من المعلوم أن البورصة مرآة الاقتصاد فهى أيضا مرآة للمستقبل وضبابية المرحلة المقبلة توضحها وتشرحها لنا شاشات البورصة اليوم. البورصة هى أداة اقتصادية يشرحها لنا مثلث يتكون من رأس المال ورؤيه سياسيا واضحة تتبلور بمفهوم اقتصادى واضح وشفاف يهيئان للضلع الثالث وهو المستثمر الذى يبنى قراره على الثقة ويتحمل مخاطر يعلم أنه قادر على اجتيازها إذا ما تحقق من جديه رأس المال وقرارات اقتصادية تحمى استثمارات فى وضوح وشفافية ورقابة.- إن اليد العليا كما تشرحها لنا شاشات البورصة اليوم هى أن السيولة تتفوق بذلك على أى قرارات اقتصادية غايتها توفير مناخ اقتصادى جاذب للاستثمار. - إن تراجع الاستثمارات الخارجية المباشرة العام الماضى بنسبة 16% لتصل إلى 6 مليارات دولار وتصريح وزير الاستثمار بوجود هذه الاستثمارات هذا العام فى منطقة آمنة بحوالى 8 مليارات دولار كل هذا يوضح تأثير الأزمة الاقتصادية الخارجية على منطقتنا وعدم وضوح حجم ومدى الأزمة. - إن التصريحات المتضاربة التى تخرج علينا عن التخوف من عودة الأزمة بصورتها المفزعة واستمرار تصاعد أعداد البنوك التى تعلن الإفلاس فى الولاياتالمتحدة حتى جاوزت 125 بنكا فى العام الحالى فقط لا يمكن إلا أن تؤثر على الاستثمارات الآتية فى مصر. - لم يكن رئيس البورصة السابق السيد ماجد شوقى بعيدا عن الحقيقة حين تطلع إلى مؤسسات داخلية وخارجية تقوم بتوفير السيولة اللازمة وأنه لا يعتمد على الأفراد فى ذلك (هل ذكر أنه لا يريد أفرادا فى البورصة- لا يهم إن كان قد ذكر ذلك فالأمر فعلا قد تعدى الدور الذى باستطلاعه الأفراد القيام به ودعنى أيها القارئ العزيز نتذكر المؤتمر الصحفى الذى انعقد فى نهاية عام 2006 لرئيس البورصة السابق وإليك بعض الحقائق التى ذكرها حينئذ: - إن مستثمرى البورصة عام 2006 ليسوا نفسهم ناسها عام 2005 (دعنا نتذكر هبوط البورصة الحاد فى الفصول الثلاثة الأولى من عام 2006 واسترداد عافيتها فى أواخر 2006). - ولقد دخل عام 2006 فى البورصة 2459 مستثمرا كل منهم 10 ملايين جنيه فما فوق منهم 436 مستثمراً فوق ال 50 مليونا لتصبح حصيلة هذه النوعية الأخيرة 894 يلعبون فوق ال 50 مليونا أى زادوا بنسبة 95% فى حين خرج (لاحظ الرقم) 83 ألف مستثمر من نوعية المستثمرين الفكة الذين يلعبون فى حدود 10000 إلى 50000 جنيه لتصبح حصيلة المنسحبين مائة ألف مستثمر- أى أن البورصة تحتاج إلى محافظ ذات سيولة عالية ولا تحتاج إلى كم من المستثمرين غير مؤثر أو مستثمرى الفكة. - مرة أخرى كان هناك 2459 مستثمرا قادرا فى نهاية هبوط حاد للبورصة عام 2006 على قيادة البورصة ودفعها إلى الانتعاش وساعد هذا الانتعاش فى خروج آلالاف من المستثمرين الذين كانوا يشكلون ضغطا فى البورصة فى عمليات البيع العشوائية بسلوك القطيع- بقى أن نعرف ما هى الأحجام الحقيقية للاستثمارات الأجنبية فى البورصة فى ذلك الوقت والتى قادت البورصة نحو الارتفاع والتعافى. - لقد هيمنت الولاياتالمتحدةالأمريكية على خريطة الاستثمار الأجنبى بنسبة تصل إلى 54% بما قيمته مليار وسبعمائة ألف دولار أى ما يقرب من 10 مليارات جنيه مصرى- تلتها انجلترا بنسبة 32% بما قيمته مليار دولار- أما باقى العالم فقد اقتصر نصيب استثماراته على 14% بما قيمته 456 مليون دولار. - يتضح من ذلك أن المؤسسات الأمريكية قادت تعاملات الأجانب فى انتعاش البورصة عام 2006. - نعود ونتساءل هل دور الاستثمارات الأمريكية على وجه الخصوص قادر اليوم على قيادة تعاملات الأجانب فى ظل الركود والضبابية التى تسود الاقتصاد الأمريكى. - وهل كانت نسبة بقية خواجات العالم متمثلة فى 450 مليون دور فى حاجة للتنمية ولنكن موضوعين أن ما حدث فى نهاية عام 2006 من المستبعد حدوثه اليوم من استثمارات خارجية خصوصا إذا ما أخذنا فى الاعتبار الأزمة الاقتصادية الحادة فى دبى والكويت. - داخليا نتساءل هل يمكن للمؤسسات والصناديق المحلية دعم السوق وقيادة صعود مرتقب، نذكر بعض الحقائق فى هذا وهى خروج كثير من المؤسسات المصرفية والتخلص من محافظها فى الفترة الأخيرة. - دعنا نتذكر هذا القيادى الشاب الذى رأس واحدا من أكبر البنوك الوطنية وبدأ فى التخلص من كثير من الأسهم فى محفظة البنك وبيعها بأسعار كان يندهش لها العاملون فى البنك وتنذكر سهما كان يعد الحصان الأسود منذ سنوات قليلة ماضية فتحت مظاريف شراء السهم فى مزاد أقامه البنك ثم ارجئ المزاد وكان السهم يتعدى حنيئذ عشرة جنيهات أصبحنا نراه أثناء الأزمة فى عام 2008، يباع تحت سمع وبصر رئيس البنك بنصف هذا السعر، وأخيرا تداول هذا السهم على شاشة البورصة بأقل من جنيه واحد. - كثير من المؤسسات المالية خرجت من سوق الأسهم والبعض فضل الاحتفاظ بمحافظ محدودة وكثير من الصناديق الآن يضطر لبيع ما لديه من أسهم ضاغطا على السوق بسبب نقص السيولة لديه أو رغبة فى الاحتفاظ بها أى بالسيولة لمواجهة عمليات الاسترداد من العملاء وأصبحت الصناديق والمؤسسات تضغط على السوق فى اتجاه هابط بدلا من أن تقود ارتفاع مرتقب. - أما عن شح السيولة لدى الشركات التى تتداول أسهمها فى البورصة فحدث ولا حرج- البعض يفضل الاحتفاظ بالسيولة فى وجود أرباح للشركة ويحجم عن دفع كوبون ويعطى بدلا منه أسهم مجانية. - أما عن الاكتتابات فاكتتاب المصرية للاتصالات وطلعت مصطفى وغيرها من الاكتتابات التى لم ير المكتتبون فيها حتى اليوم سعر الاكتتاب. - لاشك أن تلك المرحلة الضبابية قد تستمر على المدى الطويل، وبالتالى فالتحليل الفنى وحتى المالى للأسهم غير ذى جدوى فى تناوله المدى الطويل للبورصة كذلك فإن تقييم الأسهم ونشر القيمة العادلة للسهم بين فترة وأخرى وبقيم مختلفة من مؤسسة لأخرى غير ذى جدوى الآن. - إن المطالبة بتفعيل أدوات جديدة فى البورصة دون وجود سيولة واضحة ومستمرة وداعمة لحركة صعود قوية أمر غير مطلوب لتجنب نتائج عكسية قد تعانى منها البورصة لفترات طويلة. - إن خسائر الأفراد التى فاقت كل الحدود وتقلص القدرة الشرائية لديهم إلى مستوى الصفر تقريبا تتوارى وتتلاشى أمام خسائر مؤسسات وصناديق ومستثمرين ذوى محافظ مالية كبيرة لذا فإن الشكوى المريرة من الأفراد وارجاع خسائرهم لقرارات أو أحجام مؤسسات لن يكون هناك أى أولوية فى التعامل معها. - نحن نأمل فى مرحلة سياسية جديدة برؤية سياسية واقتصادية واضحة تجد السيولة الخارجية والمحلية فيها أداة جاذبة لمعاودة الدخول فى الاستثمار وخاصة الاستثمار فى الأوراق المالية وعلى جميع أطراف العملية الاقتصادية وصاحب القرار الاقتصادى والسياسى والمستثمرين أصحاب المحافظ المالية الكبيرة أو مستثمر تملكه اليأس والإحباط الاحتفاظ بهدوء الأعصاب ورؤية صائبة وتروى فى اتخاذ القرار للحافظ على تعاملات لا تحمل تذبذبات عالية تعود بالسلب على السيولة المتبقية.