إن هذا القرار بتعليم الاسرائيليين- المستوطنين الجدد- للغة العربية يحمل معاني كثيرة الي جانب كيفية التعايش والحيطة والحذر في مجتمع تشوبه روح الاختلاط يشعر فيه عرب فلسطين بالظلم احيانا وذكريات الهوان احيانا اخري. كما ان في اقبال بعض المؤسسات علي ترجمة بعض الروايات والاعمال الادبية المصرية. قبيل حرب اكتوبر المجيدة صرح موشي ديان قائلا " العرب لا يقرأون وان قرأوا لا يفهمون" بهذه العبارة الصهيونية الماكرة يعبر احد اعلام الصهاينة في الماضي عما يدور بداخله من فكر يلقنه للأبناء من بلده.. واتساءل هل العرب فعلا لا يقرأون.. وما هي نوعية ما يقرأونه حاليا.. وما الذي قرأوه في الماضي.. من المؤكد ان هناك اختلافا بين حصاد العرب الثقافي في الماضي والحاضر. وهل هم الآن يسايرون الواقع الحالي بكل ما فيه من تباين ثقافي وعلمي؟ اما عن بقية عبارة ديان "وان قرأوا لايفهمون!" فهي تعبير غاية في الصفاقة من ديان ينعت فيه بالجهل شعوبا اعطت العالم كله. نعم ان لم يكن هناك في ظلال التاريخ اتفاق خالص نحو القضايا التي تهم العرب. نعم نحن لا ننكر انه قد اصابنا بعض التخلف ولكن ليس لدرجة الشمولية. فيكفي ان نشيد بالنجاحات التي حققها حشد كبير من المصريين في الخارج. وما اصابوه من تقدم في مجالات تفوقوا فيها.. ويثبت لنا التاريخ عقم عبارة ديان من خلال هزيمة اسرائيل المنكرة في اكتوبر 1973. وكان هذا النصر اكبر واعظم رد علي ديان واتباعه علي ان العرب يقرأون ويفهمون! لقد كانت خطط حرب اكتوبر موضع دراسة للعديد من الاكاديميات العسكرية العالمية. بل كانت هناك توصيات بدراستها وتدريسها ايضا! اردت بتفنيد كلمات ديان ان اربط بينها وبين ما ادلت به المتحدثة الاسرائيلية عن اهتمام الطلبة الاسرائيليين بالدراسات العربية واقبال الاسرائيليين علي دراسات ثقافتنا العربية. وعلي ضوء ذلك قررت وزارة التربية الاسرائيلية البدء في تنفيذ خطة تعلم اللغة العربية اعتبارا من اول سبتمبر 2010 في مدارس اسرائيل. وفي دراسة متأنية لهذا القرار المفاجيء نلاحظ ان الادارة الاسرائيلية تفكر بعقلية تسابقية لترصد نصيبا عاليا في الفكر التقدمي. تعينه علي البقاء ولمعرفة خصمه قائلا في اعماقه المثل الدارج "من تعلم لغة قوم أمن مكرهم" ولا ينحصر المعني عند هذا المثل. لان دراسة لغة وثقافة اي شعب تساعد الدارس علي الوقوف علي ايديولوجية وتكوين هذا الشعب. ثم يأتي التساؤل.. ما الذي نعرفة عن اللغة العبرية؟ وقد اقتصر تعليمها او تدريسها في بعض الاقسام او الكليات في بلادنا.. أليس من الاحري بنا ان نكون السابقين منذ عقود لادراج هذا الفكر في المنظومة التعليمية! بل كان من الواجب ان يتم ذلك منذ حرب 1948.. لاشك ان اجهزة المخابرات الصهيونية قد اهلت نفسها جيدا لمعرفة وتعلم اللغة العربية الي جانب جميع اللهجات من النوبة الي الشام. ان هذا القرار بتعليم الاسرائيليين- المستوطنين الجدد- للغة العربية يحمل معاني كثيرة الي جانب كيفية التعايش والحيطة والحذر في مجتمع تشوبه روح الاختلاط يشعر فيه عرب فلسطين بالظلم احيانا وذكريات الهوان احيانا اخري. كما ان في اقبال بعض المؤسسات علي ترجمة بعض الروايات والاعمال الادبية المصرية. مع كل ما ذكر اري ان تعليم اللغة العبرية خلال احدي المراحل التعليمية في بلادنا الي جانب ترجمة بعض الاداب العبرية تساعدنا كثيرا علي التوغل في اعماق هذا الجار العنيد. ان الاسهاب في قراءات كتبهم ولغتهم تعيننا علي ان نسبر اغوار واعماق هؤلاء بل ايضا تحليل طبيعة هذا الشعب اليهودي للتعامل مع كينونته من منظور علمي ونفسي واجتماعي. وختاما اقول لروح ديان.. اننا قادرون علي صنع مستقبل بلادنا.. واقول للجميع مصريين وعرب .. لقد فشلت مقولة موشي ديان.. وسؤال اخير للجميع.. هل سنتعلم لغة تعيننا علي المزيد من المعرفة لعدو صارت بيننا وبينه معاهدة سلام؟ وسلاما لكل السامعين! آخر العمود: "المعرفة والحكمة والذكاء. ثوابت ضرورية لرفعة الشعوب"