يبدو أن زيارة الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف لجزر الكوريل المتنازع عليها بين موسكو وطوكيو اثارت خلافا دبلوماسيا لروسيا مع اليابان بل ومن المرجح أن تؤدى الزيارة إلى تعقد العلاقات بين البلدين قبل اجتماع قمة لزعماء آسيا والمحيط الهادى والذى تستضيفه اليابان فى منتصف نوفمبر الجارى. فقد عبّر رئيس الوزراء اليابانى «ناوتو كان» عن احتجاجه على هذه الزيارة انطلاقا من كون الجزر الأربع فى أرخبيل الكوريل وهى آبوماى وشيكوتان وأتوروفو وكوناشيرى التى تتشكل منها أراضى الشمال جزءا من اليابان ولكن الجيش السوفيتى ضمها فى 18 أغسطس 1945 بعد ثلاثة أيام من إعلان استسلام اليابان لينشب بينهما خلاف حال دون توقيع معاهدة سلام منذ 65 عاما. من جهتها رفضت روسيا رد الفعل اليابانى السلبى على هذه الزيارة مؤكدة سيادتها على هذه الجزر الواقعة فى المحيط الهادى باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الأراضى الروسية كما أكد الرئيس الروسى على عزم السلطات الروسية تشجيع المواطنين الروس على الانتقال إلى جزر كوريل والشرق الأقصى الروسى عموما، ورفع ظروف الحياة فى المنطقة إلى المستوى الأوروبى. وفى غضون ذلك حذر وزير الخارجية اليابانى سيجى مايهارا من تداعيات هذه الزيارة وتأثيرها على العلاقات بين البلدين خاصة فى ظل التعاون الاقتصادى التجارى النشيط. الذى يربط بين البلدين حيث تشير الإحصاءات إلى أن مستوى الاستثمارات اليابانية فى روسيا ازداد بحلول أواخر شهر يونيو عام 2009 بمقدار مرة ونصف مرة بالمقارنة مع عام 2008. وقد بلغ حجم الاستثمارات الواردة إلى روسيا من اليابان خلال الفترة من يناير إلى يونيو عام 2009 نحو 737 مليون دولار مما يزيد بمقدار الضعف على المؤشر السنوى لعام 2008. وهو ما يعنى أن حجم الاستثمارات المباشرة زاد بنسبة 7% على ما كان عليه فى عام 2008، وهى أرقام تؤكد قوة العلاقة بين البلدين، إلا أن عدم عقد معاهدة سلام بين روسياواليابان إلى الآن بسبب مصير جزر الكوريل يلمح إلى خلاف سياسى غير معلن. ولا شك أن جزر الكوريل تمثل أهمية استراتيجية فائقة بالنسبة لروسيا خاصة أنها عبارة عن خط وحيد من جهة المحيط الهادى يسمح بالدخول فى بحر أوخوتسك ومنطقة الشرق الأقصى الروسية المطلة على المحيط الهادئ، كما أنها تزيد إلى حد كبير من منطقة الدفاع القارئ وتضمن أمن طرق المواصلات المؤدية إلى القواعد العسكرية الواقعة فى شبه جزيرة كامتشاتكا والرقابة على مياه بحر أوخوتسك والأجواء فوقها. هذا بالإضافة إلى أن جزر الكوريل الجنوبية لها وزن اقتصادى وعسكرى استراتيجى حيث تعتبر المياه المحيطة بالجزر غنية بالثروة السمكية. ويتم فيها اصطياد 1.6 مليون طن من الأسماك والمواد البحرية سنويا، مما يشكل ثلث كمية السمك المصطاد فى بحار الشرق الأقصى، ويتصف مضيق الكوريل الجنوبى بوجود أنواع ثمينة من السمك، فضلاً عن وجود الموارد المعدنية المستكشفة، بما فيها التيتانيوم والماغنيسيوم والكوبلت والنحاس والرصاص والزنك والبلاتين والذهب والكبريت، كما يوجد فى جزيرة ايتوروب حقل وحيد فى العالم من معدن الرينى النادر.