حذر البنك الدولي من أن أسعار الغذاء العالمي قد قفزت بنسبة 10 في المئة خلال شهر يوليو2012، لتزداد معه المخاوف من أن يعاني من هذا الارتفاع فقراء العالم.وقال البنك إن موجة الحر التي ضربت الولاياتالمتحدة، بالإضافة إلى الجفاف الذي ضرب أجزاء من أوروبا الشرقية، كانا جزءا من أسباب ارتفاع الأسعار.وشهدت أسعار الحبوب الأساسية كالذرة والقمح وفول الصويا أعلى نسبة في الارتفاع، حيث وصف رئيس البنك هذا الارتفاع بأنه "تاريخي".كما حذر البنك الدول التي تعتمد على استيراد الحبوب من أنها بالأخص ستواجه عجزا في حجم وارداتها. وذكر البنك أن أسعار الذرة والقمح شهدت بين يونيو ويوليو من هذا العام ارتفاعا بنسبة 25 في المئة، بينما ارتفعت أسعار فول الصويا بنسبة 17 في المئة، مقارنة بأسعار الأرز التي انخفضت بنسبة 4 في المئة.ودمرت أعنف موجة جفاف وأوسعها تضرب الولاياتالمتحدة منذ نصف قرن محاصيل الذرة وفول الصويا، بينما تضررت بشكل كبير محاصيل القمح في روسيا وأوكرانيا وكازاخستان. وقال البنك الدولي إن استخدام الذرة في إنتاج وقود الإيثانول الحيوي، والذي يمثل نسبة 40 في المئة من إنتاج الولاياتالمتحدة من الذرة، كان عاملا أساسيا في الارتفاع الشديد الذي شهدته أسعار الذرة الصفراء في الولاياتالمتحدة. وبشكل عام، أرتفع مؤشر البنك الدولي لأسعار الغذاء، الذي يتتبع أسعار السلع الغذائية التجارية العالمية، بنسبة ستة في المئة عما كان عليه في يوليو من العام الماضي، متجاوزا أيضا المعدل السابق له بنسبة واحد في المئة في فبراير عام 2011.وتدعو المنظمة الحكومات إلى دعم البرامج لحماية أكثر المجتمعات فقرا لديها من هذا الارتفاع في أسعار الغذاء. وقال جيم يونج كيم رئيس البنك الدولي "ليس لنا أن نسمح لهذه الارتفاعات الجديدة في الأسعار أن تتحول إلى مخاطر تتهدد الحياة، حيث قد تمنع العائلات أطفالها من الذهاب إلى المدرسة، كما ستقلل من تناول الأطعمة المغذية في مواجهة الأسعار المرتفعة."وأضاف أن دول شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى ودول الشرق الأوسط ستكون من بين أكثر الدول تعرضا لمثل هذا الارتفاع في الأسعار، حيث إنها تستورد جزءا كبيرا من غذائها، الأمر الذي سيرفع من النفقات المنزلية التي يصرفها سكانها. وتعد الزراعة ، أى عملية توفير الغذاء ، أكثر من صناعة . إنها بالأحرى النشاط الأساسى الذى يوفر للناس معظم حاجات الحياة الأساسية . إنها النشاط الذى يوفر لمعظم فقراء العالم مصادر عيشتهم . و زراعة قطع صغيرة من الأرض هو الذى يصنع الفرق بين الحياة و الموت . كذلك يعتبر الغذاء أكثر من مجرد سلعة تباع و تشترى ، أكثر من مجرد مواد غذائية يستهلكها الناس . فالغذاء تجربة رابطة ، أو هكذا يجب أن تكون ، يتشارك فيها الناس على كل المستويات : الشخصية والعائلية ، و الإجتماعية ، والقومية و العالمية . على أن هناك أكثر من 800 مليون شخص يعانون من نقص دائم فى الغذاء و أضيف اليهم 200 مليون ليصبح الأجمالى مليار شخص يعانون من الجوع الآن . نصف البشرية تقريباً من الجياع ، الذين يعيشون على أقل من دولارين فى اليوم . و هم لا يعرفون نظاماً غذائياً . وفشل المجتمع الدولى فى تقديم نظام يوفق بين أحتياجاتهم الغذائية و بين ما يمكن أن ينتجة العالم من غذاء . و لكى يسدوا جوعهم يجب أن يتوفر الخبز أو الأرز أو الذرة على موائدهم . وبدلاً من ذلك ، نجد ليدهم الشركات عابرة القومية . وهيمنة الشركات عابرة القومية لم تؤد إلا إلى تفاقم الفقر. فهى تتمتع بقدر كبير من التأثير على أسعار الغذاء و حياة الفلاحين . و تبتلع الشركات الزراعية عابرة القارات الشركات الأصغر ، و تتوسع لترتبط بالشركات فى القطاعات المماثلة . وخلال منتصف ثمانينيات القرن الماضى ، كانت هناك سبعة آلاف شركة تعمل فى مجال إنتاج البذور. و عشية التطورات التى طرأت فى مجال البذور و الأسمدة فى الستينيات – ما يعرف ب " الثورة الخضراء" – بدأت شركات الكيمياويات عابرة القومية فى شراء شركات البذور العائلية الصغيرة . وفى عام 1998 ، كان هناك حوالى 1500شركة إنتاج بذور فى العالم ، تستحوذ 24 منها على حوالى نصف السوق العالمى . و أصبحت البذور مشروعاً ضخماً للشركات الزراعية عابرة القومية ، و تحولت صناعة البذور إلى ذراع من أذرع صناعة التكنولوجيا الحيوية . كما أن وضع قواعد عالمية تضمن و تحمى حقوق الملكية الفكرية لسلالات النباتات و تقنيات البذور الجديدة – مثل البذور المعدلة وراثياً – مكن الشركات عابرة القومية من رفع أسعار هذة المنتجات . و لا يحصل الفلاحون الذين يقدمون إنتاجهم للأسواق التجارية إلا على " ما يسد الرمق " تحصل الشركات على أسعار أعلى لمنتجاتها الزراعية ، وتدفع فى ذات الوقت أسعار أدنى مقابل منتجات الفلاحين . وقد استولت الشركات الزراعية على آلاف البراءات لأنواع من الأرز و الذرة و القمح و فول الصويا ، وكلها من المواد الغذائية ذات الأهمية الحيوية للفقراء . و تتزايد شهرياً بصورة مطردة عدد براءات خمسة من المحاصيل التى تشكل 70 % من إمدادات الغذاء فى العالم . وتستحوذ ست شركات الآن على حصة الأسد و تضفى البراءات القوة على صحابها ، وهى قد تجعل صغار الفلاحين يعتمدون على شركات البذور عابرة القومية ، و تعرض أستقلالهم للخطر و تضمن دفعهم أسعاراً أعلى للشركات مقابل سلالاتها . و تقول الشركات إنها لا يمكنها تقديم الأستثمارات الكبيرة للتوصل إلى محاصيل جديدة إلا إذا ضمنت الحماية لأستثمارتها . لكن براءات الشركات يمكن أن تعنى أستبعاد الفقراء . و البراءات مخصصة أصلاً للعمليات الصناعية ، و هناك أعتراضات كثيرة على براءات النباتات. إنها محاولات للحصول على براءة لشكل من أشكال الحياة ، أى الجينات . فالجينات ليست أختراعاً . و يمكن أعتبار البراءات محاولة من جانب الشركات لعمل براءة اختراع لشكل من أشكال الحياة . و تجنى الشركات عابرة القومية الأرباح من القرصنة البيولوجية فى حين تتلقى المجتمعات المحلية القليل أو لا شىء . و قد تتخذ القرصنة البيولوجية شكل شركات أو أقسام أكاديمية ترعاها شركات ، تأخذ أنواع النبات من البلاد النامية دون إذن أو تعويض . وقد تلقت جامعة و يسكنسون ، برائتى أختراع أمريكيتين لبروتين مشتق من نوع من التوت ينمو فى الجابون يعرف باسم بنتاديبلانتا برازياما . وقام بجمع التوت باحثون من جامعة و يسكنسون ، يعملون فى الجابون . و توصل هؤلاء الباحثون إلى إمكان أستخلاص البروتين الحلو من التوت . و تطلق الجامعة على هذا البروتين اسم برازين ، تقدر درجة حلاوتة بألفى ضعف حلاوة السكر ، وهى تنفرد الآن بحقوق البرازين التى تنوى الترخيص بإستغلالة للشركات العاملة فى سوق التحلية العالمى الذى يحقق فائضاً سنوياً مقدارة 100 مليار دولار. و هكذا ، يحرم الجابون من أى تعويض على أسهامة فى تقديم مصدر جديد للتحلية . وتحت أسمها القديم ، المؤسسة العالمية للنهوض بالريف ، قامت جماعة العمل حول التأكل و التكنولوجيا و التركيز و مقرها كندا ، فى أواخر تسعينيات القرن الماضى بوضع قائمة بنماذج لأسهامات الجنوب فى الموارد الجينية و المعارف المحلية فى مجال تطوير الزراعة أو الصناعات الغذائية أو الدوائية التى تتم فى الشمال . و شملت القائمة 100 مثال لإسهامات البلاد النامية فى الغذاء و الدواء فى البلاد الغربية . ومن بينها أسبرين باير الأصطناعى ، أكثر أدوية العالم أنتشاراً ، والمستخرج من أعشاب طبية عربية تقليدية . فى أواخر 2007 ، تبين أن زراعة المحاصيل من أجل إنتاج الوقد – الغذاء من أجل السيارات – قد زادت زيادة كبيرة . ويشير تقرير لمنظمة الزراعة و الأغذية ، صدر فى عام 2007 ، إلى أن " الديزل الحيوى و الإيثانول قد يشكلان 7% من الطلب العالمى على الوقود السائل فى 2030 ، مع زيادة الأستهلاك أربعة أضعف ليصل إلى 36 مليون طن مترى سنوياً مقارنة بثمانية أطنان فى الوقت الحالى ، إن الوقود الزراعى يمون سيارات الأغنياء على حساب أرواح الفقراء . لقد أثرت العولمة المفترسة من خلال الشركات العابرة للقوميات فى موت ملايين الأشخاص كل عام لأنهم لا يحصلون على الغذاء الكافى . فهم فقراء ، لا يملكون المال الذى يشترون بة ، أو الموارد لزراعة ما يكفى من الغذاء . و يمكن القول بأن تلك هى أكبر فضائح بدايات القرن الحادى و العشرين.