افتتاح مشروعات تعليمية وصحية بجامعة بنها بملياري و350 مليون جنيه    قفزة جديدة ب86 مركزا ضمن Us العالمي.. تصنيف جامعة دمياط 1322 (تفاصيل)    رسميا الآن عبر بوابة الأزهر.. موعد التقديم لمرحلتي رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي بشمال سيناء    مواهب ذوى القدرات تحتفى ب «السيد المسيح» بالأوبرا    محافظ الفيوم: حركة تنقلات موسعة تضمنت رؤساء المراكز والمدن والوحدات المحلية    نواب المعارضة ينسحبون من مناقشات الإيجار القديم.. ووزير الشؤون النيابية يُعيدهم للقاعة    وزير المالية: الموازنة الجديدة تستهدف خفض الدين وزيادة دعم الصادرات والأجور    محافظ كفر الشيخ: بدء إصلاح طريق صندلا- الجوهري فورًا ووفق أعلى المعايير    أردوغان: نتنياهو التهديد الأكبر لأمن الشرق الأوسط    إيران تشيد بمبادرة مصر فى إصدار بيان عربي إسلامي يدين اعتداءات إسرائيل على طهران    باكستان تقرر إجلاء أسر الدبلوماسيين والموظفين غير الأساسيين من إيران    ميسي يعلق على هدية باجيو بعد مباراة الأهلى فى افتتاح كأس العالم للأندية    مواليد 2004.. من هي زوجة ناصر منسي نجم الزمالك؟    إصابة قوية تبعد ميتروفيتش عن الهلال قبل مواجهة ريال مدريد في مونديال الأندية    قبل بالميراس.. 3 أهداف حمراء في مواجهات الأهلي والأندية البرازيلية    إصابة 5 أشخاص في تصادم سوزوكي بعمود إنارة بالسلام    تفاصيل إنهاء سيدة لحياة ابنتها بإحدى قرى كفر الشيخ    صورة- بدء عزاء نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    مصطفى كامل يطرح دنيا وقلابة.. رابع أغاني ألبومه الجديد    هند صبري فنانة مصرية.. إلهام شاهين ترد على مطالب ترحيلها (فيديو)    أكاديمية الفنون تعرض الفيلم المصري الغنائي «أنشودة الفؤاد»    إلهام شاهين عن انتقاداتها على السوشيال ميديا: «عادي أنا متعودة» (فيديو)    أستاذ الدراسات الإيرانية: إيران لن تجلس على مائدة مفاوضات إلا مع توقف العمليات الإسرائيلية    خالد الجندي يروي قصة رمزية عن الحياة والموت: مرآة لحال كثير من الناس    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    هل شرب الزنجبيل قبل النوم ينقص الوزن؟    الصحة: 20 % من عدد المواليد في مصر ناتجين عن حمل غير مخطط له من الأسرة    بيريرا: لم أختر كل شيء في وجودي بلجنة الحكام.. والمجاملات كانت معيارًا أساسيًا    تشكيل كأس العالم للأندية - مونتييل أساسي مع ريفر بليت.. ومهاجم وحيد ل أوراوا    نائبة التنسيقية: انتشار حفر الآبار العشوائي يهدد التربة والمحاصيل وثروات الدولة    غدًا.. أحمد فتحي ضيف فضفضت أوي على WATCH IT مع معتز التوني    وزير الصحة يعقد اجتماعا لمتابعة الموقف التنفيذي لميكنة منظومة التأمين الشامل    القوات المسلحة الإيرانية: سيتم تنفيذ العملية العقابية قريبًا    واشنطن تحشد طائرات التزود بالوقود جوًا في الشرق الأوسط استعدادًا لتصعيد محتمل    براءة الفنان محمد غنيم بعد التصالح مع طليقته    هل تشتعل «حرب» عالمية ؟    شكوك حول مشاركة مبابي في مباراة ريال مدريد والهلال السعودي بكأس العالم للأندية    "قصر العيني" يستقبل سفير الكونغو لتعزيز التعاون الأكاديمي في إطار تدشين البرنامج الفرنسي    مجلس النواب يوافق علي خمسة مشروعات قوانين للتنقيب عن البترول    مصرع شاب في حادث دراجة بخارية بالمنيا    "أكبر من حجمها".. محمد شريف يعلق على أزمة عدم مشاركة بنشرقي أمام إنتر ميامي    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    محافظ أسيوط يستقبل السفير الهندي لبحث سبل التعاون - صور    "الحرية المصري": نخوض الانتخابات البرلمانية بكوادر على غالبية المقاعد الفردية    في أقل من شهر.. «المشروع X» يفرض نفسه في شباك التذاكر    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    نجاح طبي جديد: استئصال ورم ضخم أنقذ حياة فتاة بمستشفى الفيوم العام    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    شملت افتتاح نافورة ميدان بيرتي.. جولة ميدانية لمحافظ القاهرة لمتابعة أعمال تطوير حى السلام أول    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    ضبط 18 متهمًا بحوزتهم أسلحة و22 كيلو مواد مخدرة في حملة أمنية بالقاهرة    الجيش الإسرائيلى يعلن مقتل رئيس الأركان الجديد فى إيران على شادمانى    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    الغردقة.. وجهة مفضلة للعرب المهاجرين في أوروبا لقضاء إجازاتهم    مصر تبحث مع وفد مؤسسة التمويل الدولية (IFC) تعزيز التعاون ودعم أولويات الحكومة    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاتورة باهظة لأسبوع الاحتجاجات
نشر في أكتوبر يوم 06 - 02 - 2011

فاتورة باهظة يدفعها الاقتصاد المصرى ثمناً للاحتجاجات التى شهدها عدد من المدن خلال الأسبوع الماضى للمطالبة بإصلاحات دستورية واقتصادية واجتماعية، ورغم أن الخسائر لا يمكن حصرها بدقة فإنه يمكن تقسيمها إلى خسائر قصيرة المدى أو «آنية» وأخري طويلة المدى قد تستمر بعض الوقت، فعلي المدى القصير، تركت هذه الأحداث خسائر في البورصة تقدر بنحو 70 مليار جنيه، علاوة علي الخسائر الناتجة عن أعمال النهب والحرق التى تعرضت لها الممتلكات العامة والخاصة من مبان وسيارات وخلافه. وكذلك تأتى الخسائر التى تعرض لها الجهاز المصرفى فى صدارة المشهد، حيث تم تحطيم وحرق وسرقة مئات من ماكينات الصراف الآلى بعد انسحاب الشرطة من الشوارع وغلبة حالة الفوضى، التى تتكلف إعادة تشغيلها بالكفاءة السابقة إلى تكلفة باهظة، إضافة إلى الخسائر اليومية التى يتعرض لها القطاع منذ اليوم الأول للأحداث وما نتج عن استمرارها من صدور قرار البنك المركزى بوقف العمل حرصا على الصالح العام، وهذا بدوره يعنى خسائر يومية تقدر بمليارات الجنيهات.
ثم يأتى القطاع السياحى والفندقى، الذى يمثل المصدر الثانى للدخل القومى الإجمالى، والذى يعمل به قرابة 2.3 مليون مصرى ليكون هذا القطاع أكثر الخاسرين من هذه الأحداث، وما لحقه من ترويع للآمنين وتخريب وتدمير ونهب وسلب وحظر التجوال، حيث المتعارف عليه أن السائح يهرب من الأماكن غير الآمنة، لذا فقد ترتب على هذه الاضطرابات هروب جماعى للسائحين، مما أصاب هذا القطاع بالشلل التام فالفنادق مغلقة والمطارات. وقفت حركة السياحة ولا بيع ولا شراء أو كما يقول العاملون فى هذا القطاع «وقف حالنا».
كما ترتب عن هذه الأحداث تكدس البضائع فى الموانئ، حيث تواجه شركات الشحن تعطيلات ضخمة فى كافة الموانئ بسبب نقص الموظفين وغياب مسئولى الجمارك، خاصة مينائى الإسكندرية ودمياط أكبر الموانى المصرية المتعاملة بالأساس مع الشحنات السائبة والحاويات بما يشمل الحبوب. كما تشير التقديرات الأولية إلى أن الخسائر التى تتكبدها شركات الطيران المدنى سوف تكون فادحة للغاية نظرا لما نتج عن هذه الأحداث من حظر للتجوال، وبالتالى قيام سلطات الطيران المدنى بإلغاء آلاف رحلات الطيران، وهذا بدوره يرتب خسائر كبيرة على كل أطراف هذه الصناعة المهمة للغاية، علاوة على ذلك ترتب على حظر التجول شلل تام للقطاع العقارى والإنشائى، لأنه لا مجال لمواصلة الأعمال الإنشائية فى ظل هذه الفوضى العارمة الغالبة على المجتمع، وهذا بدوره أصاب العاملين فى هذا القطاع بكارثة حياتية، خاصة أن غالبيتهم يعملون بنظام اليومية وأنهم من محدودى الدخل، الذين لا يملكون مدخرات تكفيهم شر هذه الأيام.
فى حين يأتى على رأس الخسائر غير المباشرة لهذه التحركات، توقع تراجع معدلات الاستثمار سواء القومى منه أو الأجنبى بعد أن تسابقت وكالات التصنيف الائتمانى الدولية على خفض الجدارة الائتمانية لمصر مع استمرار الأزمة، حيث أصدرت مؤخرا وكالة «ستاندر أند بورز» بيانا تؤكد فيه أن الأحداث الأخيرة التى شهدتها مصر سوف تؤثر سلبا على الاقتصاد وخفضت تقييمها لديون مصر سواء على الأجل الطويل أوالمتوسط أو القصير، وبالتالى فإنه بعد استقرار الأوضاع سوف تكون معدلات الاستثمار أقل بكثير مما كانت عليه.
إضافة إلى ما سبق يتوقع خبراء الاقتصاد إمكانية أن يعانى السوق المصرفى خلال الشهور القادمة من تداعيات اختلال العلاقة بين الجنيه والدولار الأمريكى، حيث الزيادة الجنونية فى الطلب على الدولار مقابل زيادة المعروض من الجنيه المصري، مما ترتب عليه تآكل قيمة الجنيه أمام الدولار ظاهرة «الدولرة»، مما يترتب عليه زيادة فى تكلفة الاستيراد والدين العام.
وقف البورصة
وأكد الدكتور زياد بهاء الدين رئيس هيئة الرقابة المالية أن صدور قرار من مجلس إدارة الهيئة بوقف عمل البورصة جاء من منطلق الحرص على المتعاملين فى البورصة وحماية لهم من التأثيرات السلبية على خلفية الاضطرابات السياسية الأخيرة، خاصة فى ظل انقطاع شبكة الانترنت وعدم انتظامها فى كل المناطق، مشيرا إلى أن الجهات الرقابية بسوق الأوراق المالية كانت حريصة على متابعة تطورات الأوضاع فى الشارع لاتخاذ الإجراءات اللازمة أولا بأول لحماية أموال المتعاملين وضمان استقرار البورصة المصرية.
وأشار إلى أن القائمين على إدارة البورصة يخططون الآن لما هو آت وأنه لن يتم اتخاذ أى إجراءات استثنائية عند عودة نشاط البورصة، خاصة فيما يتعلق بإيقاف الأنشطة المتخصصة مثل الشراء والبيع فى ذات الجلسة أو تقليص الحدود السعرية على الأسهم المتداولة، إلا أنه سيتم وقف الاستردادات على وثائق صناديق الاستثمار فى حال وجود طلبات رسمية لذلك، خاصة أن قانون سوق المال ينص على إيقاف الاستردادات فى الحالات القصوى والتى قد تنطبق على الوضع الراهن.
فيما أكد هشام رامز نائب رئيس البنك المركزى أن مجلس إدارة البنك فى حالة انعقاد دائم للتشاور حول الوضع الراهن وأن قرار تمديد فترة وقف التعاملات البنكية يأتى من منطلق الحرص على مصالح أصحاب الودائع والمصالح، فإنه مادامت الأوضاع غير مستقرة وفرص حدوث أعمال نهب وشغب قائمة سوف يكون قرار وقف التعاملات.
وقال رامز فى محاولة منه لإدخال الطمأنينة إلى نفوس المواطنين إن الودائع وتمويلات المصريين آمنة، وإن الحديث عن الخسائر أمر سابق لأوانه، وإن الاحتياطيات النقدية فى البنك المركزى المصرى تبلغ نحو 36 مليار دولار مما يدخل الطمأنينة والاستقرار فى النفوس.
هذا وقد أدى إغلاق البنوك إلى منع المصريين العاملين فى الخارج من إرسال تحويلاتهم الحيوية إلى ذويهم فى مصر، علما بأن هذه التحويلات تمثل المصدر الأول للاحتياطيات النقدية، حيث يقدر البنك الدولى أن نحو 7.6 مليار دولار حولت إلى مصر عام 2010.
ونفى أمين خير الدين مستشار وزير الاتصالات لشئون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن تكون هناك أى مخاوف من الاستمرار فى تصدير الخدمات وتكنولوجيا المعلومات وخدمات الاتصالات المحلية إلى الأسواق العالمية التى نجحت هذه الصادرات فى اقتحامها خلال السنوات الأخيرة، مرجعا ذلك إلى أن الأسواق التى تصدر لها الخدمات التى تتمثل فى الولايات المتحدة والسوق الأوروبية بجودة الخدمة وكفاءة تقديمها بغض النظر عن وجود اضطراب سياسى بالدولة أو عدمه.
وأكد خير الدين أن موقع مصر المتميز وتركيبة الموظف والعمالة المصرية بالإضافة إلى الخدمات والتسهيلات التى تقدمها الدولة للمستثمر فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هى الضمانات الأساسية لبقاء الاستثمارات فى هذا القطاع بدون تأثر ملموس نتيجة الاضطرابات التى يشهدها الشارع وليس توافر الضمانات والشروط الجزائية بل الجدوى الاقتصادية.
سوق العقار
وبالنسبة لتأثيرات التظاهرات الشبابية على السوق العقارية، أكد د. أحمد رجائى أنيس مدير مركز التقييم العقارى بجامعة القاهرة أن السوق العقارية تتسم ببطء الحركة بصفة عامة فضلا عن أنها ضعيفة السيولة، أى لا يمكن تسييل الاستثمارات فيها بسهولة كما أنها لا ترى الأحداث المرحلية مما يجعلها أقل القطاعات الاقتصادية تأثرا بالأحداث الأخيرة، وأن تأثيرها قد يظهر على المدى الطويل، مشيرا إلى أن أصعب فترات التقييم العقارى هى تلك التى تمر بها البلدان بالتحول وتصاعد احتمالات التغيير.
وقال «أنيس» إن التقييم الدقيق للأصول يحتاج إلى استقرار الأوضاع وبالتالى فأى معدلات يمكن إصدارها لتراجع أسعار العقارات لن تتسم بالدقة فى المرحلة الحالية، خاصة أن الأساليب والطرق التى يتم الاعتماد عليها فى إعداد تقارير التقييم لا تستوعب التغييرات، التى تنشأ فى أوقات التحول، لذلك فإن أية محاولات لتقييم الأصول العقارية الخاصة بالشركات المدرجة فى البورصة قياسا إلى قيمها السوقية فى غير محلها.
وأضاف أن الأحداث الأخيرة سوف تجعل عددا كبيرا من المستثمرين يحجمون عن ضخ المزيد من الاستثمارات فى السوق العقاري، وأن الطلب على العقار ربما يشهد تراجعا على المدى القصير لكن تهاوى الأسعار أمر مستبعد فى هذه الأوقات، التى تشهد حالة من عدم الاستقرار نتيجة الاضطرابات السياسية التى تشهدها البلاد.
فيما تأتى خسائر قطاع الصادرات والواردات فى خانة الآثار السلبية لهذه الأحداث، وأوضح جلال أبو الفتوح مستشار وزير المالية للجمارك أن الأحداث، التى يشهدها الشارع المصرى ألحقت ضررا كبيرا بقطاع الصادرات والواردات معا والأمر يسير من سيء إلى أسوأ فاستمرار الاضطرابات ربما ينتج عنها المزيد من الآثار السلبية، مشيرا إلى أن حركة الصادرات والواردات إلى تونس ولبنان تأثرت بشكل ملحوظ لوجود الاضطرابات فى كافة الأطراف وبالتالى تخوف المصدرين والمستوردين من التعامل فى هذه الأسواق التى تشهد اضطرابا.
وأكد أن التخوف الحقيقى يكمن فى التعاقدات الجديدة التى كان من الممكن التعاقد عليها لولا انعدام الاستقرار الناتج عن المظاهرات الشعبية التى اجتاحت مصر خلال الأيام الأخيرة كما حدث بالنسبة لدولة تونس لأن رأس المال بطبيعته جبان ويبحث دائما عن الاستقرار، مشيرا إلى أن حركة واردات مصر لم تتأثر مع باقى بلدان العالم لكونها تقوم على عقود لآجال طويلة وبالتالى فلا مجال للخسائر فى ظل هذه الأوضاع وإن كانت الخسائر قد تترتب على تكدس هذه البضائع فى الموانى لفرض حالة من حظر التجول فى محافظات القاهرة الكبرى والإسكندرية والسويس.
وأشار «أبو الفتوح» إلى أن الدكتور سمير رضوان وزير المالية الجديد بدأ منذ توليه مسئولية الوزارة فى البحث عن آليات مواجهة آثار هذه الأحداث وبالفعل سارع باتخاذ عدد من القرارات الإيجابية مثل السماح بالإفراج المؤقت عن السلع الرئيسية الموجودة فى الجمارك وتأجيل توقيت دفع الجمارك المستحقة، وتأجيل تحصيل الضرائب المستحقة على أصحاب الأعمال بعض الوقت لحين التعافى من آثار الأحداث، لافتا إلى أن وزارة المالية سوف تسعى جاهدة لتعويض كل من تعرضت أعماله لخسائر نتيجة للأحداث.
وقال د. أسامة البهنساوى أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة الأزهر إن التجارة الخارجية من أكثر القطاعات تأثرا بالمظاهرات الشعبية حيث أثر انهيار البورصة سلبا على سعر صرف الجنيه الذى تدهور بشكل ملحوظ وبالتالى سوف تقل قيمة الصادرات فى حين ترتفع فاتورة الواردات مما يؤدى إلى زيادة العجز فى ميزان المدفوعات، مشيرا إلى أن جميع السلع سوف تتأثر إلا أن المواد الغذائية والمحاصيل الاستراتيجية مثل القمح ستكون من أبرز السلع المتأثرة بالمظاهرات لأننا سنقوم باستيراد معظمها لأنها من الاحتياجات الأساسية التى لا يمكن الاستغناء عنها.
وقال د. البهنساوى إن التأثيرات السلبية سوف تزداد الفترة المقبلة حيث يتوقع أن يستمر تراجع سعر صرف الجنيه مما سوف يؤدى إلى خسائر فادحة للمصدرين. مشيرا إلى أن أبرز أسباب عدم استجابة الدولة للمطالب الاقتصادية للمتظاهرين ترجع إلى ضعف الاقتصاد الوطنى وعدم وجود آليات لمواجهة أزمات الطوارئ، وأن التخوف الآنى هو ازدياد موجة هروب رؤوس أموال رجال الأعمال المصريين والعرب بالتزامن مع خروج رؤوس الأموال الأجنبية مما سوف يضع عقبات أمام الدولة لتوفير السيولة الكافية للمرحلة المقبلة، وذلك فى ذات الوقت الذى يعد فيه الاعتماد على الاحتياطات النقدية المتوافرة لدى البنك المركزى لما يمكن أن يترتب على ذلك من مشكلات كبيرة فى حال استمرار الأوضاع غير المستقرة لفترة طويلة.
معدلات الاستثمار
وأوضح عادل العزبى نائب رئيس الشعبة العامة للمستثمرين باتحاد الغرف التجارية أن الأحداث الأخيرة قد تؤثر سلبا على معدلات جذب الاستثمار الأجنبى بشكل مؤقت خاصة أن المستثمرين سينتظرون عودة الهدوء والاستقرار مرة أخرى تمهيدا لضخ استثماراتهم، وأن انخفاض سعر صرف الجنية أمام الدولار سوف يؤدى إلى انخفاض فى حجم صفقات الاستيراد والتصدير لذلك سوف تتأثر الصفقات حتى تتضح الأمور.
وأكد أن الأحداث سوف تؤثر على حجم الاستهلاك المحلى لأن أصحاب رؤوس الأموال سيدخرون أموالهم ولن يدفعوا بها إلى أية أنشطة وسيتم الحفاظ على المدخرات لمواجهة أى ظروف طارئة خلال الفترة المقبلة، وأن المواجهات القائمة أدت إلى انخفاض البورصة نحو مؤشر خطير مما يوضح مدى خوف المستثمرين. مشيرا إلى أنه فى حال استمرار الأحداث التى وصفها بثقافة القطيع سوف تؤثر تأثيرا سلبيا على الاقتصاد المصري.
وأوضح أن المستثمر يبحث عن الاستقرار قبل أن يدفع برأسماله فى أية أنشطة اقتصادية واستمرار حالة عدم الاستقرار سيؤدى إلى ما يسمى بالكمون الاستثمارى والتوقف المؤثر للاستثمارات.
ويرى د. رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن الأحداث الأخيرة أصابت الاقتصاد بحالة من الخلل غير المسبوق جعلت الأجانب يسارعون إلى الهروب من السوق تاركين وراءهم بورصة تتهاوى وجهازا مصرفيا مصابا بالشلل وشبه توقف فى الصادرات والواردات، وهذا كله ترتب عليه تآكل فرص التمويل المستقبلية لأن رأس المال جبان، موضحا أن الوضع الاقتصادى الراهن أدخل الرعب إلى نفوس المستثمرين سواء فى البورصة أو فى غيرها من القطاعات الاستثمارية الاخري.
وأكد أن السوق المصرى يعانى اضطرابا غير مسبوق دفع هيئة الرقابة المالية إلى وقف تداولات البورصة مما يعنى ضياع فرص لدخول الاستثمارات للسوق وحرمان أصحاب الأوراق المالية من عوائد ناتجة عما ترتبه هذه التعاملات من مكاسب، مشيرا إلى أن النجاح الذى تحقق فى إدارة الأزمة المالية جنب مصر خسائر ومكنها من تحقيق معدلات نمو زادت فى العام 2010 على 5%، لكن جاءت الأحداث الأخيرة بشغبها ونهبها وما ترتب عليها من غياب للأمن ونشر للفوضى.
وشدد «عبده» على أنه على الرغم من صعوبة الآثار السلبية التى تركتها الأحداث الأخيرة على الاقتصاد سيتمكن من القدرة على الخروج من هذا المأزق. فالفاتورة باهظة للغاية لكن الأمل معقود على أن ما يحدث حالة استثنائية، فالمجتمع المصرى لم يشعر بهذه الحالة من الفوضى وغياب الأمن من قبل، وهذا ما يشهد به كل من زار مصر التى يتعامل معها الأجانب على أنها واحة الأمن والأمان. لذا فإنه سيكون من اليسير إقناع المستثمر الأجنبى أن الأمر كان بمثابة «زوبعة» ذهبت بلا رجعة، خاصة أن ما حدث إحدى تبعات الديمقراطية. فالشباب ثار وطالب والنظام السياسى لم يتوان عن السعى لتحقيق استجابة حقيقية لهذه المطالب.
مشكلات هيكلية
بينما قال د. حمدى عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق إن الأحداث الأخيرة كشفت الستار عن حجم المشكلات الهيكلية التى يعانيها الاقتصاد، فالسياسات المطبقة فى السنوات الأخيرة ترتب عليها زيادة وطأة الفساد وارتفاع معدلات البطالة وغياب الرؤية الاجتماعية عن سياسات المال والاقتصاد، وبالتالى كانت انتفاضة الشباب الكاسحة الباحثة عن غد أفضل بغض النظر عن الشغب الذى صاحب تحركاتهم بشكل يثير آلاف التساؤلات عن هوية القائمين بهذا التخريب وغياب الدور الأمنى بشكل يبدو كمؤامرة وغلبة نوع من الإدارة المنظمة لإشاعة الفوضى فى المجتمع.
وأوضح أنه من الأجدى السعى للاتفاق على أقوم الآليات للتعامل مع الوضع المتأزم الآنى فالمبانى حرقت ونهبت والأسواق أصابها الشلل فيما أصاب الخلل البورصة والجهاز المصرفي، لذا فإننا بحاجة ماسة إلى تطبيق سياسات جادة للاعتماد على الذات وعدم المراهنة على هذه الأموال الساخنة التى هرولت إلى الخارج بمجرد تجمع بضعة آلاف من المتظاهرين فى ميدان التحرير، لافتا إلى أن السعى لوضع استراتيجية لزيادة الإنتاج المحلى وزيادة معدلات التشغيل وتحقيق الاستفادة القصوى من السيولة الموجودة فى الأسواق.
وأشار عبد العظيم إلى أن الرهان أصبح على القدرات الذاتية والكفاءات المحلية، ولذلك فلابد من تحقيق المزيد من الاستفادة من هذه القدرات فالشباب فى انتظار المزيد من فرص العمل، ويمكن أن يكون ذلك بفتح آفاق جديدة فى الاقتصاد بالتوسع فى الاعتماد على المشروعات المتوسطة والصغيرة، مؤكدا أن الأمر يحتاج إلى إحكام السيطرة على السوق وحث رجال الأعمال الوطنيين على المساهمة فى تقليل الآثار السلبية لهذه الأحداث، وذلك لاستيعاب هذه المطالب الشبابية.
وطالب بضرورة تحرك الحكومة الجديدة للتعاطى مع ما ترتب على هذه الأحداث الأخيرة بتدبير التمويل للمزيد من التوسع فى المشروعات المملوكة للدولة لتوفير المزيد من فرص العمل وتحريك السوق بعد حالة الشلل التى أصابت السوق نتيجة لهذه الأحداث، لافتا إلى أنه لا مانع من قيام الرئيس مبارك باتخاذ قرارات سيادية تجبر بدورها الحكومة على توفير المزيد من فرص العمل فى الجهاز الإدارى وشركات قطاع الأعمال العام وأنه لا مانع من الاستفادة من 15 مليار جنية سبق أن أعلنت عن توافرها لتمويل قروض الموظفين، وليكن توظيفها فى التوسع الاستثمارى العام أو تمويل مشروعات خاصة تشرف عليه الدولة بشفافية.
أما د. سمير رضوان وزير المالية فأوضح أنه يتفهم شكاوى المحتجين، لذلك سوف تكون أولويته هى إظهار أن الحكومة تستجيب لمطالب الشعب العادلة، وقال فى تصريحات له: لا ينبغى أن نضحى بالبلاد كلها بسبب قضايا قصيرة الأجل، وأن قرار تخفيض التوقعات الائتمانية للسوق المصرى جاء لأسباب مفهومه.
وأضاف أنه سوف يركز على استعادة القانون والنظام، واستعادة الهدوء، وعلى فتح قنوات الحوار مع الشباب، لأن هذا هو الطريق للعودة إلى الوضع الائتمانى السابق، الذى لم يكن سيئا على الاطلاق، مشيرا إلى أنه من الضرورى البناء على ما تحقق من اصلاحات، بالتالى يتعين على الجميع ألا يضحوا بالمكاسب، التى حققتها مصر فى الساحة الاقتصادية، والتى مكنتها من الوقوف فى وجه أزمة الغذاء والأزمة المالية.
وأكد «رضوان» أن المجتمع المصرى فى حاجة إلى استخدام النفقات العامة لتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية وتوزيع أفضل لثمار النمو، وإلى نسبة 40% من سكان البلاد الذين يعيشون تحت خط الفقر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.