«التضامن» تقرر توفيق أوضاع 5 جمعيات بالقاهرة وكفر الشيخ    «جولد بيليون»: 535 طنا حجم الطلب على المشغولات الذهبية عالميا منذ بداية العام    تحذيرات تجاه خدمات النقل التشاركي في مصر: حالات التحرش والاغتصاب تهدد الأمان الشخصي    وزيرا النقل والري يبحثان تنفيذ المحاور الرئيسية أعلي المجاري المائية والنيل (تفاصيل)    كونتكت المالية تعلن عن نتائج أعمالها للربع الأول من عام 2024: قطاع التأمين يتألق    الطاهري: جلسة العمل المغلقة بالقمم العربية تشهد نقاشات صريحة للغاية    القناة الأولى: مصر لم تغلق أبواب معبر رفح منذ العدوان الإسرائيلي على غزة    محكمة العدل الدولية تعقد جلسات استماع بشأن اجتياح جيش الاحتلال رفح الفلسطينية    قيادات «تعليم القاهرة» تتفقد لجان «الإعدادية».. وتوصي بتوفير جو ملائم للطلاب    ضبط 30 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    كشف ملابسات واقعة مقتل سائق بالشرقية وضبط مرتكبى الواقعة    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان مشروع إنشاء مستشفى منفلوط المركزي    محمد شريف يقود تشكيل الخليج المتوقع أمام الاتحاد بالدوري السعودي اليوم    أسعار السمك اليوم الخميس 16 مايو 2024 في أسواق أسيوط    تعليم الفيوم يحصد مركز ثاني جمهورية في مسابقة المعلمة الفعالة    هيئة شؤون الأسرى: ارتفاع حصيلة المعتقلين الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر ل 8755    محامي سائق أوبر يفجر مفاجأة: لا يوجد دليل على كلام فتاة التجمع.. ولو ثبت سأتنحى عن القضية    السجن المشدد 15 عاما وغرامة 500 ألف جنيه لعامل لاتهامه بالإتجار بالمخدرات في قنا    أمين الفتوى: بهذه الطريقة تصادف ساعة الاستجابة يوم الجمعة    أخبار الأهلي: التشكيل الأقرب للأهلي أمام الترجي في ذهاب نهائي أفريقيا    البحيرة: توريد 188 ألف طن قمح للشون والصوامع حتى الآن    تمهيدا لإعلان الرحيل؟ أليجري يتحدث عن لقطته مع جيونتولي "سأترك فريقا قويا"    أخبار الأهلي: موقف الأهلي من التعاقد مع أحمد حجازي في الصيف    صدام جديد مع ليفربول؟.. مفاجأة بشأن انضمام محمد صلاح لمعسكر منتخب مصر    حالات الحصول على إجازة سنوية لمدة شهر في قانون العمل الجديد    محافظ أسيوط يستقبل مساعد وزير الصحة ويتفقدان مستشفى بني محمديات بأبنوب    جامعة قناة السويس تصنف من أفضل 6.5 % جامعة عالميا وفقا لتصنيف CWUR 2024    انخفاض مؤشر الدولار مقتربا من أدنى مستوياته عالميا خلال 5 أسابيع    بوتين وشي جين يعتمدان بيانا مشتركا حول تعميق علاقات الشراكة    «مترو الأنفاق» يُعلن انتطام حركة القطارات بالخط الثاني    فرقة فاقوس تعرض "إيكادولي" على مسرح قصر ثقافة الزقازيق    يسري نصر الله يحكي تاريخ السينما في مهرجان الفيمتو آرت الدولي الثالث للأفلام القصيرة    ختام فعاليات مهرجان المسرح بجامعة قناة السويس، اليوم    الأحد.. الفنان عمر الشناوي حفيد النجم كمال الشناوي ضيف برنامج واحد من الناس    وزير الخارجية اليمني: قمة المنامة تكتسب أهمية نتيجة لما تتعرض له غزة من حرب    تداول 10 آلاف طن و585 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    «الرقابة الصحية»: حل 100% من شكاوى المنتفعين ب«التأمين الشامل» خلال أبريل    ياسمين عبدالعزيز تنشر صورة مفاجئة: زوجي الجديد    صباحك أوروبي.. مفاجأة توخيل.. خليفة بيولي في ميلان.. وقائمة منتخب فرنسا    «الإفتاء» تحسم الجدل حول مشروعية المديح والابتهالات.. ماذا قالت؟    نجم الترجي السابق ل«أهل مصر»: الأهلي مع كولر اختلف عن الجيل الذهبي    اليوم.. انطلاق الملتقى التوظيفي لزراعة عين شمس    طريقة عمل دجاج ال«بينك صوص» في خطوات بسيطة.. «مكونات متوفرة»    تنظيف كبدة الفراخ بمكون سحري.. «هيودي الطعم في حتة تانية»    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    «سلامتك في سرية بياناتك».. إطلاق حملة «شفرة» لتوعية المجتمع بخطورة الجرائم الإلكترونية    غارات إسرائيلية على منطقة البقاع شرق لبنان    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    محمود عاشور يسجل ظهوره الأول في الدوري السعودي    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    بوتين يصل إلى الصين في "زيارة دولة" تمتد ليومين    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتبة السودانية آن الصافي : الاستلاب الثقافي تزييف للتاريخ
نشر في نقطة ضوء يوم 13 - 03 - 2018

تؤكد الكاتبة الروائية آن الصافي في روايتها الصادرة أخيرا بعنوان "مرهاة" على تقنيتها الخاصة في الرواية، حيث تستبدل الفصول بالأرقام وتبدأ الرقم / الفصل بمدخل / جملة شعرية تحمل حكمة أو رؤية أو صورة تلخص من خلالها تجليا معرفيا وإبداعيا، وتضيف في هذه الرواية تقنية الحوار كقوة كاشفة ومحركة أساسية داخل عملية السرد التي يغيب عنها لفظ اسم فتاة الراوية "مرهاة"، لتحمل مداليل أخرى، حيث تم استخدامها لزرع الفضول في ذهن القارئ بغرض التشويق للقراءة لكشف المعنى، وقد لا يجد أي تفسير للمسمى في النص، فقط فتاة ربما من صنع خيال البطل اسمها مرهاة، أو ربما الراوية. ومن جانب آخر يمكن قراءة ذات النص من الفصل الأول للأخير، ويمكن تقديم القراءة مثل شكة الموتشينة وكل مرة يكتشف فيها نص جديد وجماليات جديدة في كل نص.
هكذا كما ثيمة الصافي في مجمل أعمالها، لا نعلم أسماء الأمكنة إلا بخصائصها، نستشف بأننا أمام حروب وثورات العقد الأخير بإقليمنا وبعض ما نتج عنها. كما نمر عبر النص بنظريات علمية مثل نظرية النشوء لدارون وكذلك مصطلح القوة الناعمة وسماتها ودورها.
تؤكد الرواية الصادرة عن دار فضاءات للطباعة والنشر أن الاستلاب الثقافي الحقيقي ليس فقط سرقة الآثار وتدمير المدن وإبادة الشعوب وتهجير الإنسان بل هو إستلاب الثقافة وتزييف التاريخ وتشويهه. حيث تأتي الرواية لتجمع رموزا إنسانية من عدة مجتمعات وحقبات تاريخية متباينة لا يجمعهم شيء سوى حب الإبداع والعمل على الإهتمام به.
عبر "مِرهاة" نرى كيف الثقافة بأساطيرها الهادفة من الممكن أن يستلهم منها المبدع ويعكس ذلك في منتوجه كل حسب ملكته وأسلوب تعبيره. إنها رواية تنبه لقيمة ما قدمه الإنسان عبر التاريخ من إبداع وأن من الممكن للمنتج الإبداعي أن يحفظ الحضارة والثقافة، وإن كان هناك أعداء فهم يستهدفون كيانا جدير بأهله أن يعوا قيمته والمحافظة عليه.
قدمت الرواية قضايا فلسفية وإجتماعية نتجت بسبب الحروب والتهجير كما نجد قالب الفكاهة بتعبير ساخر أتى في بعض المواقف التي اتسمت بالتناقض والألم.
إن "مرهاة" كما قالت الكاتبة، خطوة في مشروعها الأدبي الذي أسمته "الكتابة للمستقبل"، وقدمت محاور منه في كتاب فكري ثقافي في جزئين.
وقد صدر للأديبة السودانية آن الصافي 6 روايات: فُلك الغواية، جميل نادون، توالي، قافية الراوي، كما روح، إنه هو، ولديها رواية للناشئة اسمتها "آكينوش" ستصدر منتصف هذا العام 2018.
تقنية السرد
وحول أمر التقييم والدخول على الفصول بجمل شعرية أو معرفية أكدت الكاتبة أن من سمات تطور الرواية التكثيف والإقتصاد إن جاز التعبير. وهذه الجمل الإفتتاحية بعد الترقيم توجد في جميع رواياتي بما فيها مِرهاة. هذه تقنية في السرد متبعة وقد لا تكون واسعة الانتشار في إقليمنا ولكنها موجودة.
ماذا لو حذفت من النص وماذا لو بقيت؟! هل يتغير النص؟! عموماً ليس بالضرورة أن يكون هناك رابط ما بين ما تعنيه ومحتوى الفصل الذي تتصدره. من ناحية أخرى، إن كانت جملة تلخص فصلا يتبعها فما فائدة كتابة فصل مطول؟! في الغالب هذا لن يكون محبذاً فسينتقص حتماً من عملية التشويق وترغيب القارئ في المتابعة بذا يتقوض ركن أساسي لا ينصح بمسه.
لنرى الصورة بشكل مقرب وأكثر وضوحاً، هناك كاتب ونص وقارئ وربما بيئة تحمل هذه الأطراف الثلاثة، كما نعلم بأن التشويق من سمات الرواية، ولكل روائي أن يقدم رؤاه وفكرة نصه كما يتوافق مع الموضوع المطروح وقدرته على الإبتكار.
ورأت الكاتبة أن درجة الإنسيابية في تدفق النص تعتمد على عدة عوامل منها ثقافة وعقلية المتلقي، والروائي غير ملزم إلا بأن يقدم نصه بشكل إبداعي ويا حبذا أن يكون مبتكرا يحمل جماليات تستدعي الوقوف عندها، ويا حبذا أن تشكل إضافة للنص في حد ذاته وتجربة الروائي.
هناك من يتقبل الأساليب المكررة في النصوص وتقنيات الكتابة النمطية المتبعة، بينما هناك من يبحث عن المبتكر وهذا المبتكر لا يعلم مداه إلا واهب المَلكة وعمل كل عقلية إبداعية، وقدرتها على التطوير ربما، وقدرتها على تقديم الجديد كما يتوافق لها عبر حصيلة سعيها وثقافتها ومهارتها؛ وكل يجتهد ما استطاع وما التوفيق إلا من عند الله.
وحول "مِرهاة" كعنوان وشخصية، قالت "هي كلمة عربية، حملت شخصية محورية في نص الرواية، لهذا الإسم دلالة في طي النص أتركها للقراء. اختيار عنوان الرواية والمسميات في النص تأتي ضمن عملية التشويق التي تحدثت عنها تواً.
لغتنا جميلة وغنية ومع مرور الوقت عبر الأجيال نجد أن هناك كلمات مذهلة تتوارى في حواراتنا وكتاباتنا وقد تغيب تماماً. لم لا نعود إليها ونقدمها من جديد، فمن ثرائها تتولد المعاني التي تخدم النصوص المكتوبة بدلاً من التكرار. مثلاً، في إقليمنا نجد اللهجات المحلية تحمل معاني متنوعة لذات المفردة من ثقافة لأخرى، وذات هذه المفردة ضمن قاموس العربية. قد يعد من جماليات النص أن يخدم اللغة بهذه التقنية، لذا نجد عددا من النصوص الإبداعية في إقليمنا تعكس محاولات جيدة عبر هذه الإستخدامات.
أما بالنسبة لحالة الحوارية المعرفية التي تتجلى في نص الرواية، فأكدت الكاتبة أن مستجدات الحياة في الألفية الثالثة من تقنيات ما ألفها الإنسان من قبل مثل نظم التواصل والتنقل وتوفر المعلومة وسهولة تبادلها وتخزينها وتوفر بيئات حاضنة للثقافات المتنوعة، والكثير من الجديد الذي لا يحصى، كل ذلك أثّر بشكل واضح في أسلوب تفكير الفرد، وسلوكه، وتعاطيه مع ما حوله من قضايا وأفكار، وما ينتج عنه من قرارات "سواء كان مبدعا/ كاتبا أو متلقيا"، كل ذلك إلا ويؤثر في توجهات المجتمعات.
تفاصيل اللوحة
وأضافت "عادة الريشة ترسم تفاصيل اللوحة وتلونها والعدسة المصورة تحمل المشهد للمتلقي بالضوء واللون، والحركة والصوت أيضاً، هذه وغيرها من عمليات وفنون إبداعية لها أدوات تساعدها لتنقل منتجها للمتلقي بكل يسر عبر تضافر يحتمل عمل عدة عقول إبداعية معاً.
في السرد، أدوات المبدع تستلزم الموهبة والملكة والثقافة والمهارة وآلية التعبير واللغة. ولكن نجد الكتابة الروائية هي الأكثر تعقيداً من بقية الأجناس الإبداعية مجملاً حيث عرض الفكرة وطرح الموضوع والأسلوب، وكل روائي وما أوتي من أدوات.
وكما نعلم أنه من فنية الرواية "الحوار" والذي يترك مجالاً جيداً للتعمق في الفكرة المقدمة وفلسفة الشخوص بالنص. كل شخصية تأتي بثقافة تعكس مجتمعها وفكرها وتفاصيل تخصها وتعنيها وحدها؛ سواء أتى الحوار مع الذات لإحدى الشخصيات "المونولوج" أو تم بين شخصيتين أو أكثر في العمل، كل ذلك يمكن من التعرف على شخوص الرواية ونسيجها عن قرب وأكثر وضوحاً، كما يتيح ذلك مجالا جيدا للتخلخل في عوالم وعقلية هذه الشخصيات والتعرف على أدق تفاصيلها والبيئة المحيطة وبالتالي النص ككل.
إن أتت هذه الحوارات بانسيابية خادمة الغرض منها مع تعدد الأصوات بها، عبر النص عموماً، والمشهد الذي يحملها تحديداً، سيجد القارئ مساحة جيدة ليعيش وبكل حواسه مع النص، ملامساً لكل ذرة فيه متمعناً ما يقدمه وكأنه جزء منه. إن تحقق هذا فإن الحوارات في النص أضافت قيمة جمالية يقيمها المتلقي حسب ثقافته وذائقته وخبرته.
وكشفت الكاتبة أن شخوص "مِرهاة" أتوا من عوالم مختلفة لا يجمعهم الزمان ولا حتى في كثير من الأحيان المكان، قضيتهم واضحة، وكل له وجهة نظره لذا تخلق جوا من التفاكر والتباحث كهدف وبصوت مسموع يعكس التباين الفكري والثقافي عبر الآراء، ومتى وكيف تتفق وتختلف، خادمة لفكرة النص الكلية.
ورأت أن "القصدية فعل قصري. أثناء النسج الروائي أؤمن بأن هناك فضاء شاسعا لإظهار مدى "قوة الشخصية" التي يتمتع بها كل بطل في العمل، وعليه إثبات ذاته من خلال النص وتحركاته وقراراته وتفكيره مخاطباً نفسه تارة والآخرين تارة أخرى ليضفي أجواء البناء الروائي بنكهة حيوية منعشة.
عني .. استمتع بمتابعتي لما يحدث في الحبكة وما تثمره الحوارات وآلية التواصل بين الشخوص مع ذاتها ومع الآخرين حولها. لدى المتلقي قد تُصنع الدهشة صدفة وقد تُرصد له، ولكن أعجبها على الإطلاق تلك التي يكتشفها ويعيشها الكاتب مع نصه وشخوصه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.