هل مازالت الفرصة مواتية أمام النظام السورى لإحباط مخطط التدخل الخارجى ومنع دخول قوات الناتو إلى سوريا بعد إبادتها للشعب الليبى تحت مبرر حماية المدنيين؟ وهل يعد خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بمثابة تحذير من انجراف سوريا إلى أعماق الفوضى والضياع كما أشار؟ وهل هذا التحذير العربى والدولى يعقبه تصعيد بالتدخل إذا استمر الوضع على ما هو عليه؟ وهل انشغلت كل دولة عربية بهمومها لينفرط عقد العرب وأمتهم إلى الهاوية؟ يبدو أن شهية التدخل الخارجى قد انفتحت بعد تجاوز قوات حلف الناتو كل الحدود فى ليبيا وبعد أن كان الهدف حماية المدنيين.. انتقلت إلى إبادتهم، وبصرف النظر عمن يحكم لأن الأهم الشعب العربى الذى تحولت أرضه إلى محرقة للأخضر واليابس، وهل يعقل أن تتعرض دولة عربية لضربات وهجوم 40 دولة تحت مبرر دعم الثوار فى مدينة بنغازى؟! هذا المشهد يدفع ثمنه شعب ليبيا من دمائه وثرواته. وما يحدث فى سوريا من تدمير وقتل وتساقط أعداد كبيرة من الشهداء قد يدعو للتدخل الخارجى أيضاً وسيجد الغرب المبرر والدافع لتدخل قوات الناتو الجاهزة والتى ترصد كل شىء على أرض سوريا الآن، كل هذه المخاطر دفعت الجامعة العربية لتوخى الحذر فى بياناتها ومواقفها كما دفعت أيضاً العاهل السعودى الملك عبد الله بن عبد العزيز للتحذير فى خطاب عاجل له لوضع القيادة السورية أمام مسئولياتها، حيث وضع خيارين لا ثالث لهما، إما الحكمة والإصلاح الشامل والفورى ووقف القتال والعنف، وإما الانجراف إلى أعماق الفوضى والضياع. كما أصدر مجلس التعاون الخليجى بيانا حذر خلاله أيضاً من الاستخدام المفرط للقوة والمطالبة بالوقف الفورى لإراقة الدماء، وأعقب ذلك سحب دول الخليج سفراءها من سوريا للتشاور، واحتجاجا على أعمال العنف، وأكد الجميع حرصهم على أمن واستقرار ووحدة سوريا. وبدورها دعت الجامعة العربية للوقف الفورى لكل أنواع العنف وحذرت مما يحدث فى ربوع سوريا من مخاطر الانزلاق نحو سيناريوهات الفتنة الطائفية والفوضى، وتدمير المصالح العليا للشعب السورى. وفى نفس الوقت أكد الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربى رفض التدخلات الأجنبية فى الشئون الداخلية للدول العربية وفقا لميثاق الجامعة والحرص على سلامة وأمن دولها واستقرارها السياسى، وقال العربى: إن الفرصة مازالت سانحة لإنجاز الاصلاحات التى أعلن عنها الرئيس بشار الأسد استجابة لطموح الشعب السورى ومطالبه المشروعة فى الحرية والتغيير، وإنجاز الاصلاحات السياسية وبدوره أعرب وزير الخارجية محمد عمرو كامل عن قلق مصر الشديد إزاء التدهور الخطير للأوضاع فى سوريا وحذر من نقطة اللاعودة وأكد على ضرورة التحرك السريع لإنقاذ الموقف. وبدوره بدأ البيت الأبيض يسرب إشارات توحى بتصعيد الموقف أبرزها أن الرئيس الأسد يضع سوريا والمنطقة فى مسار خطير، جاء ذلك بعد تسريب معلومات من موسكو تكشف عن تخطيط الناتو لعملية عسكرية ضد سوريا.. تبدأ بضرب محطات الاستطلاع الجوى وبطاريات الصواريخ ومقرات قيادية، وتفيد المعلومات أن دبلوماسى روسى كشف عن هذه الخطة التى تبحث حاليا عن مصادر للتمويل للإطاحة بالنظام السورى.. ويدور الحديث عن أن خطة التدخل العسكرى فى سوريا شبيهة إلى حد التطابق بالخطة التى نفذت فى يوغسلافيا السابقة وأدت إلى اعتقال الرئيس «سلوبودان ميلوسوفيتش» وأركان نظامه أى تنفيذ قصف جوى مركز على مدى بضعة أسابيع. ورغم الدعوات العربية والعالمية لوقف الحملة العسكرية التى يشنها النظام السورى ضد المتظاهرين إلا أن سوريا كثفت عملياتها ضد من أسمتهم بالجماعات الإرهابية. ومن الملاحظ أن التحذيرات الراهنة للنظام السورى تأخذ فى الاعتبار أيضاً تدخل حزب الله وإيران فى المعادلة.. والتخوف من الانتقال إلى حرب مفتوحة تؤجج الصراعات فى المنطقة إلى أجل غير مسمى.