من أهم سلبيات وزارات الثقافة السابقة إصرارها غير المبرر على إقامة المهرجانات والاحتفالات بمناسبة وبدون مناسبة، فقد أصبحنا على مدار السنوات الماضية ملوك العالم فى المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية بلا منافس أو منازع، ننفق عليها ببذخ ونقيم لها الليالى الساهرة فى كبريات الفنادق والقاعات، ونستضيف لها المدعوين والمشاركين من كل صوب وحدب، ولا نبخل عليها أو عليهم بشئ من دخلنا المحدود وميزانياتنا المرهقة بالعجز والديون.. فقد كان كل شئ يهون من أجل الريادة والسيادة.. وهل « لمة» الفضائيات والوكالات والعدسات علينا بالشئ الهين .. لا وألف لا .. وما يحتاجه « الشو « الإعلامى و«المنظرة» الدولية، و«الفشخرة» العربية يحرم على الجامع والمدرسة .. ويعنى هيه شوية الملايين التى ننفقها على مهرجانات الفن هى التى ستزيد من فقرنا وتعمق من تخلفنا .. يا ناس بلاش تهويل .. وكفاية قر يا ناس يا شر، ولعن الله حزب أعداء النجاح الذين « يزنون « علينا بأحاديث الترشيد ومد اللحاف على قدر الأقدام .. فنحن هوليوود الشرق وقبلة الراغبين فى الاغتراف من « أنجر « الشهرة والفلوس من المحيط إلى الخليج .. وبالعند فيهم ،وفيمن يحذو حذوهم من الحاسدين والحاقدين ينفتح فى الشهر الأخير من العام ثلاثة مهرجانات فنية مرة واحدة، وهى بالتقاطع والتوازى، مهرجان الإعلام العربى، ومهرجان القاهرة السينمائى الدولى، ومهرجان السينما المستقلة .. لأ وإيه .. بعد أيام قليلة من ختام مهرجان الموسيقى العربية، وأيام أكثر شوية من انتهاء مهرجان الفيديو كليب، ومهرجان المسرح التجريبى .. وطبعا لا ننسى فى خضم ذلك مهرجانى افتتاح وختام الدورة العربية بكل ما يصاحبهما من دعاية وصواريخ وألعاب نارية، ورقص وطبل وزمر وغناء واستعراضات .. وفى وقت كانت فيه الأمم الراقية تضحك علينا وعلى خيبتنا وعجزنا عن النمو والنهوض فى عالم لا يرحم اللاهين ولا يعترف بالكسالى المغيبين ، كنا نحاول أن نثبت لهم أننا أجدع ناس بل وأجدع منهم، ونعرض أفلامهم ونستضيف نجومهم ونمنحهم الجوائز والنياشين، ونكتفى نحن بمسابقة فرعية على الهامش ننافس فيها أنفسنا لأننا لا نرقى لمنافستهم، ولا نقدر على التبارى معهم .. ويصعد الوزير على خشبة مسرح الأوبرا ليبتسم للعدسات، ويصافح النجوم والمكرمين ويعلن نهاية المولد السينمائى ليبدأ مولد آخر .. وطبعا كل هذا العبث والفساد لابد وأن ينتهى فورا..وإلا عدنا وعادت «ريمة» إلى عادتها القديمة!