انتهاء اليوم الأول من التصويت في جولة الإعادة بال19 دائرة ملغاة    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    جولة ليلية لمحافظ الغربية في بسيون لمتابعة رصف شارع عمر زعفان    "فاقد الشيء لا يعطيه".. وزير إعلام الصومال الأسبق يحلل اعتراف إسرائيل ب "أرض الصومال"    اليمن.. العليمي يثمن استجابة تحالف دعم الشرعية لحماية المدنيين بحضرموت    نيجيريا ضد تونس .. نسور قرطاج بالقوة الضاربة فى كأس أمم أفريقيا    الثامن على التوالي في الدوري.. أستون فيلا يُسقط تشيلسي ويواصل الضغط على أرسنال وسيتي    218 فعالية و59 ألف مستفيد.. حصاد مديرية الشباب والرياضة بالمنيا خلال 2025    الداخلية تضبط صاحب شركة استولى على مبلغ مالي أودِع بالخطأ في حسابه ورفض إعادته    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    نقابة الصحفيين تكرم الزميلين خالد أبو بكر وسمر إبراهيم من جريدة الشروق ضمن جوائز الصحافة المصرية    خبير تشريعات: توثيق 1500 فيديو لمرشحين خلال 6 جولات يشتكون من انتهاكات    وزير الصحة يكرم الزميل عاطف السيد تقديرًا لدوره في تغطية ملف الشئون الصحية    الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على منطقة الداكنوج بكردفان    اتحاد جدة يتقدم على الشباب في الشوط الأول    الدفاعات الجوية الروسية تسقط 111 مسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    أحمد السبكي: لم تحذف أي مشاهد من فيلم الملحد ولم تكن الرقابة سببا في تأجيله    لبلبة: نيللي كريم موهوبة والعمل معها تجربة إنسانية وفنية مميزة    موجة جوية غير مستقرة بشمال سيناء تتسبب بإغلاق ميناء العريش    أندية برازيلية تتحرك لخطف جناح النصر في يناير    "القصير" يتفقد غرفة العمليات المركزية للجبهة الوطنية لمتابعة جولة الإعادة بال19 دائرة الملغاة    جهود لإنقاذ طفل سقط في بئر مياه شمالي غزة    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    إقبال كثيف للناخبين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان بقرى مركز سوهاج    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    زواج نيللي كريم وشريف سلامة.. شائعة أم حقيقة؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    ياسين منصور يسلط الضوء على دور العقارات والسياحة المتكاملة فى تعزيز الاقتصاد المصرى    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    جولة في غرفة ملابس الأهلي قبل مواجهة المصرية للاتصالات بكأس مصر    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    موعد مباراة السنغال والكونغو الديمقراطية بأمم أفريقيا.. والقنوات الناقلة    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد فوزه بالتقديرية في العلوم الاجتماعية د‏.‏ إبراهيم البحراوي‏:‏ صدمة‏67‏ جعلتنا جنودا داخل أقسام الأدب العبري
نشر في الأهرام المسائي يوم 30 - 06 - 2010

ارتبط اسم د‏.‏ إبراهيم البحراوي في مصر والعالم العربي منذ الستينيات بملف الصراع العربي الاسرائيلي‏,‏ كواحد من اوائل المتخصصين في دراسة وتحليل الأدب العبري‏
واشتهر في إسرائيل بأنه فتح لاند أو المدافع عن حركة فتح‏.‏ قضي البحراوي خمسة وأربعين عاما من العمل داخل اروقة جامعة عين شمس استاذا في الأدب العبري‏,‏ حصل خلالها علي الكثير من الجوائز والتكريمات‏,‏ واحدثها جائزة الدولة لتقديرية في الأداب لهذا العام‏.‏ يعتبر البحراوي الترجمة وتحليل الأدب من أهم الأسلحة الاستخباراتية العربية في مواجهة اسرائيل‏,‏ وان كان يبدي أسفه لكون غلبة ذلك الحس الاستخباراتي علي أقسام الأدب العبري بالجامعات المصرية قد حرمت طلبة الأدب العبري واساتذته من التعرف علي الجوانب الجمالية لهذا الأدب‏.‏ اشكاليات الترجمة من والي العبرية‏,‏ التباس الاتهام بالتطبيع‏,‏ دراسة الأدب العبري في مصروالعربي في اسرائيل قضايا ناقشها البحراوي في هذا الحوار‏.‏
‏**‏ ما هي ملابسات تأسيس أقسام اللغة العربية في الجامعات المصرية؟
‏*‏ أنا أمثل الجيل الثاني لاساتذة القسم العبري‏,‏ اما الجيل الأول فهو من اسس الأقسام العبرية في الجامعات المصرية خلال فترة الخمسينيات‏,‏ وكان الهدف من انشائه اكاديميا بحتا لدراسة اللغة والأدب العبري كجزء من دراسة اللغة العربية‏,‏ باعتبار العبرية واحدة من اللغات القريبة للغة العربية‏,‏ ضمن مجموعة اللغات السامية التي تضم الارامية والسوريانية والحبشية والكنعانية ايضا‏,‏ لأن الكثير من الظواهر اللغوية حتي علي مستوي المعاني المفردة لا يمكن الوصول لمعناها الدقيق الا بمقارنتها باللغات القريبة‏.‏
ويضم هذا الرعيل الأول كل من الاساتذة د‏.‏ فؤاد حسانين ود‏.‏ يعقوب بكر ود‏.‏ محمد الجارحي و د‏.‏ محمد خطاب و د‏.‏ حسن ظاظا ود‏.‏ زكية رشدي‏,‏ وهم جميعا من تلامذه د‏.‏ طن حسين‏.‏
‏**‏ وهل كان للنكسة عام‏1967‏ تأثير علي طريقة التعاطي مع دراسة اللغة العبرية؟
‏*‏ بالفعل تؤرخ النكسة للمرحلة الثانية من تطور أقسام اللغة العبرية فقد بدأ الاهتمام بالتركيز علي اللغة باعتبارها وسيلة للتعرف علي المجتمع المعادي‏,‏ واسس لهذه المرحلة جيلي من اساتذة الأدب العبري‏,‏ وكنت قد عينت معيدا بقسم اللغة العبرية آدابها عام‏1964,‏ وكنا قد بدأنا دراسة الآدب العبري الحديث قبل الهزيمة مباشرة‏,‏ ولكن لما حلت الهزيمة كان لابد من التغيير‏,‏ اذكرانني بوقت حلول الهزيمة كنت أعد رسالة الماجيستير حول تطور الفكرالديني اليهودي‏,‏ فلما هزمنا انهيت الرسالة بسرعة شديدة‏,‏ استجابة لدعوة اطلقها الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي والناقد الكبير رجاء النقاش ود‏.‏ مراد وهبة‏,‏ مطالبين طلبة واساتذة الآدب العبري بالإسراع في ترجمة وتحليل الآدب العبري الحديث لحاجتنا الملحة لمعرفة المجتمع الاسرائيلي من الداخل‏,‏ كيف يفكرون‏..‏ كيف يشعرون‏..‏ تركيبتهم العقلية والنفسية‏..‏ هل هم حقا اسطورة الجيش الذي لا يقهر كما كان يروج وقتها ام أنهم قابلون للهزيمة‏,‏ لأنه في ذلك الوقت كل ما كنا نعرفة عن اسرائيل قبل الهزيمة هو انها جزء من الامبريالية الاستعمارية‏,‏ وانها جسد زرعة الاستعمار في المنطقة العربية‏,‏ وانها لا تعدو ان تكون مجموعة من العصابات الصهيونية التي يمكن طردها من المنطقة ببساطة‏.‏
أول محاولة بهذه الطريقة كان الكتاب الذي قدمه أحمد بهاء الدين في كتابة‏(‏ اسرائيليات‏)‏ الذي حاول فيه دراسة اسرائيل من الداخل بقدر ما‏.‏
‏**‏ وإلي أي مدي يمكن لدراسة الأدب ان تسهم في التعرف علي مجتمع ذي بنية عسكرية كالمجتمع الاسرائيلي؟
‏*‏ بالإطلاع علي الصحف الاسرائيلية في ذلك الوقت‏,‏ كان يسهل ملاحظة ما فيها من تضليل تحاول من خلاله رفع معنويات مواطنيها‏,‏ وايهامهم ان حرب الاستنزاف بسيطة جدا ولا تأثير لها‏,‏ ما اكتشفته من متابعة وتحليل ما جمعته من قصائد وقصص قصيرة تنتج في نفس الفترة‏,‏ هو أن الأديب يتحدث بلغة أدبية اكثر صدقا عن مشاعره ومشاعرمن يحيطون به‏,‏ بعيدا عن اللغة الدعائية المستخدمة في الأخبار وصفحات الرأي‏,‏ وأن هناك حالة تأثر شديدة بالضربات المصرية وألم من وجود قتلي يوميا‏,‏ فكتبوا قصائد تكاد تنزف دما‏,‏ واكتشفت انه هذا مدخلنا في الدخول إلي الحقيقة‏,‏ بل واكتشفت ان اثنين من أهم النقاد الاسرائيليين ايهود بن عيزر وميخالي وكانا معروفين بالالتزام العسكري الرسمي فكانا شديدي اللوم للأدباء لانهم بكتاباتهم يحطمون الروح المعنوية للمجتمع الاسرائيلي‏,‏ من هنا قررت ان تكون رسالتي للدكتوراة في ادب الحرب الاسرائيلي واصدرتها في‏1972,‏ واستعنت فيها بأبحاث امريكية مهمة جدا قام بها بول جلندر في دراسة الشخصية السوفيتية من خلال الأدب الروسي‏,‏ لأن الاتحاد السوفيتي كان يفرض ستارا حديديا علي مايجري في الداخل من تفاعلات انسانية‏,‏ وكان هذا حالنا مع المجتمع الاسرائيلي الذي يسيطر عليه الوعي الأمني والعسكري‏.‏
ومن أهم الاشياء التي اكتشفتها خلال دراستي للآدب الصهيوني خلال فترة ما قبل قيام دولة اسرائيل‏,‏ ان الانتقام هو المحرك الاساسي للشخصية اليهودية خاصة بين مهاجري اوروبا الشرقية‏,‏ فالسائد في كتب التاريخ في هذه الفترة هو ان الاضطهاد الاوروبي المتأصل لليهود جعهلم يفكرون في ثلاثة اختيارات اما الرحيل إلي فلسطين او إلي امريكا الأرض الليبرالية الجديدة أو البقاء داخل بلادهم والنضال من اجل الحرية والمساواة‏,‏ لكن دراسي لملحمة‏(‏ الماسادا‏)‏ مثل الأديب شاب يهودي هو اسحاق لامدان‏,‏ كان يعيش في المنطقة الواقعة بين بولندا وروسيا اثناء الحرب العالمية الأولي وكان عمره في ذلك الوقت‏19‏ سنة‏,‏ عبر فيها عن احساسه بالألم والاضطهاد ووصف فيها الجيوش الروسية والألمانية وهي تبحث عن اليهود لتقلتهم قبل قتل باقي المستوطنين‏,‏ والأهم من ذلك عبر عن أمر شدية الدلالة وهو الانتقام سواء ذهبوا إلي القدس او إلي امريكا او ظلوا في بلادهم لابد ان ننتقم من العالم الذي اهاننا وقتلنا‏,‏ الأدب دوما هو البوابة الاصدق للتعرف علي المشاعر التي لن ترصدها الكتب و الدراسات‏.‏
‏**‏ ولكن هل غلبت الطبيعة الاستخباراتية للقسم علي الجانب الجمالي لدراسة اللغة باعتباره في الاساس قسما من أقسام الأداب الشرقية؟
‏*‏ بالطبع القسم العبري له خصوصيته‏,‏ فهو غير اقسام الآدب الانجليزي او الفرنسي الذي يشغل فيه الباحث نفسه بداسة الأدب واللغة لأسباب جمالية‏,‏ كنا علي العكس من ذلك نعتبر انفسنا جنودا وجزءا من منظومة الأمن القومي المصري في الدفاع عن مصر‏,‏ كل دراساتنا وابحاثنا متركزة علي استخدام الآدب كوسيلة لرصد وتحليل واكتشاف قواعد الحركة في المجتمع الاسرائيلي‏.‏
‏**‏ وهل توجد جهات في اسرائيل تطبق هذا المنطق علي الآدب العربي؟
‏*‏ بالتأكيد هناك دراسات اسرائيلية كثيرة في الآدب العربي بنفس الهدف آبا ابيان كان من اوائل الباحثين المهتمين بتحليل الآدب العربي الحديث‏,‏ فقدم دراسة كاملة عن رواية‏(‏ يوميات نائب في الأرياف‏)‏ لتوفيق الحكيم‏,‏ لأنها اتاحت له الإطلاع علي القضايا التي يتناولها قسم الشرطة في الريف‏,‏ ودراسة الريف المصري بعمق شديد‏.‏
‏**‏ هل مازال منطق اعرف عدوك صالحا للتعامل مع الادب الاسرائيلي في ظل ثورة الاتصالات وتوافر المعلومات علي شبكة الانترنت وترجمة الادب العربي إلي الانجليزية والعربية في ملاحق الصحف الاسرائيلية؟
تفاجئين حين أقول لك أن المنهج ارسيناه مازال مطبقا حتي اليوم‏!‏ لأن الصحافة لا تكشف كل شيء والمعلومات ليست كل شئ الأهم منها هن التحليل‏,‏ لمعرفة بناء هذه المعلومات واتجاهها وحقيقتها ووظيفتها كما ان صفحات الاخبار والرأي تقول شئ والأديب بصدقه وتفاعله الأدبي يدلي بشيد آخر هناك ظواهر شديد الأهمية مازال طلاب القسم العبري يدرسونها إلي اليوم بهدف اختراق المجتمع الاسرائيلي‏,‏ منها صورة العربي في الأدب الاسرائيلي‏,‏ رؤية الاسرائيلي لنا من الناحية الشكلية‏,‏ تحليل الصور النمطية التي تكشف إلي حد كبير طبيعة العلاقة فتجدين الكثير من الأعمال تخلع صفحات خارجية كريهة علي العربي فيوصف مثلا بأن عينيه تشبه العنزة أو الثعلب‏,‏ هناك مثلا قضية الصراع الأزلي بين التيار الديني والعلماني في اسرائيل‏,‏ فلدي انشاء الدولة الصهيونية كانت المقاومة الرئيسية لانشاء الدولة هو التيار الديني‏,‏ الذي يعتقد ان وجود اليهود في الشتات هي ارادة الهيئة‏,‏ وان الله قد حكم عليهم بالشتات عقابا لهم علي الآثام التي ارتكبوها‏,‏ وان الرب في وقت ما بمشيئته المطلقة سيرسل من عنده المسيح المخلص الذي يجمع هذا الشتات ويقوده إلي فلسطين والقدس ووقتها يركع العالم كله لليهود الشعب المختار‏,‏ وهذه فكرة شديدة العنصرية فعند تحليل أدب وكتابات عيسي بن ميمون احد كبار الحاخامات الموجودين في مصر خلال العصر الأيوبي كان يصف انه عندما يأتي المسيح المخلص كل شعوب الأرض ستهب لبناء الدولة اليهودية في القدس‏:‏ الغني سيجهز عربات فاخرة ينقل بها اليهود إلي القدس‏,‏ والفقير سيحماهم علي كتفه ويسير بهم إلي فلسطين ومن ثم تصبح أي محاولة بشرية للتجميع مخالفة لأمر الرب إلي اليوم تجدي هذا الصراع يعكس نفسه داخل الحركة الأدبية‏,‏ فهناك مثلا الأديب الاسرائيلي يوسف شموئيل عجنون الحاصل علي نوبل خلال الستينيات‏,‏ أصحاب التيار الديني يعتبرونه متدينا لانه دائم الاستشهاد بأسفار من التوراه‏,‏ في حين يراه العلمانيون كاتبا لا دينيا وأن استخدامه للآيات الدينية يأتي في اطار السخرية‏!‏
‏**‏ كنت من اوائل الذين أسهموا في مشروع الألف كتاب الصادر عن المركز القومي للترجمة‏,‏ وكلفت بترجمة كتب المؤرخين الجدد في اسرائيل‏,‏ وثارت من وقتها اشكالية التطبيع‏,‏ فما رأيك؟
‏*‏ أري انه في وقت السلم المعرفة مهمة جدا حتي لا يغيب عنك حجم الطرف الآخر‏,‏ واؤكد ثانية اهمية الترجمة كوسيلة للاختراق الفكري ولكن لابد من توخي أمرين لدي الترجمة عن العبرية‏:‏ كتابة مقدمة جزلة بقلم استاذ مصري متخصص تشرح العمل وأهدافه وما فيه من الغام ومشكلات وسموم ويشرح السياق العام والخلفيات للعمل‏,‏ والعلاقة بين المؤلف وجمهوره الاسرائيلي والرسائل السرية المتبادلة بينهم‏,‏ بالاضافة إلي الهوامش لتوضيح المفاهيم الخاطئة‏,‏ فمفهوم مثل حق الملكية التاريخيوأصحاب الارض التاريخيين قد ينطلي علي شاب صغير فيستقر في ذهنة انهم اصحاب الحق‏,‏ يجب في هذه الحالة وضع هامش يوضح زيف المفهوم وان الحقيقة التاريخية تؤكد عروبة فلسطين بهذا المنهج أحمي القارئ العربي من الفهم الخطأ والاختراق الفكري أما أن أمتنع عن نقل المعرفة فهذا هو الجهل بعينه‏.‏
‏**‏ ولكن الا تتناقش فكرة الحماية مع الأمانة الموضوعية للمترجم‏,‏ بما تحمله من فرض نوع من الوصاية علي القارئ؟
‏*‏ أولا لابد أن يتوخي المترجم الأمانة الموضوعية بنقل النص كما هو‏,‏ لان القارئ العربي بحاجة لمعرفة الطرف الاخر بشكل حقيقي‏,‏ ثانيا لابد من مراجعة النص بواسطة أستاذ كبير في اللغة العبرية‏,‏ وبهذه الطريقة تحمي القارئ ولا تخونيه‏.‏
‏**‏ نحن نعلم أنه في الوقت الذي يعد كاتبا مثل علي سالم منبوذا‏,‏ وتقاطع إيمان مرسال‏,‏ يتم التعامل مع ترجمة أعمال محفوظ وادوارد سعيد إلي العبرية بمزيد من التسامح‏,‏ في حين يعد سفر الكاتبة اهداف سويف إلي اسرائيل عملا وطنيا الا تجد هناك خلطا في مفهوم التطبيع في مصر؟
‏*‏ بالطبع هناك إشكالية كبيرة جدا داخل الوسط الثقافي المصري فيما يخص قضية التطبيع المشكلة تكمن في الشللية وازدواجية المعايير‏,‏ وكأن النخبة الثقافية المصرية مقسومة نصفين شلة الخضر يكون كل ما تفعله مباح ومبرر بالنسبة للخضر‏,‏ اما اذا صدرت نفس الأفعال عن مجموعة الحمر تصبح جريمة عند الخضر والعكس ومن ثم يكون الحكم في التعامل مع اسرائيل مثل نكتة الشيخ الذي اصدر حكما بهدم جدار الجامع اذا بال عليه كلب‏,‏ ولكن عندما حدث وبال كلب علي الجدار الذي يفصل بين الجامع وبين بيته قال‏:‏ قليلا من الماء يكفي ولهذا السبب اعتزلت هذه النخب وهذا ليس تشجيعا مني للتعامل أبدا مع اسرائيل لأن المقاطعة الثقافية ربما تكون هي الوقة الوحيدة التي بامكاننا استخدامها للضغط علي اسرائيل‏,‏ لأنه لا يمكنن التحكم في المعاملات الاقتصادية ولا السياسية معها‏.‏
‏**‏ ولكن من وجهة نظرك ماهو المطبع؟ وهل يمكن الحديث عن معايير واضحة لذلك؟
‏*‏ الحقيقة ان هناك اشكالية في وضع الحدود والفواصل‏,‏ وهو ما يجعل سفر شخص بعينه إلي اسرائيل مبررا ومقبولا فقط لأنه جزء من الشلة الثقافية ولكن التعريف القاطع بالنسبة لي كرجل اكاديمي واستاذ في الجامعة هو منع أي أكاديميين اسرائيليين من دخول الجامعة‏,‏ ومنع الطلبة المصريين من دخول المعهد الأكاديمي الاسرائيلي‏,‏ والامتناع عن أي معانلات طبيعية مع اسرائيل‏,‏ مثلا انا عندما أدعي لاسرائيل في أي مناسبة‏,‏ أرفض تماما مع كتابة مقال اذكر فيه اسباب رفضي للسفر إلي اسرائيل‏.‏
‏**‏ فكرة كراهية العرب لليهود ومعاداة السامية هي احد المقولات الرئيسية للايديولوجية الصهيونية‏,‏ الا تغذي مواقف المقاطعة المعلنة هذا الاتجاه؟
‏*‏ بالتأكيد خصوصا بالنسبة لأبناء التيار اليميني المسيطر علي اسرائيل اليوم فأنا مثلا يلقبونني في اسرائيل بأنني فتح لاند اي المدافع عن حركة فتح بسبب مقاطعتي المعلنة لاسرائيل‏,‏ فتجدي التيار اليميني يستغل موقفي للترويج للمذهعب اليميني المتشدد وفكرة العنصرية ضد الاسرائيليين‏,‏ ولكن من ناحية اخري هي الورقة الوحيدة الباقية كما قلت‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.