ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    شركات محددة تستحوذ على "نصيب الأسد"، اتهامات بالتلاعب في تخصيص الأراضي بالدولار    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    تنفيذ 9 حالات إزالة على مساحة 2715 مترا في مجلس قروى الحلفاية بقنا    محافظ جنوب سيناء يترأس الاجتماع الأسبوعي لمتابعة الموقف التنفيذي للمشروعات    سنوات من الدعم السياسى للقضايا المشتركة    رئيس الأعلى للإعلام يشيد بالعلاقات القوية بين مصر والسعودية    لاعب أرسنال: الأعين كلها نحو رفح    إصابة جندي بولندي في عملية طعن على يد مهاجر غير شرعي    بيبو يجتمع مع جهاز المنتخب لتوضيح موقف لاعبي الأهلي    كسور وسحجات تفاصيل إصابة نجل الفنان أحمد رزق في حادث مروري بأكتوبر    ضبط شخص يدير صفحة عبر "فسيبوك" للنصب على أهالي كفر الشيخ    ليلى طاهر ل فيتو: أنا بخير وأستمتع بوقتي مع العائلة    تعاون جامعة عين شمس والمؤسسة الوطنية الصينية لتعليم اللغة الصينية    متى يلزم الكفارة على الكذب؟.. أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح    الرعاية الصحية: تقديم 1.4 مليون خدمة طبية بمستشفيات ومراكز الهيئة بجنوب سيناء    قومية سوهاج تقدم عرض اللعبة ضمن موسم مسرح قصور الثقافة بالصعيد    كشف ملابسات سرقة سائق بإحدى شركات تطبيقات النقل الذكي حقيبة سيدة    الخميس.. قصور الثقافة تقيم حفل أغاني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بمسرح السامر مجانا    محافظ الإسماعيلية يشيد بدور مجلس الدولة في فض المنازعات وصياغة القوانين    روسيا تطور قمرا جديدا للاتصالات    عضو تنسيقية تقدُّم: إعلان مجلس السيادة السوداني عن حكومة كفاءات وشيكة تهديدٌ للقوى المدنية    تعرف علي مناطق ومواعيد قطع المياه غدا الاربعاء بمركز طلخا في الدقهلية    «الضوابط والمحددات الخاصة بإعداد الحساب الختامي» ورشة عمل بجامعة بني سويف    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    محمد نشأت العمده: افتتاح الرئيس لمشاريع جنوب الوادي يضيف للتنمية الشاملة    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    القبض على المتهم بقتل صديقه في مشاجرة بقليوب    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    شبانة: لجنة التخطيط تطالب كولر بحسم موقف المعارين لهذا السبب    برلماني: الرئيس يثق في قدرة الحوار الوطني على وضع رؤية اقتصادية جديدة للدولة    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    تشكيل الدوري الإنجليزي المثالي بتصويت الجماهير.. موقف محمد صلاح    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    سياح من كل أوروبا.. شاهد رحلات جولات البلد على كورنيش الغردقة    بشرى للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    الجنايات تعاقب عامل بالسجن 3 سنوات لإدانته بالاتجار في الحشيش    الطب البيطرى: تحصين 144 ألفا و711 رأس ماشية ضد الحمى القلاعية بالجيزة    خلال زيارته للمحافظة.. محافظ جنوب سيناء يقدم طلبا لوفد لجنة الصحة بمجلس النواب    وزيرة الهجرة تستقبل أحد رموز الجالية المصرية في جينف بسويسرا    نسألك أن تنصر أهل رفح على أعدائهم.. أفضل الأدعية لنصرة أهل غزة ورفح (ردده الآن)    مع اقترابهم.. فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    محافظ الجيزة: تطوير وتوسعة ورصف طريق الطرفاية البطئ    تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة فؤاد شرف الدين.. «كان يقاوم الألم»    فيلم السرب الأول في شباك تذاكر أفلام السينما.. تعرف على إجمالي إيراداته    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    رئيس وزراء إسبانيا: نعترف رسميا بدولة فلسطين لتحقيق السلام    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    كارول سماحة تعلق على مجزرة رفح: «قلبي اتحرق»    مصرع شخص صعقا بالكهرباء داخل منزله بقرية شنبارة فى الشرقية    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    وزير الصحة يبحث مع نظيره الفرنسي سبل تعزيز التعاون في اللقاحات والأمصال    دويدار: الجزيري أفضل من وسام أبو علي... وأتوقع فوز الزمالك على الأهلي في السوبر الإفريقي    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    حكام مباريات الثلاثاء في دور ال 32 بكأس مصر    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    مدرب الألومنيوم: ندرس الانسحاب من كأس مصر بعد تأجيل مباراتنا الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذبحة الثقافة المصرية
نشر في نقطة ضوء يوم 03 - 06 - 2013

من أي العصور الحجرية استخرجت جماعة الإخوان هذا الرجل. وقد حاولت طويلا معرفة أي المناطق الجيولوجية تم التنقيب بين حفائرها حتى تم العثور على هذا الكائن واستخراجه سليما ولم تنقص منه أية قشرة. إنها براعة نادرة أن تحرز الجماعة هذا الإنجاز لأن التنقيب في الحقيقة ليس مهمة سهلة، وخاصة عندما يخلص علماء الحفريات إلى هذه الدرجة، ويكفي النظر إلى الاكتشاف وهو في الصور وفي المعرض الزجاجي.
لقد استطاعت الجماعة تقديم نموذج مثالي قادر على حمل أمانة التعبير عنها بمنتهى الدقة والوضوح، وهو دون أية مزايدة أو مبالغة خير من يمثلها وليس عليها إلا أن تبحث عن وسيلة نسخ علمية لنشره في العالم حتى يعم الظلام كافة بقاع الدنيا.
لقد أكدت الجماعة في الوقت نفسه صواب نظرية دارون فيما يخص الانتخاب الطبيعي، لأن الرجل يعد هو التطور الطبيعي للإنسان الإخواني البدائي (كائن تم خلقه بشكل مستقل خارج المسيرة الإنسانية العادية). وإذا كان البعض يتذكر جوبلز وزير الثقافة والإعلام الهتلري الألماني كلما رأى الوزير الأحفوري، فإنه يسيء إلى جوبلز دون أن يقصد لأن جوبلز الألماني كان طيبا ومتواضعا يعرف حدوده وحجمه، فأقصي ما قال بما هدد سمعته: كلما سمعت كلمة "ثقافة" تلمست مسدسي (لم أقل كلمته "تحسست" تجنبا لشبهة التحرش). أما الوزير الأحفوري فلا يقول ما قاله الألماني ولا يتجاوزه، ولكنه رجل فعل، إنه يقتل اللوحات البديعة والأنغام الجميلة والإبداع الأدبي الفاتن والأشعار المحلقة والقيادات المخلصة والرقص الملهم والمباني الشامخة والسينما القائدة والمسرح أبو الفنون وكل صور التنوير والجمال والتحضر. يستخدم الطريقة الأميركية في القتل، فمعروف أن الأميركى إذا أراد أن يقتل بعوضة أطلق عليها عشرات القنابل ودانات المدفعية الثقيلة ثم أحرقها وألقى الباقي منها في الشلال، وربما يختلف الوزير عن الأميركي في القتل إذ قال: كل قرار أصدره نابع من دراسة!!
لذلك أدعو المثقفين الذين يستفزهم جوبلز المصري أن يطامنوا من غلوائهم لأنه بأفعاله يصب ككل أفعال جماعته في نهر المهانة والازدراء الذي تتمتع به مصر الآن عالميا حتى أصبحت محل سخرية القاصي والداني، وصارت على رأس قائمة الدول الضارة بالوجود الحضاري للإنسانية التي ألقاها العالم أو أوشك خارج التاريخ بسبب التصرفات الطالبانية المتخلفة، وهو مثل جماعته باحثين عن الشهرة حتى لو كانت بالفضائح، وعليكم أن تأسفوا فقط لأن الإنسان الإخواني البدائي عاد إلى الوجود بعد آلاف السنين دون أن يتطور إلا في المسائل الشكلية. البدلة والسيارة والأموال، وعشق الظلام والنساء والسب والقذف والفضائيات.
قلنا عشرات المرات إن جماعة الإخوان المتأسلمين لديهم اعتقاد راسخ يصدر عنهم بقصد وغير قصد، بالوعى وبغير الوعى يقضى برفض الاختلاف، أيا كان نوعه وأثره ومصدره، كما لا يسمح بقبول أي شكل من أشكال الديمقراطية وقبول الآخر والتسامح.
والجماعة حريصة على تأكيد ذلك كل يوم وكل ساعة، وأحدث تجلياتها الحمقاء ظهرت على يد ولسان وزير الثقافة الجديد الذي تتجلى قدراته الديكتاتورية العمياء في العديد من القرارات، ومنها قراره الثاني بإقالة الدكتور أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب، ليس لخطأ وقع فيه أو لخسارة فادحة تسبب فيها أو لتوقف العمل بالهيئة لشهور، ولكن لأن الرجل أبدى عدم اقتناعه بالقرار الديكتاتوري الإخواني رقم واحد بعد حلفه اليمين مباشرة بتغيير اسم مكتبة الأسرة ذي السنوات العشرين، وبعد نجاح غير مسبوق فى خدمة الثقافة المصرية بأن يصبح اسمها مكتبة الثورة المصرية، ذلك القرار الذي يمثل قمة النفاق الفج معتقدا من فرط السذاجة أن هذا القرار ربما يحقق له جماهيرية عند رجل الشارع المؤيد للثورة، أما قراره بعزل الناشط الثقافي الذي طور هيئة الكتاب وجدد إخراج الكتاب، بعد أن كان رديئا وعاجزا لسنوات طويلة عن المنافسة في سوق الكتاب المصري والعربي، فيأتي لأن الدكتور مجاهد يرفض الوصاية ويرفض القهر كما لا يذعن لفرض الآراء دون دراسة أو مشورة أو قراءة المشهد واستبيان رؤى الأطراف الفاعلة فيه.
وأعقب ذلك إقالة د. صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية، وكذلك د. عبدالناصر حسن رئيس هيئة دار الكتب، ثم أقال الدكتورة إيناس عبدالدايم رئيس دار الأوبرا، واضطر الدكتور سعيد توفيق أمين عام المجلس الأعلى للثقافة إلى الاستقالة بعد أن رأى الفوضي التي توشك على هدم المعبد، ورفع جوبلز المصري قضية ضد د. سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون، وصرح رأس الحربة الإخواني بأن إقالات كثيرة قادمة.
وإذا مددنا الخط على استقامته فإن هذا يعني بدء مشروع لمذبحة كبيرة للثقافة المصرية وهي درة التاج على جبين التاريخ المصري، وهي صانعة المكانة المميزة للشعب المصري على مدى آلاف السنين، استيقظوا إذن أيها المثقفون، وأفيقوا أيها المفكرون والفنانون والأدباء، فقد أوشكت الحرب الحقيقية على الاندلاع بل اندلعت بالفعل، وها هو الطوفان بدأ وما كنتم تخشونه قد حدث، فاخرجوا من أبراجكم العاجية وجابهوا البرابرة بكل حزم وحدة ووضوح، ولا تأخذنكم الغفلة، وها هو مجلس الشورى الموقر قرر إلغاء فن الباليه وغدا سيوقف فن الأوبرا ولا بد أنه سيحطم الأصنام المتمثلة في المنحوتات والتماثيل الرائعة ويصادر الكتب التي لا تمجد الإخوان.
فالموقف الذي يحاصر الجميع الآن ليس موقفا عارضا ولا هو مجرد حماسة من الغربال الجديد، ولكنها قناعة وسياسة مبيتة من قديم، وتربص ملؤه الحقد والضغينة إزاء كل فن ينطلق من الحرية، وكل فكر يبحث عن المصير والعقل والوجود الحق وكل أدب يكشف المسكوت عنه ويعبر عن الأحوال المخفية وراء الأستار، وتحت الأرضين اليوم فقط بدأت الحرب بثقة، وعزم فقفوا وقفة واحدة واصطفوا في صفوف متماسكة، وقولوا بلسان واحد وبليغ: لا لكل تدخل سافر ممن لا يؤمنون بحرية التعبير، ولا لكل من يتعامل مع الثقافة من منظور الهيمنة والأخونة والاستحواذ، ولا لكل سلطة لا تعرف إلا الاستبداد والطغيان وترفض الحوار ونطلق من جهل مدقع لتحدد أجندة العمل في مجالات أرفع بكثير مما يمكن أن تصل إليها أفهامهم إلا الثقافة.
يا سادة.. مصر بدون فن وأدب وفكر وإبداع لا وجود لها.. مصر التي مهدت القواعد لحضارة العالم وأسست الضمير الذي يغذيه الفن والأدب وعلمت الدنيا كيف يكون الإحساس بالجمال والتعامل مع الطبيعة ومع الرسالات جميعها في إطار التحضر والوعي والحرية يجب ألا تخضع للبرابرة، واعلموا - وأنتم لا شك تعلمون - أن لا أحدَ سيدافع عن قضاياكم بدلا منكم، ولن ينوب عنكم في مواجهتهم كما أن التاريخ سوف يترقب بكل دقة موقفكم من هذا الهجوم الضاري، وهذه الحملة المشبوهة ليتأكد من مصداقيتكم وإيمانكم بجدوى دفاعكم عن وجودكم الحقيقي المتمثل في غذاء الأرواح والعقول. وجودكم الذي يصنع الحضارة والأمل والأفكار القادرة على إلهام الأوطان الحية كي تبحث عن ذواتها وتقاوم.. البرابرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.