بدأت الأحزاب المصرية بعد ثورة 25 يناير عهداً جديداً من الحرية والعمل السياسى انطلاقاً من أرضية الديمقراطية التى أرستها الثورة، وتفرض حالة الحراك السياسى بالشارع المصرى عدداً من السيناريوهات المحتملة لطريقة أداء هذه الاحزاب خلال المرحلة الراهنة من بينها أسلوب التحالفات،إذ عقد اخيراً تحالف كبير بين 13 حزباً ابرزها الوفد والتجمع و الحرية والعدالة المنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين بينما بادر حزب الجبهة الديمقراطية إلى التحالف مع حزب مصرنا تحت التأسيس ومع حزب الإصلاح والتنمية لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بقاعدة موحدة تضم ليبراليين ويساريين وقوميين وإسلاميين إلا أن أبرز المفاجآت كانت فى صفعة شباب الإخوان للجماعة ومخالفة قرار المرشد العام ومكتب الإرشاد بالمشاركة مع شباب مستقلين ويساريين وليبراليين بتأسيس حزب جديد باسم التيار المصرى. «أكتوبر» استطلعت آراء ومواقف عدد من القيادات الحزبية حول وجهات نظرهم فى هذه التحالفات وتأثيراتها على الوضع السياسى. أكد سيد عبد العال الأمين العام لحزب التجمع أن المكتب السياسى للحزب سيناقش الإجراءات التى سيتخذها الحزب لتصعيد معركة «الدستور أولا» والموقف من التحالف الانتخابى الذى دعا إليه حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين، وشدد عبد العال على أن التجمع لن يقبل مشاركة حزب النور السلفى فى التحالف الانتخابى، وقال مشاركتنا فى أى تحالف مرتبطة بموقف جميع أطراف هذا التحالف من الدولة المدنية والتجمع لن يقبل المشاركة فى تحالف انتخابى أحد أطرافه حزب سلفى، لأننا نتحالف فقط مع القوى التى تتفق مع مبادئ الثورة ولا نتحالف مع القوى غير الديمقراطية لافتا إلى أن البيان الذى أصدره حزب الوفد حول الاجتماع الأول لم يتضمن اسم حزب النور. من ناحيته أكد عبد الغفار شكر، القيادى بحزب التحالف الشعبى تحت التأسيس أن الحزب قرر عدم المشاركة فى أى تحالف انتخابى يهدف إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال الفترة الحالية، مشيرا إلى أن جميع التحالفات المطروحة حاليا لا تلبى طموحات الحزب. وفى الوقت نفسه كشف شكر أن الجمعية الوطنية للتغيير قررت مقاطعة اجتماعات التحالف الانتخابى نظرا لأن مبادرة حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين تجاهلت جهود الجمعية وقال: «كنا نتمنى أن تصدر المبادرة باسم جميع القوى السياسية، ولكننا فوجئنا بأن المبادرة صدرت باسم الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد، والدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين. وفى الوقت نفسه أصدر حزب المصريين الأحرار بيانا اكد فيه متابعته -بمزيج من الدهشة والتساؤل- لدعوة حزبى الحرية والعدالة والوفد للتآلف والتحالف فى الانتخابات البرلمانية القادمة، وأضاف:نحن إذ نتساءل عن استباق حزب الوفد للأحزاب الليبرالية والجلوس منفردا مع الإخوان المسلمين فإننا ننظر إلى هذه الدعوة من خلال مصلحة الوطن التى تدفعنا أن نعلى حق الناخب المصرى فى الاختيار من متعدد، ويربأ حزب المصريين الأحرار بنفسه أن يشارك فى تحويل أول انتخابات نزيهة مرتقبة من اختيار حر مباشر إلى انتخاب من الدرجة الثانية نفرض فيه نحن الأحزاب وصيتنا على الناخب ونختار قائمة موحدة ونقدمها معلبة. وأضاف البيان: كما أن حزب المصريين الأحرار ايضا لديه العديد من التساؤلات حول توجه تيار الإسلام السياسى، ونيته تجاه ثوابت الدولة المصرية التى انطلقت من دستور 1923 وأرست مبدأ الدولة، وتلتها دساتير مختلفة آخرها دستور 1971 والذى كان آخر تعديلاته فى اتجاه تدعيم تعبير المواطنة وتدشينه دستوريا باعتباره داعماً أصيلاً لمدنية الدولة ويتوافق مع مبادئ حقوق الإنسان الدولية،ونحن هنا لا نقف ضد التحالف والتآلف. ولكننا نبحث عنه على أرضية مشتركة من الفكر والمبادئ والتوجيهات، لذا فإننا نعلن أن هذا التحالف يحتاج إلى الكثير من الترتيبات والمضامين حتى لا يضاف إلى كم التحالفات المحبطة السابقة والتى ينظر إليها المواطن المصرى بعين الشك والريبة، ونحن نعلن أننا مع أى تحالف يقوم على مبادئ الدولة المدنية والمواطنة. وأكد فؤاد بدراوى، سكرتير عام حزب الوفد، أن التحالف يسعى لضم جميع القوى السياسية من أجل مصلحة الوطن أولا، مشيرا إلى أن الخلاف الذى نشب مؤخرا بين الوفد وحزب الجبهة قد انتهى وكان مجرد خلاف فى وجهات النظر. وقال الدكتور محمد مرسى - وكيل مؤسسى حزب الحرية والعدالة: إن الإخوان ليس لديهم أدنى رغبة فى الحصول على أغلبية برلمانية أو فى تشكيل الحكومة القادمة بشكل منفرد مشددا على أن اجتماعهم أكبر دليل على ذلك، وحتى يكون هناك تمثيل حقيقى للأغلبية بما يتضمن تجانس البرلمان القادم. وأضاف الدكتور أيمن مؤسس حزب الغد ان حزبه فى السابق دعا لفكرة الدستور أولا وذلك اتساقا مع تسلسل الأحداث، وهذا لا يوجد فيه تعارض أو تناقض مع الاستفتاء، إلا ان اجتماع القوى السياسية واتفاقهم على المبادئ الحاكمة للدستور الجديد سينهى هذه الاشكالية، مما يعنى موافقته على التحالفات. وأشار الدكتور السيد البدوى رئيس حزب الوفد إلى أنهم لم يتطرقوا إلى شكل نظام الحكم سواء كان برلمانيا او رئاسيا، وكذلك لم تطرح فكرة الرئيس التوافقى لأن ذلك سابق لأوانه. وقال عبد المنعم إمام وكيل مؤسسى حزب العدل: « علقنا مشاركتنا فى التحالف لوجود أحزاب كانت جزءا من النظام البائد، فى إشارة إلى حزب الجيل ومصر العربى الاشتراكى، لكن لن نقبل بوجودها فى تحالف يفترض أنه يعبر عن ميدان التحرير وثورة 25 يناير، ولن ينتهى هذا التجميد إلا بعد إبعاد تلك الأحزاب». فيما أكد سامح عاشور رئيس الحزب الناصرى أنه لم يتخذ قرارا بشأن التحالف وان القرار مازال موضع دراسة داخل الحزب وعن وجهة نظره يرى أنه من المتوقع أن يحقق هذا التحالف مصلحة عامة لمصر وربما ينجح فى خلق قوى سياسية لديها القدرة على دفع الحياة السياسية المصرية نحو الأفضل كما ستوقف سيطرة أو هيمنة أى قوى سياسية حيث يهدف التحالف إلى تقسيم نسبة كل حزب داخل البرلمان عن طريق التنسيق بين قوى التحالف حسب قدرة كل حزب على حدة كما أن الاختلاف الفكرى بين قوى التحالف أمر منطقى مؤكدا أن كل حزب له برنامجه الخاص به ورؤيته السياسية مما يخلق جوا ديمقراطياً حيث إن تباين وجهات النظر المختلفة يؤدى إلى اختيار أنسب وأفضل الرؤى السياسية والتى تصب فى النهاية لمصلحة المواطن المصرى. وعلى الجانب الآخر يرى الكاتب الصحفى عبد الحليم قنديل والمنسق العام لحركة كفاية أن هذا التحالف هو مناورة سياسية من جانب جماعة الإخوان المسلمين من أجل تحقيق أهداف سياسية تخدم الجماعة حيث إن الغرض من ذلك هو دفع القوى السياسية إلى السيناريو المفضل لدى الجماعة وهو إجراء الانتخابات قبل الدستور، وكذلك استمرار مسلسل إضعاف كيان الدولة مما يسهل للجماعة السيطرة على مقاليد الحكم فى البلاد وإن كنت أرى من حق أى قوة سياسية أو حزب أن تتحالف وذلك من حيث المبدأ بشكل أو بآخر فإن كنا بصدد تحالف الغرض منه تكوين حكومة ائتلاف موحدة ولكن فى النهاية سوف تكون هناك قوى سياسية هى المسيطرة والمهيمنة على تلك الحكومة ألا وهى جماعة الإخوان المسلمين والتى هى أكثر تنظيما ولديها القدرات المادية وكذلك العناصر التى تضمن لها النجاح وإن كنت أتوقع أن يكتب لهذا التحالف النجاح حيث بدأ بانقسام داخل حزب الوفد ورفض بعض أعضائه الانضمام مؤكدين أن مصلحة الحزب فى ان يظل قويا سياسيا ومنفردا دون مشاركة أى أحزاب اخرى وكذلك قد بدأت الاختلافات والصراعات داخل باقى الأحزاب ولا نستطيع أن ننسى انه فى حال غياب قوى سياسية لمواجهة هذا التحالف الذى من المفترض أن يواجه نفسه فإن هناك قوى سياسية أخرى يصطدم بها هذا التحالف ألا وهى إرادة الشعب الذى أصبح لديه وعى سياسى وأصبح لديه القدرة على الاختيار الأفضل والأنسب من ممثلى تلك الأحزاب والقوى السياسية مؤكدا أنه لابديل عن صياغة الدستور الجديد أولا حيث أنه لابد من وضع قواعد اللعبة ثم بعد ذلك تبدأ المباراة وأن صياغة الدستور تضمن الانزلاق فى منعطف الفوضى السياسية وسوف يغلق الباب أمام جماعة الإخوان المسلمين فى تحقيق أهدافها المريضة ويتضمن مصلحة هذا البلد. وفى ذات السياق يرى مصطفى موسى رئيس حزب الغد ان هذا التحالف من الناحية المنطقية ليس له اساس سياسى فلا يعقل أن هذا العدد الكبير والضخم من الأحزاب والقوى السياسية ذات الأفكار المختلفة فكيف يتحالف الفكر الليبرالى مع جماعة الإخوان المسلمين؟ إذ يجب أن يكون التحالف بين قوى سياسية متقاربة ومعتدلة الفكر، كما أن جماعة الإخوان المسلمين تستخدم هذا التحالف من أجل نشر أفكارهم وتحقيق أهداف خاصة وكذلك تفكيك أى قوة سياسية جديدة فى مهدها حتى تصبح هى المسيطرة على الحياة السياسية فى مصر ويرى موسى أن سيناريو الجماعة هو أن تخوض الانتخابات من خلال مستقلين عن طريق حزب العدالة والحرية ولكنهم فى النهاية يمثلون الجماعة نفسها وبذلك تحقق الجماعة أكبر عدد من المقاعد داخل البرلمان وهذا هو الهدف غير المعلن من الجماعة الذى تسعى إلى تحقيقه من خلال هذا التحالف.