يعيش المخرج الكبيرحسام الدين صلاح منذ شهرين حالة من النشاط الفنى المكثف لتقديم عرضه المسرحى الجديد «شارع القصر العينى» بعد آخر عملين قدمهما على خشبات المسرح المصرى الأول ينتمى إلى المسرح الكوميدى «قاعدين ليه» والذى قدم على مسرح «متروبول» بطولة الفنان سعيد صالح والثانى بطولة على الحجار «يمامه بيضا» والذى قدم على مسرح السلام وقد حققت هذه الأعمال أعلى إيرادات سجلتها دفاترمسارح الدولة وتوقف الرجل عن العمل خلال الفترة الماضية وعاد بعمل جديد تحت لواء فكرة مستحدثة داخل البيت الفنى للمسرح يطلق عليها فرقة المسرح المتجول غير أن أمرا غريبا يهدد بإيقاف العرض أمر يحدث ربما لأول مرة فى تاريخ مخرجنا الذى يحمل خلف ظهره منذ بداياته نجاحات رصدتها الأقلام الصحفية والنقدية. هناك علامات استفهام ضخمه مازالت تملأ رءوس فريق العمل الذى توقف عن العمل بقرار فوقى حسب ما يشاع ويسرى داخل الأوساط المسرحية علامات أكبر خاصة أن العمل لمخرج لم يتم إيقاف عمل له طيلة فترة ممارسته للعملية الإبداعية التى بدأت بالمسرح المدرسى وتوجهت إلى الدراسة الأكاديمية وملأت جنبات القطاع الخاص والعام والشركات فى البداية يقدم لنا المخرج بداياته قائلا: بدأت عملى فى فرقة التمثيل بالمدرسة الإعدادية والثانوية كان اهتمامى وصل إلى درجة تجيرنا للمسرح القومى وتقديم عروضنا عليه وكان يسرى مصطفى خريج المعهد العالى للفنون المسرحية يقوم بالإخراج لنا وكنا فى مدرسة «روض الفرج الثانوية» هذه المدرسة الحكومية تهتم بالمسرح اهتماما كبيرا جدا وفى أولى ثانوى مثلا أتذكر أننا قدمنا «ثورة الموتى» وأخرى عن الصراع العربى الإسرائيلى من تأليف مدير المدرسة حيث كان الاهتمام بالمسرح من الجميع وقدمنا «قولوا لعين الشمس» إخراج أحمد ماهر الممثل وكان هناك منتخب للمسرح يضم منطقة شمال القاهرة للمدارس الثانوية كان به توفيق عبد الحميد والراحل محمد الشرقاوى وهذه المجموعه قدمتنى إلى مركز شباب الساحل وهناك قمت بإخراج أول مسرحية كان بطلها توفيق عبد الحميد وكانت هى مسرحية «ليلى والمجنون» لصلاح عبد الصبور ولاقت نجاحا كبيراً لدرجة أننا أعدنا تقديم التجربة مرة ثانية فى مهرجان المسرح العالمى بمشاركة محمد محمود وأحمد سلامة وعادل أنور وطلعت زكريا وحنان سليمان وألفت إمام وحصلنا على جوائز التمثيل والإخراج وبدأ المخرج يتشكل بداخلى فى سن مبكرة جدا وفى هذا الوقت كان المسرح مزدهراً وكان نجاح العمل مرتبطاً بالمخرج حيث أسماء مخرجين كبار يسيطرون على الساحة المسرحية وكنت أرى انضمامى إلى هذه الأسماء أمراً ضروريا فقمت بمساعدة الراحل كرم مطاوع والقدير جلال الشرقاوى والمبدع حسن عبد السلام وأصبحت فرص العمل متاحة فاكتشفنى فؤاد المهندس وقدمنى من خلال مساندتى فى أحد الأعمال التى قمنا بتحويلها من فيلم سينمائى إلى مسرحية «هالة حبيبتى» وقمت باختيار الأطفال فى المسرحية وتدريبهم وتم منحى حرية كبيرة فى التعامل مع العمل وللأسف هذه المسرحية لم تنجح فى حينها لكننى استمتعت بالسفر بهذا العمل إلى كل محافظات مصر والعمل فى ظروف مختلفة وجمهور مختلف من محافظة إلى محافظة ثم سافرت المسرحية إلى دول الخليج وأحدثت نجاحا رائعاً بعد عرضها على التليفزيون بعدة سنوات وفى هذه الفترة المبكرة أخرجت للتليفزيون مسرحية «فى بيتنا حسنين» وكانت تعرض قريبا فى عدد من المحطات الفضائية بطولة أحمد بدير ومحمد أبو الحسن وفؤاد خليل وعلا رامى ورضا حامد ورغم أنها من المسرحيات التى أنتجت لتصوير اليوم الواحد إلا أننى عندما أشاهدها وأشاهد العديد من الأعمال التى قدمتها أكون شديد الاستغراب من أنها تعيش حتى هذه اللحظة وكأنها أنتجت بالأمس. * ماهى حكاية العرض الذى تدخل السيد الرئيس محمد حسنى مبارك لعرضه بعد المنع؟ - عندما تم تعيينى كمخرج شاب فى مسرح السلام فتحت الباب لكثير من المخرجين الشبان وبدأ المسرح يستقبل فكرة المخرج الشاب ومن الأعمال التى قدمتها لمسرح السلام «البلطجية» لتوفيق الدقن وضياء الميرغنى ومحمد محمود ومجدى فكرى ومحمد عبد الجواد وعلى عبد الرحيم ثم «بياعين الهوا» التى تتحدث عنها لمحيى اسماعيل وإيمان وعلا رامى وكانت تستشرف الواقع من خلال شركات توظيف الأموال وكتب عنها سمير رجب بأن السيد الرئيس شاهدها على الطائرة وأمر بإذاعتها وقال مافيهاش حاجة وكتب ذلك فى عموده لأن الرقابة كانت تخاف تقديم العرض المسرحى لإحساسها بأننا نتحدث عن الجماعة المحظورة وفكرهم وعرض برنامجهم الانتخابى على المسرح وكنا نهاجم الشعوذة والدجل والمتاجرة والمزايدة بالدين وظهور فتاوى التمثيل حرام والفكر السلفى والرقابة اعترضت بعض الشىء. طعم الكلام * هناك عروض قدمتها تحذر فيها من التطبيع الثقافى والفنى مع إسرائيل ؟ - نعم وهى من العروض التى قدمتها وأحبها «طعم الكلام» وأتذكر أن الرقابة طالبت المسئولين بحتمية تصوير العمل فى ذات الوقت لروعة العرض وحماس جمهوره وهناك أيضا عمل عن سليمان خاطر وقصص الذين رفضوا التطبيع وحققت هذه الأعمال لافتة كامل العدد وكان تقديم النص بشجاعة الراحل سامى خشبة رئيس البيت الفنى وقتها والعمل بطولة عبد الله محمود وفاروق نجيب وياسر على ماهر ومنال سلامة وأبطال مسرح الطليعة. ثم قدمنا «التوهان» و«والله زمان يافاطمة» عن قصة فاطمة رشدى و«عاش العريان» و«اللعبة الكبيرة» و«كان زمان» «وقاعدين ليه» وهى من بطولة سعيد صالح وبشرى وإنجى على ومحمد رمضان كوجه جديد و«يمامة بيضا» بطولة على الحجار وهدى عمار ومحمد شرف وفاطمة الكاشف وعزب شو إعداد وأشعار جمال بخيت ومأخوذة عن عودة الروح وعودة الوعى للراحل توفيق الحكيم وحصلت على أفضل عرض من اتحاد الإذاعة والتليفزيون أعداء النجاح * كل هذه الأعمال لم تتعرض فيها إلى مشكلة كالتى تواجهها الآن؟ - نعم فى حقيقة الأمر لم يتم إيقاف أى عمل لى من الأعمال التى قدمتها وقصدت أن أذكرها لأن جميعها لها فى رأس المسرحيين وفى عقل الحركة المسرحية المصرية باع طويل وجميعها كنت أعتبر أن الاعتراضات تأتينى من كارهى النجاح وأعدائه وكنت لا أوليهم أى اهتمام ولكنى هذه المرة أستغرب لما حدث لى خلال الفترة الماضية لرئيس البيت السابق فبعد تقديمى لمسرحية «قاعدين ليه» فاجأنى الرئيس السابق للبيت الفنى بترشيحه للعديد من النصوص المسرحية الكلاسيكية باللغة العربية الفصحى وكنت أشعر أن هذه لا تتناسب مع ذوق جمهورى وشعرت بأن الترشيحات تأتى لاستبعادى عن المنطقة التى أحبها والتى حققت فيها نجاحاتى وهو ما جعلنى أتقدم بمسرحية لمؤلف جديد وأنا أعشق التعامل مع الدماء الجديدة فى كافة العناصر وهى «شارع القصر العينى» وهى تجربة نعكس فيها وجهة نظرنا فيما يحدث من اعتصامات وموقف الشرطه مثلا رائع ومتحضر وكان موقف الحكومة أيضا إزاء هذه الاعتصامات متحضر إلى أن فرض أصحاب المصالح الطائفية مزادا على المعتصمين ودخل البيزنس والإعلام وقد أعجبنى النص وأى نص له لجنة قراءة مكونة من ثلاثة أفراد بحيث لو وافق عليه اثنان واعترض الثالث يتم تقديمه وكانت الناقدة عبلة الروينى والناقد د حسن عطية قد منحاه الموافقة وبدأنا البروفات وقدمنا النص للرقابة وفوجئت باتصال الأستاذ عصام الطحاوى مدير الرقابة على المصنفات المسرحية وقال النص ليس به شىء ولكن مكتوب هتافات فى مناطق داخل النص نود معرفة ماهى هذه الهتافات فقلت له النص عندك ولك الحرية فى قبوله ورفضه فأخبرنى أنه أجازالنص وقمنا بعمل بروفاتنا بمجموعة من النجوم الشبان محمد رمضان ميار الغيطى، محمد عدوية، علاء زينهم، منير مكرم، عادل الفار، ومحمد الشربينى ومجموعة من فرقة المسرح المتجول ولكن ما حدث وأدى إلى توقف البروفات فى الأسبوع الماضى أن المسئول عن المسرح المتجول جلس يقول هناك جهات فوقية وسيادية تقف حائلا لمنع تقديم العرض وتحدثت مع الفنان رياض الخولى وهو فى المغرب فقال إن هناك اتصالاً به لمنع العمل وأنا لا أصدق ذلك. فالفنان القدير رياض الخولى من أعز الأصدقاء وهو ملىء بالنشاط والحيوية ولديه رغبة حقيقية فى إضاءة المسرح ومهتم جداً لكننى وجدت نفسى فى مشكلة جديدة علىَّ تماما ألا وهى إنه يجب أن أوقف البروفات بعد شهرين من العمل وأن أبحث عن نص لأسباب غيرمفهومة.