أثمرت جولة المباحثات التى أجراها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى مع النائب الثانى للرئيس السودانى على عثمان طه وزير الخارجية على كرتى وبعض القوى السياسية السودانية على الاتفاق على استمرار الحفاظ على الروابط التاريخية بين أهل السودان فى مرحلة ما بعد الاستفتاء، ونقل موسى إلى المسئولين فى الجنوب خاصة سلفاكير الروح الإيجابية والتفهم الذى لمسه من حكومة الخرطوم بأنه لا عودة للحرب وأن حق تقرير المصير تم توقيعه من أجل السلام والحفاظ على علاقات مستقرة بين الشمال والجنوب. كان من الملاحظ وجود اثر ايجابى للدور الذى لعبته القمة الرباعية وشارك فيها الرئيس حسنى مبارك مع قادة السودان وليبيا وموريتانيا حيث أثمرت عن احتواء أى تصعيد على المستوى السياسى والعسكرى وتأكيد الطرفين على الالتزام بتوقيع اتفاق إطارى لترسيم الحدود بعد الاستفتاء ويشمل الاتفاق التعاون الاقتصادى والأمنى لتأمين الحدود ومنع تسلل القوات بين الطرفين فيما أكد السفير المصرى فى الخرطوم عبد الغفار الديب أن الرئيس مبارك كان حريصا على موضوع اتفاق ترسيم الحدود خلال المرحلة الانتقالية والتى تنتهى فى 9 يوليو وقال لقد تم تنفيذ 80 % من هذا الموضوع وهو الاتفاق على حدود 1-1 – 1956 أى حدود تاريخ استقلال السودان ما بين الشمال والجنوب وأضاف أن من بين النتائج الايجابية للقمة الرباعية ولزيارة الأمين العام للجامعة العربية الاتفاق على عدم العودة للحرب ودعم حرية الحركة بين المواطنين خاصة فى مناطق الولايات المتاخمة للحدود والتى يسكنها قبائل بينهما مصاهرة وتداخل غير قابل للانفصال وكذلك تأكيد الرئيس مبارك على ضرورة التمسك باحترام العلاقات وان يكون الانفصال سلميا وسياسيا وليس انفصالا اقتصاديا واجتماعيا أو حتى اقليمى بحيث يبقى التكامل قائما بين كل السودان. وقد عكس عمرو موسى فى تصريحاته طبيعة التفهم والارتياح الذى يبديه المسئولون فى الشمال والجنوب وقال عقب اللقاء مع نائب الرئيس السودانى على عثمان طه أنه جرى حديث سياسى حول التطورات القادمة فيما يتعلق بالاستفتاء ومستقبل العلاقة والتوقعات بعد وقبل الاستفتاء وقال إن الحديث مع نائب الرئيس كان مهما للغاية وتطرق إلى كل التفاصيل التى تؤدى إلى تطمينات بشأن العلاقة مع الإخوة فى الجنوب والحفاظ على التواصل والتعاون وأضاف أن الجامعة العربية سوف تراقب الاستفتاء من خلال بعثة كبيرة يصل عددها الى 87 مراقبا وعما إذا كان هناك اتجاه بأن يبرم الطرفان اتفاقا يضمن عدم العودة للحرب ووقف اية عدائيات قال موسى إن الروح السائدة فى الشمال والجنوب بعيدة عن الحرب وكل ما يدور من مباحثات هو حول كيفية الإدارة السياسية وشدد على أنه لا يشعر باى توجه نحو عدائيات وفى لقاء مشترك مع وزير الخارجية السودانى اوضح موسى أن الحوار جرى فى إطار ايجابى إزاء الأحداث والتطورات والتأكيد على احترام نتيجة الاستفتاء وسئل موسى عما إذا كان الجنوب سوف ينضم الى الجامعة العربية قال إننا نبحث حاليا فى الوضع الراهن والاستفتاء ومن جانبه قال وزير الخارجية على كرتى إن زيارة الأمين العام للجامعة العربية جاءت فى توقيت مهم وتمثل حرصا شديدا على أهمية المتابعة وتبادل الأفكار حول ما يمكن عمله خلال هذه الفترة المهمة من تاريخ السودان وقال إن الحكومة السودانية أعطت حق تقرير المصير حتى تكون الوحدة طوعية ومتاحة وقد عرض رئيس الجمهورية كل الموارد من اجل الوحدة بما فى ذلك البترول وأضاف إذا كان الاستفتاء سيقود إلى الانفصال فلا مانع من علاقة جوار آمنة وسليمة وردا على سؤال حول تحميل البعض المسئولية واللوم لحكومة السودان وللجامعة العربية ولقادة الجنوب حول مسألة الانفصال قال كرتى بغضب شديد النظام السودانى ليس عسكريا وهو منتخب لست مرات بشكل ديمقراطى وقد عرض كل الفرص من أجل الوحدة وعمل من اجلها وكذلك الجامعة العربية بذلت جهدا كبيرا من اجل وحدة السودان وقد أعطت الحكومة حق تقرير المصير لايقاف الحرب وقد وافق على ذلك الجميع بما فى ذلك الأحزاب السودانية وأضاف أن الجامعة العربية وحكومة السودان ليس لهما دور فى فصل الجنوب وإنما نحن نلقى المسئولية على أمريكا وكل الحلفاء الغربيين الذين أشعلوا أزمة فصل الجنوب اما نحن فقد قدمنا كل شىء من اجل الإبقاء على السودان الموحد أما إذا كان الانفصال هو رغبة الإخوة فى الجنوب فهذه إرادة الجنوبيين وردا على سؤال حول انتهاء الخلافات حول القضايا العالقة قال كرتى: إن المخاوف لم تتبدد بعد وهناك خلاف حول ابيى لحين الاتفاق السياسى وانتقد مساندة حكومة الجنوب لفصائل دارفور قائلا إذا كانت حكومة الجنوب تريد أن يبدأ عهدها بالحروب سيكون عبر هذه الفصائل التى تحاول الاستفادة منهم وأضاف: لا نريد أن تكون قضية دارفور طرفا فى النزاع مع الجنوب وذكر ان ما تبقى من خلافات حول ترسيم الحدود حوالى 17 % وجار الحوار للاتفاق على نقاط لحلها واذا تبقى سبع نقاط أو ست فلا مانع من حلها فيما بعد وضرب مثالا على عدم ترسيم الحدود بين اثيوبيا والسودان حتى الآن وقال لا أعتقد أن مسالة ترسيم الحدود قد تؤدى إلى نزاع أو حرب. وفى الخرطوم كانت المشاهد متفاوتة فى النسب والأرقام حول من يريد الوحدة أو الانفصال وربما كان السبب هو العاطفة الطيبة التى يتميز بها أهل السودان وعدم التصديق بان استقلال الجنوب فى شكل دولة بات قاب قوسين أو أدنى حتى قبل إجراء الاستفتاء وذهب الجميع للملمة نفسه وسط زحام شديد اللهجة والغضب وربما الخوف من مستقبل غامض يصعب فيه حسم التوقعات والنتائج فهناك من يقول إن 80 % من أهل الشمال يريد الانفصال ويعلل بسبب الحرب والرغبة فى السلام وهناك من يقول إن كل أبناء الشمال يرغبون فى الوحدة وهناك حالة من الحزن الشديد تسود الشمال بسبب الانفصال وهناك حوالى ثلاثة ملايين جنوبى يعيشون فى الشمال قاموا مؤخرا بإرسال عائلاتهم الى الجنوب وبقى من يربطه بالشمال مصالح ومشروعات وأملاك وهناك من يرفض تسجيل نفسه فى الاستفتاء حتى يفوز بالمواطنة ويحظى بالهوية الشمالية وقد اشارت الإحصائيات إلى أن من سجل نفسه للتصويت على الاستفتاء فى الشمال حوالى 117 ألف مواطن جنوبى سوف يدولون بأصواتهم فى مراكز مختلفة فى الشمال.