مع اقتراب الموعد المقرر للاستفتاء علي استقلال السودان المقرر في التاسع من يناير المقبل، اعتبر المحللون ان الرئيس السوداني عمر حسن البشير يجازف بفقد نفوذه ومكانته حال اختيار الجنوب للانفصال فضلا عن خسارته لعوائد النفط وهو ما قد يغريه مع حلفائه لارجاء هذا الحدث التاريخي. وهو ما يفسر بعث البشير وحزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يقوده باشارات متضاربة بشأن كيفية تصرفهم في الشهر الاخير قبل الاستفتاء. وهو ما علق عليه فؤاد حكمت المحلل بالمجموعة الدولية لمعالجة الازمات قائلا: ان حزب المؤتمر الوطني يتبع مسارا مزدوجا.. وأضاف ان المجتمع الدولي ووسائل الاعلام والجميع يقولون ان الاستفتاء سيجري في موعده وسيقبلون النتائج في حين ان المسار الثاني وهو القضية الحقيقية انهم بحاجة لمزيد من الوقت لمعالجة نقاط ضعفهم السياسية والاقتصادية ونقاط الضعف داخل حزب المؤتمر الوطني.. وفي مطلع الاسبوع اعتبرت جماعة " يقول الجنوب" المدنية انها واجهة لحزب المؤتمر الوطني وانها تعد طعنا قانونيا لوقف التسجيل للاستفتاء زاعمة وجود مخالفات.. وقال ربيع عبد العاطي وهو من كبار أعضاء حزب المؤتمر انه لا يعتقد أن التسجيل سيقبل في حين نفي أي صلة بالطعن. واتهمت شخصيات بحزب المؤتمر زعماء الجنوب بمحاولة تزوير الاستفتاء علي الانفصال وهددوا بعدم الاعتراف بنتيجته. ووجه الجنوب الاتهام للشمال بمحاولة دفعه لشن هجوم ردا علي قصف داخل أراضيه بينما اتهم الشمال الجنوب "باعلان الحرب" بإيوائه متمردي دارفور. وقال باقان اموم وزير السلام في حكومة الجنوب: ان حزب المؤتمر الوطني ينفذ خطة ليعيد السودان الي الحرب حتي يتجنب اجراء الاستفتاء. ويأمل دبلوماسيون ألا يخرج هذا كله عن نطاق سياسة تكثيف الضغوط للحصول علي مزيد من التنازلات بشأن اقتسام عائدات النفط عصب الحياة لاقتصاد الشمال والجنوب كليهما. لكن المخاطر قد تكون شديدة، فارجاء الاستفتاء قسرا سيثير غضب الجنوب وقد يشعل من جديد صراعا يقود ايضا الي تعطيل انتاج السودان من النفط. والعامل الوحيد الذي سيتقدم علي هذه القضايا في ذهن البشير وصفوة حزب المؤتمر الوطني هو أن يصبح انفصال الجنوب مصدر تهديد لبقائهم السياسي. ومن شأن انفصال الجنوب أن يوجه ضربة لنفوذ ومكانة البشير ومن ثم نفوذ ومكانة حزب المؤتمر الوطني. وقال مصدر دبلوماسي عن البشير انه الرئيس الذي سيتذكره الناس علي أنه الزعيم الذي سمح بضياع نصف البلاد. واذا منح البشير الانفصال للمتمردين السابقين في الجنوب فقد يواجه بسرعة تحديات مكثفة من المتمردين في دارفور بغرب البلاد الي جانب متمردين في الشرق وعند الحدود بين الشمال والجنوب. وقال الطاهر الفقي العضو الكبير بحركة العدل والمساواة في دارفور " نعتقد أن الشمال سيكون أضعف" بعد الانفصال. وأحزاب المعارضة في الشمال منقسمة وضعيفة وتم سحقها في انتخابات ابريل نيسان. لكن الاحزاب الضعيفة والجماعات المتمردة اكتسبت قوة بسرعة في الماضي بدعم سري من جيران السودان. وقال مسئول دبلوماسي اخر طلب عدم نشر اسمه: ان انفصال الجنوب انه يمكن أن يبعث اقليميا باشارة علي أن الشمال ليس بالقوة التي كان عليها. ويحتاج الشمال ايضا بشدة الي وقت اضافي لتنويع اقتصاده بعيدا عن النفط وبناء احتياطياته من العملات الاجنبية وللحد من التضخم. وسبقت العديد من التغييرات في النظام السوداني اضطرابات جماهيرية بسبب زيادة أسعار الغذاء. وهناك حزمة من الحوافز من خارج افريقيا تقلل من حدة المخاطر التي يتعرض لها النظام من داخل السودان. فقد عرضت واشنطن حذف السودان من علي قائمتها للدول الراعية للارهاب والمساعدة في تخفيف العقوبات مقابل حل الصراع في دارفور واجراء استفتاء سلمي. لكن يشك كثيرون في الخرطوم في أن تكون لدي الرئيس الامريكي باراك أوباما القدرة او الارادة لتنفيذ كل هذه الوعود بعد الانفصال خاصة في ظل طلب المحكمة الدولية القاء القبض علي البشير للاشتباه بارتكابه جرائم حرب. من جهة اخري اعتبرت جريدة واشنطن بوست الامريكية ان انفصال السودان سيكون واحدة من الانجازات الدبلوماسية القليلة التي تضاف لرصيد الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وأوضح الكاتب مايكل جريسون -في مقال نشرته له الصحيفة - أنه فيما عدا أي فشل تقني أو فني، أو اندلاع أعمال عنف مفاجئة بين الطرفين، فإن الاستفتاء المزمع إجراؤه في التاسع من ينايرالقادم بشأن انفصال جنوب السودان سيتم بشكل ناجح. مشيرا الي أنه سيتم رفع علم جديد في جنوب السودان بعد ستة أشهر من الاستفتاء، معلنا ولادة دولة جديدة في أفريقيا بفضل الجهود الأمريكية الحثيثة.