«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الطلقة البائنة» للإعلام الرسمى من الشعب المصرى
نشر في صباح الخير يوم 18 - 10 - 2011

أحداث ماسبيرو الأخيرة التى أعادت إلى الأذهان مرة أخرى أحداث25 يناير.. نفس التغييب الإعلامى والتضليل الشعبى المتعمد من إعلام الدولة. فالذى رسم صفحة النيل على شاشاته أثناء اشتعال الثورة بالتحرير هو نفسه الذى وصف فى أحداث ماسبيرو مصابى الجيش بالشهداء وضحايا المتظاهرين الأقباط بالقتلى. وكانت هذه التصريحات الأخيرة لأحداث ماسبيرو هى الطلقة البائنة التى أطلقها الشعب على الإعلام المصرى. والتى قالها عالية فى مسيراته إلى ماسبيرو «بالثلاثة طالق طالق.. الإعلام والطوارئ»
بين إصرار وزير الإعلام أسامة هيكل على موقفه كما جاء بأحد البرامج الحوارية وتعبيره عن اندهاشه وأسفه من ترويج مثقفين لهذه الشائعة التى أساءت إليه ووضعته فى موقف كما لو كان يحرض على الفتنة، مشيرا إلى أن هناك مستفيداً من الترويج للشائعة، وقال: إن المذيعة رشا مجدى لم تقل هذا الكلام، وعرضنا الشرائط وقدمناها إلى لجنة محايدة من خارج الاتحاد التى ستقدم تقريرا فى هذا الصدد، وردا على سؤال حول شريط الأخبار الذى اعتبر من سقط من القوات المسلحة شهداء ومن سقط من الأقباط قتلى، قال الوزير هيكل إنه لم يشاهد هذا الشريط وإنه كانت هناك حالة من الارتباك داخل المبنى، ومشاهد خارج نطاق العقل بها أخطاء مهنية.
جاء الاعتراف من داخل ماسبيرو لإعلاميين قد فاض بهم الكيل من سياسة تكميم الأفواه وقد واتتهم الفرصة أخيرا للدفاع عن أنفسهم ولو من خلال مواقعهم الشخصية ففى أحد التصريحات للمذيعة رشا مجدى على أحد المواقع الإلكترونية لتنفى عن نفسها هذه المسئولية التى أدينت بها قائلة أنه وفقا لدورة العمل فى التليفزيون المصرى فإن المذيع هو آخر السلسلة الإخبارية ولا يعلم شيئا عن الأحداث التى تجرى، بل يقوم بنقل الأخبار التى تأتى إليه كما هى دون تدخل. وفى مداخلة مع برنامج العاشرة مساء أوضحت أن شريط الأخبار الذى ظهر مكتوبا عليه خبر يتهم الأقباط بمواجهة القوات المسلحة تم إملاؤه بنفس الصيغة لجميع المحررين بمختلف القنوات المصرية من قبل مسئول فى الجهاز الإعلامى للدولة. وأن ما حدث من أخطاء لا يسأل عنها المذيعون والمحررون، بل من كانوا يتابعون العملية الإعلامية فى ذلك الوقت. وأكدت إيناس الشواف رئيس تحرير راديو النيل على حسابها الشخصى بموقع الفيس بوك قائلة (إن البرامج متظبطة مع مراسليها ويقولوا النية خير لعدم إشعال البلد).
أما المذيعة دينا رسمى المذيعة بقطاع الأخبار هى الأخرى فأعلنت تبرؤها من تغطية التليفزيون المصرى وتحريضه لفتنة طائفية بين المسلمين والأقباط حيث علقت هى الأخرى على حسابها الشخصى بموقع تويتر قائلة: أنا مكسوفة لأنى أعمل فى هذا المكان، كما أنه مشكورا كان ينادى بحرب أهلية، حيث طلب من المواطنين النزول للدفاع عن الجيش ضد الأقباط. أما محمود يوسف المذيع بقطاع الأخبار فأعلن هو الآخر اعتراضه على هذه التغطية الإعلامية للتليفزيون المصرى لأحداث ماسبيرو فكتب: (أنا العبد الفقير إلى الله محمود يوسف وأعمل بالتليفزيون المصرى وأعلن تبرئى مما يذيعه التليفزيون الآن) وتابع بأنه لم يتخذ قراره بعد سواء بالاستمرار فى العمل بالتليفزيون أو تقديم استقالته.
هذا ولم يقتصر الفيس بوك على شهادات بعض إعلاميى ماسبيرو إنما طالب عدد كبير من النشطاء بمقاطعة التليفزيون المصرى ورفع قضية ضده بتهمة التضليل ونشر الأكاذيب. كما يذكر أن منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان ومؤسسة الهلالى للحريات والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، تقدموا ببلاغات ضد وزير الإعلام تتهمه بالإثارة والتضليل والتحريض على الأقباط خلال أحداث ماسبيرو.
كذلك جاءت المسيرات السلمية بالشارع المصرى متتابعة تأكيدا على وحدته مسلمين وأقباطاً مطالبة بتطهير الإعلام المصرى من قياداته المحرضة على الفتنة الطائفية متجهين نحو ماسبيرو وفى إحدى هذه المسيرات التى بدأت من أخبار اليوم انتهاء إلى ماسبيرو تحدثت إلى إحدى الأمهات القبطيات التى كانت تسير حاملة لافتة مكتوب عليها شهيد إعلام الفتنة وأسفلها صورة لشاب فى العشرينيات أخبرتنى أنه ابن أختها وعندما بدأت بسؤالها عما حدث له وجدتها تقول: نحن لا نكره المسلمين ولا نعاديهم، بل بالعكس فمعظم أصدقائنا وجيراننا مسلمون ولكننا نكره الإعلام الذى يسىء دائما إلى صورة المسيحى وكأنه جنس آخر يختلف عن غيره، ولكننا أناس عاديون واختلاف الدين لا ينفى أنى إنسان قبل أى شىء. فقد سئمنا معاملتنا كأننا ضيوف أغراب رغم أننا أهل البلد مثلنا مثل المسلمين وعندما أردنا التعبير عن هذه الحقوق خرج علينا الإعلام مرة أخرى ليضلل الناس بأننا الأقباط بلطجية نقتل أفراداً من الجيش والشرطة وفوجئنا بعدها مباشرة بمن يخرجون علينا من المناطق المجاورة وخاصة من بولاق وهم يحملون السيوف والعصى والشوم والسكاكين ولم نعرف أين نهرب أو نختفى من هؤلاء البلطجية ودارت معركة لا نعرف من القاتل ومن الضحية فكانت أشبه بمجازر بشرية علمت بعدها بوفاة ابن شقيقتى بطعنة سكين أو سيف، لذلك فأنا هنا الآن لأهتف ضد هذا الوزير الذى تسبب كذب وزارته فى قتل وائل ابن شقيقتى.
انتكاسة الإعلام المصرى
وفى تعليق للمفكر القبطى كمال زاخر على هذه الأحداث قال فى أسف إن الأحداث الأخيرة لماسبيرو إعلاميا تكشف المرحلة الأخيرة لهذه المنظومة والتى لا تحتاج لإقالة وزير وإنما لإلغاء الوزارة بجملتها لأنها إحدى الآليات المرتبطة بالنظم الشمولية والتى لا تعترف بالإعلام الحر ولا يأخذ بها سوى الدول الشيوعية. وكنا متوقعين بعد الثورة زيادة مساحة الحرية الإعلامية لكننا فوجئنا بالعكس تماما، حيث العودة إلى سياسة تكميم الأفواه ومصادرة حرية التعبير وهذه انتكاسة حقيقية للإعلام المصرى وكأننا أعدنا بعث نظام مبارك للحياة. وعما قالته المذيعة من تلقيها لمعلومات تتولى بثها فقط فلو كان هناك إعلام جاد واهتمام بالبحث عن الحقيقة لوجدها القائمون على هذه الآلة الإعلامية ونشروها كما هى بدلا من هذه التكهنات والأخطاء الفادحة فى نقل الصورة الواقعية للأحداث وكل هذه مؤشرات خطيرة جدا ليس فقط على الأقباط وإنما على كيان الدولة بصفة عامة. أما عن القول بفرصة الإعلام الأخيرة لتحسين صورته الإعلامية، فلم يفشل فيها لأنه لم يكن يملك أساسا فرصة الاستفادة منها لأن تكوينه وآلياته كلها تتبع سياسة التحجيم والتى تجعله فى الأسر فهو بالتالى عاجز عن استغلال أى فرصة لا سابقة ولا قادمة فهذه الإدارة البيروقراطية ستجعله دوما فاشلا باعتباره إحدى آليات الحكومة.
إعلام العنصرية خذلنا للمرة الأخيرة
ويقول المحامى القبطى ممدوح نخلة مدير منظمة الكلمة لحقوق الإنسان إلى أن تغطية الإعلام المصرى للأحداث جاءت مسيئة للجميع فنحن لم نعتد على أحد والجيش لم يكن فى حاجة لمن يحميه وأضاف قائلا: بكل تأكيد فقد الإعلام شفافيته التى كنا نستبشر بها خيرا بعد الثورة، حيث فوجئنا بعودته إلى سابق عهده. فإعلام العنصرية هذا الذى لم يشر إلى شهداء الأقباط إنما اكتفى بالحديث عن شهداء الجيش بما كتب على الشريط الإخبارى عن مقتل ثلاثة جنود من الجيش وإصابة عشرين آخرين رشقهم متظاهرون أقباط أمام المبنى يجب إن يحاسب المسئول عن كتابته ومن أعطى أوامر بعرضه على شاشات التليفزيون الرسمى فى القناة الأولى والنيل الدولية والنيل للأخبار. لأن مثل هذا الإعلام هو ما سيفسد العلاقة بين جميع فصائل الدولة ومؤسساتها.
وبعد هذه الأحداث خاصة ظهرت صورة الإعلام الرسمى كأسوأ تغطية إعلامية للأحداث ليس فى مصر فقط وإنما على مستوى العالم. كما أشار نخلة إلى أن كل التليفزيونات سواء كانت عامة أو خاصة هى تليفزيونات مصرية، ولكن القنوات المصرية هى قنوات مصرية عامة يشارك فى تمويلها كل مواطن مصرى، ولذلك يحق لكل مصرى أن يرى الحقيقة على شاشة التليفزيون العام. فالإعلام خذل الناس للمرة الأخيرة. وقد تضامنا مع نجيب جبرائيل فى تقديم بلاغات بالإقالة ضد أسامة هيكل وبالفعل بدأنا فى حملة التوقيعات للمطالبة بعزله إضافة إلى تقديم شكوى ضده فى المحافل الدولية لأننا نرفض استمرار سياسة التغييب الإعلامى أكثر من ذلك بعد أن تعدت كل الخطوط.
الإعلام المصرى لا توبة له
بعد أن فوت الفرص جميها ليعيد إلينا الثقة فى كلماته أعتقد أن هذا الإعلام لا توبة له.. هكذا تحدث د.محمود يوسف رئيس قسم علاقات عامة وإعلان بجامعة القاهرة قائلا: إن التغطية الإعلامية لأحداث ماسبيرو هى سقطة جديدة لأداء الإعلام المصرى فقد كانت تغطية مخزية وغير مهنية على الإطلاق وما حدث هو استكمال لفشل الآلة الإعلامية أيام الرئيس السابق فى تغطية أحداث يناير واستمرار للتغييب الإعلامى والتحريض على تمزيق نسيج الوطن حتى الآن.
فالإعلام يمر بنكسة خطيرة وإذا كنا نتحدث عن ثورة مضادة فقد أكد لنا الإعلام أنه يلعب دورا فيها فالإعلام حرض على فتنة كالفتنة التى أثارها فى 25 يناير. حيث إن أداءه لم يتغير كثيرا بعد الثورة من استخدام لنفس الأساليب والكلمات والمفردات عن المحرضين والمندسين والبلطجية ولغة الإدانة والاستنكار التى أصبحت هى التعليق المناسب باللهجة الإعلامية لكل ما هو مرفوض. إلا أنه أصبح من غير المقبول السماح بهذا الاستهزاء بعقلية المشاهد بكلمات عن البلطجية والفلول وتزيين أعمال الحكومة والتقليل من أى فكر مغاير. خاصة أن هناك قنوات أخرى أكثر موضوعية فى نقلها للأحداث. أما عن عودة الثقة بالإعلام المصرى الذى تعود على طمس الحقائق فمفقود فيها الأمل بعد العديد من الفرص التى أهدروها رافضين توبة حقيقية ربما كانت تعيد إليهم ثقة الشارع يوما ما.
اكتشفت أن جميعهم طالبو سلطة لا إصلاح
أكدت الكاتبة فريدة الشوباشى أنها كانت مخدوعة فى نزاهة هذه الصناعة الإعلامية وخاصة بعد أحداث ماسبيرو الأخيرة لذلك تقدمت باستقالتها من مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى قائلة: أرفض أن أكون ديكورا فى هذا المشهد المستفز وقد قدمت استقالتى كرد فعل طبيعى لهذه الأحداث المشينة التى بثها التليفزيون المصرى والذى بسببه كنا على مشارف حرب أهلية وربما كان إحساس المذيعة التى برأت نفسها بأن ما قالته ليست المسئولة عنه فإن هذا لا ينفى أنها أخطأت خطأ فادحا عندما خرجت على الشاشة وتقول بكل حماسة «انقذوا الجيش». فكيف تقول مثل هذا الكلام وتحرج هذه المؤسسة العسكرية بهذه الكلمات الهوجاء لأن الجيش هو من يحمينا وليس فى حاجة ليخرج إليه الشعب محملا بالأسلحة البيضاء والشوم والعصى لكى يحميه. أما عن تصريحات الوزير والتى جاءت هى الأخرى تنفى أى تحريض قام به التليفزيون المصرى فالوقائع والتسجيلات تثبت عكس ما يدعيه وهو أن التليفزيون المصرى بالفعل حرض على حرب أهلية. وعموما فلم يعد ينفع نفى ولا يصلح اعتذار والحل فى إلغاء هذه الوزارة لأنه ليس هناك أمل فى التليفزيون باستمرار هذه الإدارة الفاشلة والأفضل أن يكون مؤسسة مثل ال BBC أى أن يكون تابعاً للدولة وليس الحكومة. وللأسف فقد كنت مخطئة حينما اعتقدت أن بإمكانى المساهمة فى إصلاح هذا الكيان الإعلامى من تطوير المادة الإعلامية وصناعة إعلام محترم يجتذب الجمهور إليه مرة أخرى لكننى اكتشفت أن كل ذلك كان مجرد لغو (وفض مجالس). فجميعهم ليسوا من صانعى الإصلاح إنما من طالبى السلطة.
نريد مصداقية الإعلام وليس حياديته
تقول الكاتبة الصحفية فريدة النقاش: رغم أننى كنت غاضبة جدا من تغطية التليفزيون المصرى لأحداث ماسبيرو، حيث ظهر فيها التحريض والتضليل لا مثيل له واستمر لفترة طويلة يعرض على الشاشات. إلا أن المشكلة الأكبر هى مشكلة الإعلام نفسه الذى لم يتغير بعد ثورة25 يناير وإن كان هناك بعض التغيير فهو لم يتعد شكل الوجوه القيادية الذى يدفعنا نحو الأسوأ. أما العقلية فظلت كما هى والإدارة كذلك لم تتغير ومازالت هناك المخاوف التى تتعلق بأحد التصريحات أو إعلان عن حقيقة. فأنا أرى فى هذه الصورة الإعلامية أن الذى سقط هو رأس النظام لكن جسمه مازال قائما فخرج أنس الفقى وجاء أسامة هيكل. وظل التليفزيون المصرى كما هو بكل تحيزات بعض العاملين فيه وبكل الروح الأوامرية التى كانت سائدة، حيث دائما الجميع فى انتظار الأوامر دون أن يبتكروا بعد أن اعتادوا على هذا التسخير منذ وقت طويل.. أما عن تصريحات الوزير المتضاربة التى أعلن فى بعضها أنها أخطاء المذيعة ثم أعلن أن الإعلام كان حياديا فى تغطيته للأحداث وأيا كان المبرر فحتى أخطاء المذيعين هى الأخرى نتيجة للتراكم الطويل للبنية القديمة المتهالكة لهذه المنظومة الإعلامية من سيادة سياسة الأوامر والتخويف والواسطة والنفاق والتى لعبت الأدوار الرئيسية فى هذا العمل الإعلامى.
وللأسف كل هذه الظواهر الإعلامية السيئة مازالت قائمة فربما أزاحت عنها الثورة الغطاء لكنها مازالت قائمة. ولكى يتغير الإعلام لابد من روح جديدة تتوافق مع الثورة.
فمن يتكلم عن التغيير الذى حدث فى وسائل الإعلام الحكومية فهو طفيف جدا ولا يرتقى لمستوى الثورة. وهناك حاجة ملحة إلى ثقافة جديدة تقوم على المصداقية وليس الحياد فأنا لا أريد إعلاما حياديا وإنما موضوعيا.
وحول تقديم البعض لبلاغات ضد وزير الإعلام أسامة هيكل للمطالبة بإقالته قالت النقاش: إننى لا أحبذ الوصول إلى هذه الوسائل إلا بعد استنفاد الحلول فعلينا أن نبدأ بالنقاش للوقوف على الأسباب الحقيقية لهذا التضليل وإذا لم ينجح الحوار أو لم تكن هناك استجابة فتقديم البلاغات يصبح الحل للتحقيق فى هذه الفوضى.
الإعلام لم يراع المهنية ولا الوطنية
أكدت د.منى الحديدى رئيس الأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام أن الإعلام المصرى الآن لم يعد لديه أية خيارات سوى التطوير السريع بدلا من هذا البطء غير المبرر ولاسيما بعد الثورة حتى يكون على الأقل على مستوى الثورة من حيث رسم السياسات والتخطيط أو مستوى التنفيذ.
فجميعنا قد آلمنا التوصيف والتحليل الإعلامى فى أحداث ماسبيرو الذى بدا ليقسم المصريين إلى مسلمين وأقباط ويبث لنا أحداثا متقطعة فى محاولة لإقناعنا بأن ما نراه على شاشته هو صورة حقيقية واقعية للأحداث وكأن عقولنا غير مؤهلة للاحترام لكى يلتزم الصدق والحقيقة فيما ينقله. لذلك فأن التطوير الآن أصبح حتميا أكثرمن السابق لأن عقول الناس أصبحت قادرة تماما على التمييز بين الصادق والزائف وأصبح من غير الجائز التلاعب بعقول المشاهدين كما حدث فى أحداث ماسبيرو التى لم تكن بالمهنية أو الوطنية، حيث مراعاة مصلحة الوطن خاصة فى مثل هذه اللحظات الحاسمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.