في ظل الأحداث التي تشهدها مصر حالياً، باتت الآثار هي أكثر القطاعات تضرراً من حالة الانفلات الأمني بما تتعرض له المواقع الأثرية من عمليات سلب ونهب منظمة، ناهيك عن التعديات بالبناء والزراعة علي أرض الآثار والتي ازدادت حدتها خلال الفترة الماضية، مما جعل «د. زاهي حواس» يصرح أكثر من مرة أنه غير قادر علي حماية الآثار ولا يجب الاستمرار في الوزارة ويبكي من داخله علي حال الآثار الآن. وسط هذا الخضم المتلاحق من الأحداث، طرح البعض أفكاراً للخروج من الأزمة، ما بين ضم الآثار مرة أخري للثقافة بعد أن انفصلت عنها وأصبحت وزارة مستقلة، وفكرة أن يتولي الجيش مسئولية الوزارة في حال بقائها خلال الفترة القادمة، كيف يري الأثريون ذلك؟ وهل هم مع عودة الآثار للثقافة أم لا؟ وما هي وجهة نظرهم في حماية الآثار؟ دروع بشرية في البداية يقول «عاطف أبو الدهب» رئيس الإدارة المركزية للآثار المصرية أن من استغلوا تلك الظروف ونهبوا وسرقوا العديد من المناطق الأثرية لا يمكن أن يكونوا من أهالي تلك المناطق لأن الموضوع أكبر من سرقة الآثار ويتجاوزه إلي مخطط إشاعة الفوضي في مصر. وأوضح أنه في ظل فشل الشرطة حتي الآن في حماية الآثار والمواقع الأثرية، يجب علي الأهالي تكوين دروع بشرية لحمايتها والدفاع عنها ضد اللصوص والمخربين، كما أن ذلك سينفي عنهم أفكار احتمالات اشتراكهم في أعمال السلب والنهب. السياحة والآثار ولفت إلي أن أفراد الشرطة قبل ثورة 25 يناير كانوا يرفضون الدخول إلي المواقع الأثرية بدعوي، عدم تلقيهم تعليمات بذلك وأنهم فقط لحماية السائحين. وأوضح أن الجيش هو أفضل من يحمي آثار مصر لأنها شيء قومي، لكن قبل طرح فكرة توليه إدارة وزارة الآثار خلال الفترة المقبلة لابد أن نسأل: هل عقمت الآثار عن إنجاب أبناء ورجال يعون جيداً أهميتها وكيفية إدارتها؟ المشكلة إذا ليست في الإدارة لكن في الأمن وحماية المناطق. ورفض أبو الدهب تماماً عودة الآثار لتبعية وزارة الثقافة حيث يري أن الفصل بينهما شيء ممتاز خاصة أن الثقافة - حسب قوله - ظلت لسنوات طويلة تستنزف موارد الآثار دون جدوي وقال «ليه الثقافة عاوزه تركب علي أكتاف الآثار؟». ولفت إلي الثقافة لم تنتج شيئاً ملموسًا وفائدة بقدر ما أخذت من الآثار، موضحاً أن وزير الثقافة السابق من الآثار، موضحاً أن وزير الثقافة السابق فاروق حسني كان هو رئيس المجلس الأعلي للآثار وكان يوجد حينها صندوق تمويل الآثار للصرف علي مشروعاتها المختلفة، هذا الصندوق كانت ميزانية تبلغ مليار و300 مليون جنيه، وبعد انفصال الآثار عن الثقافة وجدنا فيه فقط 150 مليون جنيه، وقال «المثقفون قعدوا فترة طويلة عايشين علي قفانا». كتائب شبابية «د. مختار الكسباني» أستاذ الآثار الإسلامية ومستشارة وزارة الدولة لشئون الآثار عبر عن أسفه الشديد لغياب الأمن بهذه الصورة المخزية التي أدت إلي نهب وسرقة الآثار علي يد عصابات منظمة، وطالب بمحاكمة كل من أهمل في أداء واجبه. ويري أنه إذا كان الجيش ساهم في حماية الآثار طوال أيام الأزمة، فإنه لا يستطيع حماية جميع المواقع الأثرية طوال الوقت نظراً لانتشارها علي مساحات شاسعة في مختلف محافظات مصر. ويري حلاً لذلك تكوين كتائب من الشباب تكون مدربة علي أعمال الأمن والحماية وهو الاقتراح الذي قدمه إلي المجلس العسكري وقد عقد عدة اجتماعات مع شباب كلية الآثار والأثريين وأبدوا استجابة طيبة لذلك كما أسعده بشدة أنه وجد استجابة من شباب غير أثريين أكدوا أنهم علي استعداد لتنفيذ ذلك في حال إقراره والعمل به، وقال إن هذا أفضل حل في ظل الظروف الحالية. وفيما يتعلق بإعادة ضم الاثار للثقافة، قال «دي هتبقي حاجة وحشة قوي»، موضحاً أن الآثار وترميمها وصيانتها تحتاج إلي أموال ضخمة كان جزءاً كبيراً منها يذهب إلي الثقافة، وحسب قوله، فإن بعض المثقفين يعيشون في برج عاج ويرغبون أن تظل الآثار تابعة للثقافة حتي لا تظل تنفق منها علي صندوق التنمية الثقافية. رفض عودة الآثار للثقافة لم يقتصر علي قياداتها فقط، وأكد عليه أثريون آخرون، منهم «مؤمن سعد» من البر الغربي والذي قال إنه يتمني أن تظل وزارة مستقلة من كثرة ما عانيناه أثناء تبعيتها للثقافة، حيث لم تؤسس لنا نقابة ولم نتبع لأي نقابة أخري رغم أن الآثار تدر دخلاً كبيراً للدول، ونحن قلقون تماماً من أن تلحق بأية وزارة أخري، ووصف ذلك بأنه سيكون يوماً أسود في تاريخ الآثار. كذلك «ممدوح محمود» مفتش آثار و«أشكي النحاس» أثرية «وليد علام» أثري بالوزارة، جميعهم عبروا عن رغبتهم في أن تظل وزارة مستقلة وليست مجلساً تابعاً لوزارة أخري حتي وأن كانت الثقافة، وهو ما كان مطلباً رئيسياً لهم خلال الوقفة التي نظموها أمس الأول أمام الأهرامات. رأي الكاتب من جانبه قال «صلاح عيسي» رئيس تحرير جريدة القاهرة إنه لا يؤيد تعدد الوزارات لما يضيفه إنشاء وزارة جديدة من أعباء علي كاهل الدولة. وأن المجلس الأعلي للآثار كان أقرب ما يكون لوزارة مستقلة مثل قطاعات أخري كثيرة داخل وزارة الثقافة. وأوضح أن أغلب من ينادون بفصل الآثار عن الثقافة هم من العاملين، بالآثار بسبب أمور مالية، وإدارية، حيث يرون أن عائدات الآثار توزع علي الثقافة في حين أنهم الأولي بها، وبالتالي الفصل لن يحقق إلا مصلحتهم هم وقد يكونون محقين في ذلك. وأكد أن ما تتعرض له الآثار من هجوم ونهب واحد من أعراض انهيار الشرطة وهي ليست مسئولية الآثار وحدها، ولابد من خطة سريعة يقوم فيها الجيش بحماية المناطق النائية والبعيدة والمفتوحة، كذلك يقوم خضراء الآثار بدورهم بعد تسليحهم بما يضمن لهم القدرة علي الدفاع، ولا مانع من وجود للشرطة العسكرية للمساهمة في ذلك.