أعرب المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن الأمل فى أن تكون مصر فى الغد دولة ديمقراطية وعصرية سليمة، مؤكداً أن مصر مؤهلة لدخول عصر النهضة وأن تتبوأ المكان اللائق بها وتواجه الحقيقة بالديمقراطية الكاملة. وجدد المجلس - فى لقاء موسع لأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات الصحف القومية ووكالة أنباء الشرق الأوسط - الثقة فى المستقبل بعد إنجاز المهمة وتسليم القيادة إلى سلطة مدنية، مؤكدا أنه لن يتولى قيادة مصر «خومينى آخر». وأعرب المجلس عن الأمل فى ألا تضطر القوات المسلحة إلى النزول إلى الشارع بعد تسليم السلطة وقيام الدولة الديمقراطية السليمة والانتخابات البرلمانية واختيار الرئيس الجديد. وأكد المجلس أن القوات المسلحة لا يمكن لها أن تخون، أو تناور سواء قبل 25 يناير أو بعدها، وهى تعمل كل ما هو فى صالح الشعب، محذرا من قيام بعض الجهات والأقلام بمحاولة هز صورة القوات المسلحة، مؤكدا أننا جميعا مصريون وفى خندق واحد. وحضر اللقاء الموسع الذى استمر لأكثر من ثلاث ساعات اللواء محمد العصار مساعد وزير الدفاع واللواء دكتور محمد مختار الملا مساعد وزير الدفاع، واللواء إسماعيل عتمان مدير إدارة الشئون المعنوية. وجدد المجلس الأعلى العسكرى موقفه الداعم للمطالب المشروعة للشعب المصرى العظيم، وصولاً إلى بناء دولة عصرية تقوم على أسس من الحرية والديمقراطية بهدف الوصول لبر الأمان من خلال طرق وآليات معروفة للجميع يتم الالتقاء عندها. وأكد المجلس أن القوات المسلحة المصرية طبقا للدستور هى ملك للشعب، مهما كانت الظروف، وانحيازها الكامل دائما للشعب، وهو ما تجلى منذ يوم 28 يناير الماضى مع نزولها الشارع من دون أن تتعرض بإطلاق النار على مواطن مصري. وأكد المجلس على ضرورة الانطلاق للأمام من خلال دراسة السلبيات والتخطيط للمستقبل، مع إجراء الانتخابات البرلمانية فى شهر سبتمبر المقبل. وأكد أعضاء المجلس الأعلى العسكرى على ايمان المجلس بحرية الرأى والنشر والديمقراطية دون إملاء من قريب أو بعيد فى ذلك، فالجميع يسير فى مركب واحد يتم من خلاله التدارس فى كيفية سير المركب وسط الأمواج العاتية. مشيرين إلى أن مصر فى مرحلة تحول. وقال عضو المجلس الأعلى العسكرى اللواء محمد العصار فى اللقاء إن للقوات المسلحة أدواراً كثيرة وعديدة لم يتم الاعلان عنها، موضحا ان القوات المسلحة هى من أوقف بيع بنك القاهرة ،وهو ما ينطبق على موقفها من بيع الأراضى «غير المسئول» لشركات قطاع الأعمال العام، بالإضافة الى دورها فى البناء والتنمية فى كافة ربوع مصر. وقال اللواء محمد العصار إن القوات المسلحة لم تسع إلى تسلم السلطة حالياً، ولم تسع اليها، موضحاً أن تحديد موعد الانتخابات البرلمانية فى سبتمبر المقبل، تم بعد دراسة طويلة بهدف إعطاء فرصة أكبر للأحزاب الجديدة، بجانب مراعاة أشياء أخرى قد تبدو غير مهمة مثل توقيتات الامتحانات وشهر رمضان، ولذلك تقرر أن تكون عقب عيد الفطر المبارك. وأضاف أنه تقرر أيضا أن تتم الانتخابات على مراحل، بحسب نسب عدد سكان المحافظات وعدد القضاة المشرفين على العملية الانتخابية. وأوضح أنه سيتم تكليف المجلس البرلمانى الجديد فى أول اجتماع له بتأسيس جمعية تتولى الإعداد لدستور جديد للبلاد، وتحدد موعداً للانتخابات الرئاسية، على أن ينتهى كل شىء مع نهاية السنة. وردا على تساؤل حول موعد الانتخابات الرئاسية، قال إن الإسراع بالانتخابات الرئاسية ليس فى مصلحة البلاد، فإعطاء الوقت، يعطى الفرصة لظهور عدد أكبر من المرشحين على منصب الرئيس من شأنه مساعدة المواطنين على اختيار الأفضل. وجدد اللواء محمد العصار تأكيده على أن هدف المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو نقل مصر لدولة عصرية على أسس سليمة، مؤكداً أن الدولة بمؤسساتها ورئيسها وبرلمانها المنتخب هى القادرة على بناء الدولة العصرية. ومن جانبه قال اللواء محمد مختار الملا إننا ننظر للمستقبل بنظرة متفائلة بعيداً عن التشاؤم والحزن، ونسير بخطوات جادة بداية من الإعلان الدستورى وما صاحبه من مناقشات وحوارات بين أعضاء اللجنة بهدف الوصول إلى أقصى درجة من تحقيق متطلبات الشارع ومصلحة الوطن. وأوضح أنه تم التأكيد فى الإعلان الدستورى على حق الملكية، الأمر الذى سيمنح رجال الأعمال الاستقرار بالبلاد، وسينعكس هذا الاستقرار على زيادة الاستثمارات. وقال إن الدستور المصرى يعد من أعظم الدساتير فى العالم، وأن مواده الأربع الأولى تعطى أكبر قدر من الحريات، مشيراً إلى أن تغيير نسبة 50% من العمال والفلاحين تستلزم حواراً وطنياً ومناقشات جادة مع كافة القوى الوطنية، موضحاً أن نسبة 50% من العمال والفلاحين من الإعلان الدستورى، موجودة منذ 1964 ثم دستور 71 والذى تم تعديله عام 80، ثم عامى 2005 و2007، وتغييره يستوجب اجراء حوار كبير. وأكد اللواء مختار على العبء الذى تتحمله القوات المسلحة، وما تقوم به خاصة فى الوقت الراهن، مشيراً على سبيل المثال إلى أن القوات المسلحة تقوم بتأمين نقل الأموال من البنك المركزى إلى البنوك وتأمين الطرق والكبارى والمنشآت المهمة والحيوية. ومن جانبه، أكد اللواء إسماعيل عتمان عضو المجلس الأعلى العسكرى ومدير الشئون المعنوية أن الهدف الآن هو الوصول بمصر إلى بر الأمان، مؤكداً أنه لا يوجد فرق فى الصحافة المصرية بين قومية ومعارضة. وقال اللواء إسماعيل عتمان مدير الشئون المعنوية فى تعقيبه على ما يتردد من آن لآخر حول سفر الرئيس السابق حسنى مبارك خارج البلاد إننا لدينا الشجاعة الكاملة لان نعلن الحقيقة كاملة، وأنه لو حدث ذلك سنقول، غير أننا لا نعلم أى شيء عن الحالة الصحية للرئيس، ولم نسأل عن ذلك، ولم يغادر إلى خارج مصر، ولو حدث وطلب الإذن بالسفر لظروف صحية سنعلن ذلك. ورداً على سؤال حول تسليم القوات المسلحة لقيادة مدنية قال: إن تسلم السلطة إلى قيادة مدنية لن يتم قبل أن تتحقق أركان ثلاثة، هى الانتخابات البرلمانية «الشعب والشورى»، والانتخابات الرئاسية والترتيبات الدستورية. وفى هذا المجال أكد اللواء محمد مختار الملا مساعد وزير الدفاع أنه لن تسلم البلاد ويذهب الى شرم الشيخ، بل سنضع الضوابط التى تحفظ الدولة.. فالمجلس الاعلى للقوات المسلحة لن يسمح لتيارات متطرفة بالسيطرة على مصر، ولا بد أن نعلم إلى أين نتجه، مشيراً فى هذا المجال إلى أهمية الحوار الوطنى بعد تعديله بالصورة المطلوبة بما يضمن تعبير كافة ألوان الطيف المصرى عن أرائها وبما يفيد مستقبل البلاد. وحول ما تردد عن عودة بعض ذوى الانتماءات الدينية الفكرية القادمة من الخارج، وتأثير ذلك على الشارع المصرى وعلى الوحدة الوطنية، أوضح الملا أن وزير الداخلية أكد فى بيان للوزارة عدم دخول احد من هؤلاء إلى مصر، وأنه تم اتخاذ اجراءات لمواجهة ذلك، الا ان الملا قال «إن مواجهة الفكر يجب أن تكون بالفكر». وشدد على أهمية دور الأزهر الشريف فى مواجهة الأفكار المتطرفة، وأن من يدخل مصر وعليه احكام قضائية يحب أن تنفذ. وقال اللواء مختار الملا إن المجلس الاعلى للقوات المسلحة لا يحمى أحداً، وأنه لا حصانة لأحد ،مؤكداً أن الرئيس السابق مبارك تنحى، ولم يتم تنحيته، مذكراً بما سبق وأن أعلنه المجلس الاعلى العسكرى من أن مبارك له ما له، وعليه ما عليه، وأنه إذا لم يكن قد تنحى فربما أصبح حالنا مثل ليبيا أو اليمن. وفيما يخص محاكمة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى عن جرائم القتل التى حدثت أثناء الثورة، أوضح الملا أن العادلى يحاكم حالياً فى إطار القانون فى قضايا أخرى مالية ولايجوز سحبها، وستتم محاكمته فى كافة الاتهامات الموجهة إليه، مؤكدا أن من أخطأ فى جريمة ستتم محاكمته. وحول عدم التمكن من تصوير العادلى خلال جلسات المحاكمة ، كما تم مع غيره من الوزراء والمسئولين السابقين، قال الملا: إن عدم ظهور صورته يعود للقضاء فالقاضى يجب ان يقول ما يراه، ونحن كمجلس عسكرى لا نتدخل فى مثل هذه الأمور. وبالنسبة لمحاكمه العادلى فى أحداث موقعة الجمل قال اللواء محمد العصار مساعد وزير الدفاع سيأتى الوقت وسيدخل فيه حبيب العادلى، لأنه رأس الموضوع. وتعقيباً عما يحدث من بعض السلفيين من محاولات للاعتداء وهدم الأضرحة، أعرب عن قلقه من الإقدام على مثل هذه الأفعال، غير أنه قال إننا فى الوقت نفسه لا يمكننا استبعاد أو اجتثاث عناصر النسيج المصرى سواء كانوا وهابيين أو سلفيين أو إخوان مسلمين أو مسيحيين، فجميعهم يشكلون نسيج المجتمع المصري، لهم ما لنا وعليهم ما علينا. كما اعرب اللواء العصار عن القلق من استمرار وجود القوات المسلحة فى الشارع، وان ذلك ليس فى صالح مصر، ولذلك نريد العودة إلى مهمتنا الرئيسية، سواء فى شرق أو جنوب أو غرب البلاد، فمصر تحتاج الى قواتها المسلحة، غير أنها فى الوقت نفسه لن تترك البلاد فى حالة غير مستقرة . ونبه اعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة الى الحرص الذى يوليه رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوى عند الاضطرار الى التعامل مع الخارجين عن القانون مثلما حدث فى مباراة كرة القدم الاخيرة باستاد القاهرة، حيث اصدر تعليماته بعدم المساس بأى اذى لمن تم القبض عليهم من خلال الشرطة العسكرية، واطمأن بنفسه على تقديم الوجبات الغذائية لهم، والعناية اللازمة، فى الوقت الذى تجرى فيه التحقيقات بجدية تامة فى أصول من الكرامة والحيادية الكاملة والمعاملة الطيبة، ومراعاة حقوق الإنسان.