الأنصاري: 278 مقراً انتخابياً و297 لجنة فرعية جاهزة لاستقبال الناخبين    «الهيئة الوطنية» تعلن جاهزية انتخابات الشيوخ 2025 في مؤتمر.. الخميس    أشرف منصور: المتحف الكبير والعاصمة الإدارية والهوية البصرية رسائل للعالم    الأنبا إيلاريون يزور كنيسة الأنبا بولا ببشارة ويرسم 15 شماسًا في رتبة إبصالتس.. صور    تنبيه هام من الضرائب بشأن آخر موعد للتسويات السنوية المعدلة للمرتبات    وزيرة التنمية المحلية ومحافظ مطروح يفتتحان مجزر مدينة الحمام    مصر تشارك في لجنة التفاوض لوضع صك قانوني ملزم حول التلوث البلاستيكي    محافظة المنيا: تشغيل المجمعات الحكومية بالقرى لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    السويد تطالب الاتحاد الأوروبي بتجميد الشق التجاري من اتفاقية مع إسرائيل    «عضو مجلس الشيوخ»: السيسي يقود موقفًا وطنيًا مشرفًا في دعم فلسطين    ناجى الشهابي: التراجع الدولي المفاجئ لصالح فلسطين رسالة واضحة    الأردن يرحب بعزم كندا ومالطا الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماعات الأمم المتحدة    الفحوصات الطبية تثبت إصابة لاعب وسط الزمالك بشد في العضلة الضامة    عمرو ناصر: رفضت عروضا أكبر من الزمالك.. وأحلم بالانضمام للمنتخب    ضبط صاحب كيان تعليمي وهمي بمدينة نصر استولى على أموال المواطنين    "السكة الحديد" توضح حقيقة خروج قطار عن القضبان بعد اصطدامه برصيف محطة السنطة    أب ينهي حياة ابنته لخروجها بدون إذنه بالشرقية    امتحانات الدور الثاني 2025.. جولة تفقدية لإدارة الساحل التعليمية بعدة مدارس    حسام حبيب: "لو شرين صوت مصر أنا هغير جنسيتي".. والفنانة ترد ببلاغ رسمي    وداعا صاحب البهجة.. نجوم الفن يشيعون جثمان لطفي لبيب| صور    محسن جابر يشارك فى فعاليات مهرجان جرش ال 39    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    «كفتة البطاطس بالدجاج».. لمسة خفيفة على مائدة الصيف    كيف أتخلص من دهون البطن بدون رياضة؟    ڤويا Passion سيارة فارهة جديدة تنضم إلى السوق المصري.. أسعار ومواصفات    حمزة نمرة يتصدر الترند بأغنية "شيل الشيلة" بتوقيع الملحن محمدي    أسعار الأسماك بأسواق مطروح اليوم الخميس 31-7- 2025.. البورى ب 150 جنيه    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    تهريب ومخالفات وأحكام.. جهود أمن المنافذ 24 ساعة    محافظ الجيزة يكرم 13 متفوقًا من أوائل الثانوية والدبلومات.. لاب توب وشهادات تقدير    رئيس هيئة الأوقاف يوجّه مديري المناطق بالحفاظ على ممتلكات الهيئة وتعظيم الاستفادة منها    تقارير تكشف موقف ريال مدريد من تجديد عقد فينيسيوس جونيور    صفقة تبادلية محتملة بين الزمالك والمصري.. شوبير يكشف التفاصيل    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    أساطير ألعاب الماء يحتفلون بدخول حسين المسلم قائمة العظماء    حبس بائع خردة تعدى على ابنته بالضرب حتى الموت في الشرقية    ماذا يتضمن مشروع القانون في الكونجرس لتمويل تسليح أوكرانيا بأموال أوروبية؟    انتخابات الشيوخ.. 100 ألف جنيه غرامة للمخالفين للصمت الانتخابي    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يوجه الموساد للتفاهم مع خمس دول لاستيعاب أهالي غزة    محافظ الدقهلية يواصل جولاته المفاجئة ويتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    خروج قطار عن القضبان بعد الاصطدام برصيف محطة السنطة دون إصابات    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    مسلسل «220 يوم» يتصدر التريند بعد عرض أولى حلقاته    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات البنية الأساسية والتطوير بمدن بالصعيد    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    وزير الخارجية يلتقي السيناتور "تيد كروز" عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التواصل الإنسانى فن وعلم
نشر في أكتوبر يوم 12 - 12 - 2010

كثير من المشكلات التي تحدث في العلاقات الإنسانية، ترجع أسبابها لوجود عقبات في «لغة التواصل»، وليس لأسباب حقيقية. بمعنى أننا أحيانا كثيرة نشعر بالجرح أو الإهانة من شخص ما، بينما تكون دوافعه ونواياه غير ذلك تماما. ذلك لأننا نقفز إلى نتائج بشأن النوايا التي من وراء تصرفاته دون أن نأخذ الوقت المطلوب لنتأكد من نواياه الحقيقية، فغالبا ما تكون تفسيراتنا لتصرفات الآخرين نتاج قياس هذه التصرفات على معتقداتنا نحن، أكثر منها محاولة لفهم ما يقصدونه هم حقيقية، وهذا كفيل بإفساد العلاقات الشخصية، ووجود «سوء فهم» مستمر، يتفاقم إلى فقدان التواصل تماما، وقصة اليوم تلقي الضوء بوضوح على جذور أسباب «عدم التواصل»، وخطورة أثره على العلاقات الإنسانية.
يحكى خبير العلاقات الزوجية الأمريكى ميشيل نورمان عن قصة «دانييل» وزوجها «تروى» اللذين تزوجا حديثا، وكلاهما مؤمن بأن «الصدق والاحترام في التعامل» أساسيان لتقوية العلاقة الزوجية. فيقول نورمان: «وحين التقيت بهما لأول مرة أدركت أنهما شخصان رائعان ولديهما نوايا طيبة جدا، ومع ذلك فقد كانت عندهما مشكلات كبيرة في علاقتهما، خاصة عندما يتعلق الأمر بمناقشة أشياء أساسية في حياتهما. نشأت هذه المشكلات لأن كل واحد منهما - ودون أن يعرف الآخر - لديه معتقدات مختلفة عما تعنيه عبارة «التعامل بصدق واحترام».
«دانييل» تربت على أن التعامل بصدق واحترام معناه ألا يتردد الشخص في أن يقول أي شىء كما يراه فعلا، وكانت تعتقد أنها إذا فعلت أقل من ذلك، فهذا لا ينم أبدا عن «التعامل بصدق واحترام»، لأنها لا تكون قد أعطت للشخص الذى تهتم به الفرصة لأن يعرف موقفها تماما من أى أمر. أما زوجها «تروى»، على الجانب الآخر، فكانت نفس العبارة تعنى عنده أن يكون الإنسان صادقا ولكن هادئا، ومتصلا دائما بقلبه ليكون حريصا على الطريقة التى يقول بها أى شىء، فلا يصدر منه أى كلمة أو تصرف يجرح الطرف الآخر.
نية طيبة ومعنى مشترك.. ولكن/u/
بهذين المعتقدين المختلفين عند كل واحد منهما لمعنى «التعامل بصدق واحترام»، كان كل واحد منهما يقرأ تصرفات الآخر بشكل يجرحه كثيرا، ويزرع الفرقة والخصام دون وجود سبب حقيقى. ف «تروى» مثلا كان يشعر أن «دانييل» غير حساسة بالمرة، وأنها لا تراعي مشاعره مطلقا، ويندهش كيف لها أن تقول كل ما داخلها دون أى تفكير فيما يمكن أن يكون تأثير ذلك عليه!
أما دانييل فكانت تشعر دائما أن (تروى) يخفي عنها شيئا ما، وهذا يعنى أنه غير صادق معها، وأنه لا يحترمها، فهى تشعر أنه لا يقول لها ما يشعر به تماما. بل وبدأت تعتقد أن (تروى) لا يهتم بعلاقتهما لأنه لو كان مهتما لكان أظهر مشاعر أقوى. هكذا دخل الزوجان فى حلقة مفرغة، فكلما ضايق تصرف أحدهما الآخر كلما زادت المناقشات بينهما، وكلما ساءت الأمور أكثر، لأن كل واحد منهما يتأكد أكثر أن الآخر لا يتعامل معه «بصدق واحترام». بينما فى الحقيقة أن كل واحد منهما كان يفعل كل ما في وسعه ليكون محترما وصادقا مع الآخر.
فكل المشكلة نشأت لأن كل واحد منهما لا يدرك أن الآخر لديه مفهوم مختلف تماما عما يعنيه أن يكون الإنسان صادقا ومحترما. ويقول نورمان: «من الخطأ جدا أن تظن أن ما تعنيه أنت هو المعيار الوحيد لقياس ما يعنيه الآخرون، فهذا يسبب مشاكل خطيرة في العمل وفى الحب وفى الصداقة وفى كل المعاملات الإنسانية. إذا كنت لا تستطيع أن تفسر سلوك الآخرين إلا من خلال نظرتك للعالم فأنا أؤكد لك أنك لن تنتهى إلا للألم فى كل علاقاتك. وهذا يعنى أن واحدة من أهم المهارات التى تحتاج أن تتقنها هى: كيف تفهم العالم من خلال وجهة نظر شخص آخر».
معنى أو سع للصدق والاحترام/u/
أن يتعلم الإنسان كيف يفهم العالم من وجهة نظر شخص آخر، أراها مهارة أساسية، وإتقانها يحتاج وعيا عاليا وصافيا، لأنها تتطلب أن يخرج الإنسان من حدوده الضيقة التى يرى بها العالم، ويدرك أن هناك رؤى أخرى. فنحن كثيرا – مثل «دانييل» - ما نفهم أن «الصدق والاحترام» هو أن نقول ما بداخلنا دون أن نفكر في أى شىء آخر، معللين ذلك بالقول «لأنى أحبك أُخرج لك ما داخلى دون تفكير». وإذا راقبت سلوكك بصدق ستجد أن هذه الحال هو حجرة عثرة في كل علاقة. وصعوبة الحل يأتى من أن خروج الإنسان من «دائرة رؤيته» المحدودة يعني للنفس الدنيا أنه انهيار لوجودها. أما إذا أراد الإنسان الحق والعدل لنفسه وللآخرين، فهو يتدرب على أن يتطهر طواعية من تكبر نفسه الدنيا، ويذهب بوعيه إلى منطقة داخله حيادية، وقادرة على أن تحثه على أن يرى الطرف الآخر حقا، ويحترم رؤيته.
إذا طبقنا ذلك على قصة «دانييل وتروى» سنجد أن مجرد الفهم عند كل منهما بأن الآخر يطبق معنى «الصدق والاحترام» كما يفهمه يزيل عقبة كبيرة هى عقبة «سوء التفسير»، ثم تأتى خطوة ثانية فى مهارة «رؤية العالم من وجهة نظر شخص آخر» بأن يصدق كل منهما أن تطبيقه «لمفهومه» هو فقط فى التعامل، يؤذى الآخر، ومن هنا تبدأ عملية التدريب على خروج كل منهما من «الدائرة المحدودة»، ليتمكن من «تفهم» وجهة نظر الآخر. عندها سيحدث ميلاد «رؤية مشتركة» جديدة. تتمكن «دانييل» مثلا من أن تتروى بعض الشىء وتختار ألفاظها في التعبير، دون أن تشعر بالذنب بأنها ليست صادقة تماما، وهذا نفسه سيجعلها لا تُجرح منه إذا ما وجدته يفكر بعض الشىء قبل أن يتكلم لأنها صارت مستريحة إلى أنه يطبق مفهومه فى «الصدق والاحترام بطريقته هو. و«تروى» من جانبه سيجعله خروجه من حدود ذاته يفهم إذا ما تسرعت «دانييل» بكلمة أو بأخرى أنها تمارس طريقتها في «الصدق والاحترام» وهذا لا يتضمن أبدا أنها لا تراعى مشاعره.
لماذا يُعتبر (( التواصل )) فن وعلم؟/u/
أعتقد أنه «فن» لأن فيه جانب إبداعي وقدر كبير من الحساسية والتذوق، فالفنان الصادق هو هذا الذي ينسلخ من ذاته المحدودة ويشعر بمشاعر الآخرين، ويتفهمها ويحولها إلى مخزون من خبرته، فتخرج في موقف ما بشكل تلقائى «جميل». كما أن الفنان هو موضع «الهام» دائم لأنه يتواصل مع «المبدع المصور» سبحانه وتعالى، فيعبر عن المعاني دوما بشكل جديد. وهذا التجدد يحيي العلاقات الإنسانية، لأن كل طرف حين يريد التواصل مع الآخر بصدق لابد أن يمارس دوما عملية «التخلى» عن الرؤية المحدودة، والدخول في رحاب المعنى الأوسع والأجمل والأكثر عدلا وحبا لكل الأطراف، ثم يعود بعد ذلك للتعبير عن نفسه، وبالمناقشة مع الآخر من فيض هذا الاتساع الذى اكتسبه.
و«التواصل» علم لأنه تم اكتشاف عوامل كثيرة تتحكم فى هذه العملية، وعلى الإنسان الذي يرغب فى إقامة علاقات سليمة أن يُعرض نفسه لتلك العلوم ليكتسب مهارات جديدة. ومثال لذلك - وهو ما ينطبق على قصة اليوم - هو أن عملية «الإدراك» عند الإنسان تتحدد كثيرا بما داخله هو من أفكار ومعتقدات وخبرات سابقة، أكثر منها ب»تأثير» ما يتلقاه من خارجه من كلمات يسمعها أو اشياء يراها، بل هو يأخذ هذه الأشياء ويرتبها في «رؤيته للعالم» كما يفهمها هو. ومن هنا فأي محاولة للتغيير للأفضل لا يمكن أن تحدث إلا باستعداد الإنسان أن «يغير» ما بداخله، وبنفسه، وعندها يستقبل، ويهضم أى معرفة موجهة له من الخارج. هذا العلم غير مفهوم العلاج النفسى بل والفيزيقى. فالعلاج لا يتم من الخارج، إنما هو محاولة من الطبيب أن يستنفر داخل الإنسان الطاقة التي تشفيه من داخله. وحين يستوى الإنسان من داخله، يبدأ تلقائيا فى إقامة علاقات سوية مع من حوله. ألن يتغير شكل العالم للأفضل إذا بدأ كل شخص بنفسه؟
تدريب: فى حالة وجود مشكلة مع شخص ما حاول - مهما كنت تعتقد أنك أنت المصيب - أن ترى الموقف من وجهة نظره، وذلك بأن تمضى بعض الدقائق للتأمل، فتُغمض عينيك، وتهدئ أفكارك بمراقبة أنفاسك، ثم تتصور أنك ذهبت لهذا الشخص، وتوحدت معه، وأخذت تنظر للمشكلة من موقعه. هل ترى أشياء جديدة فى الموقف ككل؟ هل حين تعود لرؤيتك أنت تستطيع أن ترى أشياء جديدة أيضا؟ ما نتيجة ذلك على المشكلة؟ وعلى علاقتكما؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.