رشيدة شكري فنانة مغربية حاولت من خلال تجربتها التعبير عن المرأة وقضاياها وهواجسها المتباينة. في لوحاتها المرأة، والشكل التجريدي، وأجزاء معمار، ومفردات نباتية وغيرها. غير أن الطاغي على موضوعاتها هو المرأة، وفق وضعيات متنوعة تأخذ في كل عمل ملمحا خاصا، وتعبيرا عن لحظة ما. ترسمها بألوان متعددة ومتداخلة مع زخارف، ويبدو وجهها متعددا أو متكررا يحيل على المحافل والأفراح الموسمية، التي تفتح أمام الأنثى عوالم الزهو بنفسها مبدية لزينتها وذوقها في اختياراتها لحليها وأثوابها. لعبة التجريد والتحايل ويلاحظ مدى ما تحتله صورة المرأة في أعمالها المتنوعة، وهي وإن كانت تبدو مغرقة في التجريد أحيانا، إلا أنها لا تخفي ملامحها التي تجعل المتلقي ينسج علاقة تجاوب معها. هذه الأخيرة تعكس التعاطي لمظهرها المحافظ، فهي تبديها في أعمالها شكلا زخرفيا يتكامل مع أشكال أخرى تحيط بها غالبا، ويأتي ذلك بعيدا عن إبراز مفاتنها ومكامن الإثارة فيها. إنها المرأة بزيها أو بجزء من زيها وحليها، تأتي مفردة أحيانا ومتعددة أحيانا، وتكتفي الفنانة بإيراد نصفها العلوي أحينا، وقد يتحكم في ذلك ما يقتضيه الملمح العام للوحة. وقد يأتي وجه المرأة جزءا من خلفية اللوحة، أو عنصرا في أحد جوانبها، واهتمامها الفني بالمرأة غير مستغرب، فالفنانة بحكم أنوثتها ميالة إلى عالم المرأة بأحلامها ومطامحها، وبينهما علاقة حميمية تعكس صدى ما يعتلج في وجدانها، وما نشأت عليه ذاكرتها البصرية من ارتباط بنظرة المجتمع إلى المرأة وقضاياها. هكذا ترسمها الفنانة منفردة تنتظر الخلاص أو مشاركة لغيرها في أفراحها وأتراحها، متشحة بعشرات الألوان المحيلة على مؤثثات بيتية كالزرابي والقماش والأثاث. التقنية والجماليات ترسم رشيدة شكري وجه المرأة بعفوية، كما تحدد تقاسيمه بالصرامة اللونية أحيانا، فيأتي هذا الوجه نصفين وبلونين مختلفين يوحيان بحياتين متناقضتين، ويرمزان إلى حالتين متمايزتين أو أكثر. إلا أن الغالب على لوحاتها إشاعة ألوان الفرحة على فضاء اللوحة عبر الأزياء التي ترتديها النساء في لوحاتها. فالمرأة في أعمالها عنصر تعبيري، تحمِّله الفنانة رسائل توعوية وجمالية، وهنا يكمن هدف الفن في النهاية. إنها تعتمد جماليات متعددة، تلميحات، إماءات، تكثيفات لونية، ثبات، حركة. جماليات تقتضيها الحالات النفسية، كما تقتضيها التنويعات الإبداعية بعيدا عن النمطية والتكرار. والملمح العام للمرأة في لوحاتها لا يمكن إبعاده عما يطلق عليه بالفن الفطري بدرجة ومستوى معين. إذ لا تهتم بالنسب والقياسات الدقيقة في رسم تضاريس الوجه والجسد، وإنما يأتي مظهرها العام منجزا بعفوية تضفي عليه التلوينات المختلفة والمتقابلة والمتنوعة جمالية خاصة. من ناحية أخرى نراها تؤنسن معطيات اللوحة فتتكامل ضمن بوتقة زخرفية جمالية حية مثيرة. لها أثرها في النفس، وعلى العين.