مذيعة التليفزيون التى أثارت ضجة كبيرة بسبب اتهامها بالتحريض على الفتنة خلال أحداث ماسبيرو الأخيرة، لم تكن تعبر عن نفسها فقط، ولكنها كانت تعكس تفكير وسلوك أجيال كاملة من الاعلاميين الرسميين ليس فقط فى التليفزيون، ولكن أيضا فى الإذاعة والصحف المسماة بالقومية، ممن تربوا على ثقافة تبنى ما يعتقدون أنه الموقف الرسمى للحاكم والحكومة والدفاع عنه بأقصى درجة من الانفعال والحماس، مهما كانت درجة عدم اقتناعهم به. وتمتد سلسلة هؤلاء من مذيع صوت العرب الشهير أحمد سعيد صاحب البيانات الكاذبة أيام نكسة 67 ، وحتى أنس الفقى مهندس إعلام التلفيق وتشويه صورة الثورة والثوار فى 25 يناير. ولذلك سعدت للغاية بالحملة التى تنادى بإعادة تأهيل العاملين فى التليفزيون الرسمى ، سواء كانوا من المذيعين والمذيعات أو معدى البرامج، أو حتى قيادات المبنى الذين لا يزالون يتعاملون بمنطق التعليمات والأوامر والتوجيه المباشر ومحاولة الظهور وكأنهم ملكيون أكثر من الملك، وهو ما يضر ليس فقط بصورتهم ودرجة مصداقيتهم لدى الناس، ولكن أيضا بصورة من يحاولون أن يتبنوا وجهات نظرهم ومواقفهم بالحق والباطل. ويعطون انطباعا للداخل والخارج أن شيئا فى مصر لم يتغير بعد الثورة، وأن أحمد لم يختلف كثيرا عن «الحاج أحمد». وقد شعرت بالحزن والخجل حين شاهدت الحلقة التى قدمتها قناة تليفزيون «البى بى سى» العربية ثانى أيام أحداث ماسبيرو، وتحاور من خلاها مذيع القناة البريطانية، وهو مصرى أيضا، مع إبراهيم الصياد المسئول عن قطاع الأخبار فى التليفزيون، وواجهه بالتغطية غير المهنية للأحداث ، والمقطع الذى تحرض فيه المذيعة على الأقباط، فلم يعترف بالخطأ، وأصر على أنهم قدموا الحقائق بحيادية، رغم اعتراف وزير الإعلام نفسه بعد ذلك بعدم صحة ذلك. ومثل هذا المسئول وغيره، لا مكان لهم بعد الثورة،لأنهم يسيئون إساءة بالغة لصورة مصر والإعلام المصرى فى الداخل والخارج، ويزيدون الفجوة المتسعة أصلا بين المشاهد وبرامج التليفزيون الحكومى ، وكل من ينتسب إليه ويعمل فيه، رغم وجود كفاءات كثيرة، استبعدت طويلا من الصورة لصالح مجموعة من الموظفين محدودى الموهبة والثقافة ومعدومى الرؤية والوعى السياسي، ممن تعودوا على توجيههم «بالريموت كنترول»، ولا يعرفون كيف يتصرفون وماذا يقولون فى الظروف الطارئة والأحداث الساخنة، ولن ينصلح حال ماسبيرو المبنى والمعنى، إلا بتطبيق قانون الغدر أوالاستبعاد السياسى عليهم هم أيضا.