لا يمل التاريخ من تكرار نماذج تظل، مهما مر الدهر، علامات فارقة لا يمكن نسيانها، فتصير عبرة أو مثلاً يُتندر به أو تُضرب به الامثال، فى أمر من أمور الحياة. خذ عندك مثلاً جوزيف جوبلز وزير الدعاية النازى، وعب مقصود وزير الدعاية الإخوانى. لو دققت النظر ستجد أموراً يتشابه فيها الرجلان مع اختلاف أسلوب الأداء وتفاصيل الوقائع، بتغير العصر بالطبع. فإذا كان «جوبلز» هو مؤسس الدعاية الرمادية التى لم تهدف إلا لخدمة هتلر وحزبه باعتبارهما مبعوثى العناية الإلهية لإنقاذ الألمان، فإنه يُحسب لعب مقصود هو الآخر أنه مؤسس استخدام الألفاظ الخارجة فى الإعلام وبجدارة وقلب ميت يُحسد عليها، ما شاء الله، وتلك نظرية لا تقل أهمية عما قدمه جوبلز، وسيذكرها التاريخ ل«عب مقصود». وإذا كان جوبلز هو صاحب مقولة «كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسى». فإن عب مقصود أحد من وعوا وطبقوا تلك العبارة فقضى على ما تبقى من ملامح ثقافية ومهنية فى التليفزيون المصرى فبات مسخا لا يقبل عليه أحد. وإذا كان جوبلز هو قائل عبارة «اكذب حتى يصدقك الناس».. فإن عب مقصود تخطى تلك المرحلة فبات يكذب حتى صدق نفسه ووصل به الأمر لتصديق أنه فارس الإعلام المصرى الآن الآن وليس غداً.. وأن مصر لم تعرف قبله ولن تعرف بعده وأنه قائد إعلام المهنية!!! وإذا كان جوبلز مات منتحراً بعد هزيمة الألمان فى الحرب العالمية الثانية، فإن عب مقصود يختلف عن الآخرين.. وسيدفعنا نحن للانتحار هرباً من تصريحاته اللوذعية قليلة الحياء!!! والله يسامح من قال عليك إعلامى يا عب مقصود. أعلم من التاريخ أن المحتالين على عقول البشر فى عالم السياسة، يعتمدون على وسائل عديدة لتحقيق غايتهم. تأتى فى مقدمتها أشخاص يدعون الثقافة، وفى الحقيقة هم لها كارهون قبل أن يكونوا لها فاقدين.. ليه؟ لأنها الكاشف الأول لكذبهم وضحالة فكرهم. ولذا لا يمكنهم تعاطيها أو التعامل مع من يتداولها. وهكذا ارتبط كل زعيم نازى الفكر، متطرف النزعة خالى الوفاض، بوزير دعاية أو إعلام من تلك النوعية القادرة على ترويج أى شىء يخدم فكر الزعيم الملهم، بدهاء أو بغباء فكلاهما سيان فى تلك المواقف! ولذا فأنا لا أهاجم عب مقصود الشخص، ولكن عب مقصود الفكرة الذى لا يتوقف عن التكرار من زمن لآخر، ولكن كلما تقدم الزمن وتنوعت العصور، جاء باهتاً عمن سبقوه من عب مقاصيد برزوا فى هذا المجال. ف«عب مقصود» الذى صدق نفسه، يرى أننا نعيش أزهى عصور الإعلام وهذا حق! والدليل قتل الحسينى على يد إخوانه المتأسلمين أمام الاتحادية، لأن الحسينى هو شهيد الغدر على حد وصف عب مقصود! وكذلك إحالة العاملين بالتليفزيون للتحقيق كلما صدرت كلمة من ضيف ما فى أى برنامج يهاجم فيها الإخوان! لأن المذيع لم يوقف الضيف المنفلت اللسان، على حد تبرير عب مقصود!! وهذا هو التجديد والتطوير فى الأداء الإعلامى. ولا مانع من زيادة التجويد بالصمت على ضرب حارسه لمصور تليفزيونى تجرأ وصور عب مقصود وهو يصلى، وهو ما برره عبده بالقول إنه لم يستأذن!! والدعوة لمؤتمر إعلامى يحضره عاصم عب ماجد وأبوسماعين!! وهكذا لا يمل عب مقصود عن قلب الحقائق كما يريد هو وجماعته دون أن ينسى بين الحين والآخر توجيه رسائل لمن يصفهم بالإعلام المأجور، من عينة أن النائب العام سيحيل عدداً من الإعلاميين للمحاكمة قريباً بتهم الفساد، وهو ما يدهشك بقدرات عب مقصود ويجعلك تتساءل: إنت عرفت منين يا عبده؟؟ تكونش أمين شرطة اسم الله؟ أو من عينة إثارة الحقد فى نفوس المصريين من هذا الإعلام، بقوله: «مذيعو فضائيات خاصة يتقاضون أضعاف راتب أوباما».. لا تدهشنى عبارات الرجل ولا قدراته الإبداعية، فتلك إمكانياته التى تجعله صورة باهته من جوبلز.. مسكين.