استكمالا لما نشرته «أكتوبر» فى الأعداد السابقة حول أسباب توقف بروفات مسرحية «شارع القصر العينى» وبعد أن رصدت العديد من الاقلام الصحفية فى مختلف المؤسسات الصحفية القضية التى اتخذت حيزا طال الرقابة على المصنفات الفنية ولجان قراءة النصوص بالبيت الفنى للمسرح حتى وصل فى الأسبوع الماضى إلى تقديم المخرج مذكرة إلى الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة ولإلقاء الضوء على مصير العمل كان لنا هذا التحقيق.. بعد أن شهدت خشبات مسرح «ميامى» و«متروبول» لأكثر من شهرين بروفات للعرض المسرحى «شارع القصر العينى» وتعاقد كل من الكاتب رضا رمزى، والمخرج حسام الدين صلاح، والنجم الشاب محمد رمضان وميار الغيطى وكافة عناصر العمل مع البيت الفنى على تقديم العرض لإحياء فرقة المسرح المتجول غير أن أحداثا غريبة وجديدة تماما على تاريخ الحركة المسرحية جعلت هناك العديد من علامات الاستفهام الكبيرة والضخمة خاصة أن هناك شائعة بأن قرارا فوقيا حسبما أ شار إليه الكاتب والمخرج جاء من رئيس البيت الفنى «رياض الخولى» بمنع استكمال بروفات العرض الذى كان يستعد صناعه للخروج إلى النور. فى البداية يسرد المؤلف الشاب رضا رمزى ملخص التجربة التى يدور حولها العمل وكيف واتته الفكرة قائلا «منذ أن حدثنى مدير الفرقه وعلمت أن هناك قرارًا بإيقاف العمل وأنا مذهول، وفى رأسى حتى هذه اللحظة علامات استفام كبيرة وضخمة فالنص كنت أعتبره نقطة انتقال فى حياتى الفنية خاصة وأن المخرج الكبير حسام الدين صلاح هو صاحب فكرته- قرر أن يقوم بإخراجه ومازلت شديد الاستغراب وأتساءل من هذا الذى يشكك فى وطنيتى وأنا الذى قدمت للحزب الوطنى بالدقهلية أكثر من 15 عرضًا مسرحيًا متطوعا والساحة الفنية تعرف جيدا أننى الفنان الوحيد الذى قام بتحويل البرنامج الانتخابى للسيد الرئيس إلى عمل فنى ويشهد استاد المنصورة والمسرح القومى بها على الاعمال التى قدمتها هناك منذ أن علمت بإيقاف العمل وأنا أبحث فى داخله عن سبب وحيد للمنع فلم أجد. فالعمل يتناول الاعتصامات التى حدثت فى شارع قصر العينى وأكشف فيه عناصر تحاول استثماره لصالحها سواء عناصر داخلية أو خارجية بل على العكس تمامًا أرى أن تجربتى وطنية مائة بالمائة وأنا ككاتب أرى أنه يجب على أن أكون مرآة للمجتمع وكالكثيرين استفزتنى الاعتصامات والاضرابات وعندما قمت بالبحث فيها وجدت أن أول اعتصام أو إضراب حدث فى تاريخ البشرية كان فى مصر الفرعونية عندما تأخرت رواتب العمال عشرين يوما وتحرك العمال فى مسيرة سلمية لمعبد «حور محب» وألقوا بأدوات العمل فى النيل. هذه المعلومة دفعتنى إلى البحث عن الأشكال الحضارية للاعتصام ورصدتها من خلال عملى. قرار غامض لقد ذهبت لعقد لقاءات حية مع بعض المعتصمين شاهدت من لهم حقوق كالعمالة المؤقتة ومحدودى الدخل وتناولتها فى عملى وقمت بعمل ورشة عمل وانتهيت من كتابة النص وتم تقديمه إلى البيت الفنى للمسرح ووقعت عقدى معهم كمؤلف ووقع المخرج حسام الدين صلاح وأبطال العمل على تقديمه وبدأنا بروفات استمرت أكثر من شهرين وانتهينا من 60 بالمائة وبدأت الصحف تتناول أخبار العمل الذى يستعد للظهور للنور وفجأة تلقيت أمرًا من مدير الفرقة يطلب تأجيل البروفات لما بعد الانتخابات فاستغربنا كثيرا وحاولت الاتصال بالفنان «رياض الخولى» ولكنه كان فى المغرب ولم يرد على هاتفى وعندما حاولنا نستأنف البروفات فوجئت بأنهم يخبروننى بأن العمل تم إيقافه وطلبوا منى تقديم نص آخر غيره وعندما سألت مدير المتجول أخبرنى قائلا هناك جهات أمنية اعترضت على العمل ولا أدرى ما هى الجهات الأمنية. كنت أعتقد أنه سيقول: الرقابة على المصنفات فاستغربت كثيرا خاصة أن البيت الفنى قبل أن يتعاقد معى عرض العمل على لجنة قراءة النصوص داخل البيت الفنى وتمت الموافقة أنا لا أصدق أن تكون هناك جهات أمنية كما يدعى البعض بل أعتقد أن هناك أعداء للنجاح متربصون بأى دماء جديدة تدخل إلى الساحة الفنية وزاد الشك داخلى من أن هناك شخوصًا يستخدمون اسم جهات أمنيه لإيقاف تجربتنا عندما انتابهم شعور بأننا سنقدم تجربة ناجحة إلى الساحة الفنية خاصة وأن مدير الفرقة بدأ يحذرنى من التوجه للصحافة غير أننى على يقين أن جريدة «الوطنى اليوم» هى بيتى وملاذى وسندى ضد من يحاول المزايدة على وطنيتى والآن سأتوجه إلى كل الطرق الشرعية لاستكمال مشروعى والحصول على كافة حقوقى المادية والأدبية بعد أن تعاقدت على النص وسألجأ إلى القضاء إذا لزم الأمر. رأى النقاد من ناحيته أبدى الناقد «د. حسن عطية» استغرابه من إيقاف العمل حيث أكد قائلا:«قرأت العمل ولا أعتقد أن به ما يتعرض للسياسة بشكل يعرضه للمنع وقدمت تقريرا فنيا حوله وملاحظاتى عليه ملاحظات فنيه ولا أجد فيه ما يمنعه من الخروج للنور وقمت بدورى فى لجنة القراءة بتقديم رأيى ولا أعلم شيئا عن قصة المنع. أما مخرج العمل حسام الدين صلاح فيرصد قصة تناوله للعمل قائلا: «لقد تقدمت الأسبوع الماضى بمذكرة إلى الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة سعيا لاستكمال المشروع الذى بدأناه وأضاف: فاجأنى الرئيس السابق للبيت الفنى بترشيحه للعديد من النصوص المسرحية لكى أقوم بإخراجها وهى أعمال كلاسيكية باللغة العربية الفصحى وكنت أشعر أن هذه لا تتناسب مع ذوق جمهورى وشعرت بأن الترشيحات تأتى لاستبعادى عن المنطقة التى أحبها والتى حققت فيها نجاحاتى وهو ما جعلنى أتقدم بمسرحية لمؤلف جديد وأنا أعشق التعامل مع الدماء الجديدة فى كافة العناصر وهى «شارع القصر العينى» وهى تجربة نعكس فيها وجهة نظرنا فيما يحدث من اعتصامات. والمسرحية ترصد موقف الشرطة الرائع والمتحضر وموقف الحكومة أيضا إزاء هذه الاعتصامات الذى نقل صورة أكثر تحضرًا إلى أن فرض أصحاب المصالح الطائفية مزادا على المعتصمين ودخل البيزنس والإعلام فنحن ندين المزايدات ونسلط الضوء عليها ونكشفها أيضا. فمثلا هناك سيدة حامل تلد فى داخل هذا الاعتصام بعد أن تحاول الشرطة جاهدة إدخال عربة الإسعاف لمساندة السيدة إلا أن المعتصمين يرفضون ويتم الاستعانة بطبيب من خلال موقع «الفيس بوك» الشهير الذى جاءته الفرصة لتوليد سيدةوهو أول عمل له بالطب منذ تخرجه وقد أعجبنى النص وأى نص له لجنة قراءة مكونة من ثلاثة أفراد بحيث لو وافق عليه اثنان واعترض الثالث يتم تقديمه. وكانت الناقدة «عبله الروينى» والناقد د. «حسن عطية» وامتنع الثالث لأنه مؤلف وبالتالى فقد منحاه الموافقة وبدأنا البروفات وقدمنا النص للرقابة وفوجئت باتصال من السيد الأستاذ عصام الطحاوى مدير الرقابة على المصنفات المسرحية وقال النص ليس به شىء ولكن مكتوب هتافات فى مناطق داخل النص نود معرفة ماهى هذه الهتافات فقلت له النص عندك ولك الحرية فى قبوله ورفضه. فأخبرنى أنه أجاز النص ولكن ما ادى إلى توقف البروفات هو أن المسئول عن المسرح المتجول جلس يقول هناك جهات فوقية وسيادية تقف حائلا لمنع تقديم العرض وتحدثت مع الفنان رياض الخولى فقال إن هناك اتصالا به لمنع العمل وأنا لا أصدق ذلك خاصة وأنه بعد أن جاء وجلست معه وجدت حالة غريبة وقررت الاعتذار عن تقديم أى أعمال فنية داخل البيت الفنى حتى تنصلح الأوضاع فالبيت الفنى أولى أن يدافع عن أعماله التى تعاقد عليها مع الفنانين وأنهى المخرج حديثه قائلا: كلى أمل فى الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة سعيا وراء تصحيح الأوضاع، وأضاف ثائرا: من غير المنطقى أن أوقف البروفات بعد شهرين من العمل وأن أبحث عن نص آخر لأسباب غير مفهومة، عفوا.. أنا لا أصدق ذلك وأود أن أفهم بقية التفاصيل، فالعمل ليس به أى هدف غير وطنى، ولكنى أشتمُّ رائحة أعداء النجاح تستخدم أساليبها لمنع تقديم التجربة لأنهم يعلمون أن المسرح عاجز عن تقديم عروض تحقق لافتة «كامل العدد» منذ فترة بعيدة ونحن فى أشد الاحتياج لإحياء المسرح المصرى والنهوض به بعيدا عن الحسابات الشخصية التى ترغب فى إفشال التجارب الناجحة حتى يقال إنه ليس فى الإمكان إبداع أحسن مما كان وتجاربى الأخيرة سواء مسرحية «قاعدين ليه» أو «يمامة بيضا» حققت أعلى إيرادات سجلها البيت الفنى فى تاريخه. رئيس البيت فى هدوء تام وعبر اتصال تليفونى أكد الفنان «رياض الخولى» رئيس البيت الفنى أن العمل تم تأجيله لترتيب أوراق البيت الفنى للمسرح ولا توجد أى قرارات بمنعه من الظهور إلى النور. أيضا د. «سيد خطاب» رئيس الرقابة على المصنفات الفنية أكد قائلا: منذ توليت منصبى ولم يتم منع أى عمل فنى وهذا العمل أجازته الرقابة منذ شهر وتم توجيه الإجازة إلى البيت الفنى وفرقة المسرح المتجول لاستكمال بقية الأوراق ولا توجد أى اعتراضات داخل الرقابة على المصنفات الفنية من تقديم العمل.