لست أدرى تماما كيف يمكن للشعب الليبى أن يحافظ على ممتلكاته، التى من المتوقع أن يقوم القذافى بتدميرها، فتلك التلميحات التى صدرت عن نجله سيف الإسلام، تشير إلى أن القذافى لن يترك الحكم فى ليبيا إلا وقد تركها خرابا، عندما أشار نجله إلى احتراق البترول دون مواربة! حتى معمر القذافى نفسه فى كلمته الرديئة لشعبه، كان من الواضح أنه لم يستوعب ما يحدث فى بلده، أو على أقل تقدير لا يصدقه، لكن المشكلة هنا حين يستوعب وحين يصدق ستقع الكارثة لا محالة، سيدمر أى شيء، ويدوس أى شيء حتى لو كانت أعناق شعبه! لعله فى هذا لا يبتعد كثيرا عما فعله صدام حسين حين ترك الكويت، وقد أحرق آبار البترول بها. وحين ترك العراق مرتعا للسلب وللنهب، بعد أن تحطمت كل مرافقها، وقتل الآلاف من شعبها! أمثال هؤلاء الطغاة لا يتورعون عن فعل أى شيء، ليس للنجاة بأنفسهم فحسب، بل للانتقام من شعوبهم وتحطيم بلادهم بلا أى وازع من ضمير، فقد فقدوا ضمائرهم حين وجهوا الأسلحة القاتلة لأبناء بلادهم. ومن يقدم على فعل ذلك، ليس ببعيد عنه أن يفعل أى شيء. معمر القذافى- إذن- ليس مجرد حاكم مستبد وحسب، لكنه ديكتاتور ارتكب جرائم تقشعر لها الأبدان، حتى عندما خرج شعبه متمردا على طول استبداده وطغيانه، فإنه لم يتورع عن إبادته بالمرتزقة حينا، وبالطائرات حينا آخر، لم يتورع عن القتل وعن الكذب وعن الخداع، ومن قبل كل ذلك لم يتورع عن نهب ثروات بلده، ووضع كل أبنائها فى سجن كبير اسمه ليبيا! لهذا لا يجب أن تكون نهاية هذا القذافى هادئة وسالمة، كأى طاغية عادي، فهو لم يكن عاديا فى أى شيء حتى فى طغيانه وجبروته، لكنه يجب أن يحاكم كمجرم حرب، وأن يحاكم بتهمة الإبادة الجماعية، ناهيك عما ارتكبه من جرائم على مدى أربعة عقود، لم يتورع فيها عن نهب بلده، وتحويل أهله إلى بلد فقير، بدلا من أن يكون من أغنى شعوب الدول العربية! أمثال القذافى وغيره من طغاة الوطن العربي، لن يعودوا مرة أخرى ولن يتكرروا ثانية فى تاريخ الإنسانية، التى تجاوزت تلك المرحلة البدائية، لتبدأ مرحلة جديدة من الحرية ليس فيها أمثال هذا الرجل، وليس فيها شعوب خانعة خاضعة، تسمح لمثل هؤلاء الحكام أن يتحكموا فى مقدراتها! إن الأيام القادمة ستشهد شعوبا وحكاما مختلفين، وليس علينا سوى النظر إلى الأمام،حيث مستقبل أفضل بالتأكيد بدون أسوأ نوعية من الحكام على وجه الأرض، فقد نسوا الله فأنساهم أنفسهم، حتى كان عقابه شديدا.