بعد 23 عاما من توقف المسرح المتجول الذى أسسه الراحل عبدالغفار عودة، وحقق به نجاحا كبيرا فى التنقل بين محافظات مصر، وكان سببا فى ظهور عدد كبير من المؤلفين والمخرجين والممثلين الذين أصبحوا من كبار رجال المسرح، أعاد توفيق عبدالحميد رئيس البيت الفنى للمسرح، المسرح المتجول الجديد، ولاقت فكرة عودته إعجاب فاروق حسنى وزير الثقافة فأصدر قرارا بتعيين عصام الشويخ مديرا لفرقة «المسرح المتجول»، وأن يكون مسرح «ملك» الذى يمر بمرحلة تجديد هو المقر الرئيسى للفرقة. مسرحية «درب عسكر» التى تم افتتاحها فى قاعة يوسف إدريس فى مسرح السلام، هى أول إنتاج للمسرح المتجول من تأليف الراحل الدكتور محسن مصيلحى وإخراج محمود الزيات وبطولة حمدى عباس وشهيرة سعيد وأحمد عبدالجواد وأحمد الشناوى وسحر منصور. تتناول أحداث المسرحية خلال 60 دقيقة، تاريخ فن الارتجال فى المسرح المصرى، بداية من خيال الظل ثم يعقوب صنوع رائد المسرح العربى، وصولا إلى على الكسار، وتطرق العرض إلى الرقابة والقيود التى يفرضها الأمن على الفن، والتى تسببت فى توقف تلك النوعية من الفنون، لأنها تتسم بالجرأة فى تناول مشاكل وهموم الناس، وفى نهاية المسرحية التى نجحت فى جذب الجمهور إليها منذ افتتاحها حتى الآن، تم كشف الحالة التى وصل إليها المسرح المصرى، من خلال انتقاد العروض الاجنبية التى تشارك فى مهرجان المسرح التجريبى والتشكيك فى الجوائز التى تحصل عليها. ورغم جدية القضية التى يتناولها العرض، إلا أن محمود الزيات مخرجه استطاع تقديمه فى قالب كوميدى فى حدود فن الارتجال الذى يسمح بمشاركة الجمهور فى الحوار مع الممثلين، ما جعل المسرحية تظهر مختلفة تماما عن الشكل التقليدى للعروض المسرحية، معتمدا على اختيار ممثلين يمتازون بخفة الظل والقدرة على تقديم الارتجال، ومن الأشياء الغريبة التى جاءت فى المسرحية ولاقت إعجاب الجمهور، استخدام المخرج واجهة قاعة المسرح كديكور فى المسرحية، وبدأ منها أول مشهد أثناء تواجد الجمهور فى الخارج، ولفت انتباه الجميع أن ممثلى العرض أثناء تنقلهم من شخصية إلى أخرى يبدلون ملابسهم على خشبة المسرح وليس فى الكواليس مثلما يحدث فى باقى المسرحيات. محمود الزيات أكد أن اختياره نص «درب عسكر» يرجع إلى أنه مكتوب بطريقة تسمح للممثل بالارتجال ويرصد من خلاله تاريخ المسرح المصرى، كما أنه يساعد على استخدام ديكورات بسيطة وإضاءة محدودة وبالتالى يمكن التجول به فى كل المحافظات، وقال: لن نتأثر بفقر إمكانيات المسارح التى نعرض فيها لدرجة أننى من الممكن أن أعرض فى «جرن» لاننى بنيت خطتى الإخراجية على ذلك. لم يقتصد المخرج فى الديكورات والاضاءة فقط بل فى عدد الممثلين المشاركين فى المسرحية، وقال الزيات: رغم أن النص ملىء بالشخصيات فإننى جعلت الممثل يقدم اكثر من شخصية فى المسرحية لان النص يعتمد على الارتجال، وأداؤه يتطلب ممثلا جيدا، وقد بذلت مجهودات كبيرة فى اختيار ابطال العرض لانه مطلوب ممثل ذو مواصفات خاصة منها قدرته على إدخال الجمهور فى الحوار والاستماع الى وجهة نظره وهذا امر ليس سهلا، ولهذا تم مد زمن البروفات لتدريب الممثلين على فن الارتجال خاصة أننا لا نمتلك فى مصر «ممثل مرتجل» بعد القضاء على هذا النوع من الفنون. وأكد الزيات أن اختيار قاعة يوسف إدريس لعرض المسرحية ساعده كثيرا فى نجاح العرض لعدم وجود خشبة مسرح حتى لا تكون حاجزا فى تفاعل الجمهور مع الممثلين، فكلما اقترب الجمهور من الممثل نجح الارتجال، وقال: مشهد انتقاد مهرجان المسرح التجريبى تم إضافته من عندى فهو غير موجود فى النص الأصلى، ولأن المسرحية تتطرق إلى تاريخ المسرح المصرى كان لابد من التطرق إلى هذا المهرجان باعتباره آخر ما وصل إليه المسرح، وقدم العاملون فى المسرحية وجهات نظرهم فى هذا المهرجان الذى لم يضف إلى الحركة المسرحية شيئا لأن الناس مش فاهمة طبيعة العروض التى يقدمها المهرجان، ولا تعرف أصلا معنى كلمة «تجريب». رغم جرأة المسرحية فى تعرضها لأزمات المسرح وتجسيدها شخصيتى الرقيب وضابط الشرطة اللذين ظهرا أكثر قسوة فى وقف وإلغاء الكثير من المسرحيات الجادة، إلا أن الزيات أكد أن الرقابة على المصنفات الفنية لم تعترض على النص ولم تحذف أى جملة منه. عصام الشويخ مدير المسرح المتجول أوضح أن العرض سيستمر فى القاهرة لمدة أسبوعين وبعدها يتم التجول به فى المحافظات بدءا من الإسكندرية ثم أسيوط فى مسارح قصور الثقافة وقال: تم تخصيص ميزانية للمسرح المتجول لا تقل عن باقى فرق مسارح الدولة، وبالتالى تسمح له بالتنقل دون أى مشاكل، والهدف من المسرح المتجول هو التواصل مع جمهور المحافظات المحروم من مشاهدة المسرح، ولدى دراسة حول كتابة وتطور المسرح المتجول سيتم مناقشتها خلال أيام، وجار على مسرح ميامى بروفات العرض الثانى للمسرح المتجول وهى مسرحية «لسه فى أمل» من تأليف حمدى نوار وإخراج عصام السيد وبطولة سامح يسرى وعادل الفار وغادة إبراهيم وسيتم افتتاحها أول مايو المقبل.