لست أدرى كيف يبتعد الإنسان كثيرا عن نبض جماهير وطنه، وينعزل عنهم، فيمكنه أن يشاهد دماءهم تسيل وشبابهم يقتل، وأطفالهم يبادون، والأسر ترحل عن الوطن لتلجأ إلى الجار، والباقون مقموعون مقهورون، ثم بعد كل ذلك لا يستحى أن يؤيد النظام الذى نكل بأبناء وطنه وسحقهم بدم بارد! يكون ذلك مستغربا من أى إنسان له مشاعر وطنية وإنسانية، فما بال الفنان الذى من المفترض أن مشاعره وحواسه أكثر رهافة وحساسية، وشعوره بنبض الجماهير أسبق إليه من غيره! أقول ذلك بعد الحوار الردىء الذى أدلت به الفنانة رغدة للكاتب الصحفى إبراهيم عيسى من خلال برنامج الديكتاتور، والذى أعتقد أنه أساء إليها إساءة بالغة – من وجهة نظرى! حيث راحت الفنانة السورية تدافع دفاعا غريبا عن الرئيس بشار الأسد، مطالبة بإعطائه فرصة لعمل الإصلاحات والتغيير، مدعية أنه قد بدأ بالفعل طريق التغيير، وأن المظاهرات التى تخرج فى سوريا إنما هى فى حماة فقط، وهى لا تعبر عن الشعب السورى، وراحت تعلق فشل النظام على المحيطين به بينما هى تبرئ بشار من كل خطأ وجرم ارتكبه فى حق شعبه، الذى أصبح مثلا فيما يجرى له من سحق! بل هى جنحت لأبعد من ذلك، فأيدت بقاء القذافى مدعية أنها ضد أن يدخل حلف الناتو، ولم تقل لنا ما هى الوسيلة الأخرى للتخلص من رؤساء جثموا عقودا على صدور شعوبهم، نهبوها وسرقوها واستحلوا دماء أبنائها! لم يكن هذا الموقف غريبا على السيدة رغدة، فقد سبق لها التغزل فى صدام حسين والإشادة به، بل لقد ذهبت إليه مؤيدة ومؤازرة، فى الوقت الذى كان يذيق شعبه الأهوال، ويستخدم الأسلحة المحرّمة دوليا ضد العراقيين فى السليمانية، وكان خلافها مع الفنان محمد صبحى حين أخذ الاثنان يلقيان التهم بعضهما على بعض فيمن حصل على كوبونات البترول العراقى الشهيرة! السيدة رغدة حرة فى موقفها الوطنى أو السياسى، لكن ليس من حقها قلب الحقائق، حتى أنها اعتبرت أن حافظ الأسد هو من منح سوريا مكانتها ووضعها على الطريق، فهذا الكلام الردىء، يضاف إلى باقى كلامها الأكثر رداءة، فحافظ الأسد أيها السيدة ترك بلدك محتلا مقيد الأغلال، لا حرية فيه ولا نسمة هواء يتنفسها السوريون! كنت أتوقع أن تحاول تلك الفنانة أن تجّمل صورتها التى تشوهت بلقائها بصدام حسين، لكن فيما يبدو أن لها حسابات أخرى هى أدرى بها، لكن يا ويلها حين يحاسبها شعبها بعد أن يفوز بحريته!