل خلالها على عدة دبلومات، منها دبلوم تاريخ القانون، والقانون الرومانى عام 1949، ودبلوم القانون الخاص عام 1950 من جامعة باريس، وحصل أيضاً على دبلوم قوانين البحر المتوسط من جامعة روما عام 1959. أما بالنسبة لدرجة الدكتوراه فقد حصل عليها أبو طالب من جامعة باريس عام 1952، كما حصل خلال نفس العام على جائزة أفضل رسالة دكتوراة من جامعة باريس، وقد اشتهر أبو طالب بأنه "مُهندس" لما عُرف عن جهوده البارزة فى تقنين الشريعة أو "تطبيق الشريعة الإسلامية"، من خلال تبنيه هذا المشروع إبان رئاسته لمجلس الشعب. مناصب تقلدها أبو طالب: - تدرج الدكتور صوفى أبوطالب فى وظائف هيئة التدريس بكلية الحقوق جامعة القاهرة حتى وصل إلى درجة أستاذ جامعى ودكتور بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ورئيس قسم تاريخ القانون. - عين مُستشاراً لجامعة أسيوط فى الفترة من 1966 إلى 1967. - عين مُستشاراً لجامعة القاهرة خلال الفترة من 1967 إلى 1973. - وفى الفترة من عام 1973 حتى 1975، تم تعيينه نائب رئيس جامعة القاهرة. - وفى الفترة من 1975 إلى 1978 تولى منصب رئيس جامعة القاهرة. - وفى عام 1976 صار الدكتور صوفى أبوطالب عضواً منتخباً بمجلس الشعب عن دائرة "طاميا" بالفيوم ورئيس لجنة التعليم بالمجلس. - شارك صوفى أبو طالب فى إنشاء قسم الدراسات القانونية بكلية الشريعة بالأزهر. - فى عام 1979 تولى رئاسة مجلس الشعب بالإضافة إلى منصب رئيس لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية بالمجلس. - تولى منصب رئيس الجمهورية قبل انتخاب الرئيس محمد حسنى مبارك، وذلك بصفة مؤقتة عقب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات خلال الفترة من6 إلى14 أكتوبر عام1981، طبقاً للدستور المصرى الذى يقر تولى رئيس مجلس الشعب المنصب الرئاسى للجمهورية حال خلو منصب رئيس الجمهورية للوفاة. - مؤسس جامعة الفيوم. مساهمات سياسية وقانونية: لم تكن فقط المناصب الرسمية العديدة التى شغلها الراحل، بل هناك العديد من العضوية التى شارك من خلالها فى المساهمة السياسية والقانونية والاجتماعية .. ومنها : - عضو مجلس إدارة معهد الدراسات الاسلامية. - عضو المجلس القومى للتعليم. - عضو منتخب باللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى عام 1975. - عضو المجلس الأعلى للفنون والآداب. - مُقرر لجنة تاريخ القانون للمجلس الأعلى للفنون والآداب. - عضو مجلس إدارة جمعية الاقتصاد والتشريع. - سكرتير جمعية رعاية الطالب. - نائب رئيس جمعية الشباب المسلمين. - عضو مجمع البحوث الإسلامية. أوسمة وجوائز: حصل الدكتور صوفى أبو طالب على العديد من أوسمة التميز منها : - وشاح النيل من مصر. - وشاح الجمهورية من السودان. - كان مُرشحاً لنيل جائزة مبارك فى العلوم الاجتماعية لعام 2007. أبو طالب سياسياً وبرلمانياً بارعاً : بالرغم من قصرالفترة التى اعتلى فيها الدكتور صوفى أبو طالب منصة مجلس الشعب ليكون رئيساً للبرلمان والرجل الثانى فى الدولة، إلا أنه نجح فى ملء الفراغ القيادى الذى توقعته المُعارضة القوية بالبرلمان، فالبرلمان لم يكن الملعب الأول الذى مارس فيه الدكتور صوفى السياسة، فقد مارس السياسة باقتدار وبأستاذية داخل الجامعة، ولقب ب "المهندس السياسى الأول" الذى حول مبادئ الشريعة الإسلامية إلى مشروعات قوانين. ومما يؤكد كفاءة وجدارة الدكتور أبو طالب على الجانب السياسى بشكل عام وعلى الجانب البرلمانى على وجه الخصوص، أنه لم يمض سوى عامين فقط على عضويته بالبرلمان، رأس خلالهما لجنة التعليم، ورغم كل الصعاب التى كان يواجهها فى إدارة المجلس من ناحية ومواجهة خصومه من ناحية أخرى، فقد عاش أبو طالب فترة طويلة من التحدى، شغل خلالها رئاسة مجلس الشعب، حيث وصفت هذه الفترة بأنها كانت شائكة، ولكن خلال مُمارساته السياسية والبرلمانية أثبت جدارته فى إدارة برلمانية بارعة، معتمداً على ثقته فى نفسه وفيما يفعل وفيما يُبادر من مواقف، مُقدراً فى النهاية المسئولية التى يجب أن يتحملها. فكان التحدى الأول له عندما تقلد منصب رئيس المجلس هو الحفاظ على حيوية البرلمان، خاصة بعد وقائع الرفض والموافقة على اتفاقية السلام التى وقعت مع إسرائيل فى أعقاب حرب أكتوبر المجيدة، والتى أدت إلى حل البرلمان، وأنه تم إعادة انتخاب صوفى لدورة ثانية, مؤكداً صموده أمام ضغوط الحزب الحاكم الذى كان يأمل فى الاستفادة من التغيير لتكون المنصة أكثر إنحيازاً له. وبعد هذه الفترة البرلمانية اعتزل الدكتور صوفى أبو طالب الحياة السياسية قائلا: الآن عُدت إلى عملى الأصلى أستاذاً للقانون فى جامعة القاهرة وفضلت الابتعاد تماماً لأننى أؤمن بأن لكل فترة رجالها- ويكفينى أننى أشعر بأننى قد أديت دورى السياسى بقدر المُستطاع. رحم الله الدكتور صوفى أبو طالب الذى شاء قدره أن تكون كلمته الأخيرة وقبل أن تصعد روحه إلى بارئها أمام المنتدى الإسلامى العالمى لرابطة خريجى الأزهر الشريف فى ماليزيال.. فقد كانت مسك الختام.