هناك “فارق السما من العمى”، كما يقول المثل الشعبى بين دعوة العصيان المدنى والتى أطلقها بعض المأجورين والمندسين على الثورة والثوار وبين الدعوة التى أطلقها فضيلة الشيخ محمد حسان.. الاولى تهدف إلى تخريب الإنتاج وتعطيل مصالح البلاد والعباد، والثانية تدعو إلى الخير والنماء والبناء بقدراتنا الذاتية دون الاعتماد على المعونات الخارجية من صديق أو شقيق..! وإذا كان مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة فإن دعوة الشيخ حسان هى بألف خطوة فى الاتجاه الصحيح؛ الذى يهدف لبناء مصر الحديثة القوية الفتية.. لقد قالها الشعب بقوة ورفض فى استفتاء، لم يدعُ إليه أحد ودون أوراق ولجان انتخابية وإشراف قضائى.. أنه لا يريد تخريب مصر.. لقد قالها الشعب بقوة: لا للمليونيات التى ما أنزل الله بها من سلطان، والتى أساءت للثورة والثوار.. نعم لقد قالها الشعب بقوة: إنه يثق فى قواته المسلحة ويرفض كل دعوات الصدام معها.. لقد رفض الشعب العصيان المدنى مستحضراً أمجاده وحضارة سبعة آلاف سنة، ومستلهماً مواقفه الوطنية على مدى التاريخ، والتى لم تكن أبداً ضد تقسيم وتصنيف أبناء الوطن الواحد.. لقد كشف الشعب بمعدنه الأصيل حقيقة المؤامرة التى لا تستهدف إسقاط النظام لكن إسقاط الدولة، وإسقاط هيبتها، وإهدار قيم المواطنة، وتغييب الأمن والأمان، حتى تتشرذم مصر وتتحول من دولة قوية رائدة وقائدة إلى دولة تابعة لهذه الدولة أو تلك.. صديقة كانت أم شقيقة..! إن الدرس البليغ الذى لقّنه الشعب المصرى العظيم للخونة والمندسين ودعاة التخريب سيذكره التاريخ، وسيظل محفوراً فى ذاكرة الأمة التى تتعرض الآن لأبشع المؤامرات التى تستهدف تركيعها وتجويعها.. ولكل الذين يسخرون من نظرية المؤامرة ومن حكاية وجود "طرف ثالث" فى الداخل والخارج أو "اللهو الخفى" كما يحلو للبعض أن يطلق عليه من باب السخرية، لكل هؤلاء أسألهم سؤالاً بسيطاً جداً: هل تعتقدون أن كل من يتظاهرون أو يعتصمون أو يشعلون النار هنا أو هناك.. ملائكة بأجنحة مثنى وثلاث ورباع.. ليس بينهم مندس ولا عميل ولا خائن..؟! وهل تعتقدون أن ماسورة السرقات التى انفجرت فجأة فى البلد كلها فى وقت واحد وفى مناطق متفرقة.. وكلها عمليات نوعية.. بمعنى أنه فى وقت واحد تتم محاولات للسطو على البنوك ثم على سيارات نقل الأموال.. وفى وقت واحد يتم خطف سياح أو أبناء مشاهير وشخصيات عامة.. هل هذه كلها عمليات تمت عفو الخاطر ودون تخطيط مسبق؟!.. ألا تعتقدون أن مثل هذه السرقات ما كانت لتتم بهذا التخطيط إلا إذا كانت وراءها جهات داخلية وخارجية تسعى لإشاعة الفوضى والإحساس بعدم الأمن والأمان فى المجتمع..؟! إننى أدعو شبابنا الواعى أن يفكر جيداً فيما يحدث من حولنا، وأن يسعى لوأد الفتنة، وإحباط المؤامرات التى لا تريد لمصر أن تقوم لها قائمة.. خاصة بعد أن كشف الجميع عن وجوههم واكتشفنا أن الشقيق يتآمر علينا بنفس القدر الذى يتآمر به الصديق.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. لقد اختلط الحابل بالنابل فى الشارع وأصبح بعض الفلول، والذين نعلم تاريخهم الملوث جيداً.. ثواراً.. ولهم مواقع ثابتة فى ميدان التحرير.. كما احتل الفلول الفضائيات وأصبحوا الأعلى صوتاً فى تهييج الشارع تحت دعوى الثورة.. إن على الثوار الحقيقيين من الشباب المناضل الطاهر.. أن يكشفوا كل صور التدليس السائد فى الشارع الآن، وأن يستفيد الثوار من دروس سنة أولى ثورة.. إننى على يقين من أن مصر ستجتاز هذه المرحلة العصيبة من تاريخها بسواعد أبنائها.. خاصة شبابها وسنصحو ، بإذن الله، على غدٍ أفضل تتحقق فيه كل أمانينا وأهدافنا وفى مقدمتها أهداف الثورة النبيلة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية.