1-وقفة عابرة..!! أعمل إيه..؟! طب أجيب منين بس يارب..؟! وجد نفسه يحدث نفسه - بصوت خفيض لا يسمعه إلا ذاته المنهكة - ويسألها الإجابة، وهو ممسك بيد طفله فجأة.. تسمرت قدما طفله بالأرض.. تنبه الأب.. قال فى ضيق: - ياللا.... - ................... - مالك.. مش عاوز تتحرك ليه..؟! - ................... نظر الأب تجاه نظرات ابنه.. تألم أشد الألم، وتمنى لو باستطاعته أن يحقق لابنه ما يحلم به.. - ياللا بقولك... قالها الأب فى عصبية شديدة.. استيقظ طفله من حلمه الطويل الجميل الذى لم يتعد سوى لحظات.. لحظات قليلة جداً، ثم نظر لأبيه، تقابلت الأعين.. جاهداً حاول الأب أن يهرب من نظرات ابنه المتلاحقة التى أصابته فى مقتل.. قال الابن فى تمن: - بابا نفسى آكل تفاح... نظر الأب إلى التفاح وابتسم ابتسامة ساخرة، ثم نظر إلى ثمنه الذى أغضبه، وجعل العرق ينز من جبهته مالحاً.. حارقاً، ثم قال فى ألم: - ده يا حبيب بابا ما بيكلهوش إلا العيانين.. العيانين بس، وانت والحمد لله سليم.. فى سرعة متناهية انتقلت عين الطفل إلى أصابع الموز الطويلة المتراصة فى شموخ وكبرياء بجوار إخواتها، ثم راح يقول فى لهفة وشوق: - طب عاوز آكل موز... - انت ما تعرفش أن الموز ما بيكلهوش إلا الجماعة التخان.. التخان بس عشان يخسوا.. وانت ما شاء الله تعالى عودك ما يتوصفش.. ياللا.. ياللا يا حبيبى كفاية عطلة.. قالها الأب والدموع فى عينيه مخنوقاً يود الفرار.. - طب عاوز عنب من الأحمر ده.. - يابنى يا حبيبى انت مش شايف مين بيشتريه.. بص كويس للراجل اللى رابط دماغه بالشاش و......... فى ضيق قاطعه الطفل مستفسراً: - يعنى إيه..؟! ده كما للعيانين..! - تمام.. برافو عليك.. العنب الأحمر يا حبيبى مش بيكله إلا اللى دمه اتصفى.. وانت يا حبيب عينى عندك دم والحمد لله.. فهمت.. ساخراً قال الطفل: - وبرده العنب بأمر الدكتور.. - تمام.. تمام يا حبيبى.. - يعنى كل الفواكه دى كلها ما بيكلهاش غير العيانين.. - ايوه.. ياللا.. ياللا يابنى حرام عليك أنا تعبت من الواقفة.. نجح الأب فى أن يحرك قدمى ابنه اللتين التصقتا بالأرض.. والابن السائر دون إرادته مع أبيه مازالت عيناه على أصناف الفواكه الكثيرة والمتعددة، ينظر إليها فى لهفة وشوق وتمن وهو يحدث نفسه مردداً: - يارب أعيه يارب.. وأروح للدكتور.. يارب أعيه يارب.. وأروح للدكتور.. يارب أعيه يارب.. وأروح للدكتور.. 2- إنقاذ..!! فى لحظة من لحظات الضيق، ودومات الغرق الفكرى التى سقطت فيها مرغماً، وجدتنى أمسك بريموت التلفاز، الذى راح يغط فى نوم عميق من ليلة أمس، غاضباً رحت أصوبه فى وجه التلفاز الذى استيقظ فجأة. جذبنى وبشدة فريق الإنقاذ الدولى الذى راح الواحد منهم تلو الآخر يلقى بنفسه وسط أمواج البحر الثائر دون خوف أو فزع، لإنقاذ ذاك الكلب الأبيض صغير الحجم قبل غرقه، رحت أتأمل الأمواج العاتية التى راحت ترفع أفراد فريق الإنقاذ العنيد عالياً الواحد تلو الآخر، الحق يقال إن هذا الفريق لم يرفع راية استسلامه بعد، رغم ما يواجه من صعوبات قد تؤدى إلى موته، مشدوها.. مشدودا بحبال الشوق واللهفة مازلت أتأمل ما يفعله فريق الإنقاذ عبر البرنامج الشهير ذائع الشهرة (نافذة حول العالم).. تصفيق.. تصفير.. تهليل.. حركات إرادية وغير إرادية.. كل هذا وأكثر منه راح يخرج من جموع ذلك الحشد الغفير من الواقفين لوقت طويل.. طويل جداً خارج الشط لحظة خروج الكلب المغطى ببطانية لم أر مثيلا لها من قبل.. خرجت هوهوات الكلب متتالية، وكأنه يقول لهم:(شكراً لكم.. شكراً لكم).. فجأة.. سقط من بين أصابعى الريموت.. فجأة وجدتنى أصدر هوهوات كثيرة.. كثيرة جداً تفوق هوهوات الكلب، لعل أحد يشعر بى، فيسرع لإنقاذى.