يؤكد الدكتور زاهى حواس وزير الدولة لشئون الآثار السابق أن المسئولية فى قطاع الآثار كبيرة وخاصة أننا نمر بظروف صعبة منذ ثورة 25 يناير حيث تتعرض المتاحف والمناطق المصرية لعمليات سرقة ونهب منظمة لذلك يجب أن تقوم الدولة بعمل شرطة متخصصة لحماية الآثار تتولى الآثار دفع مرتباتهم كما هو فى وزارة الكهرباء لأن هناك فرقاً بين شرطة السياحة التى تقوم بتأمين السياح وشرطة الآثار التى نطالب بها لتكون مهمتها حماية آثار مصر وتاريخها وذاكرتها، وطالب حواس بسرعة اتخاذ قرارات إدارية سريعة لإزالة كل التعديات سواء المبانى أو الآثار المسروقة التى تم التعدى عليها بعد الثورة نظراً للتدهور الأمنى الذى حدث. وأضاف الدكتور حواس أنه يجب أن يكون هناك خطوات مهمة بالاشتراك مع منظمة اليونسكو لإعادة تلك الآثار التى سرقت سواء من المتاحف أو من المخازن أو المقابر وطالب د. حواس المصريين من ثوار 25 يناير والشباب والمواطنين بتكوين لجان شعبية فى جميع محافظات مصر لحماية الآثار المصرية فى كافة أنحاء مصر نتيجة تعرضها المستمر لهجمات منظمة من اللصوص بهدف نهبها وسرقتها وبيعها مؤكداً أن هناك عدة مواقع تعرضت بالفعل إلى عمليات هجوم مسلح خلال الأيام الماضية تمثل كارثة محققة. وأضاف حواس أن هناك 70 مشروعاً يقام الآن لحماية الآثار المصرية وخاصة أن 22 متحفاً تقام حالياً فى كل محافظات مصر ومشروعات أيضا لحماية المتاحف الإسلامية والقبطية. وأضاف د. زاهى حواس أن هناك حوالى 17 ألف حارس بالآثار من خريجى الدبلومات غير مسلحين ولا يمكن أن يحافظوا على آثار مصر. ويسأل الدكتور عبد الحليم نور الدين رئيس هيئة الآثار الأسبق عن سبب تأخير الحكومة فى تعيين مسئول عن الآثار مؤكداً أن هذا التأخير يمثل خطراً على الآثار المصرية وخاصة فى الوقت الحالى لذلك يجب الإسراع بتعيين مسئول يكون على دراية بالمواقع الأثرية سواء كان وزيراً أو رئيساً للمجلس الأعلى للآثار فى هذا الوقت العصيب فهناك الكثير من الأماكن الأثرية تنهب وتنبش بشكل جنونى لأن اللصوص فى الوقت الحالى لا يواجهون وبالتالى فإننا نحتاج إلى تعيين خمسة آلاف من الحراس المسلحين كما نحتاج إلى عودة شرطة السياحة بالإضافة إلى أفراد من الشرطة العسكرية واللجان الشعبية وعودة الدوريات الراكبة واستخدام طائرات هيلكوبتر وخاصة أن هناك محافظات بها العديد من المتاحف والمخازن وأضاف د. نور الدين أن المجلس الأعلى للآثار يوجد به عدد كبير من العاملين ولا يعملون سوى يوم أو يومين فى الأسبوع فلابد من الاستفادة من هؤلاء الشباب وتدريبهم على حمل السلاح وتأمين الآثار مع وضع إنذارات ضد السرقة والحريق وكاميرات مراقبة وإنارة لحماية ما تحت الأرض من آثار لذلك ينبغى الإسراع لحماية ما تبقى من آثار مصر ولو استمر الحال على هذا الوضع فسوف يتم اختراق جميع المناطق الأثرية فى مصر وطالب نور الدين بأن تعطى أولوية للآثار مثل البنوك لأننا لا يمكن أن نعوض تلك الآثار مؤكداً أن الفترة الحالية تحتاج إلى تحصين المخازن القديمة بحوائط واقية وأبواب مصفحة وتدريب وتوعية الحراس. وأضاف الدكتور عبد الحليم أنه لابد من سرعة جرد المخازن الجديدة وتصوير القطع وتسجيلها بأسلوب علمى على أن تتحمل بعثات الحفائر الأجنبية مسئولية بناء المخازن الجديدة أو تحصين مخازن المجلس وأن إنقاذ المناطق الأثرية يتطلب على وجه السرعة تصنيف المناطق الأثرية حسب حجم تعرضها للسرقة مؤكداً أن هناك مناطق فى بعض المحافظات أكثر تعرضاً للسرقة من غيرها مع مراقبة منافذ الدخول والخروج للمناطق الأثرية والاستعانة بعناصر أمنية من القرى القريبة من المناطق الأثرية المجاورة، بالإضافة إلى التنسيق مع المحافظات والمحليات والإبلاغ عن أى حادث سرقة مع عدم الإدلاء بأى معلومات عن حجم تلك السرقات إلا بعد جرد تلك القطع الأثرية بالإضافة إلى وضع قواعد واضحة لغلق وفتح المخازن وترقيمها وتحديد المواقع التى خرجت منها المقتنيات التى تضمها وما يحتاج منها لمزيد من التأمين وما يعانى منها من ثغرات فما حدث من اقتحام للمتحف المصرى بالتحرير يضعنا أمام عدة تساؤلات وهى كيف تم القفز على سطح المتحف؟ وهل كانت هناك حراسة بداخله أم لا؟ وأكد الدكتور عبد الحليم أن هناك الكثير من السرقات تمت فى منطقة الأهرامات التى تضم كميات كبيرة من الآثار حيث تعرضت المنطقة للاقتحام والسرقة من قبل عصابة قامت بسرقتها تحت تهديد السلاح وفى أسوان اقتحم اللصوص موقع الحفائر الأثرية بإدفو وقاموا بسرقة المخازن الأثرية الموجودة بالمواقع فى منطقتى سقارة وأبو صير الأثريتين وتمت سرقة الباب الوهمى وبعض مقتنيات مقبرة فى سقارة على الرغم من أنها غير مفتوحة للجمهور. وفى الاسماعيلية قام لصوص تحت تهديد السلاح بكسر مخزن شرق القنطرة واستولوا على صناديق للعملة وقطع أثرية لا تقدر بثمن أيضاً تعرضت منطقة الكرنك بالأقصر إلى عمليات نهب وسرقة للآثار من قبل عصابات مسلحة وتمت سرقة رأس أحد الكباش الأثرية كما قامت عصابات أخرى باقتحام متحف بورسعيد وسلب عدد من الصناديق إضافة إلى الآثار المستخرجة عن طريق العديد من البعثات الأجنبية العاملة فى مصر ولم تقتصر هذه الحالة من الفوضى على هذه الأماكن فقط بل امتدت إلى الآثار الإسلامية حيث تم نهب محتوياتها وهذا ما حدث فى الأسكندرية حيث سرق باب كوم النافورة. عودة الشرطة ومن جانبه يؤكد الدكتور محمد عبد الفتاح رئيس قطاع المتاحف المصرية ضرورة عودة الشرطة إلى أماكنها لحماية الآثار المصرية أو الدفع بالقوات المسلحة مع عناصر من الأمن المركزى لتأمين المتاحف المصرية ولابد أن يكون هؤلاء الحراس مسلحين بحيث يتم السيطرة على أى لصوص يحاولون نهب تراث مصر الذى لا يقدر بثمن مع التنسيق مع من يسكنون حول تلك المناطق الأثرية لحماية المتاحف وخاصة أن هذه الأماكن التى يوجد بها متاحف يستفيد أهالى المنطقة منها عن طريق البيع والشراء وغيرها من الوسائل التى تعمل على مساعدة أهالى هذه المناطق اقتصادياً مثل الأقصروأسوان وغيرها من محافظات مصر التى يوجد بها مناطق أثرية وأبدى عبد الفتاح تخوفه الشديد من نهب ثروات وتاريخ مصر مؤكداً أننا نحتاج إلى تكاتف الدولة بكل طوائفها لحماية آثار مصر وما حدث خلال الأيام الماضية من اندلاع ثورة 25 يناير وضياع عدد كبير جداً من القطع الأثرية وأرى أن استعادة هذه الآثار أمر فى غاية الصعوبة لكن يحتاج إلى محاولات مستمرة من قبل الدولة بالاشتراك مع الخبراء فى مجال الآثار لتحديد تلك القطع وعددها مع تحديد الأماكن الموجودة بها. وأضاف د. محمد عبد الفتاح أن المتاحف مغلقة فى الوقت الراهن عدا عدد قليل منها مثل المتحف المصرى والمتحف الإسلامى والمتحف القبطى وسوف يتم قريباً فتح جميع المتاحف على مستوى الجمهورية بعد تأمينها بشكل قوى بحيث لا تتعرض تلك المتاحف لحوادث مماثلة للحفاظ على تراث مصر الفرعونى. أما الدكتور على رضوان عميد آثار القاهرة السابق ورئيس الاتحاد العام للأثريين العرب فيقول إن الغياب الأمنى وضع جميع الآثار المصرية فى دائرة الخطر حيث تعرضت لعمليات سرقة ونهب من قبل لصوص وذلك يعود إلى غياب الوعى بالآثار وفقدان قيمة الحضارة والتاريخ لذلك يجب أن يتحد المجتمع المصرى والأثريون وأن يقوموا بالدور الذى غاب عن المجتمع وهو توعية المواطنين بأهمية وقيمة تلك الآثار وخاصة أن هذه الآثار ملك للمجتمع ولا يصح أن تباع وتشترى فى ظل عدم وجود وعى بقيمة هذه الآثار. وأضاف رئيس اتحاد الأثريين العرب أن سرقة الآثار المصرية ترجع إلى الجهل السائد داخل المجتمع المصرى موضحاً أن ضياع الأثر يعنى ضياع التاريخ وطالب الدكتور رضوان بضرورة تكاتف الآثار مع الشرطة للعمل على حماية التراث الأثرى والذى لا يمكن أن يسترده فى حالة ضياعه. عدة عوامل وعن تدهور الأوضاع فى قطاع الآثار وعدم تأمينها وتعرضها للسرقة والنهب يقول رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر الوسطى الدكتور عبد الرحمن العايدى إن هناك عدة عوامل أدت إلى تلك الكارثة أولها الأحداث التى تمر بها البلاد بعد ثورة 25 يناير وما حدث من تدهور الأوضاع الأمنية فضلاً عن عدم تأمين المواقع الأثرية وسهولة دخولها مع ضعف الحراسة لذلك يقوم اللصوص بعمليات سرقة عن طريق الحفر فى غفلة من الحراسة أو بالاتفاق مع الحراس من ضعاف النفوس فى أغلب الأحيان حيث يقومون بالاستيلاء على ما تسفر عنه أعمال الحفر غير العلمى وبالتالى يتم افتقاد كثير من المعلومات التاريخية المهمة عن تاريخ الأمة وحضارتها بالإضافة إلى أن عدم تأمين المواقع الأثرية بأسوار وبوابات محكمة للتحكم فى الدخول إليها. كما طالب الدكتور عبد الرحمن العايدى بضرورة إعادة النظر فى نظام الحراسة بالمناطق الأثرية وتوفير نظام لمواكبة التطور فى أساليب الجريمة وإقامة أبراج مراقبة وإضاءة المناطق الأثرية فى أماكن يصعب الوصول إليها بوسائل الانتقال العادية وبالتالى تصبح مهمة رجال الآثار فى المرور والإشراف عليها بالغة الصعوبة. ويؤكد العايدى أن أغلب مبانى مخازن الآثار غير مؤمنة وبعضها مبنى بالطوب المتهالك كما أن عدد كبير من هذه المخازن موجودة فى أماكن نائية. كل هذه الأسباب أدت إلى تعدد السرقات، مضيفاً أن مشكلة التعديات على المواقع الأثرية تعتبر إحدى المشكلات الخطيرة التى تتسبب فى تدمير الآثار سواء كان التعدى بالزراعة أو الإنشاءات وهذه تعتبر باباً خلفياً لسرقة الآثار خاصة أنه يوجد الكثير من الحالات التى عثر فيها المتعدون على الآثار أثناء تعديهم على الزراعات أو البناء وقاموا بالتصرف فيها بالبيع والإتجار غير الشرعى لذلك يرى الدكتور العايدى أن هناك عيوباً خطيرة فى أساليب المسح الأثرى ونظام تسجيل وتوثيق الآثار ورغم انتشار التقدم التكنولوجى الكبير فى معظم دول العالم وتطبيق ما توصل إليه العلم الحديث فى مجال الآثار من إعداد قواعد بيانات إلكترونية لجميع المواقع والمتاحف ومازال المجلس الأعلى للآثار يعتمد على الطرق البدائية القديمة خاصة فى ظل وجود كوادر علمية مدربة على أعلى مستوى فالتصوير الجوى واستخدام صور الأقمار الصناعية يسهم بطريقة فعالة فى تحديد المواقع الأثرية وعمل خرائط دقيقة لها وبالتالى يمكن وضعها على خريطة المواقع الأثرية بمصر وتوفير الحماية اللازمة خاصة أن هناك الكثير من المناطق الأثرية غير معلومة للمجلس الأعلى للآثار. وأضاف الدكتور عبد الرحمن العايدى أن عدم وجود نظام متقدم لتسجيل الآثار وإنشاء قاعدة بيانات لجميع الآثار فى مصر له أثر بالغ الخطورة منها عدم القدرة على إثبات أن هذه الآثار تابعة لمصر وأنه مسجل فى حالة سرقته وتهريبه للخارج وعدم القدرة على استرداده كما تنص على ذلك اتفاقية اليونسكو بشأن استرداد الآثار المسروقة بالإضافة إلى أن المخطوطات النادرة الموجودة فى عدة أماكن تملكها الدولة لم يتم عمل حصر لها وعلى سبيل المثال المكتبة الأزهرية والتى يبلغ عدد المخطوطات بها 23 ألف مخطوط وغيرها من المكتبات الفرعية. وأشار العايدى إلى ضعف الرقابة على منافذ البلاد من المطارات والموانئ وافتقار الأثريين المعينين بها للخبرة وأن منافذ مصر الجوية والبرية والبحرية تعتبر أهم منافذ تهريب الآثار إلى خارج البلاد والأمر الذى يتطلب إحكام الرقابة عليها. استعادة الآثار يؤكد الدكتور أحمد أبو الوفا أستاذ القانون الدولى أن المنظمات الدولية وخاصة منظمة اليونسكو اهتمت بمسألة الآثار وسرقتها وكيفية رجوعها مرة أخرى وقد أصدرت المنظمات عدة وثائق خاصة باسترداد الآثار المسروقة فأى نظام قانونى سواء فى مصر أو فى أية دولة من دول العالم يضع فى الاعتبار مثل هذا الأمر لذلك ينبغى أن نتبع خطوات فى هذه الأحوال منها رفع دعوى أمام المحاكم المصرية لإصدار حكم نهائى يصدر وفقاً للقواعد الإجرائية السليمة واستناداً إلى صحيح القانون يرسل عن طريق وزارة الخارجية المصرية إلى الدول التى توجد بها الآثار المسروقة. ويضيف د. أبو الوفا أن هناك طريقة أخرى وهى إعداد ملف موثق مؤيد بالأدلة وإرساله إلى الدولة التى بها الآثار المسروقة وذلك لطلب استعادتها بقرار تنفيذى يصدر عنها فإن كان قانون هذه الدولة لا يسمح بذلك سيتم رفع دعوى أمام محاكم تلك الدولة للحكم بحيث ترد هذه الآثار ونظراً لأن هذا فعل غير مشروع فإنه يمكن استرداد هذه الآثار ويمكن طلب تعويض عن الأضرار التى ترتبت على هذه السرقات، كما يجب على السلطات المصرية نظراً لأن هذه الآثار تعتبر تراثاً يشكل ملامح أساسية للحضارة المصرية على مختلف عصورها سواء كانت فرعونية أو بطلمية أو قبطية أو إسلامية فعليها أن تتخذ كل الإجراءات اللازمة التى تتمثل فى ضرورة حراسة هذه الآثار وتأمينها لمنع سرقتها وخروجها من مصر، وتعديل العقوبات المقررة لسرقة هذه الآثار بحيث يتم توقيع أشد العقوبات على الجناة، وإبرام معاهدات دولية مع الدول الأخرى تنص صراحة على إعادة الآثار المسروقة.