القرار الذى أصدره مجلس القضاء الأعلى بالإجماع فى أول اجتماع له بمناسبة العام القضائى الجديد بمنع بث أو تصوير أو تسجيل أو إذاعة وقائع المحاكمات بأى وسيلة من وسائل الإعلام أثار ردود فعل واسعة بين رجال القضاء والنيابة والصحافة والإعلام والفضائيات. وكان مجلس القضاء الأعلى قد حذَّر وسائل الإعلام والقنوات القضائية من الخوض فى الدعاوى أو التحقيقات أو التعليق على مجرياتها أو الأحكام غير الباتة لعدم إحداث البلبلة وزعزعة ثقة الرأى العام فى عدالة القضاء. وأشار قرار المجلس والذى وقّع عليه جميع الأعضاء برئاسة المستشار دكتور سرى صيام رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى إلى أن هذا القرار يأتى التزاماً بما نهى عنه وعاقب على مخالفته قانون العقوبات من أفعال تخل صراحة أو علانية بمقام القاضى أو هيبته أو سلطته. ورحب فريق كبير من القضاة بقرار مجلس القضاء الأعلى فى حين عارض هذا القرار فريق آخر من الإعلاميين ولكن يبقى السؤال المهم: هل يحقق هذا القرار المحاكمة العادلة؟ وما رأى القضاة حول هذا القرار؟ المستشار عادل الشوربجى نائب رئيس محكمة النقض أبدى إعجابه بهذا القرار والذى جاء متأخراً فى صدوره - على حد قوله - موضحاً أن هذا القرار سيضمن المحاكمات العادلة للمتهمين فى القضايا دون ضجيج أو تأثير من أى طرف وسيكون هناك عمل عادل للقضاة والمحامين وسيجتهد الطرفان دون مبالغة أو نظر لكاميرات التيلفزيون والفيديو ولأن القاعدة القانونية تؤكد أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته، فهذا القرار سيضمن تطبيق وتنفيذ هذه القاعدة القانونية. وأضاف أن مجلس القضاء الأعلى حينما أصدر هذا القرار شعر بتضرر القضاة من عمليات التصوير والإذاعة المستمرة على الفضائيات والندوات والمحاكمات الموازية على الهواء وهو ما نطلق عليه «القضاء الخاص» حتى أن المستشار المحمدى قنصوة رئيس محكمة الجنايات أصدر قراراً بحظر النشر فى قضية هشام طلعت فى المحاكمة الأولى نظراً لهذه المحاكمات الموازية التى كانت تجرى على الهواء. أما المستشار ياسر رفاعى المحامى العام الأول لنيابات الاستئناف بالإسكندرية وغرب الدلتا فأكد أن هذا القرار موفق جداً لأن الرأى العام يهمه فقط أن يعرف مضمون الحكم لكن التصوير بالفيديو والكاميرات يعطى ظهوراً إعلامياً للحضور حتى للمحامين والشهود الذين يبالغون أمام الكاميرات. وأشار المستشار ياسر إلى أن حضور الجلسة للصحفيين أو رجال الإعلام مهم جداً ويعطى للإعلامى الحق فى كتابة تقرير عن الجلسة أو الحكم أو نقل الوقائع كما يتراءى له ولكن عملية تصوير الجلسات تنال من هيبة ووقار المحكمة. من جانبه أكد الأستاذ مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين أن قرار المجلس الأعلى للقضاء بمنع التصوير والفيديو داخل جلسات المحاكم لا نستطيع أن نعترض عليه لأن دخول الكاميرات والفيديو بالفعل إلى قاعات المحاكم يؤثر على عمل المحكمة والقاضى ويؤثر أيضاً على المتهم، فالمتهم برىء حتى تثبت إدانته. وأوضح مكرم أننا كصحفيين إذا كنا نقبل قرار المجلس الأعلى للقضاء بمنع التصوير فلابد أن يراعى أولاً حق القارئ فى التعرف على المتهمين فى القضايا، وثانياً أن بعض الصحف والصحفيين فهموا خطأ فالقرار لايمنع دخول الصحفيين والإعلاميين وحضورهم الجلسات ولكن يمنع التصوير بأى وسيلة من الوسائل. وأضاف نقيب الصحفيين أن اليوم الأحد سيعقد المستشار د. سرى صيام رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى اجتماعاً معنا كنقيب للصحفيين ورؤساء تحرير الصحف وسوف نناقشه فى عدة نقاط أهمها: لماذا أصبح هذا الموضوع قراراً للمجلس الأعلى للقضاء ولم يترك فردياً لكل رئيس محكمة لاتخاذ قراره بهذا الشأن مثلما حدث فى المحاكمة الأولى فى قضية هشام طلعت ومحسن السكرى حيث اتخذ رئيس المحكمة قراره كقاضى وليس كمجلس أعلى للقضاة، مشيراً إلى أننا فى النهاية سنطلب منهم ونقنعهم بأهمية استبدال استكشات الرسم بدلاً من الصور لأن هذا حق القارئ.