هل ما تم فيما سمى بأحداث ماسبيرو المفزعة والمروعة هو الثغرة الجديدة التى افتعلتها واخترعتها الأفاعى وأولادهم الذين صاروا يسعون فى الارض خرابا لوقف تدفق احتفالاتنا بنصر اكتوبر هذا العام فى دورته الثامنة والثلاثين، تماما كما اخترعوا وفتحوا ثغرة وقتها. بعد أيام من تحطيم الاسطورة الإسرائيلية وخط بارليف، لتنغص وتنتقص من عنفوان إعجاز نصر أكتوبر المبهر بكل المقاييس العسكرية والقتالية والبشرية.. لقد بدأت احتفالات هذا العام بإحساس وشعور جماعى وفردى مختلف ومخالف عما سبقه لأكثر من ثلاثة عقود مضت، حيث اختفت لأول مرة أكاذيب ملفقة واطلت حقائق أخرى مؤكدة، طمست وجوه شائعة أكذوبة، وأنيرت وجوه البطولة الحقيقية لأحياء وشهداء ظلت مخفية بفعل فاعل ظالم وجهول.. وكانت بشائر الاحتفالات توحى بمزيد من تفاصيل البطولات والشخصيات والحقائق والوقائع التى ستتوالى ويكشف عنها النقاب، وإذا بثغرة خسيسة مدبرة تنفجر فى وجوهنا فجأة عند ماسبيرو، ظنا أنها يمكن أن تشتت فرحتنا بهذا الشهر الذى سيبقى من بين كل شهور العام هو شهر الانتصار الناصع.. هل تذكرون كيف بدأت احتفالاتنا بهذا الشهر، مواد جديدة وبطولات حقيقية وبشر من لحم ودم ومعاناة تدفقت فى الصحف والمجلات وعلى شاشات الفضائيات وتألق فيها يسرى فودة وبلال فضل وآخرون.. هل تصورتم كيف كانت ستسير الأمور، وأى أفق كانت ستصله، لو لم تحدث هذه الثغرة بأحداثها الملغزة.. خاصة وأن الحقائق التى راحت تتكشف ويزاح عنها ستائر الظلم وغبار الوحشية والقسوة، كانت توجه الدفة سريعا إلى مناطق حرص الفرعون المخلوع على إخفائها ودفنها تحت أكاذيبه التى أمم فيها نصر أكتوبر لنفسه فى الوقت الذى قام بخصخصة كل المرافق والخدمات العامة.. وهذا يذكرنى بتحقيق صحفى قمنا به فى ذكرى نصر أكتوبر عام 1984 عن الذين صنعوا مجد أكتوبر بعنوان «أين هم الآن؟» بعد عشر سنوات من الانتصار، وقد كان هذا التحقيق وقتها تغريدا منفردا خارج السرب وظل حتى الآن يتيما وحيدا دون أن يستكمل أو يستنسخ حتى قامت الثورة.. وأذكر أن الكاتب الكبير أنيس منصور رئيس تحرير المجلة وقتها- عافاه الله ومتعه بالصحة - قرر إصدار عدد خاص عن نصر أكتوبر، وما أن سلمته له بعد أن نفذته بين عدة محافظات، حتى صاح فى وجهى إيه اللى أنت عاملاه دا، هذا شغل معارضة، لن أنشره، وأعاده اللى بكثير من الحنق والغضب، وبعدها بعدة أيام كان قد تم نشر هذا التحقيق على صفحة كاملة فى جريدة الأهالى بترحيب شديد من الصحفى الكبير صلاح عيسى.. وقد تحدث فى هذا التحقيق بمرارة طافحة عن النسيان والإهمال والجحود الرسمى والمجتمعى أبطال من عينة عبد العاطى آكل الدبابات وصائدها، وقائد المقاومة الشعبية الشيخ حافظ سلامة والكابتن غزالى وعبد المنعم قناوى أحد أسود حرب الاستنزاف وأكتوبر ومحمد الخولى الذى أبلى بلاء رائعا فيها أيضا.. وقد كانوا جميعا يعانون وقتها أشد المعاناة من الحصول على ابسط حقوقهم الحياتية المشروعة، ولم ينالوا من حظوظ الانتصارات والاحتفالات والمهرجانات إلا شهادة استثمار قيمتها 10 جنيهات أو نوط الامتياز من المشير أحمد بدوى ليس لها اى مردود مادى، أو نجمة سيناء ووسام الشجاعة من الدرجة الثانية بمكافأة عشرين جنيها.. ومؤكد سنجتاز هذه الثغرة أيضا وسنحتفل ونفرح بأكتوبر وأبطاله الحقيقيين قريبا إن شاء الله بطرق عادلة.