بداية نحن هنا لسنا بهدف الترويج لأحد الكتب التى تم إصدارها مؤخراً لكن بصدد عرض رؤية قد تلقى موافقة البعض وقد يرفضها البعض الآخر فى حين يبقى طرف ثالث على الحياد يتحفظ على تلك الرؤية حتى تتم مناقشتها بموضوعية لينحاز لأحد الجانبين عن دراية واقتناع. ولكن نعرض لهذه الرؤية أو هذا التصور باختصار شديد تاركين لك الحكم عزيزى القارئ فلابد أولاً أن نتعرف على مؤلف هذا الكتاب وصاحب هذه الرؤية والتى أطلق عليها «خارطة الأمل» وهو منصور عامر رجل الأعمال المعروف وصاحب مجموعة عامر الذى له باع كبير فى مجال الاستثمار السياحى والعقارى. وما دفعه لطرح هذه الرؤية هو ارتفاع سقف طموحات الشعب المصرى بعد ثورة 25 يناير من أجل حياة أفضل ولكن كان العائق أمام تحقيق هذه الطموحات أن الدولة محملة بأعباء كثيرة فكان لابد من البحث عن وسيلة لتحقيق هذه الطموحات وهو ما شجعه على طرح رؤيته حول التنمية. ويرى عامر أن المشكلة الأساسية فى مصر سببها أننا نعيش على مساحة 6% فقط من إجمالى مساحة مصر مما خلق نوعا من التصارع والمضاربة على أسعار الأراضى فضلا عن مساحة الأراضى الزراعية المحدودة، فالخريطة الحالية لمصر فرضت على صعيد مصر أن يعيش فرص تنمية محدودة فى الزراعة والصناعة بينما هناك أنشطة أخرى مغلقة مثل المعادن والمحاجر والسياحة، كما يرى أيضاً أن تصدره هذا لخارطة الأمل قائم على إعادة انتشار المصريين على أرضهم الواسعة بجانب استخدام الموارد المتاحة بالشكل الأمثل وأن تكون التنمية بقرارات وليست باستثمارات من جانب الحكومة وهو يهدف من وراء هذا المشروع إلى تحقيق العدالة فى التوزيع وإحداث معدلات نمو وتنمية غير مسبوقة. وقد وضع فى هذا الكتاب رؤيته لمصر خلال السنوات القادمة والتى تنقسم إلى قسمين رئيسيين، القسم الأول هو تحقيق العدالة فى التوزيع بين أبناء الأمة والذهاب بالتنمية إلى كل أبناء مصر، وذلك من خلال طريقين جديدين متوازيين لتصل التنمية إلى كل أبناء مصر ولتفتح لهم فى ذات الوقت آفاقا جديدة للتنمية لم تكن متاحة من قبل، الأول هو خريطة جديدة نغير بها الحدود الجغرافية للمحافظات بما يؤدى إلى توزيع أكثر عدالة للثروات الطبيعية وفرص التنمية، والثانى أن نطرق أبواب التنمية لباقى ربوع مصر التى لم تستفد من الحل الأول. ويرى منصور عامر من خلال رؤيته هذه التى أطلق عليها «خارطة الأمل» أننا لو نظرنا إلى الخريطة الحالية لمحافظات مصر فسنجد أن هناك خللا كبيرًا فى توزيع الثروات الطبيعية بين المحافظات، فمحافظات مثل البحر الأحمر وجنوب سيناء استأثرتا بالمدن السياحية وبطول شواطئ مبالغ فيه يصل إلى 2100 كم فى الوقت الذى حرمت محافظات الصعيد من أن يكون لها واجهة على البحر الأحمر رغم قربها الشديد منه (حوالى 100 كم) أيضاً فإن عبء التنمية فى شواطئ البحر الأحمر قد ألقى على محافظة أو اثنتين بينما هناك محافظات تعداد سكانها كبير ولديها القدرة على الاضطلاع بدور رئيسى فى تنمية سواحل البحر الأحمر ومضاعفة القدرة على التنمية فى هذا المجال الحيوى، كذلك فإن الخريطة الجديدة لمحافظات مصر تفتح لهذه المحافظات آفاقا أخرى مثل التعدين والمحاجر والسياحة والصيد ولا تجعل مشاريع التنمية فيها مقصورة على النشاط الزراعى، هذا فضلا عن أن هناك محافظات ذات مساحة كبيرة ومترامية الأطراف مثل مطروح مما يصعب على إدارة واحدة النهوض بها لقلة الإمكانات والاتساع الكبير، فى الوقت الذى حرمت محافظات أخرى من وجود ظهير صحراوى تتوسع من خلاله. والطريق الثانى الذى يراه عامر سبيلا لتحقيق هذا المشروع هو طرق أبواب التنمية لباقى ربوع مصر والذى يرتكز على الثروة البشرية التى يمكن أن تحقق ميزة تنافسية للصناعة المصرية، وذلك بإضافة متوسط 10 أفدنة إلى الحيز العمرانى لكل قرية تخصص كمنطقة صناعية إنتاجية من أجل إقامة 4500 منطقة صناعية فى 4500 قرية مصرية من شأنها جذب رءوس الأموال من أجل إقامة صناعات مختلفة ومشروعات إنتاجية للاستفادة من هذه الطاقة البشرية بما يؤهل مصر لأن تتبوأ مكانها الطبيعى بين دول العالم كدولة متخصصة فى الصناعات كثيفة العمالة على غرار دول مثل الصين والهند وكوريا مستفيدة بموقعها الأكثر تميزا وسط العالم. أما القسم الثانى من «خارطة الأمل» كما يراه منصور عامر فهو تحقيق معدلات نمو غير مسبوقة من خلال استخدام ما سخره لنا الله من مناخ وأرض ونهر وشواطئ ممدودة وكذلك ما تم توقيعه من اتفاقيات تجارية عديدة مثل الكوميسا والكويز واتفاقية التجارة العربية، وذلك لإقامة مشروعات يتصور أن العالم سيتحدث عنها فى مؤتمراته الاستثمارية وبيوته المالية ومنها تحويل 8 ملايين فدان تروى بالغمر إلى أنظمة رى حديثة واستزراع 8 ملايين فدان جديدة وإنتاج نباتات الزينة والمشاتل بغرض التصدير وإنشاء المزارع السمكية استنادا إلى امتلاك مصر 11 ألف كم شواطئ مما يؤهلها لتكون أكبر دولة فى هذا المجال، كما أن هناك مشروعا لتطهير الساحل الشمالى من الألغام وزراعة أرضه البالغ مساحتها 620 ألف فدان، وفى مجال السياحى هناك مشروعات لمضاعفة الطاقة الفندقية بنسبة 100% فى 10 سنوات والوصول بحجم السياحة إلى 30 مليون سائح فى ال 10 سنوات القادمة. كذلك إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة فى العالم بشرم الشيخ باعتبارها أكبر مدينة مؤتمرات ومعارض ويتوازى مع ذلك إقامة 8 مطارات دولية جديدة و3 موانئ وخط مترو سريع يربط شرق القاهرةالجديدة بوسطها الحالى هذا جزء وليس كلاً من بعض المشروعات التى يتم طرحها بالاكتتاب والتى لا تحتاج من وجهة نظر منصور عامر إلا إلى مجموعة من القرارات الفورية والجريئة لإحداث الأثر فى إحساس المواطن بالعدل والمساواة وإحداث تنمية اقتصادية بمعدلات غير مسبوقة. ويرى عامر أنه بناء على ما سبق فإن مصر ستكون قبلة العالم الاستثمارية فى الفترة القادمة وأن دول العالم ستكون بحاجة إلى بناء علاقات جديدة مع الشعب المصرى وليس مع حاكمه فقط كما كان الوضع وعليه ستكون المنح والبرامج الانمائية كثيرة لمشاركة الشعب المصرى بناء بلده الحديث. وفى النهاية عزيزى القارئ نحن نترك لك تقييم هذه الرؤية التى يقول عنها صاحبها إنها مجرد رؤية تحتمل الصواب والخطأ وأمله أن يدلى علماؤنا وخبراؤنا بدلوهم ليضيفوا إليها من علمهم حتى تكون مصر بإذن الله منارة للتنمية وقبلة للاستثمار ووطنا نفتخر به ونتباهى به أمام العالم.