بين مشاهد هوليوودية ترسخ الرومانسية والرعب، والمغامرة والأكشن والخيال العلمي، يظهر اتجاه سينمائي أقرب إلى منظومة الأفلام الدينية يركز عما يمكن تعريفه ب"سينما الإيمان" وفق ناقد سينمائي مصري. "وسينما الإيمان" كتاب حديث يرصد فيه الناقد السينمائي المصري أسامة صفار تجربة هوليوودية فنية انطلقت من المركز التاريخي للسينما الأميركية، بشكل لافت بعد تفجيرات 11 سبتمبر/آيلول2001، وحتى الآن، اعتبرها "تصلح كدعوات كبرى للإيمان". الكتاب الذي يرصد التجربة الفنية الأميركية في 9 فصول من الحجم المتوسط، يقدم عرضاً وتحليلاً لعدد من الأفلام السينمائية العالمية التي تعرض "تجليات إيمانية" عبر الأفلام الهوليوودية دون التخلي عن الإثارة والتشويق والحركة في رسالة مفادها "لابد أن تكون هناك قوى أعلى تسيطر على هذا الكون". وقال صفار "أرصد مجموعة من الأفلام في هوليوود كنماذج - فقط - لأن الاتجاه لسينما الايمان استقر بالفعل، وهو تيار هوليوودي بشكل خاص وتظهر بعض النماذج في السينما العالمية وإن كانت نادرة". ومن بين تلك الأفلام التي ترسخ سينما الإيمان بحسب صفار "كتاب ايلاي" للنجم الاميركي دنزل واشنطن، وفيلم "أفاتار" للمخرج الشهير جيمس كاميرون و أيضا 2012 أو "يوم القيامة" و فيلم "المعرفة" للنجم الشهير نيكولاس كيدج وغيرها الكثير. وقال صفار "يحكي "كتاب ايلاي" (وهو فيلم خيال أميركي حول نهاية العالم وما بعدها أنتج سنة 2010)، عن شخص بقي علي قيد الحياة من ضمن قلة ضئيلة بعد دمار الحضارة على الأرض بسبب الحرب ويخوض هذا الشخص رحلة إلى الغرب، حاملاً في صدره الإنجيل ويخوض الأهوال، حتى يصل إلى متحف الحضارة الإنسانية، حيث يضع الأنجيل بين التوراة والقرآن الكريم، في مشهد لم يتكرر في السينما العالمية". وبحسب صفار يدور فيلم "أفاتار" (فيلم خيال علمي أنتج في 2009) حول "رغبة القوات الاميركية في السيطرة على أرض تحوي معدنا نادراً، لكن هذه الأرض مملوكة لشعب مختلف تماما يرتبط بالأرض والشجر والحيوانات، وتدور المعارك بين القوات الاميركية والشعب المسالم ثم يحسمها انضمام بعض الاميركيين لهذا الشعب في حربه العادلة بعد إيمانهم بقوته الروحية". ووفق الناقد السينمائي المصري تدور أحداث فيلم "يوم القيامة" حول أسطورة شعب المايا التي احتوت على نبوءة بنهاية العالم عام 2012 (الفيلم انتج عام 2009 ) وبسبب تحولات مناخية و فيزيائية تبدأ المدن الاميركية بالانهيار ويموت الملايين من البشر فيما يصارع أب وزوجته للبحث عن ابنهم ولا تظهر الا جثث الاشرار كما طرحهم الفيلم أمام الاخيار فتختفي جثثهم الى ان ينتهي الفيلم في معبد بجنوب القارة الاميركية حيث امرأة تلد بينما يحرسها اثنا عشر شخصًا". وفي فيلم "أغرب من الخيال" نلاحظ وفقا للصفار "شخصاً منضبطا تمامًا في مواعيده وفي سلوكياته وملتزم بروتين يومي تفصيلي، يفاجأ بصوت يحكي عنه ويصدر من رأسه وعلى الطرف الآخر ثمة كاتبة روائية تكتب.. ويلجأ لأكثر من طبيب.. في النهاية تقرر الكاتبة موته.. وينزعج الرجل المنضبط تمامًا وتبدأ حياته في التحول الى فوضى، بينما يحاول البحث عنها لمنعها من قتله روائيًا وهو ما يعني موته في الحقيقة.. حاول الرجل أن يغير قدره". ويفسر صفار هذا الاتجاه الايماني لسينما هوليود بقوله "كان الأميركيون بعد تفجيرات 11 سبتمبر/آيلول 2001 يبحثون عن كائن متجاوز للبشرية وقادر على حمايتهم بعد ما فقدوا الايمان بقوتهم وألوهية امبراطوريتهم، والتي جاء الايمان بها عبر تحولات شتى، لعل أهمها ذلك الفعل الرهيب والفريد من نوعه تاريخياً، وهو اطلاق قنبلتي هيروشيما ونكازاكي على اليابان عام 1945 وقتل نحو ربع مليون انسان في دقائق معدودة، ومن ثم استسلام اليابان وتربع الامبراطورية الاميركية على عرش العالم". وحول دور الدين في السينما والاتجاه إلى المعتقدات الدينية في الأفلام بعد 11 سبتمبر، وما يمكن تسميته اختلاط السينما بالدين أضاف "ما تم هو رصد الايمان بالله أو بوجود خالق للكون وبالتالي فالمحاذير الخاصة بالدين والأوامر والنواهي ليست جزءًا من الأمر فالمقولة الفلسفية للفيلم تلتقي فقط بالايمان بالله من دون تحديد دين وأن تناول المخرجون ذلك الامر من منظور مسيحي باعتبارهم مسيحيين". وقال صفار إن "تفجيرات 11 سبتمبر أدت الى انتاج ما يقرب من ثلاثين فيلمًا، أطلق عليها أفلام دينية قدمتها هوليوود، بعضها عولج برؤية تدعو للايمان وتعتقد أن مصير الانسانية يرتبط ارتباطا كليا باعتقادهم بوجود الله، والبعض الآخر يصل بالعقل وبالمشاعر الى الله، فينتصر على أزمة حياتية تجلت في تفصيلة من تفاصيل حياته وأفسدتها حتي أصلحها الايمان". وعن قدرة السينما على صناعة المقاربة الفنية الهوليوودية أضاف صفار أن "السينما ليست وليدة عقل المبدع ووجدانه فقط، ولكنها وليدة قلب المجتمع وعقله، حيث تشكل هذا المبدع". ويضيف "إن لم تظهر ملامح المجتمع في إبداع هذا السينمائي أو ذاك، فثمة خطأ ما قد يقع في قلب تصورات المبدع السينمائي، عن مجتمعه وعن نفسه أيضاً،والأخذ بعين الاعتبار أن المحتمع الذي نتحدث عنه متنوع بالقدر الكافي لظهور علامات لظواهر نادرة في مجموعات نادرة الظهور".